بحث عن تطور المنهج الدراسي

قسم: أبحاث علمية بحث عن تطور المنهج الدراسي » بواسطة محمود الاسوانى - 2 يناير 2022
المقدمة البحث عن تطور المنهج الدراسي

لقد تطور مفهوم المنهج الدراسي مثلما تطورت المفاهيم التربوية الأخرى فان تعقد مشاكل الحياة واشتباك مصالح الأفراد والجماعات شمل جميع النواحي وتغلغل في كل منعطف وزاوية فيها وبالطبع أصاب التربية والتعليم نصيب وافر منها فضلاُ عن التغيرات في الأسس والأساليب التربوية لجعلها ملائمة للمطالب الحيوية الجديدة التي تتلاءم مع أساليب الحياة الجديدة.

 

ومثلما تطورت البحوث والدراسات لمعرفة أهمية إعداد المعلم والمدرس وتوجيهما ليكونا قادرين على الاضطلاع بالمسؤولية المترتبة عليها والقيام بها بأكمل وجه. فإن الاهتمام بالمنهج الدراسي سلط الضوء عليها ولذلك تباينت نظريات المنهج. ونظريات المنهج استندت في أفكارها على أسس ومبادىء انطلقت منها ونجد أن هناك نظريات احتفظت بأفكارها الأساسية وان اختلفت أساليبها ومنذ تأسيسها كفكرة مثل الفلسفة المثالية والواقعية وهناك من النظريات ما اندثر ثم قامت بأسماء مختلفة.

 

يحتل المنهاج مركزاً حيويا في العملية التربوية لا بل تعتبر لحد ما العهود الفقري للتربية.

 

والمنهاج هو المرآة التي تعكس واقع المجتمع وفلسفته وثقافته وحاجاته وتطلعاته وهو الصورة التي تنفذ بها سياسة الدول في جميع إبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية والاقتصادية.

 

ويعتبر المجتمع المرجع الأول والأساسي الذي يعتمد أي منهج تربوي لارتباط المناهج التعليمية بالنظم الاجتماعية والسياسية ولانعكاس النظام الاجتماعي السائد في بلد ما على المناهج, ولكون المدرسة مؤسسة اجتماعية لها أكبر الأثر في التغير الاجتماعي , ولكون المنهج المدرسي أداة يتحقق بواسطتها أهداف المدرسة في حركة المحافظة على التراث وحركة التغير الاجتماعي يواجه المجتمع كثيراً من المشكلات سواء على مستوى البناء أو في التنفيذ ولا بد للمنهج من معالجة هذه المشاكل ولكون المدرسة تتعامل مع بشر لكل نفس عواطفها ومشاعرها الخاصة وأن لجو العلاقات الإنسانية داخل المدرسة أثر في حدوث احتكاك بين الطلبة. ولذلك نجد أن مادة المنهاج تحتل منزلة هامة في إعداد المعلم, فهي تمكنه من معرفة مفهوم المنهج وعناصره وكيفية بنائه وخطوات هذا البناء, كما تمكنه من فهم التنظيمات المنهجية المختلفة ومعرفة ما بها من عيوب وثغرات.

وفي هذا البحث سيتم التطرق للمواضيع التالية:

1.      مفهوم المنهج المدرسي.

2.      مقارنة المنهج المدرسي القديم والحديث.

3.      فلسفة المنهاج.

4.      أسس بناء المنهاج.

 

 

 

  • مفهوم المنهاج
  • تعريف المنهاج التقليدي أو القديم
  • المفهوم الحديث للمنهج
  • النقد الموجه للمنهج بالمفهوم القديم
  • العوامل التي أدت إلى الانتقال من المفهوم التقليدي إلى المفهوم الحديث للمنهج
  • مميزات المنهج بمفهومه الحديث
  • أولاً: الفلسفة التربوية المثالية
  • ثانياً: الفلسفة التربوية الواقعية
  • ثالثاً: الفلسفة التربوية البراجماتية
  • رابعاً: الفلسفة التربوية الوجودية
  • خامساً: الفلسفة التربوية الماركسية (النظرية التطبيقية البوليتكنيكية)
  • سادساً: الفلسفة الوضعية المنطقية
  • سابعاً: النظرية الموسوعية للمنهج
  • ثامناً: النظرية الأساسية (الجوهرية) للتربية
  • تاسعاً: فلسفة التربية الإسلامية
  • أسس المنهاج
  • أولاً: الأسس الفلسفية للمنهج
  • ثانياً: الأسس الاجتماعية للمنهج
  • ثالثاً: الأسس النفسية للمنهج
  • رابعاً: الأسس المعرفية للمنهج
  • الخاتمة
  • المراجع

 

المنهج المدرسي.. أسسه الاجتماعية والفلسفية ما بين المفهوم التقليدي والحديث
مفهوم المنهاج 
 

يرجع الاهتمام بمشكلات المنهج للعام (1890) ويعد (بوبيت) أول من ألف كتابا في المنهج (1918) وقد عرف المنهج بأنه سلسلة من الخبرات التعليمية يتعين على الأطفال والشباب أن يحصلوا عليها عن طريق تحقيق الأهداف. في حين أشار (مولنروزاهورك) إلى نشوء علم المناهج جاء نتيجة التغير السريع الذي ساد النصف الأول من القرن العشرين.

المنهج المدرسي.. أسسه الاجتماعية والفلسفية ما بين المفهوم التقليدي والحديث 
تعريف المنهاج التقليدي أو القديم 
 

 

في لسان العرب لابن منظور نجد أن منهاجاً نعني طريقاً واضحاً وهناك كلمة اخرى تستخدم احيانا بمعنى المنهاج وهي (syllabus) وتعني المقرر والذي يشير إلى معلومات عن كمية المعرفة.

 

وبذلك نجد تعبيرين للمنهاج هما منهاج ومقرر ولقد ساد الخلط بينها مدة طويلة عندما اعتقد الكثيرون أن الكلمتين مترادفتان.

 

ولقد كان المعلمون في الماضي ولا يزال قسم كبير منهم حتى الأن يفهمون المنهاج على أنه الكتاب المقرر.

 

 

تعريف المنهاج التقليدي:

من التعريفات للمنهاج التقليدي ما يلي:

·       كل المقررات التي تقدمها المدرسة لتلاميذها.

·       تنظيم معين لمقررات دراسية مثل منهاج الاعداد للجامعة ومناهج الاعداد للحياة أو العمل.

·       كل المقررات التي تقدم في مجال دراسي واحد مثل منهاج اللغة العربية القومية ومنهاج العلوم ومنهاج الرياضيات.

·       برنامج تخصص يرتبط بمهنة معينة.

·       ما يختاره التلميذ من مقررات.

·       ما يتعلمه التلميذ ويدرسه المدرسون.

·       برامج دراسية وهي خبرات من الماضي والهدف منها نقل الثقافة من جيل إلى آخر.

 

إذاً المنهج بمفهومه التقليدي عبارة عن مجموعة المعلومات والحقائق والمفاهيم التي تعمل المدرسة على إكسابها للتلاميذ بهدف إعدادهم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق الإلمام بخبرات الأخرين والاستفادة منها , وقد كانت هذه المعلومات والحقائق والمفاهيم تمثل المعرفة بجوانبها المختلفة. أي أنها كانت تتضمن معلومات علمية ورياضية ولغوية وجغرافية وتاريخية وفلسفية ودينية.

 

 

ما يتطلبه إعداد المنهج بمفهومه التقليدي:

يتطلب إعداد المنهج بمفهومه التقليدي القيام بسلسة من الخطوات كما يللي: ـ

1.     تحديد المعلومات الازمة لكل مادة وفقا لما يراه المتخصصون في هذه المادة , ويتم ذلك في صورة موضوعات مترابطة أو غير مترابطة تشكل محتوى المادة.

2.     توزيع موضوعات المادة الدراسية على مراحل وسنوات الدراسة بحيث يتضح من هذا التوزيع ما هي الموضوعات المخصصة لكل مرحلة (الأبتدائية ـ المتوسطة ـ الثانوية) ولكل صف دراسي.

3.     توزيع موضوعات المادة الدراسية على أشهر العام الدراسي.

4.     تحديد الطرق والوسائل التعليمية التي يراها الخبراء والمتخصون صالحة ومناسبة لتدريس موضوعات المادة الدراسية.

5.     تحديد أنواع الأسئلة والاختبارات والآمتحانات المناسبة لقياس تحصيل التلاميذ في كل مادة دراسية.

المنهج المدرسي.. أسسه الاجتماعية والفلسفية ما بين المفهوم التقليدي والحديث 
المفهوم الحديث للمنهج 
 

 

·       كل الخبرات المخططة التي يمر بها الطالب بصرف النظر عن مصادرها وطرائقها.

·       كل الخبرات التي يمارسها الطالب تحت إشراف المدرسة.

·       مجموع الخبرات التربوية والثقافية والاجتماعية والرياضية والفنية التي تهيئها المدرسة لطلابها داخل المدرسة أو خارجها بقصد مساعدتهم على النمو الشامل وتعديل سلوكهم لأهدافها التربوية.

·       المنهج بمفهومه الحديث هو مجموعة الخبرات التربوية التي تهيؤها المدرسة للتلاميذ سواء داخلها أو خارجها وذلك بغرض مساعدتهم على النمو الشامل المتكامل, أي النمو في كافة الجوانب العقلية والثقافية والدينية والاجتماعية والجسمية والنفسية والفنية نمواً يؤدي إلى تعديل سلوكهم ويكفل تفاعلهم بنجاح مع بيئتهم ومجتمعهم وابتكارهم حلول لما يواجههم من مشكلات.

 

فالمنهاج بمفهومه الحديث وفقاً للتعريف السابق يعني ما يلي:

1.     إن المنهاج يتضمن خبرات أو خبرات مربية وهي خبرات مفيدة تصمم تحت إشراف المدرسة لإكساب التلاميذ مجموعة من المعلومات والمهارات والاتجاهات المرغوبة.

2.     إن هذه الخبرات تتنوع بتنوع الجوانب التي ترغب المدرسة في إحداث النمو فيها ولا تركز على جانب واحد فقط من جوانب النمو كما هو الحال في المنهج القديم.

3.     إن التعليم هنا يحدث من خلال مرور المتعلم بالخبرات المختلفة ومعايشته ومشاركته في مواقف تعليمية متنوعة, أي أن التعليم هنا هو تعلم خبري.

4.     أن بيئة التعلم لا تقتصر على حجرة الدراسة أو ما يدور داخل جدران المدرسة, في المعامل أو الملاعب أو الفناء, بل تمتد بيئة التعلم إلى خارج المدرسة فتشمل المصنع, والحقل والمعسكرات, وغيرها وهذا يتضمن تعرض التلاميذ للخبرات المتنوعة بنوعيها المباشرة وغير المباشرة.

5.     إن الهدف الذي يسعى إليه المنهج عن طريق هذه الخبرات هو النمو الشامل المتكامل للمتعلم والذي يؤدي إلى تعديل سلوكه أي إلى تعلمه, وحصيلة هذا التعلم تساعد على تفاعل المتعلم بنجاح مع البيئة والمجتمع.

6.     إن تفاعل المتعلم بنجاح مع البيئة والمجتمع يعني انه يتأثر بما يحدث فيها ويؤثر فيها أيضاً والمقصود بتأثير الفرد في البيئة والمجتمع هو إعمال المتعلم لعقله في مواجهة التحديات والمشكلات التي توجد في بيئة ومجتمعه ومحاولة التغلب عليها وحلها لذا أصبح تنمية قدرة المتعلم على حل المشكلات هدفاً هاما من أهداف المنهج.

7.     في عالم سريع التغير كعالمنا الذي نعيش فيه لا يكفي حل واحد للمشكلة المطروحة, بل هناك ضرورة لابتكار بدائل لهذا الحل لاختيار المناسب فيها وفق الظروف المتغيرة والأفكار المتاحة. لذا أصبح تنمية ابتكار المتعلم هدفا هاما من أهداف المنهج ينبغي إعطاء الأولوية له من بين الأهداف الأخرى التي يسعى إليها المنهج.

المنهج بالمفهوم التقليدي يركز على المعلومات والحقائق والمفاهيم وقد أدى هذا التركيز إلى إهمال معظم جوانب العملية التربوية لذلك فقد وجهت له الانتقادات التالية:

 

أولاً بالنسبة للتلميذ:

  • إهمال النمو الشامل للتلميذ:

لم يهتم المنهج التقليدي بالنمو الشامل للتلميذ أي بنموه في كافة الجوانب وإنما اهتم فقط بالجانب المعرفي المتمثل في المعلومات وأهمل بقية الجوانب الأخرى مثل الجانب العقلي والجانب الجسمي والجانب الديني والجانب الاجتماعي والجانب النفسي والجانب الفني.

والمنهاج التقليدي قد تعرض للجوانب الأخرى ولكن بطرق غير موفقة ولم يعطها القدر الكافي من الرعاية والاهتمام, بل عالجها بطرق قاصرة وغير صحيحة وغير كافية.

 

  • إهمال حاجات وميول ومشكلات التلاميذ:

لقد أدى اهتمام كل مدرس بمادته الدراسية إلى عدم الاهتمام بحاجات التلاميذ ومشكلات وميولهم, فهذا الإهمال له آثار سيئة إذ أنه قد يؤدي إلى الانحراف والفشل الدراسي, كما انه قد يؤدي إلى عدم إقبالهم على الدراسة وتعثرهم فيها.

 

  • إهمال توجيه السلوك:

اعتقد واضعو المنهاج أن المعلومات التي يكتسبها التلاميذ تؤدي إلى تعديل سلوكهم ,فالمعرفة وحدها ليست كافية لتوجيه السلوك الإنساني نحو ما يجب أن يفعله الفرد , بل لا بد من إتاحة الفرصة للممارسة والتدريب على السلوك المرغوب فيه بالترغيب والتكرار والتشجيع والتحذير.

 

  • عدم مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ:

المنهج يركز على معلومات عامة يكتسبها جميع التلاميذ والكتب الدراسية تخاطبهم جميعا بأسلوب واحد, والمفروض أن يهتم المنهج بالفروق الفردية بين التلاميذ وأن يؤخذ هذا المبدأ في الاعتبار عند تأليف الكتب الدراسية وعند القيام بعملية التدريس وعند استعمال الوسائل التعليمية وعند ممارسة الأنشطة.

 

  • إهمال تكوين العادات والاتجاهات الإيجابية لدى التلاميذ:

يوجد مجموعة من الاتجاهات التي يجب على المدرسة أن تعمل على إكسابها للتلاميذ مثل الاتجاه نحو الدقة, نحو النظافة, نحو النظام, نحو الأمانة, نحو احترام الآخرين, نحو القراءة والإطلاع, نحو حب الوطن, نحو احترام القوانين. واكتساب التلميذ لهذه العادات أمر ضروري وهام وعدم اكتساب العادة المطلوبة في الوقت المناسب يؤثر على سلوك التلميذ تأثيراً خطيراً فيما بعد. فإذا لم يكتسب التلميذ عادة النظافة من صغره فمن الصعب أن يكتسبها فبما بعد. ومثل هذه الاتجاهات هامة بالنسبة للفرد والمجتمع وتقصير المنهج في أداء هذه الرسالة يجعله عاجزا عن تحقيق الأهداف التربوية المنشودة بطريقة فعالة.

 

  • تعويد التلاميذ على السلبية وعدم الاعتماد على النفس:

المدرس يشرح المعلومات ويبسطها ويربط فيما بينها والتلميذ عليه فقط أن يستمع ويستوعب ما يقوله المدرس ويتضمنه الكتاب, ومن هنا نشأ التلميذ معتمد في كل شيء على الكتاب والمدرس ومن هنا بدأت السلبية وعدم الاعتماد على النفس.

 

ثانيا: بالنسبة للمواد الدراسية:

  • تضخم المقررات الدراسية:

نتيجة للزيادة المستمرة في المعرفة بشتى جوانبها ونتيجة لاهتمام كل مدرس بالكادة التي يدرسها فقط اهتم مؤلفو المواد الدراسية إلى إدخال الإضافات المستمرة عليها حتى تضخمت وأصبحت تمثل عبئا ثقيلا على المدرس والتلميذ فاهتم الأول بالشرح والتلخيص واهتم الثاني بالحفظ والترديد , وضاعت الأهداف التربوية المنشودة في زحام المعلومات المتزايدة ودوامة الإضافات المستمرة.

 

  • عدم ترابط المواد:

أدى اهتمام كل مدرس بالمادة التي يقوم بتدريسها إلى خلق حاجز قوي بين المواد الدراسية وبالتالي لم يعد بينها ترابط أو تكامل. ومعنى ذلك أن المعرفة التي تقدمها المدرسة للتلاميذ تصبح مفككة وهذا هو عكس ما يجب أن يكون.

