بحث عن أضرار التدخين

قسم: أبحاث علمية بحث عن أضرار التدخين » بواسطة محمود الاسوانى - 1 يناير 2022

أضرار التدخين

إن أول الدواهي التي ربما يقع فيها الإنسان إذا فشل في إيجاد علاقة حسنة بين زوجته ووالديه هي: “عادة التدخين” إذ قد يظن المدخن أن السيجارة قد تخفف من آلامه، وهمومه، لكثرة النفخ فيها، أو لانصراف تفكيره عما هو فيه إلى مراقبة دخان السيجارة؛ كيف يدخل إلى جوفه ثم يخرج منه؛ بهذا المنظر الذي يشبه الضباب الكثيف الذي يسبق تساقط الثلوج، أيام الشتاء الباردة.

وبدلاً من أن يستعد، ويعد العدة لاستقبال البرد القارص الذي ينتظره، يمضي الوقت بمشاهدة منظر الضباب، وعندما تتساقط الثلوج يبدأ بالانتفاض من شدة البرد، دون أن يجد شيئاً يحميه منه.

وكذا حال المدخن؛ فإنه ينصرف عن همومه بمراقبة دخان سيجارته حتى تتفاقم مشكلته وتتعقد دون أن يفكر في حل لها، وعندما ينتبه يجد أن الحل قد استعصى، إضافة إلى أن صحته قد تدهورت، بسبب الدخان، ولكنه لا يستطيع أن يقلع عنه؛ لأنه يكون قد أدمن عليه.

تمهيــــد:

اكتشفت شجرة التبغ باكتشاف أمريكا سنة 1492 إذ لاحظ المكتشفون أن الهنود الحمر يجتمعون حول النار، ويضعون عليها بعض الحشائش التي تنبعث منها رائحة أخّاذة. وهذا يدلنا على أن عادة التدخين ليست تقدماً وإنما هي عادةُ قوم بدائيين.

وقام المكتشفون باصطحابها معهم إلى بلادهم الأصلية، فاستعملوها وزرعوها واستنبتوها، ولم يعرفوا أنها تؤدي إلى الإدمان إلا بعد فوات الأوان، فاضطروا لاصطحابها معهم في حلهم وترحالهم.

ونتيجة لهذا الإدمان، والسفر فقد فكروا في وسيلة تغنيهم عن جمع الحطب الكثير، ووضع الكثير من هذه الشجرة على النار، فقاموا بتجفيفها، ووضعها في أكياس، وأصبحوا يلفونها بالورق ويشعلون بها النار، ظناً منهم أنهم قد بلغوا غاية التوفير، وما عرفوا أن هذه العادة ستكون وبالاً على العالم بأسره، وفي غاية الإسراف والتبذير، إذ لاحظ الجميع سرعة انتشار هذه العادة بين الناس إلى حد ملفت للنظر..

 

الأضرار الناتجة عن هذا الاختراع

إن استنشاق الرائحة عند الهنود الحمر له ضرره، ولكنه لا يتجاوز خياشيم الإنسان، ولكن هذا التطور في هذه الصناعة أضاف لها الأضرار التالية:

1- إن المدخن لا يكتفي بإدخال الدخان إلى الفم فحسب لكنه صار يدخله إلى الجوف والرئتين، متجاوزاً الحلقوم والقصبات الهوائية مما يسبب أضراراً أكثر.

2- إن التبغ أصبح يلف بالورق، واشتعال الورق له أضرار إضافية حين يحترق ويدخل إلى الجوف.

3- إشعال السيجارة بالكبريت له أضرار شديدة على جسم الإنسان؛ ذلك أن المدخن يحاول أن يستغل فترة الاشتعال الأولى لعود الثقاب، خاصة عند بدء تعلم التدخين لدى الشباب، أو عند وجود المدخن في أماكن هبوب الريح.

والإشعال بالكبريت له أضرار إضافية ليس لدينا متسع لذكرها، ولن نتحدث عن كل هذه الأضرار ولا عن المواد التي يمكن أن يُغش بها التبغ إذا افترضنا أن الغش في العالم غير موجود إطلاقاً.

مكافحة عادة التدخين

بدأت مكافحة عادة التدخين عام 1619 في بعض دول العالم، بالغرامة المالية أو السجن الفعلي للمدخن، كما بلغ الحد في بعض الدول إلى قص أنف المدخن أو شفتيه، وربما يعجب القارئ الكريم إذا علم بأن العقوبة وصلت في بعض الدول إلى الإعدام.

ولكن الغريب أن هذه العادة انتشرت بسرعة مذهلة، وغضت بعض الحكومات الطرف عن مكافحتها حباً في جمع الضرائب، بسبب ظروف الحرب، وتردي الأوضاع الاقتصادية.

وفي نظري:أن الحكومات التي تنظر إلى المال قبل الإنسان هي حكومات مفلسة في الدنيا والآخرة، ذلك لأنها ستدفع في الدنيا على الأقل ثمن الحرائق وإطفائها ومشاكلها، ثم تدفع ثمن العلاج لأمراض الصدر وغيره من تصلب الشرايين والسرطانات…. الخ، وفي الآخرة؛ بسبب الإثم الذي ارتكبته في الإساءة إلى الإنسان الذي هو أعز ما في الوجود، لأن الله تعالى خلق ما في السماوات والأرض وسخرها لهذا المخلوق العجيب،قال تعالى:

)أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ( سورة لقمان آية(20)

هنا قامت جمعية من الأطباء المخلصين لدراسة أضرار التدخين، لمحاولة إقناع المجتمعات بلغة العلم والأرقام أن هذه العادة تضر الإنسان من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه.

ويذكر أنه قد عقد مؤتمر لبحث أضرار التدخين حضره مائة طبيب، ألقيت فيه أبحاث متخصصة عن تأثير التدخين على كل جزء من أجزاء الجسم، وعند انتهاء إحدى جلسات المؤتمر التي استمرت أكثر من ساعتين، لم يوجد في القاعة سوى عقب سيجارة واحد، إضافة إلى سيجارة أخرى أطفأت من منتصفها، وذلك لشدة التحذيرات، وكثرة الأضرار التي سمعها الأطباء من زملائهم المختصين.

أضرار التدخين للأنسان

أولاً: الأضرار الصحية

1-زيادة معدل عدد دقات القلب:

فعندما يقوم الإنسان ببذل مجهود عضلي كالركض مثلاً فإن حاجة الإنسان للأوكسجين تزداد، عندها يُنَبَّهُ القلب من قِبَل الدماغ إلى أن يزيد عدد دقاته؛ كي يعوض النقص الحاصل في الأوكسجين، وذلك لأن الدم يمر على الرئتين فيأخذ الأكسجين ويتخلص من ثاني أوكسيد الكربون، وإذا كان الجسم ينتفع من كل مجهود عضلي يقوم به، فلا فائدة من دقات القلب الزائدة نتيجة للتدخين.

