كعب بن مالك الأنصاري السلمي

قسم: معلومات عامة كعب بن مالك الأنصاري السلمي » بواسطة عبد الرحمن - 6 يناير 2022

كعب بن مالك الأنصاري السلمي

شاعر الإسلام أسلم قديماً وشهد العقبة ولم يشهد بدرا، وكان أحد الثلاثة الذين تيب عليهم بعد تخلفهم عن غزوة تبوك. وتوفي سنة 50 هجرية.
كانت كنيته في الجاهلية: أبا بشير. وقال ابن أبي حاتم: كان كعب من أهل الصفة. وذهب بصره في خلافة معاوية. ذكره عروة في السبعين الذين شهدوا العقبة. وروى صدقة بن سابق، عن ابن إسحاق، قال: آخى رسول الله بين طلحة بن عبيد الله، وكعب بن مالك. وقيل: بل آخى بين كعب والزبير. الواقدي: حدثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: آخى رسول الله بين الزبير وبين كعب بن مالك. قال الزبير: فلقد رأيت كعبا أصابته الجراحة بأحد، فقلت: لو مات، فانقلع عن الدنيا، لورثته; حتى نزلت: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فصارت المواريث بعد للأرحام والقرابات، وانقطعت حين نزلت وأولو الأرحام تلك المواريث بالمواخاة. وفي رواية ابن إسحاق: آخى النبي .بين كعب وطلحة
كعب بن مالك رضي الله عنه (أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك) حديث شريف.
قال كعب بن مالك -رضي الله عنه- يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك.
تخلفه عن بدر لم أتخلف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاة غزاها قط الا غزاة تبوك، غير أني كنت تخلفت في غزاة بدر، ولم يعاتب أحد تخلف عنها، وانما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة حين تواثقنا على الاسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وان كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر.
حاله في تبوك وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتها في تلك الغزاة.
وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلما يريد غزوة يغزوها الا ورى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز، واستقبل عددا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم، فأخبرهم وجهه الذي يريد، والمسلمون مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثير، لا يجمعهم كتاب حافظ (الديوان).
قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب الا ظن أن ذلك سيخفى عليه، ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل.
تباطؤه في التجهيز وغزا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الغزاة حين طابت الثمار والظلال، وأنا والله أصعر (أميل للبقاء)، فتجهز اليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون معه، فطفقت أغدو لكي اتجهز معهم فأرجع ولم أقض من جهازي شيئا، فأقول لنفسي: أنا قادر على ذلك ان أردت ! فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس بالجد، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غاديا والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، وقلت: أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه !
فغدوت بعدما فصلوا (خرجوا) لأتجهز فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو (فات وقته)، فهممت أن ارتحل فألحقهم، وليت اني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت اذا خرجت في الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحزنني أني لا أرى الا رجلا مغموصا (متهما) في النفاق، أو رجلا ممن عذره الله عز وجل.
الرسول يسأل عنه ولم يذكرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم بتبوك: { ما فعل كعب بن مالك ؟!}.
فقال رجل من بني سلمة: { حبسه يا رسول الله براده والنظر في عطفيه }.
فقال معاذ بن جبل: { بئسما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه الا خيرا }.
فسكت الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
عودة الرسل من تبوك قال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي، وطفقت أتذكر الكذب وأقول: { بماذا أخرج من سخطه غدا ؟!}.
وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أظل قادما زاح عني الباطل، عرفت أني لم أنج منه بشيء أبدا، فأجمعت صدقه.
صدقه مع الرسول فأصبح الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون، فطفقوا يعتذرون اليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلا، فيقبل منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علانيتهم، ويستغفر لهم، ويكل سرائرهم الى الله تعالى، حتى جئت، فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب، ثم قال لي: { تعال !}.
فجئت أمشي حتى جلست بين يديه،فقال لي: { ما خلفك ! ألم تكن قد اشتريت ظهرا ؟!}.
فقلت: { يا رسول الله، اني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلا، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك اليوم بحديث تجد علي فيه اني لأرجو عقبى ذلك من الله عز وجل ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك }.
قال: فقال الرسـول -صلى اللـه عليـه وسلم-: { أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك }.