 

  • إهمال الجانب العملي:

يركز المنهج التقليدي على المعلومات لذلك لجأ المدرسون في الطريقة اللفظية لشرح وتفسير وتبسيط هذه المعلومات, نظراً لأن ذلك يوفر لهم الوقت لإتمام المقررات الدراسية وقد أدى هذا الوضع إلى إهمال الدراسات العملية بالرغم من أهميتها التربوية البالغة في إشباع الميول واكتساب المهارات. كما أنها تغرس في نفوس التلاميذ حب العمل واحترامه وتقديره كما أنها تنمي لديهم القدرة على التفكير العلمي , حيث أنها تتطلب القيام بعمل أو تجربة ورصد النتائج وتحليلها وربطها واستخلاص القانون العام منها بالإضافة إلى أنها تهيئ الجو المناسب لتنمية روح الخلق والابتكار.

 

ثالثاً: بالنسبة للجو المدرسي العام:

لقد أدى التركيز على المعلومات إلى إهمال الأنشطة بكافة أنواعها ,كما انه أدى إلى ملل التلاميذ من الدراسة وتغيبهم عنها في صورة تمارض أو هروب كما أدى إلى انقطاع بعض التلاميذ عن الدراسة وبالتالي زادت نسبة التسرب.

 

رابعاً: بالنسبة للبيئة:

لقد حصلت هوة كبيرة بين المدرسة والمجتمع نتيجة للتغير السريع الذي حصل على جميع جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بينما ظلت الكتب الدراسية شبه ثابتة لا يعتريها أي تغير ولا يطرأ عليها إلا تعديل طفيف.

 

وحيث أن لكل بيئة ظروف وخصائص ومشكلات معينة وفقا لطبيعتها الجغرافية وأحوالها المناخية وكثافتها السكانية فان ذلك يستدعي من المنهج مراعاة ظروف البيئة ولكن الذي حدث هو أنه قد تم طبع كتب دراسية للتلاميذ في المدن والقرى في المناطق والبيئات على اختلاف أنواعها.وبهذا لم يتيح المنهج للمدرية الاتصال بالبيئة والتفاعل معها والمساهمة في حل مشكلاتها والعمل على خدمتها وتنميتها وبالتالي ضعفت الصلة بين المدرسة والبيئة وضعفت الروابط بينهما أو كادت تنقطع.

 

خامساً: بالنسبة للمعلم:

يقلل المنهج بمفهومه التقليدي من شأن المعلم ولا يتيح له الفرصة للقيام بالدور الذي يجب أن يقوم به إذ يتطلب منه أن يقوم بنقل المعلومات من الكتاب إلى ذهن التلميذ , ولكي تتم هذه العملية فهو مطالب بشرح هذه المعلومات وتفسيرها وتبسيطها ثم في آخر الأمر قياس ما تمكن التلاميذ من استيعابهم منها.

أما الدور الحقيقي للمعلم فهو أكثر انطلاقاً مما رأينا فهو إلى جانب توصيل المعلومات إلى ذهن التلاميذ عليه أن يعلمهم كيف يعلمون أنفسهم تحت إشرافه وتوجيهه. وبذلك يعمل على تحقيق مفهوم التعلم الذاتي والتعلم المستمر. وعليه أيضاً أن يقوم بتوجيه التلاميذ ومساعدتهم على حل مشكلاتهم ومتابعتهم أثناء القيام بالأنشطة وإتاحة الفرصة لهم للتخطيط لها وتنفيذها وتقويمها حتى يشعبوا ميولهم ويكتسبوا المهارات الأزمة ويصبحوا قادرين على التخطيط والتعاون والعمل الجماعي والتفكير العلمي.

 

وهكذا نجد أن العوامل السابقة قد أدت إلى ظهور أفكار جديدة تتلخص فيما يلي:

  1. العمل على نمو التلاميذ في جميع الجوانب , وليس في جانب واحد.
  2. العمل على إيجابية التلميذ أثناء التعلم.

 

لقد كونت هذه الأفكار النواة التي بني عليها المنهج بمفهومه الحديث.

العوامل التي أدت إلى الانتقال من المفهوم التقليدي إلى المفهوم الحديث للمنهج 
 

 

لقد ساعدت عوامل كثيرة في الانتقال من المفهوم التقليدي للمنهج إلى المفهوم الحديث له ولعل أبرز تلك العوامل هي:

 

1.     التغير الثقافي الناشئ عن التطور العلمي والتكنولوجي, والذي غير الكثير من القيم والمفاهيم الاجتماعية التي كانت نمطاً سائداً, وأدى إلى إحداث تغيرات جوهرية في أحوال المجتمع وأساليب الحياة فيه.

2.     التغير الذي طرأ على أهداف التربية, وعلى النظرة إلى وظيفة المدرسة, بسبب التغيرات التي طرأت على احتياجات المجتمع في العصر الحديث.

3.     نتائج البحوث التي تناولت الجوانب المتعددة للمنهج القديم أو التقليدي, والتي أظهرت قصوراً جوهرياً فيه وفي مفهومه.

4.     الدراسات الشاملة التي جرت في ميدان التربية وعلم النفس, والتي غيرت الكثير مما كان سائداً عن طبيعة المتعلم وسيكولوجية, وكشفت الكثير مما يتعلق بخصائص نموه وحاجاته وميوله واتجاهاته وقدراته ومهاراته واستعداداته, وطبيعة عملية التعلم, وتكفي الإشارة هنا إلى أن المنهج العلمي قد أكد إيجابية المتعلم لا سلبيته, وأن تقدم الفكر السيكولوجي قد أظهر أنه من غير الممكن تنمية الشخصية ككل عن طريق التركيز على جانب واحد كالجانب المعرفي.

5.     طبيعة المنهج التربوي نفسه, فهو يتأثر بالتلميذ والبيئة والمجتمع والثقافة والنظريات التربوية, وحيث أن كل عامل من هذه العوامل يخضع لقوانين التغير المتلاحقة فقد كان لا بد من أن يحدث فيه التغيير, وأن يأخذ مفهوماً جديداً لم يكن له من قبل. وللتدليل على ذلك يكفي أن نشير إلى أن الأطفال الذين يخطط لهم المنهج أحياء ينبضون بالحيوية والنشاط, وأن غاية التربية هي استشارة نموهم الذاتي وتوجيه.

مميزات المنهج بمفهومه الحديث 
 

التربية تريد منهجاً يمتاز بخصائص ومميزات ترقى به إلى مستوى الكفاية في بنائه, ذلك أن العمل الأساسي للنمو الثقافي يكمن في بناء منهج مدرسي يستطيع فيه كل فرد أن يتعلم من خلال عملية التربية الجديدة, ليصبح إنساناً بنمط ثقافي جديد فيه تلاءم واضح بين التربية السائدة خارج المدرسة وتلك التي تكون داخلها.

 

ومن أبرز هذه الخصائص:

1.     من المفروض أن يكون المنهج المدرسي في فلسفته ومحتواه محافظاً وتقدمياً في نفس الوقت.

2.     من المفروض أن يتم إعداد المنهج المدرسي بطريقة تعاونية بحيث يراعى واقع المجتمع وفلسفته وطبيعة المتعلم وخصائص نموه, وأن يعكس التفاعل بين التلميذ والمعلم والبيئة المحلية والثقافية والمجتمع, وأن يتضمن جميع أوجه النشاط التي يقوم بها التلاميذ, وأن يتم اختيار الخبرات التعليمية في حدود الإمكانيات المادية والبشرية أن يؤكد على أهمية العمل الجماعي, وأن يحقق التناسق والتكامل بين عناصر المنهج

3.     المنهج الحديث يمتاز بأنه يؤكد على الجانب الخلقي في الجوانب التعليمية.

4.     يمتاز المنهج الحديث بأنه يؤكد فكرة الجماعة وفاعليتها.

5.     يؤكد على الأساليب التي تلائم عملية التغير الاجتماعي, بحيث يكون عند المتعلم استعداد لقبول التغير.

6.     يمتاز بأنه يقوم على أساس من فهم الدراسات السيكولوجية المتعلقة بالمتعلم ونظريات التعلم.

7.     يمتاز المنهج الحديث بأنه يقوم على أساس من فهم الطبيعة الإنسانية فنجد أن النظرة إلى الطبيعة الإنسانية تختلف باختلاف الفلسفات.

8.     المنهج الحديث يعمل على ربط المدرسة بغيرها من المؤسسات الاجتماعية الأخرى فهو يعمل على الربط بين المدرسة والبيئة, سواء كانت بشرية أو طبيعية أو كانت مؤسسات من صنع الإنسان.

9.     يمتاز المنهج الحديث في قيام المعلم بالتنوع في طرق التدريس حيث يختار أكثرها ملائمة لطبيعة المتعلمين وما بينهم من فروق فردية وفي ضوء هذا الدور الجديد للمعلم لم يعد عمله مقتصراً على توصيل المعلومات إلى ذهن التلميذ , وإنما اتسع فأصبح المعلم مرشداً وموجهاً ومساعداً للتلميذ على نمو قدراته واستعداداته على اختلافها.

 

في سنة (1963) قدم للمؤتمر القومي لجمعية الأشراف وتطوير المناهج ورقتان بواسطة بومشامب. الأولى حللت فيها مداخل العالم في مهام بناء النظرية في المنهج والثانية بين دور الفلسفة في تطوير نظرية عملية المنهج ولخص سميث فيها ثلاث مهام يمكن أن تتناولها الفلسفة في مساعدة منظر المنهج وهي تكوين الأهداف التعليمية, اختيار وتنظيم المعرفة, التعامل مع مشكلات لفظية ويعتقد كل من (مولز وزاهوريك) في كتابهما (نظرية المنهج) أن أكثر الطرق المناسبة لفهم الواقع الحالي للتنظير المنهجي ما طرحه (ماكدونالد) إذ صنف نظريات المناهج إلى ثلاث أنماط:

 

1. النمط الضابط لنظرية المنهج:  

هو نمط خطي تكون بدايته تحديد الأهداف ثم طرائق تنفيذها وتحقيقها انتهاء بالتقويم.

2. النمط التفسيري:

وينظر هذا النمط إلى المعنى المتضمن للأفكار بوصفه عنصراً أساسياً في تخطيط المناهج. وإن رواد هذه النظرية لا يقفون عند الاعتبارات العلمية بقدر ما يهتمون بالتوصل إلى تعديلات وتفسيرات جديدة والعمل على تنميتها.

3. نمط النظرية الناقدة:

يركز أصحاب هذه النظرية على الجانبين النظري والعملي ذلك لأن تكامل جانبين عندهم يؤدي إلى تمكن المسؤولين من تخطيط المنهج.

 

وهكذا يمكن ملاحظة ثلاثة اتجاهات رئيسة في نظريات المنهج:

الاتجاه الأول اتخذ المعرفة محوراً له فهو غاية الغايات, والاتجاه الثاني نظر إلى المتعلم وإمكاناته وقدراته وميوله وخبراته بوصفه أساساً في اختيار محتوى المنهج وتنظيمه, والاتجاه الثالث جعل المجتمع محوراً له إذ ركز على فلسفة وثقافته وحاجاته فضلاً عما يتعرض له من تغير. إن هذه الاتجاهات الثلاثة في الواقع انعكاساً في التطورات التي ميزت الفكر التربوي خلال عملية تطوره. ويتجلى ذلك في أن التركيز على المعرفة هو انعكاس تقليدي والتركيز على المتعلم انعكاس للتقدمية والتركيز على المجتمع وحاجاته هو انعكاس لمرحلة متقدمة في التفكير التقدمي.

أولاً: الفلسفة التربوية المثالية 
 

 

الفلسفة المثالية هي أول تيار فكري قدم من خلال أعمال أفلاطون أول فلسفة تربوية مكتوبة, والمثالية تعني المذهب الذي يقول إن الأشياء الواقعية ليست شيئاً آخر غير أفكارنا نحن, وأنه ليس هنالك حقيقة إلا ذواتنا المفكرة, وقد اتفقت المدارس المثالية فيما بينها على أن الإنسان كائن روحي يمارس حرية الإدارة ومسؤول عن تصرفاته.

 

وتعتمد هذه الفلسفة على مبدأين جوهريين متكاملين:

الأول: أزلية الأفكار وأثر العقل الإنساني.

الثاني: عالم الروح وعالم المادة.

 

والتربية من وجهة نظر المثالية هي مساعدة الإنسان في الحياة للتعبير عن طبيعته الخاصة أما عن أهداف التربية فقد تمثلت فيما يلي:

·       إن التربية هي العملية للوصول إلى إدراك الحقيقة المطلقة عن طريق شحذ العقل وبذلك الكم الضخم من المعارف والأفكار المتصلة بالأشياء ومعانيها وأصولها.

·       إعداد المواطن إعداداً سليماً يكفل أن يتحلى بفضيلة الاعتدال والشجاعة.

·       إنها تهدف إلى إحاطة الطفل بالمثل العليا الصالحة, وغرس فكرة الخير والشر في ذهنه, حتى يشب على ما يجب أن يحب, وكراهية ما يجب أن يكره.

·       إن التربية العقلية لكي تصل إلى فهم الحقيقة المطلقة الأزلية يفترض أن تكون في شكل قوالب معرفية ثابتة, وليس في شكل نماذج تجريبية, وتبعاً لذلك لا يكون التعليم تحديداً أو ابتكاراً, ولكنه تحقيق النمط الفكري الذي يهدف تدريجياً إلى تحقيق الفكرة المطلقة فيما يخص الحقيقة والخير اللذين وصف سلفاً.

·       تهدف إلى التربية الفردية والجماعية, فالحياة الخلقية لا تتعارض فيها مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة إذ إن هناك فلسفة تقرر خلود القيم الروحية , وتؤكد عموميتها على الأفراد جميعاً, بمعنى أن القيم والمثل العليا الخالدة حين يجهد الفرد عقله كي يتمثلها إنما يكون من خلال وسط جماعي فالفضيلة تتكون من المعرفة ولأفكار الكلية العامة للوصول إلى الكمال العقلي ذاته.

 

أما من الناحية العملية التربوية فقد نظرت الفلسفة المثالية إلى الطالب على أنه شخص له هدف روحي ينبغي تحقيقه ومن هنا أكدت ضرورة تعليمه احترام الآخرين والقيم الروحية وتعليمه احترام المجتمع الذي ولد فيه.

 

أما عن المعلم فقد اهتمت الفلسفة المثالية بالمعلم اهتماماً بالغاً لأنه القدوة التي يقتدي به التلاميذ فضلاً عن أنه يولد المعاني والأفكار في عقل الطالب إذ أن الأفكار والمعاني كامنة في الإنسان.

 

والمعلم في منظور هذه الفلسفة هو الوسيط بين عالمين , عالم النمو الكامل وعالم الطفل, وإن عمل المعلم تقديم الإرشاد له لأنه يضل بحاجة إليه ويستطيع المعلم بفضل الإعداد الذي تلقاه أن يقوم نمو الطلاب.

 

أما عن المنهج الدراسي فقد ساير أفلاطون النظام القائم في وضعه خطة تربية الأطفال والشباب, ويعتقد أن أعمال قدماء الإغريق كانت خيراً من معارفهم , ولذلك كانت خطة أفلاطون الفلسفية أن يحتفظ بما بناه القدماء بقصد أو بغير قصد , فبدأ بتربية الطفل في سن السابعة, ويستمر في هذه التربية حتى سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة , يتعلم فيها ضروب الرياضة البدنية والموسيقى. والغرض من الرياضة إصلاح شأن الجسم. أما الموسيقى فهي من أ جل انسجام الروح.

 

تبغي المثالية من استعمال المادة الدراسية تطوير الشعور السامي بالذات من جانب الطالب

 

تلخيص واستنتاج:

من خلال الاطلاع على الفلسفة المثالية يتضح أن المبادئ الرئيسية لهذه الفلسفة تركزت في النقاط الآتية:

·       الإعلاء من شأن الروح وعدت العقل مظهراً من مظاهر الروح وهو مصدر الإرادة والتفكير ومنبع كل الاحساسات من حب وكره.

·       الإيمان باجتماعية الإنسان وتوزيع الإنسان بين الخير والشر.

·       تأثر الإنسان بكل من الوراثة والبيئة في المعرفة والسلوك.

·       الحد من حرية الإنسان أما لأنه محكوم بالجسد الذي يقوده للشر وأما لأنه محكوم بسلطة دولية.

·       أن القيم العليا لها حق السيادة , لأنها ثابتة أزلية وخالدة ولا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق العقل المتسامي المجرد عن كل ما يتعلق بشهوة الإنسان والقيم مطلقة ثابتة

·       التربية في المثالية هي عملية تدريب أخلاقي لإقامة تربية تنتمي إلى الاستعدادات الطبيعية في الإنسان والهدف الأول في التربية هو إعداد الطالب عقلياً وخلقياً بغية تحقيق جميع القيم والمثل التي تريدها المثالية, ولتحقيق الهدف العام لا بد  أن يركز المنهج المثالي على الفلسفة والمنطق والرياضيات والدين, الطالب كائن روحي غايته الرئيسية في الحياة التعبير عن طبيعة الخاصة وهدف التربية مساعدته على القيام بذلك, التأكيد على الجانب المعرفي وأهمية المعرفة للطالب.