وتوضيحاً لذلك نقول: إن مولد الكهرباء تزداد دوراته عند زيادة الحمل عليه ويزداد تسارعه فتزيد قدرته على العطاء، ومع ذلك فإن الاستمرار بهذا التسارع يسبب له التلف (الكشنيت) ، أما إذا زاد الحمل عليه بسبب تماس كهربائي(شرت)حصل نتيجة تلامس في بعض الأسلاك فما فائدة ذلك التسارع؟!

ففي الحالة الأولى حصلنا على فائدة نتيجة التسارع مع إلحاق بعض الضرر بالمولد، أما في الحالة الثانية فقد ألحقنا الضرر بالمولد دون أن نحصل على شيء.

هذا بالنسبة للمولِّد الذي يمكن إصلاحه أو حتى استبداله إذا لزم الأمر، لكن القلب هل يمكن إصلاحه أو استبداله، وإن أمكن ذلك فماذا يحصل له ؟ ألا تعلم أن بعض العمليات الجراحية للقلب تلزم صاحبها الاستمرار في تناول العلاج إلى آخر يوم من عمره؟

ناهيك عن الفحوصات الدورية، والمراجعات المتكررة لأخصائي القلب، علماً بأن الخلل في تناول علاج القلب هو في غاية الخطورة، إضافة إلى الحمية عن أمور كثيرة، فما الداعي لذلك التدخين الذي يؤدي إلى هذه المصائب ؟!

  1. فقدان ضبط حجم الأوعية الدموية في الجسم:

إذ أن الله سبحانه وتعالى برحمته وحكمته، خلق الإنسان في أحسن تقويم، وجهزه بأجهزة دقيقة، تتحكم بجسمه؛ لتنظيمه وصيانته ودفع الأذى عنه، ومن جملة هذه الأشياء: السيطرة على حجم الأوعية الدموية، فعندما يحس الإنسان بالبرودة فإن خلايا جلده تنقبض، فلا يخسر الإنسان كثيراً من حرارته، وعندما يشعر بالحرارة فإن هذه الأوعية تتمدد فيبرد جسم الإنسان.

والتدخين يخل بهذه الخاصية بعض الشيء ولكن هذا لا يعتبر مهماً في بداية الأمر.

3- تسبب التدخين بالإصابة بتصلب الشرايين:

وهذا أصبح معروفاً عند الجميع، ولذلك فقد ألزمت أغلب الحكومات شركات التبغ في بلادها بأن تضع تحذيراً واضحاً على علب السجائر، لأجل ذلك.

إن الشريان بطبيعته لين ومرن، وهذه الخاصية تسمح بمرور الدم فيه بسهولة ويسر، فإذا علمنا أن في جسم الإنسان شرايين يبلغ مجموع أطوالها ما بين مكة والمدينة ( 500 ) كم؛ فإن أي خلل يعني زيادة الحمل على هذا القلب الذي لا يتجاوز حجمه حجم قبضة اليد، وهو يعمل ليل نهار، دون كلل أو ملل.

فإذا تصلبت الشرايين فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة الضغط على القلب، وزيادة الحمل عليه، وبالتالي يؤدي إلى ضعف القلب ومرضه، فأي جريمة عملها القلب بالمدخن حتى يعاقبه صاحبه بهذا العقاب من دخانٍ وسم ؟!

صعوبة طرد البول من المثانة:

وذلك بسبب ارتخائها، إذ أن المثانة تستمر في جمع البول النازل من الكليتين عن طريق الحالب بكل صمت وتحمل، فإذا وصل الأمر إلى حد معين نبهت صاحبها إلى ضرورة التخلص منه عن طريق الذهاب إلى ( الخلاء ) لقضاء الحاجة.

وتقوم المثانة بتقلصات تؤدي إلى إخراج البول، والتدخين يعمل على إرباك عمل المثانة بحيث يبقى فيها بعض البول الذي يجب إخراجه، مما يؤدي إلى ضرورة عودة الإنسان المدخن إلى ” الخلاء ” أكثر من مرة.

4- إحداث التهاب في العين والأنف والحنجرة:

إن الدخان المتطاير من السيجارة والذي يقع على ملتحمة العين يؤذيها إلى حدٍ ما، ولكن الدخان الداخل إلى الأنف هو أشد ضرراً عليه، أمّا بالنسبة للحنجرة فإن ضرره عليها أعظم وأعم.

ولقد ذهب صديق لي إلى “أخصائي الأذنية ” يشكو له آلاماً في حنجرته، فأخبره إنه بحاجة إلى عملية جراحية يتوقع أن تزيل آلامه بعدها، ولكنه اشترط عليه أن يقلع عن التدخين، وإلا فلا فائدة من العملية.

وحديثاً يؤكد معظم الأطباء أن أغلب سرطانات الحنجرة سببها التدخين

5- التدخين يضعف شهية الطعام:

عندما يحتاج الجسم إلى الطعام فإن المعدة تقوم بإرسال نبضات عصبية تزيد من نشاط عامل L.H(الهايبوثلامس الجانبي) والذي وظيفته الشعور بالجوع، فيشعر الإنسان بالجوع فيتناول الطعام؛ لإزالة هذا الشعور، فتقوم المعدة بإرسال نبضات عصبية أخرى تزيد من عاملV.M.H(الهايبوثلامس الأوسط) والذي وظيفته الشعور بالشبع، فتتوقف المعدة عن الأكل.

أما ما يحصل بالنسبة للمدخن فإنه عندما يُدخل الدخان إلى الجوف فإن المعدة تتوهم بأن الطعام بدأ بالدخول إلى المعدة فتقوم بإرسال النبضات العصبية التي تزيد من نشاط V.M.Hفيشعر المدخن بالشبع، وهكذا مع كل سيجارة يمر المدخن بهذه العملية مما يفقده الشهية للطعام مستعيضاً عن ذلك بالتدخين مما يسبب له ضعفاً في جميع وظائف الجسم.

وجدير بالذكر أن عملية الجوع والشبع سلوك نفسي بيولوجي، إذ أن أحد الباحثين أثار عاملL. H بمؤثرات خارجية عند أحد الفئران، فلم يتوقف عن الأكل حتى تضاعف حجمه ثلاث مرات، ثم أثار عامل V.M.H بنفس الطريقة، فامتنع عن الأكل، فلم يأكل شيئاً حتى مات.

6- التسبب بالقرحة المعدية، وتأخير شفائها.

فبالرغم من أن المعدة مخلوقة من لحم، وهي مع ذلك تهضم اللحم، وحتى الحجارة إذا لزم الأمر بفضل المواد الهاضمة التي تفرزها، والتي تشبه مادة” الأسيد” ولكنها لا تهضم نفسها؛ وذلك لأن عناية الله –سبحانه وتعالى- جعلها تفرز مادة مخاطية أخرى تحميها من المواد الهاضمة، فإذا قام المدخن في الصباح (على الريق ) وأشعل سيجارته، ونزلت الأحماض إلى المعدة فإنها لن تجد أمامها طعاماً تهضمه، وسيجارة بعد سيجارة، ومرة بعد أخرى، وإذا بجزء من المعدة يتكشف أمام المواد الهاضمة، وإذا بالقرحة تحل بالمعدة.

