مرض الجدري وطرق انتقال العدوى

قسم: طب ودواء مرض الجدري وطرق انتقال العدوى » بواسطة محمود الاسوانى - 2 يناير 2022

 

الجدري هو مرض تلوّثي يسببه فيروس يدعى Variola (فاريولا).

المرض بصورته الطبيعية

الجدري هو مرض تلوثي معدٍ ينقل من شخص إلى آخر.

من بين الأعراض التي يتميز بها هذا المرض : الطفح الجلدي بشكل الفقاعات السوداء المليئة بسائل كدر (من يأتي الأسم ” الجدري الأسود” ).

في الماضي, قبل تطوير التطعيم ضد الجدري كان هذا المرض منتشرًا في جميع أنحاء العالم, وتميز كمرض موسمي يكون شائعًا أكثر في فصل الشتاء وبداية فصل الربيع.

في الوقت الحاضر وبسبب إنقراض الفيروس لا نرى إصابات بهذا المرض بصورة طبيعية , حيث تم التغلّب على هذا المرض نتيجة حملة عالمية من التطعيم التي بدأت عام 1967 تحت مراقبة منظمة الصحة العالمية (WHO). وقد علم أن آخر مريض أصيب بمرض الجدري كان في عام 1977 في الصومال (إفريقيا).

إثر اختفاء هذا المرض أوصت منظمة الصحة العالمية في عام 1980، لجميع الدول، بالتوقف عن التطعيم ضده.

بالإضافة إلى ذلك، أوصت منظمة الصحة العالمية بأن تقوم  جميع المختبرات بالقضاء على كل مخزون الفيروسات الذي بحوزتها , أو نقلها إلى واحد من مختبري منظمة الصحة العالمية الأثنين, الواحد في روسيا والثاني في الولايات المتحدة. وقد أفادت جميع الدول عن تعاونها. وقد تمت التوصية فيما بعد بالقضاء على جميع مخزون الفيروسات في شهر حزيران – يونيو 1999. رغم ذلك, وبسبب الحاجة إلى مواصلة البحث حول هذا الفيروس, قررت منظمة الصحة العالمية في نفس العام بتأجيل القضاء على المخزون المتبقي من هذا الفيروس في هذين المختبرين.

 

طرق الانتقال (العدوى)

كما ذكنا سابقا , فإن مرض الجدري هو مرض معدٍ ينقل من إنسان إلى آخر. ويمكن نقل الفيروس من خلال استنشاق قطرات صغيرة من اللعاب التي تنشر من فم المريض الى الهواء (مثل الإنفلونزا) أو او من خلال الأتصال المباشر مع المريض ومحيطه. وتتسرب الفيروسات إلى جسم الإنسان عن طريق الجيوب المخاطية في الفم, والأنف, والعيون.

العدوى بالمرض عن طريق الشخص المريض ممكنة بعد ظهور الطفح الجلدي فقط عند هذا المريض . يكون خطر العدوى كبيرا في ال 7-10 أيام الأولى من موعد ظهور الطفح الجلدي لأنه في هذه الفترة يتواجد الفيروس في لعاب المريض بكمية عالية. ومع تكوّن الدمامل ( التي تظهر بعد الطفح ) ينخفض خطر العدوى بشكل بارز, ولكن هناك خطر معيّن للعدوى ما دامت الدمامل قائمة.

 

طريقة تاثير الفيروس داخل الجسم

بعد تسرّب الفيروسات عن طريق الجيوب المخاطية للفم, والأنف, والعيون, تترسخ في هذه الجيوب وتنتقل منها إلى الغدد الليمفاوية القريبة حيث تتكاثر بها. من الغدد الليمفاوية ينتشر الفيروس إلى الدم (تقريبًا في اليوم الثالث أو الرابع من ا العدوى) ويستقرّ في الطحال وفي نخاع العظام, حيث يتكاثر مرّة أخرى. ولا تظهر في هذه المرحلة أي أعراض جانبية.

في اليوم الثامن من العدوى ينتشر الفيروس إلى الدم مرّة أخرى يترافق مع ظهور الحرارة وشعور عام سيء . يستقرّ الفيروس المتواجد داخل كريات الدم البيضاء في الأوعية الدموية الصغيرة في الجلد وفي الجيوب المخاطية في منطقة الفمي وتنتقل عدواه إلى الخلايا المجاورة.

ينتشر الفيروس من الأوعية الدموية إلى الطبقة الجلدية الخارجية ويحدث تلوثات يرافقها تورّم وظهور فقاعات متميزة على سطح الجلد.

 

أعراض المرض

تظهر الأعراض الأولية للجدري بعد 10-12 يومًا من يوم التعرض للفيروس. وتشمل الأعراض ظهور الحرارة العالية بصورة فجائية, الضعف حتى الإنهاك, التقيؤ, آلام العضلات, الصداع وآلام في الظهر. من الممكن ظهور آلام حادة في البطن وحالة من الارتباك.

وفي المرحلة التالية, بعد يومين – ثلاثة أيام (12-14 يومًا من موعد التعرض) يظهر طفح جلدي بشكل البقع الحمراء المسطحة, التي تصبح فقاعية خلال يوم أو يومين.

وبعد ذلك, 14-16 يومًا من موعد التعرض, تتلوث هذه الفقاعات وتصبح مستديرة وقاسية.

وأخيرًا, في اليوم الثامن بعد ظهور الطفح الجلدي (20-22 يومًا من موعد التعرض) تظهر دمامل, وعند سقوطها (بعد 3-4 أسابيع) تظهر ندب مكانها.