·       المنهج يشتمل كل خبرة الجنس البشري التي تساعد الفرد على النمو العقلي والخلقي.

·       تؤكد المثالية طريقة الاستنباط وطريقة الحفظ والتكرار وطريقة التمثيل.

 

أما الانتقادات التي وجهت إلى فلسفة التربية هي:

1.     إهمال الجوانب المهارية والأنشطة الإنسانية الأخرى , والتركيز على الجانب المعرفي.

2.     أعلت من شأن الروح, وأهملت أمر الجسد, ولذلك فهي ركزت على المعلومات والمعارف, وجعلت لها كياناً مستقلاً بعيداً عن اهتمام الطالب وميوله مما أدى إلى انفصال التلميذ والمدرس عن البيئة الاجتماعية والمادية التي يعيش فيها كل منهما.

3.     أما النقد الموجه إلى المنهج المثالي فهو أن هذا المنهج مصمم من أجل صقل العقل , وصفاء الروح , ونقل التراث الثقافي.وتقدم المواد الدراسية بصورة منطقية مرتبة لكنها لا تدرس على أساس فهم العلاقات فالتاريخ مثلاً يدرس بوصفه تاريخاً أي حسب التعاقب الزمني , لا على أساس أنه منهج مشكلات الحاضر وتوقعات المستقبل, ولا يهتم أصحاب المنهج المثالي بتعلم المهارات لاعتقادهم بأن هذا التعلم يفسد التلميذ ويتلف عقليته. ولذلك فالمثاليون يضعون المنهج الدراسي ثابتاً مطلقاً غير قابل للتغيير , وذلك إيماناً منهم بأن الطبيعة الإنسانية ثابتة لا تتغير.

ثانياً: الفلسفة التربوية الواقعية 
 

تعتقد الواقعية أن العالم الطبيعي أو الواقعي أي عالم التجربة البشرية هو المجال الوحيد الذي يجب أن نهتم به , ولا وجود لعالم المثل الذي اهتمت به الفلسفة المثالية وتستند الفكرة الواقعية إلى استقلالية العالم الخارجي بما يحويه من أشياء ومكونات فيزيائية عن العقل الذي يدركها , وعن أفكار ذلك العقل وأحواله جميعها. فليس العالم الخارجي , عالم البحار والأشياء مدرك لعقولنا , إلا صورة لهذا العالم على ما هو موجود في الواقع.

ويعد أرسطو زعيم الفلسفة الواقعية وهو أحد تلاميذ أفلاطون , ويعتبر من أبرز خصومه, إذ رفض تماماً فكرة أفلاطون عن عالم المثل والأفكار.

 

ومن أهم مبادئ هذه الفلسفة هي

1.      أن عالم الحس حقيقي كما نحسه ونراه.

2.      إن العالم جزء من الطبيعة ويمكن تعرف أسراره عن طريق الأحاسيس والخبرات.

3.      الأشياء المادية التي تحدث في هذا العالم جميعاً تعتمد على القوانين الطبيعية.

4.      القوانين الطبيعية تسيطر على حركة الكون فيها.

5.      يمكن للإنسان معرفة الحقيقة عن طريق الأسلوب العلمي والوسائل التجريبية , علماً أن الإنسان لا يستطيع أن يعرف كل شيء.

6.      لا يمكن فصل العقل عن الجسم , ولا توجد أية سيطرة لأحدهما على الآخر ولكن ثمة علاقة منسجمة بين الاثنين.

7.      يحق للفرد أن يحدد اعتقاداته بنفسه.

يرى أرسطو أن الهدف الأساس الكبير للتربية يكمن في إعداد الطفل ليصل به إلى درجة الكمال الإنساني والدولة هي التي بيدها الأمور التربوية. والتربية هي عملية تدريب للطفل, لأن الفضيلة تكتسب بالتعلم.

 

تهدف التربية عند الواقعيين إلى إتاحة الفرصة للتلميذ , لأن يغدو شخصاً متوازناً فكرياً وأن يكون في الوقت نفسه جيد التوافق مع بيئته المادية والاجتماعية. وتهدف التربية إلى تنمية الجوانب العقلية والبدنية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية في آن واحد.

ويرفض الواقعيون المنهج الدراسي المعقد الذي يميل إلى المعرفة المستمرة من الكتب, ويؤكدون المنهج الذي يركز على وقائع الحياة , وأهمية الموضوعات التي تقع في نطاق العلوم الطبيعية.

 

وتؤكد الواقعية على ضرورة أن تكون المادة الدراسية هي المحور المركزي في التربية وأن تسمح المادة الدراسية للطالب بالوقوف على البنيان الفيزيائي والثقافي الأساس للعلم الذي نعيش فيه.

 

تلخيص واستنتاج:

نجد أن المبادئ العامة لهذه الفلسفة تركزت في النقاط التالية:

1.      لا تؤمن بوجود قوى فطرية موروثة قبل الولادة , بل تؤكد على أن إنسان محكوم بتأثير البيئة الطبيعية والاجتماعية على الوراثة.

2.      تؤمن الواقعية بأن الفرد هو أساس الكيان الاجتماعي , وأن المجتمع ما هو إلا مجموعة الأفراد وعليه فإن الحرية الفردية لا تتحقق إلا في حالة تمتع الفرد بجميع الامتيازات والحقوق الخاصة وهذا لا يكون إلا في حالة تقليص سلطة الحكومة على الأفراد.

3.      إن الأشياء توجد في الطبيعة مستقلة عن الإدراك ولأن الحواس هي التي تنقل إلى العقل هذه الأشياء فلا يوجد في العقل ما لم تنقله الحواس فإن ما نسمعه أو نبصره أو نتذوقه أو نلمسه ما هي إلا أشياء بذاتها , وليست أفكاراً أو انطباعات ففي هذه الحالة فالعقل لا يملي أوامره على الواقع , بل الواقع هو الذي يملي أوامره على العقل.

4.      إن القيم يستدل عليها أيضاً عن طريق الحواس وعن طريق التجربة لأنها صادرة عن المحسوس وإنها متغيرة ونسبية.

5.      التربية عملية تدريب للإنسان على العيش بواسطة معايير خلقية مطلقة على أساس ما هو صحيح للإنسان بوجه عام.

6.      إن من أهم الأهداف التي تؤكدها هذه الفلسفة التربية الجسمية وتدريب الحواس والاهتمام بالعلوم الطبيعية والتجريب وتشجيع المدارس العلمية والمهنية بالأنشطة والممارسات داخل المؤسسات التعليمية والاهتمام بالفروق الفردية.

7.      تؤكد الواقعية على ضرورة أن تكون المادة الدراسية هي المحور المركزي في التربية وأن تسمح للمادة الدراسية للطالب بالوقوف على البنيان الفيزيائي والثقافي للعالم الذي يعيش فيه , وأن يكون محتوى المناهج يشمل العلوم الطبيعية بفروعها المختلفة من حيث المادة العلمية وأسلوبها في البحث.

8.      أن تكون طريقة التدريس ملائمة لشخصية المتعلم وإعداده للحياة وتؤدي إلى تكامل شخصيته.

9.      تسعى الواقعية إلى جعل الطالب أن يصبح شخصاً متسامحاً ومتوافقاً توافقاً حسناً وأن يكون منسجماً عقلياً وجسمياً مع البيئة المادية والثقافية.

10.        أن التربية بيد المعلم بوصفه ناقلاً للتراث الثقافي والمعلم هو الذي يحدد المعرفة في العملية التربوية فدور المعلم مساعدة الطلبة للوصول إلى الحقائق.

 

الانتقادات الموجهة إلى الفلسفة الواقعية:

1.     لم تهتم التربية الواقعية بالتلميذ وميوله ورغباته , اعتقاداً منها أن الرغبات والميول ما هي إلا أمور أو نزعات طارئة وعارضة وهي أشياء متغيرة. لكن الحقائق والأساسيات العملية التي يحتويها المنهج هي أمور جوهرية لأنها ثابتة غير متغيرة.

2.     اعتمدت الثنائية إذ قسمت العالم على مادة وصورة, وأهملت الجانب الروحي للإنسان, وهدفت الواقعية إلى التكيف مع البيئة المادية دون الروحية.

3.     أن هناك من الحقائق ما لا يمكن للعقل أن يصل إليها عن طريق أدواته المعروفة وبهذا يكون العقل قاصراً.

ثالثاً: الفلسفة التربوية البراجماتية 
 

 

ترتبط البرجماتية بالتراث الفلسفي اليوناني القديم والأوروبي الحديث, إذ عرفت بنحو غير متماسك ومحدد على أيدي السوفسطائيين, وعلى كل من أفلاطون وأرسطو, وأبيقور, وواجستين, وبيكون وجاليلو وبسكال وكانت وكومت ومل فقد كانت البراجماتية تعبر عن أسلوب الحياة أياً كان هذا الأسلوب.

 

والبرجماتية تؤمن بحقيقة التغير على الديمومة ونسبية قيم الطبيعة الإنسانية والبيولوجية للإنسان وبأهمية الديمقراطية كطريقة في الحياة , وأخيراً قيمة الإنسان الناقد في السلوك الإنساني كله.

 

دعت البرجماتية إلى أن تعود الفلسفة إلى وظيفتها الحقيقية التي كانت عليها في الماضي, وهي أن الفلسفة أسلوب حياة أو خطة عمل أو مشروع نشاط. ونادت البرجماتية بالخبرة ويمكن التخطيط للواقع والتغلب على مشكلاته لا بد من الخبرة وبهذا الصدد يقول ديوي (إذا جاز لنا أن نصوغ فلسفة التربية التي يقوم عليها ممارسات التربية الحديثة, فمن الممكن فيما أعتقد أن تكشف عن طائفة من الأسس المشتركة بين المدارس القائمة المختلفة).

 

ترفض البرجماتية أن تكون التربية عملية بث للمعرفة للطالب من أجل المعرفة إنما ترى أنها تساعد الطفل على مواجهة احتياجات البيئة البيولوجية الاجتماعية.

 

ويرى البرجماتيون أن التربية هي الحياة وليست إعداد للحياة , وأن واجب المدرسة كمؤسسة تربوية أن تستخدم مواقف الحياة في العملية التربوية , ويعرف جون ديوي التربية بأنها عملية مستمرة من إعداد بناء الخبرة بقصد توزيع محتواها الاجتماعي وتعميقه , وأن الفرد في الوقت نفسه يكتسب ضبطاً وتحكماً في الطرائق المتضمنة في العملية.

 

وتعد الفلسفة البرجماتية من أبرز الفلسفات التي ركزت على المتعلم والتي انعكست بصورة واضحة على تنظيم المنهج باعتبار أن الفلسفة تدخل في كل قرار مهم بالنسبة للمنهج والتدريس. والطالب في منظور البرجماتية ما هو إلا حزمة من نشاط الاتجاهات النظرية والمكتسبة للفعل, وأن نشاطه أساس كل تدريس وكل ما يفعله التدريس له أنه يوجه الطالب الذاتي وأن تعليم الطالب ليس ما ينبغي أن يتعلمه وإنما تشجيعه باتجاه معرفة نتيجة نشاطه الذهني والتجريبي.

 

والمهم في رأي البرجماتية في العملية التربوية التأكيد على أمرين الأول: العناية باهتمام الطالب والثاني: العناية بحب الاستطلاع لديه وذلك لأنهما يحفزانه على التعلم بصفة أساسية.

أما فيما يخص المعلم عند أصحاب هذه النظرية فإن وظيفته تكون في قدرته على تنظيم الخبرة وبيان الاتجاه الذي تسير فيه فضلاً عن قدرته على شحذ أذهان التلاميذ وهو بذلك يكون عوناً للحرية لا قيد لها.

 

والبرجماتية لم تجعل من المعلم محوراً للعملية التربوية ووظيفة المعلم من وجهة نظر البرجماتية ليس مجرد تدريس الأفراد , بل تكوين الحياة الاجتماعية الصحيحة.

 

وقد انعكست النظرية البرجماتية على المنهج وذلك باختيار الخبرات لكل فرد أو جماعة من الخبرات المناسبة التي تساعدهم أن يبنوا منهجاً عقلياً متكاملاً.

 

وأحد الأهداف الرئيسية في المنهج البراجماتي هو إقرار الدراسات ذات الطبيعة الحديثة والمعاصرة والمفيدة في إعداد الشباب لظروف المجتمع المتغيرة دوماً وخاصة ما يتعلق منها بالعمل والتعامل ودراسة المواقف بما تتضمنه من موضوعات وليس القراءة منها فحسب.

 

لا يفرق المنهج البرجماتي بين الفعاليات المنهجية وغير المنهجية , فكل ما يمر بخبرة التلميذ هو جزء من المنهج سواء أكان نشاطاً ترويحياً أم اجتماعياً أم عقلياً.

 

 

تلخيص واستنتاج:

·       ترى البرجماتية أن الإنسان كائن طبيعي يعيش في بيئة اجتماعية وبيولوجية ويستجيب إلى المثيرات البيولوجية والاجتماعية وهي ترفض كون الإنسان كائناً روحياً.

·       تؤمن بأن للإنسان طبيعة محايدة فهو لا خير ولا شر بفطرته وإنما لديه الاستعداد أن يكون هذا وذاك ويتوقف ذلك على نوع التربية التي تتاح له ولهذا تركز البرجماتية على المتعلم وتعده المحور الأساسي في بناء المنهج وتنفيذه, ولأن المتعلم محور العملية التعليمية فالبرجماتية ترفض التحديد السابق للمادة العلمية, وترفض التخطيط للعملية التعليمية ومراحلها مما يجعلها تعد تنظيم العملية التربوية مواد وفصول ودروس ويصل المتعلم إلى محتوى المادة التعليمية, ومن خلال خبراته الجديدة القائمة على خبراته السابقة وكذلك من خلال مجموعة من التفاعلات مع البيئة.

·       المعرفة عملية تفاعل بين الإنسان وبيئته, فالإنسان لا يقتصر على مجرد استقبال المعرفة, بل إنه يصنعها والحقيقة فيما يخص الإنسان ليست مستقلة عن الأفكار التي يقترحها بقصد تفسيرها والحقيقة نسبية وقابلة للتغيير وترى أن الطريقة السليمة هي أسلم وأفضل طريقة لاختيار الأفكار.

·       وتؤكد الخبرة الذاتية للفرد كوسيلة للعالم الخارجي وكذلك التعامل معه وترى أن مفهوم الصدق يطابق مفهوم النجاح والفاعلية تطابق المنفعة فكل ما يحقق فائدة عملية ويقود إلى تحقيق أهداف الفرد يعد صادقاً وصحيحاً وكل ما يحدث له بعد ذلك عملية تعلم واكتساب من خلال تاريخه الحضاري وتراثه وثقافته من خلال عملية التعليم المقصودة التي تتم نظامياً داخل المدرسة أو بطرق غير نظامية كالتعرض لأجهزة الإعلام المتنوعة والمتاحف والمعارض والأسفار إذن الإنسان لا يمكن عده محكوماً بحتمية بيولوجية فالتعلم والذكاء والتفكير وكل ما يسمى بالعمليات المعرفية تصنع من مؤثرات مدروسة ومقصودة خارج الفرد والبيئة والتربية تفرز أفراد متميزين بالضرورة وأن افتقار البيئة إلى هذه المميزات تؤدي بالضرورة إلى التخلف.

·       التربية هي الحياة وليست إعداد للحياة فالتربية السليمة هي تلك التي تحقق النمو المتكامل للإنسان وتقوم على سلسلة من الخبرات وتؤكد على الأهمية التربوية للعمل والممارسة, وأن تكون المدرسة مجتمعاً صغيراً كالمجتمع الكبير ومن هذا إن من العسير جداً النظر إلى المدرسة على أنها نسخة طبق الأصل من الحياة لأنها مؤسسة تعليمية مصطنعة محفوفة بالمخاطر والقيود ومختلفة عما تصادفه في الحياة بصفة عامة.

·       استبعدت البرجماتية الطرق الشكلية في التدريس واعتمدت على ميول الأطفال وخبراتهم وإثارة ميول جديدة وخبرات أكثر تنوعاً مع التأكيد على الفردية بين الأطفال واعتمدت طريقة النشاط.

·       الاهتمام بالطالب من النواحي الجسمية والعقلية والخلقية والاجتماعية والعمل على توفير كل الفرص الممكنة التي تشبع حاجات الطالب وتمكنه من التعبير عن ذاته وتأكيد حرية المتعلم في اتخاذ القرارات بشأن ما يتعلمه والذي هو ضروري لنمو الذكاء نمواً حراً كاملاً.

·       يتمثل دور المعلم البرجماتي في النصح والاستشارة وتنظيم ظروف الخبرة والإمكانات التي تساعد على تعلم الفرد وهذا يعني إهمال الكثير من طاقات المعلم وإمكاناته لأنه عنصر فاعل في العملية التعليمية مما يكسب العملية التربوية قدرة على بناء المتعلم وتعليمه.