وسواء حصلت القرحة من هذا أو من غيره فإن التدخين ( على الريق ) سيبقى يتعارض تماماً مع تماثل المعدة للشفاء، علماً بأن كل سيجارة تشعل بعد تمام هضم الطعام يعتبر في هذا المجال ( على الريق ) وعلماً بأن الطعام يتم هضمه خلال (2-6) ساعات وذلك حسب نوعيته.

أمّا مرض القرحة فقد كنت أظن أنه أمر بسيط للغاية، قد لا يزيد عن ألم ضرس تخف حدته بتناول حبة دواء، ثم فهمت أن آلام القرحة لا يعرفها تماماً إلاّ من ذاقها، إذ بقيت شخصياً بعد الإصابة بعام وأنا ألتزم الحمية عن أشياء أشتهيها ولكن لا أستطيع الاقتراب منها خوفاً من العواقب.

8- الإصابة بالسكري:

إن الكبد له خمسون وظيفة أساسية، لا يستطيع الإنسان أن يعيش في العادة بدون واحدة منها، كما إن للكبد ألف وظيفة ثانوية يحصل للإنسان حرج كبير من فقدان واحدة منها.

ومن وظائف الكبد هو تخليص البدن من السموم، ومن المعلوم أن النيكوتين هو أحد هذه السموم، والكبد يستقبل هذه السموم، ويطرحها خارج الجسم، ليحول دون إلحاق الأذى بأي من أجزائه، لكن مع تكرار ذلك فإن الكبد يتعرض للأذى جراء تعامله مع هذه السـموم آناً بعد آخر مما يؤدي إلى الإصابة بالسكري

فإذا كان لا بد من التدخين فانه لا يجوز على الريق، ولا يجوز كل ساعة أو نصف ساعة، ولكن لا بد من التباعد بين كل وجبة تدخين وأخرى

9- التسبب في بعض الأمراض الصدرية:

تشير بعض الإحصائيات الطبية إلى أن 94% ممن يصابون بسرطان الرئة هم من المدخنين، وهذا أمر معروف وقد وضع تحذير رسمي إجباري على كل علبة سجائر تنبه إلى هذا الخطر العظيم

10- التدخين سبب من أسباب تصلب الشرايين:

مما يؤدي إلى حدوث بعض الجلطات ومنها الجلطة الحادة في القلب

11- إلحاق الأذى بالحامل وبجنينها، وبأطفالها:فقد ذكرت بعض المجلات أن طفلاً رضيعاً توفي بسبب تدخين والدته 20 سيجارة في يوم واحد.

وفي خبر آخر مفاده: أن طفلاً آخر توفي بسبب أن والده كان ينظف “الغليون” فسهى عنه بسبب انشغاله بالرد على الهاتف فما كان من الطفل، إلا أن وضعه في فمه فنزل القطران إلى جوفه فمات.

  1. اصفرار اليدين والأسنان… وغير ذلك.

الرائحة الكريهة وكان الله في عون زوجة المدخن وأطفاله.

انصراف الناس عن التدخين برهة من الزمن

عندما نُشرت هذه الحقائق، أصيبت تجارة التبغ بكساد عام، وعزف الناس عن التدخين، وهذا ” العزوف” لم يعجب شركات التدخين التي كان همها أن تبيع منتجاتها من التبغ، وتحقق أرباحاً عالية.

ولم يرق هذا الوضع –أيضاً- لشركات الدعاية التي كانت تحقق أرباحاً خيالية نتيجة الدعاية والترويج لمنتجات التبغ، والتي بلغت حوالي 65 مليون دولار،

فما كان منهم إلا أن اتفقوا مع بعض المأجورين لكي يدافعوا عن التدخين، بل وإظهار مزايا للتدخين، ترغب الناس فيه  فقالوا:

إنه ضروري للطالب كي يساعده على السهر، إذ إن الطالب الذي يدخن يستطيع أن يسهر أكثر، وهذا يؤدي إلى زيادة وقت المطالعة وبالتالي النجاح في الامتحانات، وكان رد الأطباء على ذلك:

بأن التدخين يؤدي إلى إفراز مادة الأدرينالين، وهذه المادة هي التي تساعد على السهر، ولكن يمكن الحصول على نفس كمية الأدرينالين المكتسبة من الدخان بتناول قليل من السكر أو قطعة من الحلوى.

كما أن السهر الكثير في الليل يؤدي إلى تأخر النهوض من النوم في الصباح، وبالتالي ضياع فرصة الدراسة المبكرة، والتي أثبتت الدراسات جدواها بسبب هدوء الجو، وزيادة كمية الأوزون في هذا الوقت،إضافة إلى نظافة الهواء ونقاؤه

ثم إن التدخين يؤدي إلى قلة التركيز، إذ إن بعض الإحصائيات تفيد بأن الذين نالوا شهاداتهم بتفوق كان منهم 80% غير مدخنين، ودراسة أخرى تقول: لقد طرد (23)طالب من مدرسة كان منهم (21)مدخنون.

14-وأهم أضرار التدخين: علة الإدمان، وهو عدم المقدرة على تركه،قيل: إن أحد الأطباء دخل على مريضه وهدده بحزم وقوة قائلاً: اختر بين أحد أمرين:

إما أن تقلع عن التدخين وإما أن اقطع رجلك، سكت المريض برهة ثم قال: يا دكتور: من فوق الركبة أم من تحتها ؟!

وكنت أظن أن هذا الكلام من باب النكتة، ولكن في أحد الأيام، قال لي أحد الأصدقاء: إن الأطباء قد قرروا قطع رجل صهره اليمنى، بعد أن قطعوا اليسرى في العام الماضي،

فقلت له: ومم ذاك ؟ فأجاب: يقول الأطباء، إن ذلك بسبب التدخين، ومع ذلك فلم يمتنع عن التدخين.

فبالله عليكم لو أن أخي تسبب في قطع إصبعي، فهل يبقى شعوري نحوه كما هو ؟ أم أنني سأتألم كلما نظرت إليه ؟

فما بال الدخان يتسبب في قطع رجل أحدنا ثم يبقى عزيزاً عليه.

ثانياً:الأضرار الزراعية:

دلت بعض الإحصائيات التي أجريت في الوطن العربي على أن 60 ألف هكتار في العالم العربي تزرع بالتبغ سنوياً، وهذه الأراضي منتقاة من أفضل الأراضي زراعية، لزراعة أسوأ البذور فيها، وأخطرها على الأرض، إذ إنه في الأعوام اللاحقة حين نود زراعتها بالقمح مثلاً فإن القمح المنتج يحمل تلك الرائحة الكريهة والطعم القبيح. هذا إن نبت القمح في نفس الأرض فعلاً في الأعوام اللاحقة.

القمح مادة ضرورية لسد حاجاتنا الغذائية، نحتاجها جميعاً، وهي مصدر الأمن الغذائي الذي لا يبعد كثيراً عن أمننا القومي، والوطني، والديني، فما بالنا نزرع أفضل أراضينا بما يضر صحتنا، ونضحي بلقمة العيش لأبنائنا إرضاءً لشهواتنا، كما إننا لو استوردنا التبغ من الخارج، فإن ذلك سيكون نزيفاً لاقتصادنا، وثرواتنا.