يظهر الطفح أولاً في الأغشية المخاطية في الفم, والبلعوم, والوجه, واليدين, وينتشر لاحقًا إلى الرجلين وباقي أجزاء الجسم. وفي معظم الحالات ينتشر الطفح خلال 24 ساعة. كذلك, عند ظهور الطفح, تهبط حرارة الجسم المرتفعة عادة ويتحسن الشعور العام. هذه العلامات تمكننا من التمييز بين هذا النوع من الجدري وبين الحماق (جدري الماء).

اللائحة التالية تلخص ما ذكر أعلاه :

 

الأيام 0 12-10 14-12 16-14 22-20 من اليوم 22 وما بعد
تطور المرض التغرض للفيروس ظهور العلامات الأولى ظهور الطفح الجلدي الأول تلوث الفقاعات ظهور الدمامل سقوط الدمامل وظهور الندب

 

التعقيدات: في معظم الحالات لا ينتشر المرض إلى أعضاء أخرى غير المذكورة أعلاه. أحد الأعراض الجانبية هو ظهور التهاب نسيج الدماغ. أما التلوث الجرثومي الثانوي فهو غير منتشر. نسبة الوفيات عند المرضى الذين لم يتلقوا التطعيم تصل إلى %30 تقريبًا حسب معطيات منظمة الصحة العالمية.

 

بالإضافة إلى الصورة النموذجية المذكورة للمرض التي تظهر في %90 من الحالات تقريبًا, توجد صورتان أخريان:

  1. الصورة المتميزة بالنزيف: تتميز بفترة حضانة أقصر, أعراض أولية خطيرة, ثم ظهور طفح جلدي أحمر يتطور إلى حالات نزيف دموي في الجلد والجيوب المخاطية. عادة ينتهي هذا المرض بالموت, بعد 6- 5 أيام بعد ظهور الطفح الجلدي.
  2. الصورة الخبيثة: تتميز بفترة حضانة أقصر وأعراض أولية خطيرة. ثم يحدث تطور بطيء للبقع التي ترتبط بعضها بالبعض دون أن تتحول إلى فقاعات ملوثة. ويغير الجلد نسيجه ويصبح أحمرّا , وتختفي البقع تدريجيًا دون تكوّن الدمامل. وفي الحالات الخطيرة, هناك سقوط مساحة كبيرة من الجلد. وعادة تنتهي هذه الحالة بالموت.

 

كذلك , توجد أشكال أخرى خفيفة لهذا المرض التي تؤدي إلى صعوبة في تشخيصه :

  1. فاريولا خفيفة – مرض أقلّ خطورة مع أعراض أولية بسيطة وطفح أقلّ كثافة.
  2. التطعيم الجزئي – يميّز ألأشخاص اللذين تم تطعيمهم في الماضي. تتميز هذه الصورة من المرض بطفح جلدي يميل إلى أن يكون غير نموذجي وأقلّ كثافة, مع تغييرات سريعة في البقع الجلدية.

الوقاية

الوقاية قبل التعرض للفيروس

يعتبر التطعيم الفعال, الذي تلقاه جميع السكان بصورة روتينية حتى قبل 20 سنة أكثر الطرق فعالية للوقاية من هذا المرض.

 

الوقاية بعد التعرض للفيروس

لا دواء لهذا المرض, لذلك فان التطعيم هو الوسيلة الوحيدة المتوفرة لمحاربة الفيروس. تلقي التطعيم خلال الأيام الأولى (حتى أربعة أيام) بعد التعرض إلى المريض المعدي (المصاب بالمرض ), قد يقلّل من خطورة المرض بشكل ملحوظ وحتى منعه.

إعطاء التطعيم والمتابعة الطبية لجميع الناس الذين لهم إتصالا مباشرا  بالمرضى المصابين بالمرض أو يسكنون معهم منذ ظهور الحرارة قد يمنعان انتشار الفيروس.

 

  • العلاج

لا يوجد علاج خاص . يتم علاج مرضى الجدري بالعزل الفوري والعلاج الداعم فقط. تعطى المضادات الحيوية عند ظهور تلوث جرثومي ثانوي فقط.

بما أن العلاج داعمًا فقط, يمكن عزل المرضى في منازلهم وبذلك تفادي انتشار المرض.

 

الحرب البيولوجية

يذكر أنه حتى في القرن الخامس عشر قد تم استعمال الجدري كسلاح بيولوجي على أيدي كورتيز عند احتلال المكسيك. في عام 1763 استعملت القوات البريطانية في أمريكا فيروس الجدري كسلاح بيولوجي ضد الهنود الحمر. وقد أخذ قائد القوات البريطانية بطانيتين ومنديل ملوثتين من مرضى الجدري وأرسلها بشكل هدية إلى زعماء الهنود الحمر. نتيجة لذلك انتشر وباء أدى إلى قتل ما يزيد على % 50 من السكان المحليين.

عند انتشار استعمال التطعيم بصورة واسعة النطاق انخفضت بصورة ملحوظة جاذبية استعمال الجدري كسلاح بيولوجي. ولكن, من المعروف, أنه قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها, تزود الجيش الياباني بفيروس هذا المرض في إطار وحدة الحرب البيولوجية.

في عام 1971 تم التوقيع على ميثاق نزع السلاح البيولوجي. مع ذلك, من المعروف, أن الاتحاد السوفياتي قد استمرّ بتطوير وإنتاج السلاح البيولوجي بالرغم من هذا الميثاق. وتوجد شهادات على أنه في بداية الثمانيات بدأ الاتحاد السوفياتي بخطة إنتاج وملاءمة فيروسات الجدري لاستعمالها كسلاح بيولوجي.

وفي الوقت الحاضر يمكن التأثير على فعالية الفيروس كسلاً بيولوجي بواسطة إعطاء التطعيم السريع والفعال للسكان.

مضمون قد يهمك
أضف تعليقا