 

الانتقادات التي وجهت إلى الفلسفة البرجماتية

1.     تركز البرجماتية على المتعلم وتعده المحور الأساس في بناء المنهج وتنفيذه وترفض الاتجاهات التربوية التقليدية التي اتخذت المادة الدراسية محوراً لها في بناء المنهج وتنفيذه , ولأن المتعلم محور العملية التعليمية وترفض البرجماتية التحديد السابق للمادة العلمية وترفض التخطيط للعملية التعليمية ومراحلها , مما يجعلخا تبتعد عن تنظيم العملية التربوية مواداً وفصولاً.

2.     تؤكد الخبرة الذاتية للفرد بوصفها وسيلة لمعرفة العالم الخارجي والتعامل معه, وترى أن مفهوم الصدق يطابق مفهوم النجاح والفاعلية تطابق المنفعة فكل ما يحقق فائدة عملية ويقود إلى تحقيق أهداف الفرد صادقاً وصحيحاً.

3.     أنها تؤكد النمو التلقائي للفرد بحكم العوامل الوراثية الحتمية والبيولوجية وتنظر إلى أهمية التراكم الكمي للخبرات الفردية في تكوين الشخصية. وعلى هذا الأساس تتعامل مع التربية بالانتقاء الاجتماعي والتوزيع وفقاً لقدرات الأفراد الطبيعية, ولا سيما الذكاء. وعليه لا يمكن بناء الشخصية المتكاملة بحكم إغفالها للتراث الحضاري والعوامل الاجتماعية والعوامل الأخرى تؤدي أثراً في بناء شخصية الإنسان وهذا يناقض منطق العلم , ويؤدي بالمتعلم إلى تشتت اتجاهاته.

4.            لا تتقيد التربية البرجماتية بمعايير روحية فليس في رأيها وجود سابق للقيم والمعايير الروحية , ولكنها تنشأ في أثناء القيام بالتجارب الناجحة , وتتولد في أثناء حل المشكلات المتنوعة. وترى أيضاً أن الخبرة الذاتية للفرد والنجاح الفردي هما الأساس للأخلاق , وليس تراكم التراث الثقافي للإنسانية , أو لمصلحة المجتمع وقيمته  , فهي بذلك ت}كد التنافس , وتنمي الفردية والنجاح الفردي والمنفعة والبقاء للأقوى.

5.     ولأن النظرية البرجماتية تركز على الجانب العملي لعملية التعليم فإن نشاط المتعلم وفاعليته في النشاط والمشروعات والوحدات التي خططها المتعلم وينفذها فهي بذلك تقدمه للمعرفة بدلاً من أن تقدم المعرفة له. وهذا سيؤدي إلى تحطيم التنظيم المنطقي للمادة العلمية , فضلاً عن أنها لا تقدم للتلاميذ إلا المعلومات الجزئية والسطحية ذات الهدف النفعي مما يؤدي إلى ضعف المستوى العلمي للتلاميذ.

6.     يتمثل دور المعلم البرجماتي في النصح والاستشارة وتنظيم ظروف الخبرة والإمكانات التي تساعد على تعلم الفرد. وهذا يعني إهمال الكثير من طاقات المعلم وإمكاناته وإبداعاته لأنه عنصر فاعل في العملية التعليمية مما يكسب العملية التربوية قدرة على بناء المتعلم وتعليمه.

7.     إن هذه النظرية ما هي إلا تعبير عن واقع المجتمع الأمريكي وتطوره الاقتصادي والاجتماعي في تطوره العلمي وتقدمه الصناعي , وهي محور القيم الحضارية والاجتماعية التي تؤكد الربح والنجاح , ونمو الروح الفردية والنزعة العلمية والواقعية والنفعية معبرة عن ازدهار الرأسمالية وقوة البرجوازية.

رابعاً: الفلسفة التربوية الوجودية 
نجد أن الفلسفة الوجودية تركز على النقاط التالية:

·       التأكيد على أن الوجود يسبق الماهية أي أن الوجود الإنساني قد سبق المعرفة.

·       تؤكد الوجودية على المظهر الروحي في الإنسان وهو الوعي أو الإدراك الشعوري وبالوعي تتحقق الذات وهي لا تهمل الجسم فالإنسان يجازف في الحياة من أجل خلق نفسه ومن أجل مسئولته الخاصة, وفي هذه الحالة لا بد من استعمال جسمه لكي يتمكن من هذه المواجهة, والجسم صلة الوصل بين الذات المفكرة والعالم الخارجي فالذات تفتح على العالم الخارجي من خلال الجسد وهو ما يسمى بالوجود في العالم.

·       الإنسان في نظر الوجودية هو مجموع أفعاله وتصرفاته وهو مسؤول مسؤولية كاملة لأنه حر يستطيع أن يختار تصرفات أخرى , والخير والشر في الطبيعة الإنسانية يقاس بمدى سلوك الإنسان وقدرته على مواجهة المواقف الحياتية ومدى نجاحه أو إخفاقه فيها, فالإنسان مواقف فبقدر نجاحه فيها يحقق ذاته أي بقدر ما يكون خيراً والعكس صحيح.

·       إن الهدف التربوي في نظر الوجودية هو تحقيق بناء الشخصية الواعية الحرة المسؤولة الملتزمة التي تحقق ذاتها من خلال مواقف الحياة التي يمر بها الإنسان والتي يعيشها ويعانيها.

·       المنهج الدراسي في نظر الوجودية هو الركيزة الأساسية التي عن طريقها يتحقق الهدف, وهذا المنهج يعالج المشكلات التي تتبناها هذه الفلسفة مثل العزلة والفردية والمعرفة وطبيعة المواد الدراسية وقضية القيم والمعرفة , ومن الموضوعات التي يحتويها المنهج الدراسي المواد التي ترتبط بالعالم الخارجي الذي هو مجال الحرية والممارسة والاختيار ففي طريق هذه المواد يستطيع الطالب أن يعرف العالم الخارجي لكي يحقق ذاته.

·       طريقة التدريس التي تعتمدها الوجودية هي طريقة الحوار , الطريقة السقراطية التي تمكن الطالب من تحقيق ذاته, ففي طريق الحوار يستثير المعلم التلاميذ ويدفعهم إلى البحث ومراجعة المعارف السابقة والمفاهيم الشائعة لكي يجد الطالب نفسه أمام المواقف.

·       وظيفة المعلم هي أن يثير ميل المتعلم وذكاءه ومشاعره , أي أن يساعد الطالب في مرحلته نحو تحقيق الذات , والمعلم بفضل قوة التزامه بالحرية والفردية يستطيع أن يؤكد حماسه لدى الطلبة تجاه المثل العليا لهذه الفلسفة.

 

الانتقادات التي وجهت إلى الفلسفة الوجودية:

1.     إذا كانت الوجودية قد شغلت نفسها بقضية الموت وقضية التناقض الداخلي فإنها لن تحل القضيتين ولن تصل إلى علاج ناجح للمشكاتين وقد أثر هذا في التربية الوجودية تأثيراً بالغاً, إذ إنها ما زالت تتأرجح بين القبول والرفض من الفلاسفة والمفكرين الوجوديين. والإنسان في الوجودية لا تعريف له يعيش الضياع والقلق والألم.

2.     إن الوجودية اتجهت وجهة فردية بحتة وأهملت الجانب الاجتماعي فحصرت اهتمامها فقط بالإنسان وفي وجوده المفرد.

3.     إنها فلسفة تشاؤمية ولهذا فهي تعارض تقدم البشرية ومستقبل الإنسان لديها مظلم.

خامساً: الفلسفة التربوية الماركسية (النظرية التطبيقية البوليتكنيكية
المبادئ الأساسية للفلسفة الماركسية تدور حول الأتي:

·       المادة هي الأصل في وجود الإنسان فالإنسان مجرد مادة ليس فيه روح ولذلك فقد ألغت الماركسية التقسيم الثنائي للطبيعة الإنسانية واعتبرت أن الطبيعة الإنسانية مكونة من مادة فقط وهذه الطبيعة ما دامت مادة فهي متغيرة.

·       العالم (الكون) حقيقة أساسية موجودة سواء أدركها الإنسان أم لا والعقل والطاقات الإنسانية الأخرى ما هي إلا وظائف لأشكال دقيقة ومعقدة للمادة والمادة ليست نتاجاً للعقل , بل نتاجاً للمادة.

·       أكدت أهمية الجماعة وكيفية نمو قيمة الفرد من خلالها , لأن مصلحة الفرد تتمثل في مصلحة الجماعة وكل اهتمامها موجه إلى المجتمع وهي بهذا تركز على المجتمع بدرجة أكبر من تركيزها على الفرد إذ إن التربية السوفيتية لا تعمل على غرسها وتربيتها أو تأكيدها.

·       تضمنت نظرية المنهج المبادئ العلمية الرئيسية لفرع الإنتاج , واستعمال آلات العمل العامة واحترام العمل والسعي إليه لكي يلعب الفرد دوراً نشيطاً في الإنتاج والتقدم التكنولوجي ويقبل أي عمل يوكل إليه.

·       ألغت الثنائية بين النظرية والتطبيق وجعلت العمل المنتج مصدراً أساسياً للمعرفة, فأصبحت المعرفة وظيفة لخدمة النتاج بذلك خالفت النظريات التي تركز على المعرفة كفاية في حد ذاتها.

·       اهتمت بالعمل وبنوعية النشاط خارج المدرسة بهدف إيجاد مخارج لميول التلاميذ الفردية وتنمية استعداداتهم ومواهبهم الشخصية ليظهروا قدراتهم الدقيقة ويشجعوا على الابتكار ويدربوا على البحث العلمي.

·       عمقت النظرة الإلحادية وأهملت الأديان وحرمت ممارسة طقوسها بهدف خلق الإنسان الملحد وذلك انعكاساً لفلسفتها الماركسية التي تقول أن الدين أفيون الشعوب.

·       التربية الماركسية تربية واسعة تشمل الجهاز الثقافي كله وتشمل جميع المؤسسات والهيئات التي تسهم في تربية الصغار وتزويدهم بالمعلومات.

·       الهدف التربوي في نظر الماركسية واحد لجميع المراحل وهي تؤكد ضرورة أن يكون الهدف تفهم العلم وتطويره وتسعى الأهداف التربوية إلى تكوين المواطن الشيوعي الجديد القادر على العمل والمساهمة في الإنتاج , وهي لا تميز بين الأهداف اليدوية والأهداف العقلية.

·       المنهج يتوزع بين شكلين, الشكل الأول بصفة أساسية على التطبيق للعلم وعلى تسخير المعرفة وتوظيفها للإنتاج أما الشكل الثاني فهو منهج علمي يجمع بين المعرفة والتطبيق ويوظف أساساً لخدمة الإنتاج والتنمية والمناهج تؤكد التراث الثقافي الذي حققه الإنسان.

·       طرائق التدريس متعددة منها طريقة التعلم بالعمل وطريقة نظم الأفكار لحل المشكلات.

 

الانتقادات التي وجهت لعدد من المفكرين والفلاسفة وإلى الفلسفة التربوية الماركسية:

لا تؤمن الماركسية بالذاتية أو بالفردية, فهي ترى أن الإنسان جزء من كل لا قيمة بمفرده , وأنه لا يستمد قسمته من المجتمع الذي يعيش فيه, والذي يهو جزء منه والماركسية لا تعترف بالجوانب الروحية للإنسان, بل تؤكد الجانب المادي وترى أن المادة وقوتها أي حركتها هي أصل العالم, وأن المخلوقات كلها تكونت بسبب حركتها ولذلك فهي تنكر الروح والعاطفة والمشاعر وكل ما له علاقة بعالم الروح وإن الإنسان يفنى حين الموت, فلا إيمان بوجود الخالق وبوجود دين وتعتقد أن الدين أفيون الشعوب.

 

المهام التي يدور حولها المنهج البوليتكنيكي بما يأتي:

1.     تزويد التلاميذ بالفروع الأساسية للإنتاج الحديث من حيث المعرفة العلمية والتكنولوجية والتنظيم.

2.     تزويد التلاميذ بالمبادئ العلمية العامة للإنتاج الاجتماعي.

3.     تزويدهم بالمهارات المهنية والتكنولوجية.

4.     إشراكهم بالعمل المنتج.

5.     العمل على زيادة فاعلية الجيل الصاعد. وتمكنه من القدرة على المشاركة في الإنتاج.

6.     أما منهج التعليم العام على مستوى المراحل التعليمية كلها من المدارس الابتدائية وحتى التعليم العالي فإنه يركز بصفة خاصة على الرياضيات والعلوم الطبيعية والمنهج العام لا يغفل العلوم الإنسانية. فالمنهج العام يجمع بين المعرفة والتطبيق ويوظف أساساً لخدمة الإنتاج.

 

استعملت الماركسية طرائق كثيرة في تنظيم المنهج فهناك طريقة نظم الأفكار وهي تقسيم المعرفة على مواد دراسية محددة مثل اللغة والحساب يحفظها التلاميذ ويتقدم التلميذ معرفياً, وتصبح المواد أكثر تخصصاً وتربط المواد فيما بينها , ويكون أثر المدرسة الربط بين هذه المواد. وهناك طريقة العودة إلى الأشياء الواقعية المحسوسة بدلاً عن الأنظمة الفكرية لأن قسماً من الأطفال ليست لديهم القدرة على الاستجابة للمعلومات المجددة. وهناك طريقة ثالثة هي طريقة المشكلات أي التركيز على مشكلات الأطفال وحاجاتهم.

سادساً: الفلسفة الوضعية المنطقية 
 

 

هي واحدة من المدارس الفلسفية التي ظهرت في القرن العشرين أسسها موريس شليك عام 1929 وضعت عدداً من العلماء والفلاسفة منهم رودلف كارتاب. وقد أطلق على جماعة فينا اسم الوضعية المنطقية وبسبب الحرب العالمية الثانية تشتت أعضاء جماعة فينا , فهاجروا إلى أنحاء مختلفة من العالم وحملت هذه الفلسفة أسماء منها: التجريبية العلمية , التجريبية المنطقية وحركة وحدة العلم والتجريبية الحديثة, والفلسفة التحليلية. ويجمع الوضعيون بمختلف نزعاتهم على نقاط أربع أساسية:

1.     أن المهمة الفلسفية تحليل لما يقول العلماء لا تفكير تأملي ينتهي بالفيلسوف إلى نتائج يصف بها الكون وماضيه.

2.     حذف الميتافيزيقيا من مجال الكلام المشروع لأن تحليل عباراتها الرئيسية تحليلاً منطقياً قد بين إنها عبارات لا معنى لها , أي إنها ليست بذات مدلول حتى يصح وصفها بالصواب والخطأ.

3.     اتفاقهم على نظرية هيوم في تحليل السببية تحليلاً يجعل العلاقة بين السبب والمسبب علاقة ارتباط في التجربة لا علاقة ضرورة عقلية.

4.     يتفق الوضعيون المنطقيون جميعاً على أن القضايا الرياضية , وقضايا المنطق الصورية تحصيل حاصل , لا تضيف للعلم الخارجي علماً جديداً فالقضية الرياضية 2+2=4 ما هي إلا تكرار لحقيقة واحدة رمزين مختلفين.

 

وهدف الوضعية المنطقية هي القيام بوظيفتين التركيز والتدريب لتتمكن من فهم مت يقصده العلماء , ثم توضيح ما تضمنته أقوالهم من حقائق مرجحة وبيانها.

 

ينظر الوضعيون المنطقيون إلى التربية على أنها فرع علمي يستعمل اللغة الإحصائية والإجراءات التجريبية في قبول أي نظرية أو ممارسة تربوية. ويعتقد شليك إن التربية عملية تعديل بدوافع الفرد, وخلق إنسان خير من إنسان شرير, وهي في الوقت نفسه عملية إكساب الفرد دوافع جديدة, تسعى إلى تنمية القيم المعرفية لدى الطالب وذلك من خلال تحويل القيم الانفعالية إلى قيم معرفية, وإلى تحقيق سعادته في ضوء المجتمع.

 

سعت المنطقية الوضعية إلى برمجة المواد الدراسية على شكل التعليم الآلي ونظرت إليه على أنه نوع من  التعليم الذاتي وبذلك فإنها تقف وراء هذا النوع من التعليم لأن بتقديراتها أنموذج من السلوك التعليمي الذي يمكن التثبت من صحته تجريبياً  وعلى هذا الأساس رأت المواد الدراسية التي يمكن برمجتها مواد مقبولة في المنهج الدراسي أما المواد التي لا يمكن برمجتها فهي مواد مرفوضة.