ثالثاً:الأضرار المالية:

الأضرار الشخصية المباشرة:

وهي تلك الأضرار التي تظهر على دخلنا اليومي، والشهري وتؤثر فيه تأثيراً مباشراً، ولا تحتاج إلى جهد كبير لمعرفتها، بل ويعلمها العالم والجاهل، فلو افترضنا أن رجلاً يدخن كل يوم علبة سجائر ثمنها نصف دينار،فالنتيجة هي: 15ديناراً شهرياً، وهذا المبلغ يكفي عائلة مكونة من ستة أفراد من الخبز طيلة الشهر. فإذا افترضنا أن في الأردن نصف مليون مدخن-أي عُشر السكان- فهذا يعني(90) مليون دينار سنوياً، أو ما يعادل (130) مليون دولار أمريكي، وهذا رقم لا يكاد يصدق، ويمكن أن يزيد هذا الرقم تبعاً لكمية الدخان المستهلكة، والنوعية، ولنسأل أنفسنا بصدق:

كم مسكناً نستطيع أن نبني بهذا المبلغ؟ وكم مدرسة، أو جامعة، أو مستشفى، أو مسجداً، أو مصنعاً يمكن أن ننشئ سنوياً، وفي غضون سنوات قليلة لا تتعدى أصابع اليد لا يبقى في بلدنا فقير واحد، أو عاطل عن العمل.

فكم نحن مجرمون في حق أنفسنا، وأهلنا، ومجتمعنا، وأمتنا؟؟؟

وإن وجدت عائلة فقيرة فيها 6 أشخاص يدخنون.

فما أفقرهم بالدخان وما أغناهم لو تركوه! .

وفي قرية شهيرة بالزيتون عمل بعض الشباب دراسة كان من نتائجها:

أن أهلها يدخنون بقدر ما ينتجون من زيتون ؟!!!

أي بحوالي 450 ألف دينار

الأضرار المالية على الإنفاق العام:

يقال: إن الأردن يستهلك سنوياً مائة مليون دينار سجائر وطنية، وبمائة مليون أخرى سجائر مستوردة وبمائة مليون أخرى مشروبات غازية، اضرب هذا المال بأربعين ضعفاً هو عدد سكان اليابان مثلاً تجد الناتج 40× 300مليون= ( 12) مليار دينار، وبتحويلها إلى دولارات فإنها تعادل (18) مليار دولار تقريباً سنوياً،فإذا عرفنا ذلك زال عجبنا.

فلا نقول: لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا، ولماذا تنشئ اليابان مصانع بهذه الضخامة، ولماذا أصبحت أكبر قوة اقتصادية في العالم ؟

و الجواب: إنه الإخلاص في العمل، و حب الوطن، والحرص على صحة المواطنين، علماً بأن: حب الوطن من الإيمان. فقد منعت اليابان أي فيلم فيه منظر لمدخن ومنعت ذلك حتى على شبكة(الإنترنت )

يقول أحد الإعلاميين الكبار: ذهبت إلى زيارة اليابان بشكل رسمي، وأردت كعادتي أن أدخن سيجارة، ولكن المرافق أبى عليّ وقال:

رغم ترحيبنا بك، وشدة الحرص على عدم إزعاجك، ومحبتنا في الترفيه عنك، لكننا وبكل صراحة، لا نسمح بالتدخين هنا…

نزلنا من السيارة أو الباص، ولا يزال التدخين ممنوعاً، وإلى الحديقة العامة، ولم يسمح لي بالتدخين بعد، ثم أسدى لي نصيحة بترك الدخان.

أقول: وأظن أن التدخين في اليابان له أماكن خاصة، فيدخل المدخن إلى تلك الغرفة، فيدخن سيجارته لوحده، ولا يخرج منها إلا بعد أن يطفئ سيجارته تماماً.

ذلك لأن المدخن يؤذي المجتمع مادياً، ومعنوياً، لكونه يضر بصحتهم فعلياً، ثمّ هو يدعو الآخرين بتدخينه إلى أن يكونوا مدخنين مثله.

قصة فيها عبرة:

أراد عامل ياباني أن ‎يضع إشارة مرورية فخلع عدداً من البلاط بكل دقة بمقدار ما يحتاج فقط، ثم وضع الإشارة الضوئية، وعندما أراد أن يعيد البلاط المنزوع قام بإرجاع البلاطات إلى مكانها، ولم يحتج إلى بلاطة واحدة زيادة عما كان في الشارع لأنه لم يكسر واحدة منها.

بعد هذا هل عرفتم لماذا أصبح اليابان في مقدمة الدول الاقتصادية العالمية؟

فيا عجباً من أفلام وأقلام، ومدرسين، وقادة يدخنون أمام الناس، وفي الأماكن العامة.-

أيها الأخوة:

لقد أثبتت التجارب والمعلومات الطبية: أن الدخان يضر بالمجاورين للمدخن في غرفته كما يضر المدخن تماماً، وربما أكثر من ضرر المدخن نفسه، إذ أن المهم في الأمر هو تلوث الهواء بالمواد الضارة.

فالمدخن يستنشق الدخان المصفى جزئياً بواسطة فلتر السيجارة،بينما المجاور له يستنشق الدخان من غير تصفية، فهو أشد ضرراً عليه.

ورود وأشواك

على طريق ترك التدخين

إن أهم عامل من عوامل ترك عادة التدخين هي تزويد المدمن بمعلومات قيمة، يستطيع بعدها أن يصمم على ترك هذه العادة، فهل هناك من قصص تبين لنا مساوئ التدخين ؟

القصة الأولى: كان يدرس معنا في الصفوف الإعدادية طالب كثير الأمراض، وقد حاول مدير المدرسة أن يتعاون معه إلى أقصى حد ممكن، ولكن إجازاته المرضية فاقت كل التوقعات، ذهبنا لزيارته والتحدث معه، فقال لنا:

أنا الولد الذكر الوحيد لوالدي، وكان والدي يلف لي السجائر ( على الطريقة القديمة الحديثة ) ويعطيني إياها لكي أدخنها، ويفرح بذلك ويقول: أصبح ابني رجلاً، ويضيف قائلاً:

وأصبحت تنتابني الأمراض من دون العائلة حتى أصبح الحال كما ترون ( واترك الموضوع بلا تعليق ).

أقول: وبعد مدة أحب الطالب المريض أن لا يحرج المدير أكثر من اللازم، لذلك ترك الدراسة وعاد إلى بيت والده.

القصة الثانية: كنت ادرس في الجامعة ورجعت إلى البلد في الصيف،وفي أحد الأيام زارنا طفل في الثانية عشرة من عمره يدرس في الصف السادس الابتدائي، فاستقبلته في المضافة ( غرفة الضيوف) جلس قليلاً ثم هب واقفاً، تناول علبة السجائر من جيبه، وعرض علي أن أدخن فأبيت لسببين:

الأول: أن الطفل لا يجوز أن يؤخذ من ماله شيء لأنه دون سن الرشد.

والثاني: لأنني لا أدخن.