فقمت وقام الي رجال من بني سلمة وأتبعوني فقالوا لي: { والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا، ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما اعتذر به المتخلفون، فقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لك }.
قال: فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي، قال: ثم قلت لهم: { هل لقي هذا معي أحد ؟}.
قالوا: { نعم، لقيه معك رجلان، قالا مثل ما قلت، وقيل لهما مثل ما قيل لك }.
فقلت: { فمن هما ؟}.
قالوا: { مرارة بن الربيع العامري، وهلال بن أمية الواقفي }.
فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا، لي فيهما أسوة.
قال: فمضيت حين ذكروهما لي.
النهي عن كلامه قال: ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي كنت أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشد القوم وأجلدهم: فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف بالأسواق فلا يكلمني أحد، وآتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم، وأقول في نفسي أحرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟!
ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر، فاذا أقبلت على صلاتي نظر الي فاذا التفت نحوه أعرض عني حتى اذا طال علي ذلك من هجر المسلمين، مشيت حتى تسورت حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس الي، فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام فقلت له: { يا أبا قتادة، أنشدك الله، هل تعلم أني أحب الله ورسوله ؟}.
قال: فسكت.
قال: فعدت له فنشدته فسكت، فعدت له فنشدته فسكت.
فقال: { الله ورسوله أعلم }.
قال: ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينما أنا أمشي بسوق المدينة اذا أنا بنبطي من أنباط الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول: { من يدل على كعب بن مالك ؟}.
قال: فطفق الناس يشيرون له الي، حتى جاء فدفع الي كتابا من ملك غسـان فاذا فيه: { أما بعد، فقد بلغنا أن صاحبـك قد جفاك، وأن اللـه لم يجعلك في دار هوان ولا مضيعـة، فالحق بنا نواسك }.
قال: فقلت حين قرأته وهذا أيضا من البلاء.
قال: { فيممت به التنور فسجرته به أحرقته فيه}.
الأمر بالاعتزال حتى اذا ما مضت أربعون ليلة من الخمسين، اذا برسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتيني يقول: { يأمرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تعتزل امرأتك }.
قال: فقلت: { أطلقها أم ماذا أفعل ؟}.
فقال: { بل اعتزلها ولا تقرنها }.
قال: وأرسل الى صاحبي بمثل ذلك.
قال: فلبثنا عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا.
قال: ثم صليت صلاة الصبح صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا: قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صارخا أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته: { أبشر يا كعب بن مالك }.
قال: فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء الفرج من الله عز وجل بالتوبة علينا.
فأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتوبة الله علينا حين صلى الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض الي رجل فرسا، وسعى ساع من “أسلم” وأوفى على الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جائني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما اياه ببشارته، والله ما أملك يومئذ غيرهما.
البشارة والفرج واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت أؤم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بتوبة الله، يقولون: { ليهنك توبة الله عليك }.
حتى اذا دخلت المسجد، فاذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد والناس حوله، فقام الي طلحة بن عبدالله يهرول حتى صافحني وهنأنـي، فلما سلمت على رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- قال وهو يبرق وجهه من السرور: { أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك }.
قال: قلت: { أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله ؟}.
قال: { لا، من عند الله }.
قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر، حتى يعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت: { يا رسول الله، ان من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة الى الله والى رسوله}.
قال: { أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك }.
قال: فقلت: { فاني أمسك سهمي الذي بخيبر }.
وقلت: { يا رسول الله انما نجاني الله بالصدق، وان من توبتي ألا أحدث الا صدقا ما بقيت }.
قال: { فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن مما أبلاني الله تعالى، ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – الى يومي هذا، واني لأرجو أن يحفظني الله عز وجل فيما بقى }.
وأنزل الله تعالى: (( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) * (( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) * (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) [التوبة:177-119].

مضمون قد يهمك
أضف تعليقا