 

ويرى الوضعيون المنطقيون أن من الضروري أن تكون طرائق التدريس تطبيق أوسع للطرائق العلمية في معالجة المشكلات التربوية معالجة علمية , وأن تسعى طريقة المعلم في التدريس إلى وضع تعريفات لكل المصطلحات الأساسية وأن يحدد طريقة في التدريس في ضوء سلوك محدد وأن تكون حجرة الدراسة معملاً , وأن يجد سلسلة الحركات الذي يتكون منها التدريس, ويعين سلسلة الخطوات الضرورية لإحراز النجاح.

 

المبادئ الأساسية لهذه الفلسفة:

·       رفضت الوضعية المنطقية جميع الأسئلة الفلسفية المتعلقة بالميتافيزيقيا أو المعرفة  أو الأخرق, لان اهتمامها بالتحليل المنطقي فقط.

·       كل شيء لا يخضع للتجربة, والتحليل غير معترف به عند الوضعية المنطقية بما فيه الإنسان لأنها قضايا خالية من المعنى.

·       أكدت الفلسفة أن وظيفة الفلسفة وعملها هو تحليل المعرفة وخاصة المتعلقة بالعلم وأكدت أن المنهج المتبع هو تحليل لغة العلم.

·       أكدت الوضعية المنطقية الاتجاه العلمي ووحدة العلم.

·       التربية فرع علمي يستعمل اللغة الإحصائية والإجراءات التجريبية في قبول أي نظرية أو ممارسة تربوية.

·       تهدف إلى برمجة قسم من المواد الدراسية والأهداف تقع ضمن المادة الدراسية وتهدف إلى إكساب الفرد دوافع جديدة وصولاً إلى النمو العقلي والاجتماعي للفرد.

·       المواد التي يمكن برمجتها مواد مقبولة في المنهج الدراسي, واستعملت الوضعية المنطقية مناهج التحليل في المجال التربوي.

·       الطالب مجموعة دوافع, وأن هذه الدوافع محور سلوكه.

·       عمل المعلم في الوضعية المنطقية إثارة دوافع طلابه وإشباعها وتقديم المعلومات بأسلوب منطقي.

 

أما أهم الانتقادات الموجهة لهذه الفلسفة فتعزى إلى تناولها للغة يبدو متزمتاً ونظرياً بغير وعي, وتبين أن افتراضاتها قد أسرفت بالبساطة أكثر مما يجوز لها.

 

ومنهجها شديد التفصيل لكي تتناولها في نجاح اللغات في مجراها الذي ينقصه الإحكام الصوري, فإذا ما حصرنا أنفسنا في تحليل اللغات النموذجية المصطنعة وحدها أدى ذلك إلى تطبيق النتائج, وقد وجد فلاسفة التربية صعوبة كبرى في استعماله لحل مشكلات المدرسين.

 

سابعاً: النظرية الموسوعية للمنهج 
إن الجذور التاريخية لهذه النظرية تمتد إلى فكرة الحكمة الشاملة التي تتناولها دراسة الإله, والطبيعة والفن وقد عرفت هذه النظرية منذ عصر التنوير ويرى أصحابها أن كل إنسان يجب أن يتعلم تعليماً شاملاً ويشكل تشكيلا صحيحاً ويبنى بناء سليماً في الأمور جميعها التي تحقق كمال الطبيعة البشرية وتذهب النظرية إلى أن لإنسان بمقدوره السيطرة والتحكم في الطبيعة وقدرته على السيطرة والتحكم في ذاته, ولا سيما العقل الذي يعمل بطريقة صحيحة. وأن سعادة الإنسان تكمن في تطوير ذهنه لمعرفة الحقيقة بل لاكتشافها.

 

إن من مسلمات هذه الفلسفة هي أن كل إنسان يجب أن يتعلم تعلماً كاملا مثلما يجب أن يبنى بناء سليما حتى تكتمل طبيعته.

 

ومهمة التربية عند الموسوعيين الوصول إلى المعرفة الحقيقية إذ إن التربية تتضمن التعليم وهو بدوره يتضمن المعرفة بوصفها الحقيقة, والتعليم عند  كومنيوس هو الخالق الحقيقي للإنسان, فالإنسان يصبح إنساناً بجهود الإنسانية عندما يكون التعليم عملا جادا أكثر من كونه نقلا للمعلومات وتدريجا على المهارات.

 

يعد الهدف الأخلاقي من الأهداف الرئيسية لهذه النظرية إذ تؤكد ضرورة انتقاء الخبرات التعليمية التي توجه إلى النضج العقلي والتحكم في النفس واحترام الآخرين واحترام العلاقات الاجتماعية. ويوطد المنهج المضمون الإنساني, وتحسين العلاقات بين المدرسة والمجتمع, ويهدف المنهج الموسوعي إلى اكتساب المعرفة من أجل المعرفة في حد ذاتها, ومن أجل الانتفاع بها وإلى ضرورة إعداد التلاميذ مهنياً فنيا.

 

وأكد منهج هذه النظرية أن كل معارضة للعلم الحقيقي مفيدة ويجب أن تكون متضمنة في المنهج ومنها اللغات الأجنبية, والعلوم الطبيعية والمواد التطبيقية وفضلت على اللغات الكلاسيكية والدراسات الأوربية.

 

أما تنظيم المحتوى فيجب أن يقوم بتحديد مضمونه مجموعة من الخبراء الذين يعطون قيمة كبيرة للعقل والترتيب المنطقي للمواد الدراسية.

مظاهر الضعف في هذه النظرية:

1.     عدها التلميذ بمثابة مخزن كبير ينبغي أن يملىء بالحقائق والأفكار , وكلما زاد الحشو استفاد التلميذ قدراً أكبر عن المعرفة وهذا المنحى يبعد كثيراً عن الاتجاهات المعاصرة من فهم دور المخ خصوصاً النصفين الكرويين وبالتحديد القشرة المخية التي تقوم بتعميل ما سبق أن أدرك وعادة ما يفتقر عمل القشرة المخية هذا التعميل إذا ما كانت المرحلة المدخلة في صورة خطية (مرسل ومستقبل) فلا يحدث ما يسمى بالتغذية الراجعة إذ أن التغذية المرتجعة تؤدي إلى تعميل المدخلات ومن ثم المخرجات منها الكثير من الإبداع.

2.     عملية التقويم الختامية: لا تحسن الأداء التعليمي لأن الهدف منها وضع التلميذ في نهاية العام في وضع رتبي بالنسبة لغيره بينما يقوم التقويم المعاصر على مفهوم التقويم التكويني الذي يعني أساسا بتعديل مسار عملية التعليم وبحث مدى نمو التلميذ بالنسبة لنفسه وبمعدل هذا النمو ومن ثم يصبح التقويم هنا موازيا لمفهوم التربومتري الذي يهدف إلى قياس مدى نمو التلميذ بالنسبة لنفسه.

3.     وبالنسبة لهدف المنهج ويطلق على هذا النوع من القياس أو التقويم الاختبار محكي المرجع أما التقويم الختامي ذو مرة واحدة في نهاية العام فهو يقوم بالأداء ولا يعدل مسار العملية التعليمية , وكل ما يهتم به مقارنة التلميذ بغيره من التلاميذ ومن ثم يصبح التقويم هنا موازياً لمفهوم القياس النفسي ويطلق على هذا النوع من القياس أو التقويم أو الاختبار المعياري المرجع أي أن معيار الحكم هنا هو المجموعة التي ينتمي إليها التلاميذ في المدرسة.

ثامناً: النظرية الأساسية (الجوهرية) للتربية 
ظهرت هذه النظرية في أواخر العقد الثالث من القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية, وقد أكدت أن هناك أساسيات معينة في خبرة الجنس البشري يجب الحفاظ عليها , وعدم إهمالها في التربية وتأكيدها المعارف والحقائق والمهارات والقيم الأساسية في الثقافة والحياة, لذا سمي أصحاب هذه النظرية الأساسين.

أما موقف هذه النظرية من العملية التربوية والقضايا التربوية مثل أهداف التربية ومفهوم المنهج الدراسي وطبيعته, وعملية التدريس وطرقه, وأثر المدارس فيها, ووظيفة المدرسة في المجتمع, فيتجلى في نظرة هذه الفلسفة إلى أهداف التربية على أنها تسعى إلى تحقيق أغراض اجتماعية وفردية في آن واحد. فعليها أن تخدم الفرد والمجتمع معاً, وأن تسعى على الدوام إلى تحقيق التوافق والانسجام بينهما, وتنظر كذلك إلى المعلم على أنه مركز للعمليات التربوية فهو ممثل المجتمع ووكيله في عملية نقل المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم إلى الأجيال الناشئة. فالمعلم وسيط بين الأطفال والبالغين.

إن مهمة المعلم هو تيسير عملية الجمع والاتقاد والتفاعل بين التلميذ وتراث مجتمعه وأمته أو نقل الجزء الأساسي من هذا التراث المتراكم عبر العصور والأجيال إلى التلميذ ليتشبع بهذه القيم.

أما نظرتها إلى المنهج الدراسي فتتلخص في أنه سلسلة منظمة محددة مقدما من المواد والمقررات الدراسية ذات القيمة في التدريب العقلي, وتنمية المهارات والاتجاهات العقلية والخلقية, وفي نقل قيم المجتمع, والإعداد للمواطنة الصالحة.

أسس الفلسفة الجوهرية ونظريتها التربوية:

·       أول أهداف المنهج, تنمية العقل وتدريبه على التذكير والفهم والاستنتاج والتأمل وإتاحة الفرصة للمتعلمين للتفكير والتأمل في ميادين توصلهم إلى معرفة جواهر الأشياء وأساسياتها.

·       ويهدف أيضاً إلى مراعاة حاجات المجتمع الفنية والمهنية على أساس من الدراسة النظرية البحتة فقط, وكذلك تطبيع الفرد اجتماعياً على فلسفتها  وان يشمل هذا التطبيع على قيم وحقائق يشترك الناس فيها جميعا.

·       ويشتمل المنهج الجوهري على المعرفة والمعلومات التي تساعد التلميذ على معرفة تراثه الاجتماعي وتحقيق تكيفه مع العالم الذي يعيش فيه وتعده للمستقبل وتحتل دراسة الدين والأخلاق مكانة مهمة في صلب المنهج الدراسي وكذلك علم النفس والمنطق والأدب والموسيقى والفنون للمهارات الحسابية.

·       وتعتقد الجوهرية بأن مضمون المنهج ثابت لا يتغير , لذا ينبغي وضع المنهج قبل الدراسة.

·       تؤكد نظرية المنهج الجوهرية استعمال طرق تدريس وأساليب ووسائل مختلفة واستعمال مهارات الاتصال الشفوية والكتابة وتؤكد الحفظ والاستظهار والفهم والملاحظة عن طريق المحاضرة والمناقشة.

تاسعاً: فلسفة التربية الإسلامية 
إن مصدري الفلسفة الإسلامية هما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة , وهما الإلهام الأعظم للحضارة الإسلامية الرائعة.

لقد كان التكامل في نظرية المعرفة الواردة في الآيات القرآنية ذات أثر كبير وواضح في حركة الفلسفة ونتاج العلماء من السلف الصالح. فقد أنتجت هذه المعرفة في العلوم المتنوعة منها العلوم العقلية نحو الرياضيات والفيزياء والكيمياء والمنطق فضلاً عن علم الدين والعقيدة والتفسير والفقه والحديث.

يقدم القرآن الكريم آيات كثيرة يمكن أن نستنتج منها فلسفة تربوية. فالإيمان بالله هو أساس كل ما عداه. ولذلك نجده مذكوراً في القرآن الكريم في آيات تزيد على (763) آية والكلمة الجامعة للعقيدة هي لا إله إلا لله محمد رسول الله وبها يتحقق شرط الإسلام , وهي تثبيت الألوهية والتوحيد المطلق لله.

 التربية الإسلامية:

تمتلك التربية الإسلامية منهجاً كاملا للحياة والنظام التعليمي ومكوناته لأنها:

·       تضم مناحي الإنسان جميعاً, ولا تؤثر ناحية على ناحية أخرى ,أو جانب على جانب مما يدخل تحت مفهوم الإنسان.

·       تتناول الحياة الدنيا والحياة الآخرة على قدم المساواة, ولا تهتم بواحدة منها على حساب الأخرى.

·       تعنى بالإنسان في كل مرافق حياته, وتنمي لديه العلاقات التي تربطه بالآخرين, ولا تقتصر على علاقة واحدة أو جانب واحد فقط بل تهتم بالعلاقات كلها وتؤكدها وهذا يحقق التكامل والتوازن في الشخصية.

·       مستمرة تبدأ منذ أن يتكون الإنسان في بطن أمه إلى أن تنتهي حياته على الأرض. ثم تشمل ألوانا من التربية المقصودة وغير المقصودة و وتعليما ذاتياً, وتشارك في بناء شخصية الإنسان فمؤسسات المجتمع جميعا تقوم على التربية, وبوظيفة التربية وكل أفراد المجتمع يؤدون الأثر نفسه, منهم إما معلمون أو متعلمون فالحياة كلها تربي الإنسان, وليس المعلم وحده هو المربي, ولا في المدرسة وحدها يتربى الإنسان.

·       إن منهج التربية الإسلامية حين طبق بتكامله وشموله واتزانه خرج للحياة أناسا هم الأحياء الذين لم يكونوا زهاد قط, بل كان لهم نصيب من الدنيا تماما كما كان لهم نصيب من الآخرة.

 أهداف التربية الإسلامية:

أهداف عامة:

وظيفة الإنسان في الأرض هي عبادة الله إذ جاء في قوله تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” وان معنى العبادة هي غاية الوجود الإنساني أو التي هي وظيفة الإنسان الأولى, أوسع وأشمل من مجرد الشعائر, وأن وظيفته الخاصة داخله في مدلول العبادة قطعاً وأن حقيقة العبادة تتمثل في أمرين رئيسين:

الأول: هو استقرار معنى العبودية لله في النفس , أي استقرار الشعور على أن هناك عبداً يعبد ورباً يعبد.

الثاني: هو التوجه إلى الله بكل حركة في الضمير ,وكل حركة عن كل شعور ومن كل معنى غير معنى التعبد لله.

 

أهداف خاصة:

1.     تكوين الإنسان العابد الصالح, وذلك من خلال إعداد الشخصية المتكاملة الموحدة لله , والمؤمنة به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر, والقضاء خيره وشره مع التمسك بأركان الإسلام والسلوك وفقاً لها في السر والعلن مع الفرد والجماعة.

2.     تربية الإنسان العابد بأبعاده الجسمية والروحية والخلقية والنفسية المختلفة، لأن الطبيعة الإنسانية في نظر القرآن الكريم تشمل هذه الأبعاد جميعاً فالتربية القرآنية تقوم على أساس الواقع المادي والروحي للإنسان دون الاقتصار على جانب واحد فقط.

 

المعلم والتلميذ في الفلسفة الإسلامية:

لقد عني فلاسفة الإسلام بالكتابة عن العالم والمتعلم, أو المعلم والتلميذ, وما لهما من حقوق, وما عليهما من واجبات, وكتبوا كثيراً عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل منهما. فقد كتب النمري والقرطبي في كتابهما (جامع العلم وفضله) عن آداب العالم والمتعلم. وكذلك كتب الغزالي في كتابيه (فاتحة العلوم, وإحياء علوم الدين) وقد حظي المعلم بالتقديس والتبجيل, وجعله في منزلة تلي منزلة الأنبياء وهنالك أربعة أنواع من شخصية المعلم فهو (إما حال طلب واكتساب أو حال تحصيل يغني عن السؤال أو حال استبصار وهو التفكير في المحصل والتمتع به وحال تبصير وهو أشرف الأحوال).

 

ويضع الغزالي للمعلم آداباً وشروطاً مع عظم المسؤولية , ويذكر الآداب والواجبات التي هي عبارة عن وظائف ما يأتي:

1.     الشفقة على المتعلمين.

2.     أن يكون تعليمهم دون مقابل.

3.     أن لا يدخر في تصح المتعلم شيئاً.

4.     زجر المتعلم عن سوء الخلق بطريقة التعريض ما أمكن.

5.     أن لا يفرض على الطالب اتجاه المعلم وميله.

6.     أن يتعامل مع المتعلم على قدر فهمه.

7.     التعلم مع المتعلم بجلاء ووضوح.

8.     أن يكون المعلم عاملاً بعلمه.

 

أما المتعلم فقد اهتم الغزالي به اهتماماً خاصاً وقد وضع مواصفات هذا لمتعلم بالأمور التالية:

1.     تقديم مهارة النفس على رذائل الأخلاق ومذموم الصفات.

2.     التقليل ما أمكن من الاشتغال بالدنيا.

3.     أن لا يتكبر على المعلم ولا يتأخر على العلم.

4.     على المبتدىْ ألا يخوض أو يصغي إلى اختلاف الناس.

5.     ألا يدع طالب العلم فناً من العلوم المحمودة ولا نوعاً من أنواعها إلا وينظر فيه.

6.     ألا يخوض في فن حتى يستوفي الفن الذي قبله.

7.     أن يعرف السبب الذي به يدرك أشرف العلوم.