والعجيب أن هذا الطفل أصر عليّ أن أدخن، بل وتعجّب من كوني لا أدخن بعد إصراري على عدم التدخين، ودخن هو بلا خجل أو وجل.

سألته ما حاجته ؟ فقال: إن والده أرسله إلي كي أذهب معه من بلدة رحابا إلى بلدة كفر راكب قلت: لا بأس.

وبعد قليل وإذا بوالده يدخل ومعه بنته والتي هي اصغر من هذا الغلام، ورغم انه لأول مرة يدخل بيتي هؤلاء الضيوف، فقد عاتبته على تربيته لابنه على عادة التدخين، ولكن الوالد اعتذر وتأفف، وقال: بأن هذا الولد، هو الولد البكر المدلل، وما لبث الوالد أن تناول من جيبه علبة السجائر أيضاً وبدأ يدخن فقلت: صدق الشاعر حين قال:

إذا كان رب البيت للدف ضارباً: فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

جلسنا نتشاور في أي الطريقين نسلك، طريق الباصات ( شبه المعبد) التي تستغرق ساعتان ركوب(55) كم، وساعتان انتظار ؟ خصوصاً وان ذلك اليوم كان نهاية أسبوع، وفيه أزمة مواصلات ؟ أم نسلك الطريق الترابي 12 كم، ويستغرق ساعتي مشي فقط، ونحرك أجسامنا، ونستنشق الهواء العليل، ونتعلم على المشي:

( اخشوشنوا فان النعم لا تدوم) ( علموا أولادكم السباحة الرماية وركوب الخيل )

أنا ووالده وافقنا على المسير وكذلك الطفلة التي عمرها عشر سنوات وافقت رغم أنها كانت تحمل سلة على رأسها، ولكن الذي عاند وبكل إصرار هو ذلك الطفل المدخن،

وأخيراً: سرنا في الطريق الترابي، وأفهمت والده بأننا يجب أن نحمل السلة عن ابنته، قائلاً له: دعنا من الأعراف والتقاليد البالية التي يحاربها الإسلام الحنيف.

سرنا ثلاثة كيلومترات استرحنا خلالها خمس مرات، لأن هذا اليافع كان يتعب من المشي، وأخيراً جاءت سيارة جيب على غير ميعاد فحملتنا بقية الطريق وتخلصنا بذلك من تأفف هذا اليافع وتضجره.

والآن أترك موضوع تأثير عادة التدخين على صحة أبنائنا وعلى لياقتهم البدنية، والتي نحتاجها حين الشدائد إلى فهم القارئ وذكائه.

القصة الثالثة: كنت في صغري أكره التدخين، بل وأمقت المدخن وعندما زارنا أحد الضيوف وطلب مني والدي – رحمه الله – صحناً، نضع فيه نفايات السيجارة، فما كان مني إلاّ أن أتيت للضيف بعلبة سردين فارغة ووضعتها أمامه، مستغلاً لحظة خروج والدي من عند الضيف قليلاً.

ورغم أن هذا التصرف كان غير لائق بحق الضيف إلاّ أنه كان باباً للتحدث عن التدخين وأضراره.

وعندما ذهبت لدراسة الإعدادي والثانوي والجامعي وخالطنا كثيراً من الشباب، وكان منهم من يتقن فن المراوغة يقول… يا أخي دخن… يا زلمة جرب… يا رجل ستبقى حُشري… يا هذا جرب ثم انتقد…. الخ.

أشعلت السيجارة الأولى فدمعت عيناي، وشرقت بريقي وسعلت، فضحكوا، وقالوا: هذا في البداية، ثم تعلمت ابتلاع الدخان بل وإخراجه من الأنف وبدأت أتعلق به رويداً رويداً، ثمّ عينت واعظاً في أحد المناطق، وكنت لا أحب أن اشتري ولو علبة سجائر واحدة، لئلا أتعلم على التدخين، آخذ سيجارة من هذا، ولفافة من ذاك ثم قلت في نفسي، يكفي إني أدخن، فهل أصبحت شحاتاً فوق ذاك ؟؟

ذهبت إلى الدكان واشتريت علبة كاملة واشتريت، أيضاً كروزاً كاملاً، ذهبت إلى الذين أخذت منهم، وأعطيتهم اكثر مما أعطوني، وبذلك انحلت العقدة الأولى، اجلس أدخن بعد اشتياق وفي منتصف السيجارة اسأل نفسي:

ما الذي يعجبني في التدخين ؟! الرائحة الكريهة، أم تقليد الناس ؟ ومتى كنت ذَنَباً يتبع الآخرين ؟! بعد قليل أشعل السيجارة الثانية، ثم أتفكر فأطفئها من وسطها ثم اشتاق وهكذا.

ذهبت أخيراً إلى المكتبة فاستعرت كتاباً، ثم ذهبت إلى السوق فاشتريت كتاباً آخر، جمعت ملحوظات من الكتابين، وألقيت محاضرة عن التدخين وضمنت المحاضرة بعض القصص والنكات، واستمرت المحاضرة ساعة وربع الساعة، وبعدها انتهيت عن الدخان، لأنه من المستحيل أن أنهى عن الدخان ثم أدخنه أنا.

لا تنه عن خلق وتأتي مثله       عار عليك إذا فعلت عظيم

بعد حوالي سنة من الزمان ذهبت إلى منطقة أخرى لإعطاء محاضرة، وبعدها جلست مع بعض الشباب فتداولوا السجائر وامتنع أحدهم، قلت له: هل أنت لا تدخن ؟ قال:

نعم، ألا تذكر محاضرتك عن التدخين، في العام الماضي في مكان كذا وكذا ؟ قلت: بلى، قال: لقد تركت الدخان من يومها أنا وفلان، وفلان….

قلت له: ولا تنسى أنني قد تركته معكم أيضاً.

قلت في نفسي: حقاً ما يقوله العارفون: إن الكلام إذا كان من القلب وقع في القلب، وإذا كان من اللسان فقط، فإنه لا يجاوز الآذان، وبالفعل لقد كانت محاضرة من قلب محترق غيظاً، وبنفس الوقت مليء عطفاً على أولادنا الذين يغرر بهم ليدخنوا.

القصة الرابعة:خرجت في الصباح الباكر مع والدي- رحمه الله – وذهبنا إلى المحطة وركبنا سيارة، ركب والدي وآخر والسائق في الأمام، أما نحن فقد كنا أربعة في الكرسي الخلفي ( السائق مخالف)

بعد بضع دقائق من المسير قام الذي على يميني رغم الضيق الذي نحن فيه وبصعوبة بالغة أخرج علبة السجائر وبدأ يدخن، سأله الوالد هل أفطرت يا ولدي ؟ فقال المدخن: لا.

وأحببت أن أتدخل في الموضوع لئلا يتطور النقاش، فقلت: الله يعينه هو لا يستطيع تركه، ونرجو له من الله العافية، هنا قام آخر واحد على اليسار بصوت قوي وهو يقول متضجراً:

الله لا يعينه، قلت له: ولماذا ؟ قال:

دخنت عشر سنين، وفي أحد الأيام اعتقلنا في بعض الدول العربية دون أن نعلم ما هو السبب، وسُجنا كل عشرة في غرفة، وعندما كانت تأتينا سيجارة واحدة فإننا كنا (نتجمهر) عليها هذا يقو ل:

بالله عليك تعطيني شفطة، آخر يقول للذي يشفط: يا أخي كافي طولت، الثالث: يأخذ من بزاق الثاني، الرابع يشد السيجارة من يد الخامس، النائم في الوسط يقول: أخ، تكسرت رجلاي، دهستموني، قوموا عني، الخ…

وفي مرة ما، جلست أنظر من بعيد على هذا المنظر المؤلم وقلت في نفسي: وهل هناك ذل أمر من هذا الذل ؟ أو حقارة أخس من هذه الحقارة ؟! ثم عاهدت نفسي على أن لا أدخن إطلاقاً وها أنا لي عشر سنوات بعدها لم أدخن سيجارة واحدة إطلاقاً.

القصة الخامسة: كان مصطفى يدرس في بلد ما، يسمع أغنية فيشعل سيجارة، يشرب الشاي فيدخن الأخرى، يشعل الرابعة من آخر الثالثة، وهكذا… بمعدل 50 سيجارة يومياً.. قال يوماً لصديقه: أيقظني مبكراً، قال له صديقه: وفي أي ساعة تريد؟ قال: في التاسعة صباحاً. قال صديقه: بعد شروق الشمس بأربع ساعات، هل يسمى هذا مبكراً؟ على كل حال ” تكرم ” لا بأس عليك، سأوقظك.

حاول مصطفى أن يستضيف رفيقه الذي أقضه دون جدوى فحلف عليه بالله، فقال له صديقه: لا ولكن بعد ساعة سآتي.

سأل مصطفى صديقه لماذا ؟

أجابه: يا صديقي، بصراحة والله إن رائحة الدخان المنبثقة من الغرفة لا تطاق….

أثرت الكلمة في ” مصطفى” أيما تأثير، و طلب من صديقه الثاني أن يوقظه في اليوم الثاني، فحصل معه ما حصل في اليوم الأول، وفي اليوم الثالث طلب من صديقه الثالث أن يوقظه … وحصل مع الثالث ما حصل مع الأول والثاني.

قرر مصطفى أن يترك الدخان، وقال في نفسه والله هؤلاء الثلاثة لا يكذبون، وإنهم يحبون لي الخير والنصح، ولعل الله أراد لي أمراً فيه منفعة ولوالديّ اللذان يوفران من قوتهما لكي يدرِّساني في الخارج على حسابهما، وفعلاً فقد ترك مصطفى الدخان في أيام الاستعداد للامتحان دون أن يلتفت إلى كلام من يقول: إنه مهدئ للأعصاب أو مثير لها، ودون أن يلتفت إلى دقة الظرف.

في آخر يوم من أيام الامتحانات، أمسك بالطالب وأودع في السجن دون أن يعلم ما هو السبب، ودون أن يعرف أخوته – محمد وغالب – أين هو؟ وبعد وساطة كبيرة للغاية رُمي مصطفى على الحدود عند الغروب، بلا جواز سفر ولا هوية مطروداً غير مسموح له بأن يعود إلى ذلك البلد، كان يسير في الطريق خائفاً من الوحوش والبرد والجوع، وخائفاً من أن تطلق عليه النار من حرس بلده العائد إليه، وصل بالسلامة لكنه قد خسر الدراسة الجامعية بأكملها، إذ لم يسمح له بأن يتقدم لامتحان الإكمال، ولا بأخذ الشهادة.

وعندما سمعت بنبأ عودته فرحت بذلك، وسألتهم أول سؤال هو: هل عاد مصطفى إلى التدخين ؟ قالوا: لا، فعرفت أنه ” رجل ” لا كالرجال.

والآن أقول: من مر عليه مثل ظرف مصطفى وعاد إلى التدخين فإني لا ألومه، ولكنني أقول تعس كل من يتذرع بأنه يغضب فيعود للتدخين أو ما علم أن كل سيجارة تهز الجملة العصبية 15 دقيقة …. ( ولكنها النفس ما عودتها تتعود )،

وصدق البوصيري حين قال:

والنفس كالطفل إن تهمله شب على: حب الرضاع وإن تفطمه ينفطـم

فاصرف هواها وحاذر أن توَلَّيــه: إن الهوى ما تولى يُصْـمِ اويَصِـمِ

والحمد لله رب العالمين،

والآن أرحب بأسئلتكم ومشاركتكم.

مشاركة (1): قرأت كتاباً فيه القصة التالية:-

بينما كان رجل يركب على ناقته، ويسير في الصحراء، إذ مر بامرأة في خيمة، فاعترضته وسألته أن يعطيها سيجارة، فطالبها بالثمن، فقالت له أعطيك ما تريد، ودفعت له حتى قلادتها الذهبية.

وعندما رأى لهفتها ساومها على نفسها، امتنعت في البداية، وأخيراً وافقت، فما كان منه إلا أن رمى لها بعلبة التبغ، وأعرض عنها، وهو يلعنها، ويلعن نفسه إن هو عاد إلى التدخين بعد هذا اليوم، بعد أن رأى إلى أي درجة من الذل يمكن أن يصل إليها صاحب هذه العادة.

شكراً للأخ الفاضل: وأضيف إلى ما تفضلت به: إن بعض المدخنين قد يترك أطفاله جائعين مقابل أن يؤمِّن لنفسه علبة سجائر، وقد شاهدت هذا بنفسي، إذ ذهبت إلى دكان في الصباح فوجدت طفلة تقول للتاجر: والدي يهديك السلام ويقول لك:

خذ هذا كابون 2 كيلو حليب، وأعطيني علبة سجائر، من نوع كذا.

الله اكبر، حتى حليب الأطفال يباع لكي يؤتى بالسجائر؟!

مشاركة (2): قالت الزوجة المدللة لزوجها المدخن:

أعطيني كل يوم نصف دينار مصروف شخصي، قال الزوج:

حباً وكرامة، وبعد مرور عام كامل أخرجت النقود من مكان المخبأ، وقالت لزوجها:

هل لديك كبريتاً: فقال لها: تفضلي، أخذت الولاعة وبدأت وكأنها تريد أن تحرق الدنانير الورقية بكل جد وإصرار، هنا صاح الزوج وهل جننت أيتها المرأة ؟ قالت:

لا، ولكنك أنت أولى مني بأن تُرمى بالجنون، أنا أُريد أن أحرق المال خارج صدري، ولكنك تحرق مالك في صدرك، وبعد هذه الموعظة العملية البالغة، ترك الدخان إلى الأبد، وشكراً.