8.     أن يكون قصد المتعلم في الحال تحلية باطنه وتجميله بالفضيلة.

9.     أن يعلم نسبة العلوم إلى المقصد.

 

طرائق التدريس:

استعمل المسلمون أساليب عديدة منها:

1.     القدوة الحسنة.

2.     الموعظة والنصح.

3.     التربية بالملاحقة.

4.     الثواب والعقاب.

5.     المحاورة والمناقشة.

6.     التدريس بالعادة والممارسة العملية.

أسس المنهاج 
 

يتحدد ميدان المنهاج بثلاث اتجاهات رئيسية تمثل الأسس التي يقوم عليها بناء المنهج وهذه الاتجاهات هي:

 

الأول: ويرى أن التلميذ أو المتعلم هو محور بناء المنهج , وهذا الاتجاه يجعل من المتعلم وقدراته وميوله وخبراته السابقة أساساً لاختيار محتوى المنهج وتنظيمه , وهذا الاتجاه يمثل الأساس النفسي للمنهج.

 

الثاني: ويرى أن المعرفة هي محور بناء المنهج , وبهذا الاتجاه يجعل من المعرفة الغاية التي لا يماثلها شيء في الأهمية حيث توجه كافة الجهود والإمكانات لصب المعلومات في عقول التلاميذ بصورة تقليدية. وهذا يعني عدم إعطاء أي اعتبار لإمكانيات التلميذ أو ميوله أو خبراته السابقة, مما يجعل مهمة المعلم تقتصر على نقل المعرفة من الكتب إلى عقول التلاميذ, وهذا الاتجاه يمثل الأساس المعرفي للمنهج.

 

الثالث: ويرى أن المجتمع هو محور بناء المنهج وهذا الاتجاه يركز على ما يريده المجتمع بكل حاجاته وفلسفته وثقافته, وهو يمثل الأساس الفلسفي والاجتماعي للمنهج. وبالنظر إلى هذه الاتجاهات الثلاثة وما تمثله من أسس للمنهج يلاحظ ما يلي:

1.     إن أسس المنهج غير منفصلة وإنما هي متكاملة ومتفاعلة مع بعضها تفاعلاً عضوياً.

2.     إن أسس المنهج ليست ثابتة وإنما هي متغيرة في ضوء الأفكار الجديدة الناتجة عن البحث سواء ما يتعلق منه بالمتعلم وقدراته وعملياته المعرفية أو بطبيعة المعرفة وأسلوب تنظيمها أو بطبيعة المجتمع ومستجداته.

3.     إن أسس المنهج واحدة ولكنها مختلفة في طبيعتها من مجتمع إلى آخر نتيجة لتباين المجتمعات واختلاف تركيبها وفلسفتها وحاجاتها ونظرتها إلى المتعلم والدور المطلوب منه ونظرتها إلى المعرفة وتنظيمها , ومما يؤكد ذلك اختلاف المناهج الدراسية في بلدان العالم.

 

ومما سبق نستطيع القول أن أسس المنهج هي: أسس فلسفية, اجتماعية, نفسية, معرفية.

 

أولاً: الأسس الفلسفية للمنهج 
 

 

الفلسفة التربوية تنبثق عن فلسفة المجتمع ,وتعمل المدرسة على خدمة المجتمع عن طريق صياغة مناهجها وطرق تدريسها في ضوء فلسفة التربية وفلسفة المجتمع معاً.

 

تهدف فلسفة المجتمع إلى تحقيق فهم أفضل لفكرة الحياة وتكوين المثل الشاملة حولها, وحتى يستطيع المجتمع المحافظة على فلسفتها ونشرها فلا بد له من الاعتماد على فلسفة تربوية خاصة به تكون بمثابة الوسيلة لتحقيق الأفكار والمثل والقيم والمعتقدات التي يؤمن بها ويحرص على تطبيقها في الحياة.ومن هنا نستطيع معرفة العلاقة الوثيقة بين التربية والفلسفة فكل فيلسوف لا بد له من تربية حتى تنشر أفكاره ومعتقداته فلقد قيل بأن الفلسفة والتربية وجهين لعملة واحدة,وأن رجال التربية هم فلاسفة مثل أفلاطون وابن الرشد والغزالي والفارابي وأرسطو وغيرهم.

تعريف فلسفة التربية: هي التطبيق للنظريات والأفكار الفلسفية المتصلة بالحياة في ميدان التربية وتنظيمها في منهج خاص من أجل تحقيق الأهداف التربوية المرغوب فيها.

 

الفلسفات التربوية:

لقد ظهرت في ميدان التربية عدة مدارس فلسفية كان أساسها الخبرة التعليمية الناتجة عن التفاعل بين التلميذ والبيئة التي يستطيع أن يستجيب إليها ولكل مدرسة فلسفية رأيها في بناء المنهج الدراسي وسنتطرق إلى الفلسفة الأساسية أو التقليدية,والفلسفة التقدمية.

 

الفلسفة الأساسية أو التقليدية أو الجوهرية

أي مجتمع يملك في مراحل تطوره تراثاً من المعرفة والمهارات والاتجاهات والقيم نتيجة لتراكم المعرفة عبر القرون وترى هذه الفلسفة أن التربية هي عملية حفظ ونقل التراث الاجتماعي ,وـأن الوظيفة الأساسية للمدرسة باعتبارها وكيلة عن المجتمع في تربية الأبناء هي نقل التراث الثقافي إليهم من الآباء ووضعه في قالب تربوي مبسط. وتؤكد هذه الفلسفة على أهمية حصول الأطفال على أساسيات المعرفة لاعتقادها أن حصولهم عليها أكثر أهمية لهم من إرضاء دوافعهم أو إخصاب خبراتهم.

 

v      الفلسفة التقدمية:

تتضمن هذه الفلسفة مدارس تربوية متعددة, بعضها يرى أن كل شؤون التربية تدور حول الطفل, وأن واجب المدرسة هو إطلاق وتنمية مواهبه وقدراته,وبعضها يرى أن وظيفة التربية تدور حول مشكلات المجتمع,وتحسين مستوى المعيشة فيه وبعضها يوازن بين حاجات الفرد وحاجات المجتمع.

 

أثر الفلسفة التقدمية:

لقد أثرت الفلسفة التقدمية على المناهج التقليدية معلى الفلاسفة التقليديين لدرجة أن بعض أنصار الفلسفة التقليدية نادى بوجوب الجمع بين المحافظة على التراث الاجتماعي وبين السير وفق مقتضيات التغيير الاجتماعي وحاجات الطلاب,كما أدت هذه الفلسفة على تقليص عدد المدارس التي يقتصر نشاطها على تلقين المعلومات وإلى ظهور نوعين من المدارس هما:

1.      المدارس التقليدية المعدلة: ومناهج هذه المدارس عبارة عن مواد دراسية مفصلة وتعطي المدرسين حرية في اختيار طرق التدريس والسماح للتلاميذ بنشاط محدود.

2.      المدارس الثنائية: ومناهج هذه المدارس مواد مقررة من المواد الأساسية بالإضافة إلى نشاطات إضافية للمنهج تمارس في غير أوقات الدراسة بحيث يخصص نصف الوقت المدرسي للنشاطات ويخصص النصف الآخر لدراسة المواد الدراسة التقليدية.

 

النقد الذي وجه للفلسفة التقدمية:

ومن بين المنتقدين وليم باجلي حيث قال في نقده ما يلي:

·       أن الطفل الذي تعلم وفق طرق الفلسفة الحديثة لا يستطيع أن يجاري طفلاً آخر تعلم بالطرق التقليدية في المواد الدراسية المختلفة.

·       الطرق التعليمية الحديثة كانت لينة إلى درجة أدت إلى انتشار الجرائم الخطيرة بين الشباب.

·       لقد أدى الاهتمام بميول وحاجات التلاميذ ومنحهم الكثير من الحريات غير المحدودة والاعتماد الكبير على خبراتهم إلى تكوين اتجاهات خطيرة أضعفت المستويات الثقافية والأخلاقية العامة في المجتمع.

 

التوفيق بين الفلسفتين الأساسية, التقدمية:

لقد قال بعض المربين أمثال ديوي بإمكانية التوفيق بينهما, أي بين إشباع حاجات وميول الأطفال والشباب, وخدمة حاجات البيئة والمجتمع بوجه عام وبين استمرار الاهتمام والعناية بالتراث البشري.

 

ثانياً: الأسس الاجتماعية للمنهج 

مفهوم الأسس الاجتماعية

هي القوى الاجتماعية المؤثرة في وضع المنهج وتنفيذه وتتمثل في التراث الثقافي للمجتمع والقيم والمبادئ التي تسوده والحاجات والمشكلات التي يهدف إلى حلها والأهداف التي يحرص على تحقيقها. وهذه القوى تشكل ملامح الفلسفة الاجتماعية أو النظام الاجتماعي لأي مجتمع من المجتمعات وفي ضوئها تحدد فلسفة التربية التي بدورها تحدد محتوى المنهج وتنظيمه وإستراتيجيات التدريس والوسائل والأنشطة التي تعمل كلها في إطار متسق لبلوغ الأهداف الاجتماعية المرغوب في تحقيقها

وهذه القوى تشكل ملامح الفلسفة الاجتماعية أو النظام الاجتماعي لأي مجتمع من المجتمعات, وفي ضوئها تحدد فلسفة التربية التي بدورها تحدد محتوى المنهج وتنظيمه واستراتيجيات التدريس والوسائل والأنشطة التي تعمل كلها في إطار متسق لبلوغ الأهداف الاجتماعية المرغوب في تحقيقها.

فدور المنهج هو أن يعكس مقومات الفلسفة الاجتماعية يحولها إلى سلوك يمارسه التلاميذ بما يتفق مع متطلبات الحياة في المجتمع بجوانبها المختلفة, ولما كانت المدرسة بطبيعة نشأتها مؤسسة اجتماعية أقامها المجتمع من أجل استمراره وإعداد الأفراد للقيام بمسؤولياتهم فيه, فمن الطبيعي تتأثر بالمجتمع والظروف المحيطة به. ومعنى ذلك أن القوى الاجتماعية التي يعكسها منهج ما في مدرسة ما إنما هي تعبير عن المجتمع في مرحلة ما, ولذلك تختلف المناهج من حيث الشكل والمنطق من مجتمع لآخر تبعاً لتباين تلك القوى.

 

ولتحديد العلاقة بين المنهج والظروف الاجتماعية للمجتمع فلا بد من توضيح ما يلي:

·       علاقة المنهج بالوظيفة الاجتماعية لمدرسة.

·       علاقة المنهج بواقع المجتمع (مبادؤه وقيمه ومشكلاته).

·       علاقة المنهج بالواقع الثقافي للمجتمع.

 

1. المنهج والوظيفة الاجتماعية للمدرس.

كانت تربية الأبناء قبل إنشاء المدارس بيد الآباء ورجال الدين وكان الأطفال يتعلمون عن طريق تقليد الكبار ونتيجة لتضخم التراث البشري وصعوبة تقليد الصغار للكبار نشأت الحاجة للمدارس.

 

فالمدرسة مؤسسة اجتماعية تعمل على تحقيق أهداف المجتمع والمحافظة عليها من خلال مسئوليتها بتربية التلاميذ وإعدادهم بالمعلومات والاتجاهات والقيم اللازمة لهم في الحياة.

 

ولقد تميز القرن العشرين بازدياد إشراف الدول على التعليم لدرجة أن معظم الدساتير الحديثة تتضمن مواداً تتعلق بالتعليم من حيث تخطيطه وتنظيمه وتمويله, كما توسعت الدول في فتح المدارس من أجل المحافظة على التراث الثقافي للمجتمع وإعداد المواطنين بما يتفق وخصائص المجتمع وأهدافه, وهو مما يجب أن يقوم به المنهج ويعمل على تحقيقه.

 

فالمدرسة لا تعمل في فراغ وإنما لها علاقة بكل مؤسسات المجتمع من الأسرة, المؤسسات الدينية, وسائل الإعلام, مؤسسات أخرى مثل السينما والمسرح والأندية والجمعيات والمعارض والمكتبات والمتاحف.

 

2. علاقة المنهج بواقع المجتمع:

إن الوظيفة الأولى للمدرسة هي إعداد الناشئة للمحافظة على القيم والمبادئ الأساسية السائدة في المجتمع فمن واجب القائمين على تخطيط المنهج تحليل هذه القيم والمبادئ للتمكن من وضع منهاج تربوي يساير الأوضاع الاجتماعية ويلبي احتياجاتها. وانطلاقاً من أهمية التعليم كقوة فاعلة في تحقيق الأهداف التي يسعى إليها كل مجتمع فقد أصبح وظيفة عامة تشرف عليها الدولة, وهذا ما دفع معظم الدول الحديثة إلى جعل التعليم مجانياً وإلزامياً لفترة من الوقت المنهج يقوم على أساسين هما:

·       فهم الأهداف الاجتماعية فهماً عميقاً والعمل على تلبيتها.

·       قيام المدارس بدور إيجابي في مساعدة التلاميذ على تحليل وفهم تلك الأهداف وتنفيذها

 

3. المنهج والواقع الثقافي للمجتمع:

من أول واجبات المدرسة تزويد التلاميذ بالقدر المناسب من ثقافة مجتمعهم الذي يعيشون فيه, ولا بد لمعرفة العلاقة بين المنهج المدرسي وثقافة المجتمع من توضيح مفهوم الثقافة وما أصابه من تطور.

فالثقافة – أو التراث الثقافي– هي طريقة الحياة الكلية للمجتمع بجوانبها الفكرية والمادية وتشمل الثقافة اللغة وأسلوب تناول الطعام وارتداء الملابس والعادات والتقاليد والمعارف العلمية والنظم العائلية والاقتصادية والسياسية, ومما يعتنقه الناس من قيم دينية وخلقية وآراء سياسية وغيرها من أساليب الحياة.

 

وقد نتج عن هذا التطور في مفهوم الثقافة تغير في مفهوم المنهج فبعد أن كانت المناهج تتناول الجانب الفكري المعرفي من حياة المجتمع أصبحت تتناول أوجه الحياة التي تؤثر في الفرد والمجتمع.

 

عناصر الثقافة: لقد قسمت إلى ثلاث أقسام:

1.     العموميات: ذلك الجزء من الثقافة التي يشترك فيها معظم أبناء المجتمع وتشمل اللغة والملبس والمأكل وأساليب التحية والمعتقدات والقيم.

2.     الخصوصيات: هي الأنماط السلوكية والعادات والتقاليد المتعلقة بجماعة معينة وتقسم الخصوصيات إلى نوعين:

أ. الخصوصيات المهنية.      ب. الخصوصيات الطبقية.

3.     البديلات والبدائل: هي الأنماط الثقافية التي لا تنتمي للعموميات أو الخصوصيات ولا يشترك فيها إلا عدد قليل نسبياً من أفراد المجتمع, وهي لا تقتصر على جماعة معينة أو طبقة خاصة.

 

خصائص الثقافة هي:

·       إنسانية أي خاصة بالإنسان فالإنسان هو المخلوق الوحيد القادر على بناء ثقافة خاصة به.

·       مكتسبة: أي الثقافة سلوك يتعلمه الأفراد وينقلونه من جيل إلى جيل,فالإنسان لا يبدأ ثقافته من العدم, وإنما يبنيها من النقطة التي انتهت إليها الأجيال السابقة.

·       قابلة للانتقال: الإنسان وحده هو القادر على نقل ما تعلمه إلى الأجيال المعاصرة واللاحقة سواء في مجتمعه أو في غيره من المجتمعات.

·       اجتماعية: تمتاز الثقافة بأنها عادات اجتماعية مشتركة بين أفراد جماعة معينة أو مجتمع معين وهي بذلك تضمن نوعاً من التوافق والوحدة بين الأفراد.

·       مشبعة لحاجات الإنسان: فالثقافة تشبع حاجات الفرد البيولوجية والنفسية وقصور الثقافة عن إشباع هذه الحاجات يؤدي إلى انحلالها والقضاء عليها ومن واجب المنهج أن يلبي هذه الحاجات ويعمل على إشباعها.

·       متطورة ومتغيرة: تمتاز الثقافة بأنها في نمو مستمر وتغير دائم,سواء في عمومياتها أو خصوصياتها نتيجة للبدائل التي تدخلها ولا سيما إذا أثبتت هذه البدائل قدرتها على إشباع حاجات الأفراد.

·       متكاملة: وتعني وجود قدر من التكامل والانسجام بين عناصر الثقافة المختلفة بحيث إذا انعدم هذا التكامل سبب اضطراباً للفرد وفقد المجتمع تماسكه ومن واجب المنهج أن يكون متكاملاً في محتواه وعناصره حتى يحقق تكامل الثقافة.

 

فوظيفة المدرسة يجب أن تشمل التعريف بالتراث الثقافي للمجتمع وبالخبرات التربوية التي تدور حول المشكلات التي تواجه الطلاب في حياتهم.