شكراً يا أخي العزيز، فهذه المرأة المدللة عند الرجل العاقل؛ أما الجاهل فلا يدلل، ولا تستطيع امرأته أن تفعل معه شيئاً، أما سمعت لقوله صلى الله عليه وسلم:” اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا “البخاري/النكاح:5186، وزيادة على ذلك أقول:

لو أن رجلاً جاء إلى غرفة الضيوف، فجعلها فرناً للخبز، نقول عنه إنه مجنون، وللحقيقة أقول: أن فرن الخبز له فائدة، فمن الذي يستغني عن الخبز ؟ ولكن أي فائدة من التدخين ؟

ثم إن هذا الغرفة إذا أراد صاحبها أن يعيدها إلى ما كانت عليه، فإنه يدهنها بعلبة دهان، فتعود إلى نظافتها وإشراقها، ولكن الذي يدخن لمدة 10 سنوات، فإنه يحتاج إلى عشر سنوات أخرى بعد ترك التدخين حتى يعود صدره نقياً كما كان.

مشاركة (3): قيل أن رجلاً قد ذُبح بسكين ورُمي على الأرض، وعندما جاءت الشرطة إلى الموقع وجدوا أن سيلاً من القطران قد نزل من صدره وسال باتجاه الوادي اكثر من مترين. وشكراً.

شكراً يا أخي، ولو سألت مغسلي الأموات لرووا لك عدة حكايات هي أبلى وأسوأ مما تتصور.

مشاركة (4): يقال بأن السواك له سبعون فائدة منها: أنه يذكر بالنطق بالشهادتين عند الاحتضار، بينما روى عن بعض المدخنين انه قيل له عند الاحتضار: قل لا اله إلا الله محمد رسول الله، فكان يفرك بيديه كمن يريد أن يلف سيجارة ثم يقول: حموي، بلدي، هيشي، وشكراً.

يا أخي الكريم: نسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب من يحبه وكل عمل يقربنا إلى حبه، وأن يباعدنا من النار ومن كل عمل يقربنا إلى النار، إنه على ما يشاء قدير.

مشاركة (5): زرت أحد العلماء العاملين المتقنين للقراءات العشر، الذين يدرسون دون كلل أو ملل، بإعجاب بلا مقابل، فأحببته في الله وصرت أزوره اشتياقاً وتبركاً بالصالحين، وفي أحد الأيام زرته فأشعل سيجارته، فأحببت أن أنصحه، فقال:

يا أخي وهل هناك أطيب من الدخان؟ خذ ودخن سيجارة، أخذت ودخنت، ورغم إنه ضرير لا يراني لكني دخنتها.

وبعد شهرين جئت لزيارته وإذا به في المستشفى مصاب بجلطة، ثم أصابته جلطة أخرى أدت إلى إصابة رجله ويده اليسرى بالشلل، ثم قطعت رجله، وزرته بعدها، وحاولت تكرار النصيحة له بترك التدخين، قال:

يا أخي: والله صحيح إن الدخان يضر، والطبيب يقول لي: إذا دخنت سيجارة ثانية تعال فوراً لنقطع لك رجلك الأخرى وهو يعطيني الآن سبعة أنواع من الأدوية لتلافي قطع رجلي الثانية.

اجتمعت بالطبيب الذي قطع رجله، فقال: يا أخي والله لقد سهرت على قطع رجله حتى الرابعة صباحاً وكلما قطعت جزءاً أقول: اللهم اجعلها آخر قطعة حتى وصلت إلى أعلى الفخذ، ولو تأخرت العملية قليلاً لما استفدنا من كل ما عملناه، لأن ” الغرغرينا ” كادت أن تقضي عليه.

أقول: اسمع يا من تسخر وتقول: أنا تركت التدخين ولكن التدخين لا يريد أن يتركني!!!.

مشاركة (6): المدخن أناني وقذر يؤذي الآخرين.

أناني: لأنه يفكر أولاً بنفسه، وذلك لأنه مهتم بتأمين التدخين لنفسه التي لم يستطع أن يقاوم شهوتها، وبعد أن يؤمن ذلك يسعى لتحقيق ما يحتاجه أطفاله وعياله من خبز وغيره.

وقذر: لأن رائحته وأسنانه ويداه تشهد على ذلك،

أمّا إنه يؤذي الآخرين: فإنه وعند إشعال السجائر تجده يرمي بعود الثقاب هنا وهناك، وبفتح زجاج الحافلة أو السيارة أو الباص فينتشر رماد زهرة السيجارة هنا وهناك، بل وقد تقع في عيون الآخرين، ثم يرمي بعقب السيجارة فإذا بها تشغل حريقاً، وإذا دخن في غرفة فإن كل من كان معه يستنشق هواءً ملوثاً… وشكراً.

شكراً يا أخي الكريم ولكنك أغضبت المدخنين،وإنني أعتذر للمدخنين عما قلت في حقهم، وتعليقاً عما قلت: أقول:

لولا إننا نحب مصلحة المدخنين، لما قلنا ما قلناه، ويا ليت أن المدخن يحب نفسه؛ لأنه لو أحب نفسه لما سقاها هذا السم الزعاف، ولما عطرها بهذه الرائحة الكريهة، ولكنه في الحقيقة لا يحب نفسه، كما أن نفسه لا تحبه، بل هما على صراع وعلى طرفي نقيض، أمّا إيذاء الآخرين فهو مشاهد ومعروف

ولقد مررت ببلد فيها انتخابات بلدية، وإذا بالنار تلتهم حقولاً واسعة من القمح وما ذاك إلاّ من أعقاب السجائر التي كانت تُرمى هنا وهناك، النار تلتهم القمح وهم مشغولون بنار الحسد التي في قلوبهم.

أمّا المشاركون للمدخن في هواء الغرف والبيوت فقد أثبتت الدراسات صحة ذلك، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

 وأخيرا: فإنهم يقولون: كل دخان لا بد له من نار؛ فلننتبه جيدا من أن نحترق ونحن نشعل النار، فكم من حريق هائل شب من جراء إشعال المدخنين سجائرهم مما يضاف على الخسائر المادية المدخنين.

ويجب أن نتفق على أنه لا يجوز رمي أعقاب السجائر في أي مكان غير مخصص لذلك مهما كانت التبريرات. لأن فيها نشرا للتدخين على مدى زمن طويل. وإيذاء للآخرين. ولعلك تقصد بكلامك هؤلاء الذين يرمون أعقاب سجائرهم في أي مكان سواء أكانت مشتعلة أم لا. وسواء أضرت بالآخرين أم لا.

نعم يجب أن نميز بوضوح بين عادة التدخين التي يكون فيها الإنسان مجبرا تحت ضغط الإدمان وبين القذارة.

ذلك لأن النظافة ترضع مع حليب الأم.

مشاركة (7): دخل إلينا بعض الأشخاص، وجلس أحدهم بجانبي، فلما تعارفنا، وعرفت إنه يعمل في شركة دخان في بلد ما، قلت له:

كم هي نسبة التبغ الأصلية التي تضعونها، قال: 20% فقط، قلت له والباقي:

قال: والله لا ندع كرتونة فارغة ولا زبالة ناشفة ولا وسخة تعتب علينا، ولا ملوخية ولا بيت بندورة ( طماطم) يذهب هدراً، بل إن بعض الديدان والفئران تفرم مع ما يفرم، وهنيئاً للمدخنين، إذاً، وشكراً.