ثالثاً: الأسس النفسية للمنهج 
 هي المبادئ النفسية التي توصل إليها دراسات وبحوث علم النفس حول طبيعة المتعلم وخصائص نموه وحاجاته وميوله وقدراته واستعداداته وحول طبيعة التعلم التي يجب مراعاتها عند وضع المنهج وتنفيذه.

ومن المعروف أن محور العملية التربوية هو الطالب الذي تهدف إلى تنميته وتربيته عن طريق تغيير وتعديل سلوكه, ووظيفة المنهج هي إحداث هذا التغيير في السلوك يقول علماء النفس التربوي: أن السلوك هو محصلة عاملين هما الوراثة والبيئة, ومن تفاعل الوراثة وما ينتج عنها من نمو مع البيئة ومع ما ينتح عنها من تعلم يحدث السلوك الذي نرغب فيه في الطالب المتعلم.لذلك لا بد من مراعاة أسس النمو ومراحله عند موضع المنهاج.

 

تفصيل علاقة المنهج بكل من:

أولاً: طبيعة الطالب المتعلم.

ثانياً: طبيعة عميلة التعلم.

 

أولاً – علاقة المنهج بطبيعة المتعلم:

معرفة طبيعة الإنسان المتعلم أمر أساسي في وضع المنهج وتنفيذه لأن المتعلم هو محور العملية التعليمية ,وإن تقديم أي خبرات تعليمية له دون معرفة مسبقة بخصائصه وحاجاته وميوله ومشكلاته تؤدي إلى الفشل في بلوغ الأهداف التي يرمي إليها المنهج.

ومن أهم النظريات التي تحدثت عن الطبيعة الإنسانية ما يلي:

1.     النظرية الثنائية للطبيعة الإنسانية: وتعود هذه النظرية إلى المفكرين اليونانيين الذين قالوا أن الطبيعة الإنسانية تنقسم إلى جسم وعقل, وترى أن المعرفة النظرية التي يحصل عليها العقل عن طريق التأمل والتذكر أسمى من المعرفة التي تتم عن طريق تفاعل الإنسان مع البيئة التي يعيش فيها. وقد ترتب على هذه النظرية اهتمام المدرسة بالنواحي النظرية العقلية دون اهتمامها بالنواحي الجسمية وما تتطلبه من نشاط وعمل.غير أن التربية الحديثة أثبتت خطأ هذه النظرية واعتبرت الإنسان وحدة متكاملة مما يعني عدم جواز الفصل بين نموه العقلي والاجتماعي والعاطفي.

2.     نظرية الاختزان العقلي: الإنسان يولد وعقله صفحة بيضاء كمخزن أو وعاء وأن واجب المدرسة يتمثل في ملئه بالتراث والخبرات الإنسانية المتنوعة وهذه النظرية ترى أن المتعلم ليس إلا نجرد مستقبل للمادة الدراسية التي يقدمها المعلم باعتباره مسؤولاً عن ملء عقل المتعلم بالتراث الثقافي سواء أكان مفيداً للتلميذ أو غير مفيد.

ولكن علم النفس أثبت خطأ هذه النظرية, وأكد أن الإنسان يولد ولديه استعدادات تنمو عن طريق تفاعله مع البيئة, وأنه لا يتعلم إلا إذا كان عاملاً فعالاً وليس مجرد مستقبل لما يقدم له من معرفة, كما أنه لا يتعلم إلا ما يعتقد انه مفيد لحياته.

3.     نظرية التدريب العقلي: سيطرت هذه النظرية على الفكر التربوي عدة قرون وترى أن عقل الإنسان يتألف من مجموعة من الملكات تستقل كل منها عن الأخرى مثل ملكة التفكير والذاكرة وغيرها وأن هذه الملكات تدرب بالمواد الدراسية التي تناسبها ولذلك نظمت المناهج المدرسية على أساس اشتمالها على المواد اللازمة لتدريب هذه الملكات فالتاريخ يدرب ملكة الذاكرة,والعلوم تدرب ملكة التحليل غير إن علم النفس اثبت خطأ هذه النظرية نظراً لصعوبة الفصل بين الجسم والعقل حيث أن كلاً منهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه.

4.     نظرية الغرائز: تقول هذه النظرية أن الطبيعة الإنسانية تسيطر عليها غريزة واحدة أو مجموعة غرائز ولكن الأبحاث النفسية أثبتت أن طبيعة الإنسان متغيرة متطورة تسعى دائماً إلى تكييف نفسها حسب الظروف وأنها قادرة على التحسن والتقدم.

المنهج ونمو المتعلمين:

يعرف النمو بأنه مجموع التغيرات التي تحدث في جوانب شخصية الإنسان الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والتي تظهر من خلالها إمكانيات الإنسان واستعداداته الكامنة على شكل قدرات أو مهارات أو خصائص. ودور التربية تقديم المساعدة لكل فرد لينمو وفق قدراته واستعداداته نمواً موجهاً نحو ما يرجوه المجتمع وما يهدف إليه, ويهتم المربون بشكل عام ومخططو المهج بشكل خاص بما توصلت إليه الأبحاث حول سيكولوجية نمو الفرد من أجل مراعاة خصائص النمو في المراحل التعليمية المختلفة.

ويتأثر نمو الأفراد بعدد من العوامل التي قد تزيد من سرعته أو تقلل منه أو تعوقه ومن أهم هذه العوامل النضج والتعلم إضافة إلى عوامل أخرى كالوارثة ولإفرازات الغدد ولا سيما الغدد الصماء ونوع التغذية ومقدارها والظروف الصحية والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الإنسان, ونوع انفعالاته وقوتها, وقد أظهرت الأبحاث النفسية أن النضج والتعلم يمثلان عاملين متكاملين يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر به, فمن واجب المنهج أن يأخذ بعين الاعتبار نضج المتعلم ونموه, وأن يكون متطوراً نامياً باستمرار حتى يواكب استمرار نمو الإنسان ونضجه في المراحل العمرية المتعاقبة.

مبادئ وأسس النمو:

أظهرت الدراسات النفسية أن هناك مبادئ وأسساً عامة للنمو ينبغي أن تراعى في وضع المنهج وهي تتمثل فيما يلي:

 

1.     النمو يتأثر بالبيئة: عملية النمو لا تتم من تلقاء نفسها, وإنما تتوقف على ظروف البيئة التي يعيش فيها الإنسان سواء أكانت بيئة طبيعية أو اجتماعية فالبيئة الصالحة تساعد على النمو السليم في حين أن البيئة الفاسدة تعيقه.

2.     النمو يشمل جميع نواحي شخصية الإنسان: يجب أن يهتم المنهج بجميع جوانب النمو في شخصية التلميذ باعتبارها أجزاء متكاملة بدلاً من العناية بجانب واحد على حساب الجوانب الأخرى.

3.     النمو عملية مستمرة: ينمو الإنسان نمواً تدريجياً متصلاً فالتغيرات التي تحدث للفرد في حاضره لها جذورها في ماضيه وهي تؤثر بدورها فيما يحدث له من تغيرات في مستقبله ومنم واجب المنهج في ضوء ذلك أن يقدم خبرات مترابطة ومتدرجة تستند على خبرات التلاميذ السابقة وتؤدي إلى اكتساب خبرات أخرى في المستقبل فعلى سبيل المثال لا يجوز أن ينتقل المنهج بالطفل من المدرسة الابتدائية إلى المدرسة الإعدادية انتقالاً مفاجئاً غير متدرج.

4.     النمو عملية فردية: مبدأ الفروق الفروق الفردية موجود بين التلاميذ في مظاهر النمو المختلفة ولهذا فان من واجب المنهج أن يراعي هذه الفروق بين التلاميذ كما يلي:

·        أن ينوع المنهج من أنشطته حتى يجد كل تلميذ النشاط الملائم له.

·        أن يوفر خبرات مرنة تتيح لكل تلميذ أن ينمو وفقاً لظروفه الخاصة.

·        أن ينوع من طرق التدريس وأساليبه بحيث تناسب استعدادات التلاميذ وقدراتهم.

·        أن يتيح أمام التلاميذ فرصاً أكبر للنجاح لأنه شيء أدعى للنجاح من النجاح نفسه.

·        أن يوفر توجيهاً دراسياً ومهنياً ونفسياً لكل تلميذ في ضوء استعداداته وميوله وظروفه الخاصة.

 

إن الاهتمام بمراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ ليس معناه عدم وجود خصائص مشتركة بينهم في كل مرحلة من مراحل نموهم فالواقع أن هناك قدراً كبيراً من النواحي المشتركة بين الأطفال في كل مرحلة, وهو الذي يمكننا من وضع الخطط والمستويات العامة والتدريس إليهم كجماعات.

5.     يتأثر النمو بالمواقف الاجتماعية التي يعيشها الفرد: تتكون البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد من عوامل لا حصر لها ومن بينها المطالب التي يفرضها على الفرد والداه واخوته وزملاؤه ومدرسوه والجماعات يضعون معايير للتعلم والتكيف والنمو ينبغي إن يصل إليها التلميذ حتى يستمتع بوجوده في الجماعة الاجتماعية التي يعد جزءاً منها وهي ما تسمى بمطالب النمو.

أهمية دراسة مطالب النمو

1ـ أنها توضح أنواع المشكلات التي يحاول المتعلم حلها بمساعدة المدرسة أو بدونها.

2ـ أنها تبين المجالات التي يجب أن يحقق فيها المتعلم كفاءة ليعيش بنجاح في المجتمع الحديث.

3ـ أنها دليل هام لتتابع الأنشطة المدرسية وتقديم الخبرات التي تلائم مراحل النمو المختلفة.

 ثانياً: علاقة المنهج بطبيعة التعلم

الهدف من العملية التربوية ووسائلها المختلفة هو تعديل السلوك الإنساني في ضوء أهداف معينة ويستلزم هذا التعديل تعلماً ويعرف بأنه النشاط العقلي الذي يمارس فيه الفرد نوعاً معيناً من الخبرة الجديدة التي لم يسبق أن مر بها. كما يعرف بأنه تغيير أو تعديل في سلوك الكائن الحي الناتج عن قيامه بإشباع حاجة من الحاجات.

ومن نتائج عملية التعلم ما يحصله الفرد من معلومات أو مهارة أو طريقة تفكير أو اتجاه أو قيمة اجتماعية ونستدل على حدوث التعلم من خلال ما نلاحظه من تغير في سلوك الفرد نتيجة لخضوعه لموقف تعليمي معين, فالتعلم لا يمكن ملاحظته مباشرة وإنما نستدل عليه من خلال ما يظهر على السلوك من تغير أما التعلم فهو العملية التي من خلالها نساعد الفرد على اكتساب الخبرات الصالحة بأبسط طريقة ممكنة.

نجد أن مفهوم التعلم قد تطور تطوراً كبيراً إلا أنه يمكن أن يميز بين ثلاثة مفاهيم للتعلم هي:

1. التعلم كتحصيل للمعرفة والمهارات وهذا مفهوم ضيق للتعلم لا يتلائم مع المجتمع.

2. التعلم كتدريب عقلي وهذا المفهوم يجعل العقل سالباً فهو يقبل الأفكار ولا يبتدعها.

3. التعلم كتغير في السلوك نتيجة تفاعل الفرد مع البيئة التي يعيش فيها وهو المفهوم الصحيح للتعلم.

أسس التعلم وانعكاساتها عل المنهج:

تتمثل المبادئ التي ينبغي مراعاتها في تخطيط المنهج بما يلي:

1.     يتعلم التلاميذ بشكل أفضل إذا كان العلم ملائماً لمستوى نضجهم: ينبغي عند وضع المنهج دراسة مستوى نضج التلاميذ بحيث لا يثقل عليهم في موضوعاته أو مجالات نشاطه.

2.     يكون التعلم أكثر كفاية حين يرتبط بأغراض وواقع التلميذ: وتنفيذاً لهذا الأساس يجب على المنهج أن يدرس رغبات التلاميذ وحاجاتهم وميولهم ويعمل على تلبيتها حتى يكون لما يتعلمونه معنى وقيمة لديهم.

3.     النمو والتعلم عمليتان مستمرتان: ينمو التلاميذ ويتعلمون قبل دخولهم المدرسة, ويستمرون في تعلمهم خارجها بعد دخولهم فيها فمن واجب المنهج أن يربط بين ما يتعلمه التلاميذ في المدرسة وبين ما سبق لهم أن تعلموه قبل دخولهم فيها,وعليه أن يربط بين حياتهم خارج المدرسة وداخلها بحيث تكون الخبرات التي يشتغل عليها مرتبطة ومتكاملة مما يحقق استمرار النمو والتعلم في آن واحد.

4.     يختلف كل تلميذ عن الآخر في سرعة تعلمه: هناك فروقاً فردية بين التلاميذ, فمن ناحية المنهاج يجب توفير خبرات تناسب المستويات المختلفة للتلاميذ,كما أن عليها أن تعيد النظر في نظام الامتحانات وطرق التدريس بما يتلاءم مع تباين التلاميذ واختلافهم في التعلم.

5.     يتعلم التلميذ عدة أشياء في آن واحد: من واجب المنهج أن ينمي أشياء عديدة في التلميذ في الموقف التعليمي الواحد وهذا المبدأ يأخذ به أصحاب نظرية الجشتالت ويراعونه في المنهج, وهو ما يميزهم عن أصحاب النظرية السلوكية.

6.     يتعلم التلميذ بطريقة أفضل نتيجة الخبرات المتصلة بالحياة: أفضل المواقف التعليمية هي التي يشترك فيها التلاميذ مباشرة تحت إشراف مدرسهم ولا سيما أسلوب حل المشكلات وهذا الأسلوب يعد أحدث نظرية في التعلم وتبدأ المشكلة عندما ترتبط رغبة شديدة أو حاجة ملحة يريد الإنسان الوصول إليه.

فالمنهج الناجح هو الذي يثير دافعيه التلاميذ لتحقيق أهدافهم وينمي فيهم أسلوب حل المشكلات وعلى هذا المنهج أن يشتمل على خبرات ترتبط بحياة التلاميذ وبمشكلاتهم الحقيقية التي يواجهونها.

7.     انتقال أثر التعلم: يتم انتقال أثر التعلم عندما توجد علاقة بين تعلمنا السابق وبين المواقف الجديدة التي تواجهنا ومن أبرز النظريات التي تناولت انتقال أثر التعلم ما يلي:

·        نظرية العناصر المشتركة: وترى إن انتقال أثر التعلم يحدث نتيجة وجود عناصر مشتركة بين ما تعلمناه وبين المواقف الجديدة التي نريد تعلمها.

·        نظرية التعميم: وترى أن انتقال اثر التعلم يحدث عندما يعمم المتعلم خبرته السابقة ويطبقها في مواقف جديدة.

·        نظرية الجشتالت: وترى أن انتقال أثر التعلم يحدث حينما يدرك المتعلم الموقف ككل وليس كأجزاء متفرقة.

·        التمرين: التمرين هام في تعلم المهارات الجسمية وهو وحده لا يكفي إذ يجب أن ينبع التعلم من خبرات ذات هدف ومعنى بالنسبة للمتعلم وتقل الحاجة إلى التمرين كلما رافق التعلم خبرة مباشرة ومن المبادئ الهامة التي يجب مراعاتها في التمرين ما يلي:

·        تقل الحاجة إلى التمرين كلما رافق التعلم خبرة مباشرة كالتجارب والعمل بالورش أو المعامل.

·        يجب أن يدرك المتعلم الهدف من التمرين.

·        التمرين الموزع أكثر فائدة من التمرين المتصل.

·        ضرورة ربط الجزئيات بالكل الذي ينتمي إليه وضرورة التدرب على الكل قبل التدرب على جزئياته.

·        ضرورة الترابط والتكامل بين طبيعة عمل التعلم وخصائصها وبين أبعادها المتمثلة في الطالب المتعلم باعتباره محور عملية التعلم والمنهج باعتباره يمثل الخبرات التي تقدم للمتعلم والمعلم باعتباره الشخص الذي يوصل بأسلوبه الخبرات إلى المتعلم.

رابعاً: الأسس المعرفية للمنهج 
 الذكاء من المميزات الأساسية للإنسان والمعرفة هي نتاج هذا الذكاء ولما كانت المعرفة أساسية في النمو الإنساني حيث لا ينمو بدونها فقد اعتبرت أحد أهداف التربية الرئيسية كما اعتبرت أساساً هاماً من الأسس التي يجب أن يراعيها المنهج الدراسي.

فواضع المنهج لا بد أن يسأل نفسه الأسئلة التالية:

·       ما طبيعة المعرفة التي يجب أن يشتمل عليها المنهج ؟

·       ما مصادر الحصول عليها ؟

·       كيف يمكن للمنهج أن يحققها؟

·       ما هي أنواع المعارف التي لها قيمة تعليمية وتسهم في تحقيق الأهداف العامة للتربية التي يعمل المنهج على تحقيقها ؟

 المنهج وطبيعة المعرفة:

تتوقف طريقة التعلم والتعليم ومحتواها إلى درجة كبيرة على ما يفهمه الفرد من ماهية المعرفة ومن التعريفات التي ذكرت للمعرفة: أنها مجموعة المعاني والمعتقدات والأحكام والمفاهيم والتصورات الفكرية التي تتكون لدى الإنسان نتيجة لمحاولاته المتكررة لفهم الظواهر والأشياء المحيطة به وتتفاوت في طبيعتها فهي:

1.     معرفة مباشرة وغير مباشرة: عندما نقول عن إنسان أنه يعرف أن المعادن تتمدد بالحرارة فإن ذلك يعني أن معرفته تمت عن خبرة مباشرة أي عن علم ودراية,أما عندما نقول عن إنسان آخر أنه يعرف عن تمدد المعادن بالحرارة فإن معرفته هذه تمت بواسطة وسائل أو طرق غير مباشرة مثل الكتاب المدرسي أو غيره أي أن معرفته وصفية.ومن واجب المنهج أن يهتم بالمعارف المباشرة دون أن يهمل المعارف الغير مباشرة فالمنهج الواقعي يجب أن يتضمن كلا النوعين من المعرفة ويهتم بهما.

2.     المعرفة ذاتية وموضوعية: المعرفة هي نوع من العلاقة بين الإنسان العارف والشيء المعروف وأن نوع المعرفة هو الذي يعكس طبيعة العارف والمعروف وقد اختلف فلاسفة نظرية المعرفة حول ما إذا كانت المعرفة ذاتية أم موضوعية فمنهم من قال أن المعرفة ذاتية ومنهم من قال إنها موضوعية والبعض الآخر قال إنها ذاتية وموضوعية وهو القول الأرجح فالمعرفة نسبية حتى في العلوم الطبيعية أي لا توجد هناك معرفة مطلقة.

 المنهج ومصادر المعرفة:

1.  الحواس: هي مرشد أساسي نحو الحقيقة والمعرفة التي تتم عن طريق الحواس هي معرفة أصيلة لأن منافذ المعرفة على العالم الخارجي هي حواس الإنسان.فمن واجب المنهج وواضعه الاهتمام بحواس التلاميذ واستخدامها نظراً لوجود علاقة طردية بين كثيرة استخدامها في الحصول على المعرفة وبين زيادة سهولة المعرفة ومن واجبه أيضاً الإكثار من استخدام الوسائل الحسية المعنية التي تساعد التلاميذ على تحقيق تعلم نافع لهم.

2. العقل: وهو مصدر ثان من مصادر المعرفة ويقصد به عملية التفكير التي يقوم بها الإنسان وترتبط عملية التفكير ارتباطاً بالإدراك الحسي لأن محتوى إدراك الإنسان يتوقف على العمليات العقلية مثل التوقعات والذاكرة.ومن واجب المنهج والمعلم الاهتمام بالتفكير العقلي للتلاميذ والاهتمام بتوجيه مدركاتهم الحسية عن طريق الفهم العقلي.

3.  الحدس: ليس نوعاً من الإدراك الحسي فالمعرفة التي تتم عن طريق الحدس هي معرفة ذاتية مباشرة ولا تأتي نتيجة تفكير منتظم فالحدس شكل من أشكال التعلم الذاتي لأن التعلم يحدث مباشرة من الداخل دون وسيط. فعلى المربين أن ينظروا إلى الحدس كمصدر للمعرفة له تأثيره في طريقة تدريسهم ومن واجب المنهج تشجيع التعلم الذاتي عند التلاميذ وتنميته بالوسائل المناسبة.

4. التقاليد: وهي ما خلفه السلف من الآباء والأجداد من تراث ثقافي كاللغة والدين والأخلاق وهذه المعرفة التي خلفها لنا الآباء والأجداد يتم استقبالها عن طريق العقل والحواس معا ًفالتقاليد بشكل خاص هي مصدر معرفة السلوك والأخلاق. ومن المسائل التربوية التي يدور حولها الجدل والنقاش مسألة ما يعطي من قيمة للمعرفة التقليدية وموقف المدرسة منها فالبعض يؤكد أن عمل المدرسة الأساسي هو نقل التراث الثقافي باعتباره المعرفة اللازمة للتلاميذ في حين يرفض البعض الآخر التقاليد ويعتبرها معرفة غير نافعة على أساس أن المعرفة النافعة في رأيهم هي التي تكون أصيلة نابعة من مصادر أولية وليست متوارثة عن السابقين. فمن واجب المنهج يتمثل في التنسيق بين المعرفة التقليدية والمعرفة الأصلية على أن تستخدم المعرفة الأصلية لتأكيد المعرفة التقليدية ومنحها الحيوية اللازمة وتستخدم المعرفة التقليدية كأساس لمساعدة وإنماء المعرفة الأصلية الضرورية.

5.الوجود ويقصد بالوجود الخبرة الذاتية والعمل التي تتحقق بواسطتهما المعرفة عند الإنسان ومن واجب المنهج أن يهتم بالخبرات الذاتية للتلاميذ وبتوفير فرص التعلم بشكل مناسب وواسع لهم.

6.  الوحي والإلهام: وتتم عن طريق وحي الله سبحانه وتعالى إلى أشخاص مختارين         هم الأنبياء والرسل فالإلهام يعد هبة خاصة من الله لمن يشاء من عباده.

 

وهذه المعرفة لا نستطيع أن ننميها في المناهج وإنما نأخذها كما هي دون أي تدخل فيها ويكتفي بتفسيرها وبيان مقاصدها فمن واجب المنهج أن يعد التلاميذ للعمل بالمعرفة الملهمة من عند الله واحترامها واستقبالها يشكل طاعة وقدسية.

 

لا بد للمنهج أن يهتم بالمعرفة الحسية ,والمعرفة العقلية,والمعرفة التقليدية,والمعرفة الوجودية أو العملية ,والمعرفة الملهمة بشكل يؤكد وحدة المعرفة وتكاملها.

 

المنهج وخصائص المجال المعرفي:

لكل مجال خاصيتان أساسيتان هما:

·       حصيلة من المعلومات

·       طريقة متخصصة في البحث واكتساب المعرفة.

 

وحصيلة المعلومات في أي مجال معرفي تقسم إلى أربعة مستويات هي:

1- الحقائق النوعية:

وهي حقائق جزئية صغيرة تتطلب عمليات ومهارات محددة مثل قولنا أن بيروت عاصمة لبنان فمثل هذه الحقيقة هي على أبسط مستويات التجريد.والحقائق النوعية تعد معرفة ميته, وأن إتقانها لا يؤدي إلى أفكار جديدة ومن واجب المنهج أن يختار التفاصيل التي يدرسها التلاميذ بعناية وأن يربط بينها على نحو يساعد على تفسيرها في إطار الأفكار التي تخدمها.

 

2- الأفكار الأساسية أو الرئيسية:

تمثل الأفكار والمبادئ والقوانين بنية المادة الدراسية ومن أمثلتها القوانين الطبيعية والمبادئ الرياضية, ومن واجب المنهاج أن يجعل هذه الأفكار محور اهتمامه بحيث يتعلمها كل تلميذ في المستويات التعليمية المختلفة.

 

3- المفاهيم:

هي أنساق معقدة من أفكار مجردة تتكون من خلال خبرات أو مواد دراسية متتابعة مثل مفهوم الديمقراطية والتغير الاجتماعي ومفهوم الفئة في الرياضيات والعينة في الإحصاءات أو في مناهج البحث.

والمنهج يتألف من مفاهيم متدرجة يتلقاها التلاميذ في صفوفهم المختلفة على التوالي بحيث ينمو المفهوم شيئاً فشيئاً وما يصل التلميذ إلى مرحلة دراسية متقدمة حتى يزداد المفهوم تعمقاً وتجريداً.

 

4- الأنساق الفكرية أو التركيب:

تمثل المواد الدراسية أنظمة فكرية تتكون من مفاهيم توجه طريق التفكير فهي تحدد الأسئلة التي تطرح وأنواع الإجابة التي تبحث عنها والطرق التي نستخدمها للوصول إلى المعرفة, ومن واجب المنهج أن يبني بشكل يؤدي فيه التعلم إلى التفكير المنظم عند التلاميذ, وعليه أن يؤكد على التنسيق بين المحتوى الدراسي وطريقة التدريس على نحو يؤدي إلى تنمية الأنساق الفكرية عند الدارسين.

 

 

المنهج وحقول المعرفة:

تتمثل حقول المعرفة في الأمور التالية:

1. العلوم الرمزية وتشمل:

·       اللغات وهي وسائل رمزية تحمل معان مفهومة يتفق الناس عليها.

·       الرياضيات وهي أرقام تحمل معان ذات دلالة.

·       الفنون التعبيرية التي تعبر عن الأشياء بمعان متفق عليها.

·       واجب المنهج أن يمثل هذه العلوم بلغة سليمة ورياضيات صحيحة وفنون تعبيرية حتى يتسنى للتلاميذ الاستفادة منها معنى وهدفاً.

2. العلوم التذوقية وتشمل الموسيقى والفنون التوضيحية والأدب والشعر.

3. العلوم الأخلاقية وهي تتعلق بالقيم الأخلاقية التي تحدد معارف الناس وسلوكهم في الحياة.

4. العلوم التجريبية وتشمل العلوم الفيزيائية والكيميائية والحيوانية والنباتية والعلوم الإنسانية.

5. العلوم الجامعة وتشمل الدين والفلسفة والتاريخ وهذه العلوم تعتمد في طرائقها على العلوم الأخرى وإن كان لكل علم منها طريقة تتحدد بحسب طبيعته فالتاريخ مثلاً له بعد خاص يرتبط بحوادث معينة ووظيفته تحليل الحوادث وتفسيرها من خلال تعاونه مع العلوم الأخرى.

 

أما الدين فهو قمة المعرفة الأساسية للبشر وله مصدران الوحي والعقل المدرك للأشياء التي خلقها الله تعالى والتي تقودنا إلى إدراك عظمة الخالق سبحانه وتعالى والإيمان به.

ومن واجب المنهج أن يشمل هذه العلوم ويحقق الترابط والتكامل فبما بينها على نحو يؤدي إلى وحدة المعرفة التي تقدم للتلاميذ.

الخاتمة 
إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان وجعله على الأرض ,وهو يتعلم من تجاربه في حياته يعيش الصراع مع نفسه تارةً ومع الطبيعة تارةً أخرى فهو يقوم بتهذيب نفسه ويطوع موارد الطبيعة لكي يحافظ على بقائه وحياته وفي كل هذه الحالات فهو يتعلم ويعلم أبنائه على كيفية التعامل مع الطبيعة التي يعيش فيها , فعليه أن يأكل ويلبس ويتقي شر البرد والحر ويوفر لنفسه وعائلته الأمان , الإنسان عليه أن يجرب حتى يتعلم,يجرب ويكرر أحياناً حتى يصل في النهاية إلى الشيء الذي يريده.

 

فكما نعلم أن التعليم في المجتمعات البدائية كان بالتلقين وبتقليد الصغار للكبار يتعلم الأولاد ما يقوم به الكبار ويحافظون على العادات والتقاليد وأنماط الثقافة الموجودة عند آبائهم وأجدادهم

ولكن عندما تقدمت المجتمعات وكبرت وضمت أعداد كبيرة من البشر أصبحت أنماطهم الثقافية وعاداتهم وتقاليدهم كبيرة لا يمكن أن يتم الاحتفاظ بها كما في المجتمعات السابقة فظهرت الحاجة للمدارس أو لمؤسسات تقوم بمهمة نقل التراث الثقافي للأولاد وحتى يتم المحافظة عليه من الزوال, ولقد أرتبط وجود المدارس أو المؤسسات المعنية بمهمة تعليم الأبناء بوجود الحكومات وكان ذلك عندما استوطن الناس على ضفاف الأنهار كدجلة والفرات والنيل وظهور الحضارات,كما في حضارة وادي الرافدين, وحضارة وادي النيل, والحضارة اليونانية, والحضارة الرومانية.

 

إذ تعد هذه الحضارات من أكثر حضارات العالم قدماً وأسهمت بشكل فاعل في تطور التربية وازدهار التعليم القديم والذي امتدت جذوره إلى العصر الحديث وما الحديث المعاصر إلا نتيجة لتراكم الخبرات بما سجله الإنسان في التاريخ ليتطور على نحو حديث وعصري.

 

فالتعليم ونقل الخبرات هذه كان يتم عبر المنهج الذي يتم تدريسه للأبناء من أجل الهدف الذي يسعون له وهو نقل الخبرات للأبناء والحفاظ على التراث وإعداد الأبناء للحياة.

 

فنحن نعرف أن كل سلوك هادف ورائه فكرة تحركه فالتربية يحركها الفكر التربوي والتربية عمادها المنهج.

 

فعندما يكون المنهج متطوراً ومنفتحاً ومتمشياً مع ما يتطلبه العصر من تغير في إعداد شخصية الأولاد كلما كان هذا المنهج عملياً وعقلانياً , ويؤدي بالضرورة إلى رقي المجتمع ووضعه في مصاف المجتمعات المتقدمة التي لا تستطيع بلادنا العربية الوصول إلى مستواها, فالتاريخ مليئ بالأحداث التي تؤكد هذا الكلام حيث أن ألمانيا  عندما هزمت على يد نابليون لم تجد غير المعلم والطالب وسيلة للنهوض من هزيمتها وعندما انتصرت قال بسمارك لقد انتصر المعلم الألماني ,وهذه اليابان أيضاً عندما هزتها أمريكا بالقنبلتين الذريتين فلقد وجدت مخرجها من أزمتها المعلم والتلميذ والتركيز على نوعية التعليم حتى أصبحت من كبرى الدول الصناعية فالتاريخ ملىء بالتجارب التي تستحق منا وقفةً عندها علنا نضع أقدامنا على أول الطريق الصحيح الذي نبدأ من خلاله بنهضة صحيحة فهذه النهضة لا تأتي من فراغ بل من فكر صحيح يوجهها وهذا الفكر لا يأتي إلا بتربية صحيحة وهذه التربية الصحيحة تعتمد على أساس قوي يوجهها ويدعمها ألا وهو المنهج الذي يعتبر العهود الفقري للتربية.

 

الجميع في الوطن العربي يتكلم عن الإصلاح والتصحيح والتغيير والنهضة ولكن للأسف الشديد لا يوجد على أرض الواقع أي تغير ملموس يبشر بالخير أو يعطي أمل بإمكانية الارتقاء بهذه الأمة إلى مصاف الأمم المتطورة أو العودة بها إلى أمجادها,فهذه الأمة (أمة اقرأ) التي خصها الله سبحانه وتعالى بهذه الميزة فكانت أول كلمة في رسالتنا السماوية(اقرأ)

ونحن الآن أبعد الناس عن القراءة.

 

فالتعليم لا يعني فقط كما يعتقد عدد غير قليل من الناس هو قراءة المنهاج أو تدريسه فالمعلم يجب أن يربط بين ما يعلمه لتلاميذه في غرفة الصف نظرياً وبين التطبيق العملي في المجتمع الخارجي أو البيئة التي يعيش فيها التلميذ حتى لا يشعر بالفصل بين ما يتعلمه وبين ما يعيشه على أرض الواقع.

 

فالمعلم هو العنصر الأساسي في تطوير المنهج فيجب إعداده بالطريقة المناسبة للتمشي مع المفهوم الحديث للمنهج, وهذا يعود للجامعات والكليات التي تختص بإعداد المعلمين الذين يتعاملون مع التلاميذ في مراحل حياتهم المختلفة والذين لهم الدور الأكبر في التأثير على هؤلاء التلاميذ ,وبالتأكيد سنلحظ التغير على مستوى المجتمع بأكمله عندما نعد أطفال أو طلاب إعداداً كاملاً لشخصياتهم مع المحافظة على القيم والعادات والتقاليد الجيدة التي هي من واقع ديننا  ومناسباً لواقعهم ومتمشياً مع متطلبات التطور والتقدم ومتمشياً مع تحدي التكنولوجيا ومتطلبات العصر الموجودة في العلم من حولنا ,كل هذه الأمور يجب إن يحتويها المنهاج ويركز عليها علنا نخرج بنتيجة إيجابية ترضي طموحنا كأمة كانت في الماضي لها القيادة والريادة.

 

 

المراجع:

 

المنهاج التربوي بين الأصالة والمعاصرة (د.اسحق أحمد فرحان,د.احمد بلقيس, د.توفيق مرعي).

  • المنهج بين النظرية والتطبيق (دكتور راتب عاشور).
  • المنهاج التربوية المعاصرة (دكتور مروان أبو حويح).
  • المناهج (دكتور حلمي أحمد الوكيل, دكتور محمد أمين المفتي).
  • فلسفة المنهج الدراسي (د. زينب حسن الشمري, د.عصام حسن الدليمي).

 

مضمون قد يهمك
أضف تعليقا