شكراً أيها الأخ الكريم، نحن قلنا إننا لا نريد أن نتحدث عن الغش، وحديثنا إنما كان عن التدخين الذي لا غش فيه ولا بلايا، وإن الأضرار التي ذكرناها إنما هي عن دخان الغليون بجمرة أي بلا لفافة ولا كبريت، وحتى إن هذا يشمل فيما لو دخنا نعناعاً وميرمية، وغيرها، فإن البلاء يكمن في تحول المادة الخضراء إلى دخان، وشكراً.

مشاركة (8): كان في إحدى الدول الإسلامية، قبل الاستقلال، قائد أجنبي أمر بصرف سيجارة واحدة على وجبة الغداء، ثم سيجارتين فثلاثة فأربعة، هذا الشعب المسكين صار يأخذ السيجارة فيدخنها والذي لا يدخنها يقول له رفيقه:

يا هذا إن كنت لا تريد أن تدخنها فأعطها للآخرين، والطباخ يأخذ الزيادة ويرسلها إلى أهل بلده فيدخنوا بلا مقابل حتى انتشرت عادة التدخين بين أهل تلك البلاد.

و بعد فترة قطع هذا القائد السجائر عن وجبة الغداء وصار يبيعها في دكان الجندي، وعندما أراد الناس الامتناع عنها، لم يستطيعوا ذلك لأن ذلك الخبيث كان يعلم أن أربعة سجائر في اليوم تعني الإدمان، وشكراً.

شكراً يا أخي العزيز: فهذه هي عادات المستعمرين في إذلال الشعوب، ولكن أين هي إرادة الشعوب في التحرر من الاستعمار، التحرر لا يعني طرد القائد الأجنبي فقط ولكن اقتلاع عاداته السيئة من جذورها.

مشاركة(9): قام أحد المبعوثين من الدول الأجنبية بزيارة لإحدى الدول، وعندما وصل إلى الشاطئ ونزل من السفينة لاحظ أن هناك شباباً يقومون بأخذ التراب الذي يدوس عليه ويضعونه في كيس خاص، حتى وصل إلى مقر رئيس الدولة المضيفة، وبعد انتهاء المقابلة والتي كانت على مقربة من الشاطئ غادر المبعوث إلى السفينة ولاحظ -أيضاً- وجود الشباب يقومون بنفس العمل الأول.

وظن المبعوث إنهم يريدون التبرك بمكان أقدامه، ولكنهم ما لبثوا أن حملوا الكيس في زورق حتى وصلوا إلى نهاية حدود المياه الإقليمية وألقوا بالكيسين بعدها، استقذاراً له.

عندئذٍ عرف هذا المبعوث أنه لا يستطيع أن يستعمر هذه الدولة إلاّ بعد أن يجري تغيرات جذرية في نفوس شعوب تلك المنطقة.أقول:

ألم يقل سبحانه وتعالى:

) إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ(11الرعد صدق الله العظيم.(اقرأ إن شئت كتابي:حتى يكون للجهاد معناه /فصل الجهاد إرادة)

مشاركة (10): قد يقول بعض الشباب: وأين هو ضرر التدخين؟ فها أنا أدخن، ومع ذلك لا أشعر بشيء، إنه يغتر بقوته الحالية، ذلك لأن الإنسان يبدأ ضعيفاً، ثم يتكامل نموه حتى يصل إلى أوج قوته 100% أو ربما أكثر، وعندما يبدأ بالتدخين، يبدأ التدخين بالتأثير على صحته رويداً رويداً 10% ثم 20% ثم 30%

وهكذا فلا يشعر فوراً بالضعف لأن قوته لا تزال جيدة، ولكنه عندما يبلغ الخمسين ثم الستين فإن الضعف يبدأ يظهر عليه بشكل ملحوظ ويندم، ولات حين مندم…. وشكراً.

شكراً يا أخي العزيز، ولكن بإمكان صاحب الإرادة القوية أن يترك التدخين، فتبدأ صحته بالتحسن يوماً بعد يوم، وإن كانت بقايا التدخين وآثاره لا تزال ضاربة في عروقه ودمه.

سؤال(1): ما هو حكم التدخين في الإسلام ؟

الجواب: هناك عدة فتاوى تبعاً لما يتوفر للمفتي من معلومات علمية، وطبية، وسأذكر معظمها.

الفتوى الأولى:عندما ظهرت عادة التدخين في القرن العاشر الهجري أفتى بعض العلماء بأن على الزوج أن يؤمن لزوجته المدخنة التبغ اللازم وذلك من جملة ما يجب إنفاقه عليها لحاجتها إلى ذلك.

الفتوى الثانية: عندما ظهر التبغ والتنباك والقهوة والشاي أفتى بعض العلماء بأن شراء هذه الأشياء حرام… ولماذا ؟

قالوا: لأننا إذا استوردنا هذه الأشياء من الخارج فكيف سنؤمن السلاح للدفاع عن مقدساتنا وأعراضنا وبلادنا وأموالنا.

الفتوى الثالثة: إن الدخان تعتريه الأحكام الخمس، فإذا كان إنسان ينفعه الدخان كأن يقطع عنه النزيف ولا يوجد له بديل، فهو واجب، وان كان لا يضره ولا يلزمه ثمنه للإنفاق عليه أو على عياله فهو مباح، وإن كان يضره أو يضر غيره فهو حرام، وإن كان غير ذلك فهو مكروه لكراهية رائحته قياساً على قوله r: “مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا “.البخاري/الأطعمة5452

الفتوى الرابعة: أفتى عالم دمشق المرحوم علي الدقر قبل سبعين سنة عن الدخان بأن ” مدخنه حشاش والمفتي بحلِّه غشاش ”

الفتوى الخامسة: جاء أحد المتنطعين وسأل الشيخ قائلاً: ما حكم التدخين يا فضيلة الشيخ ؟

– إنه حرام

– ولكن لا يوجد في كتاب الله ولا سنة رسوله أنه حرام.

– وهل يوجد في الكتاب أو السنة أن أكل الزفت حرام ؟

– كلا يا سيدي الشيخ.

-فهل يحل لك أكل الزفت إذاً ؟!

الفتوى السادسة: قال تعالى:  ) وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ ((157الأعراف

 فإن الله تعالى لو ذكر الأطعمة كلها في القرآن الكريم وبين حكم كل واحدة منها لأصبح كتاب تغذية، ناهيك عن الإطالة، ولكنه سبحانه أنزل هذا القرآن المعجز، -الذي من صفاته الاقتصاد باللفظ والوفاء بحق المعنى-

ولو وضعنا الطيبات في مكان ووضعنا الخبائث في مكان آخر، ثم أتينا بأي إنسان، وقلنا له: أين تضع الدخان ( التبغ ) لقال:

أضعه مع الخبائث. نقول له: إذاً فهو حرام لأنه خبيث.

س2: لماذا هذا الاختلاف في هذه الفتاوى ؟

ج2: المفتي يجب أن يرجع في كل مسألة إلى كتاب الله تعالى، فإن لم يجد الحكم فيرجع إلى سنة رسول الله r، فإن لم يجد شيئاً، اجتهد برأيه وحسب القواعد العامة مثل: إنما الأعمال بالنيات، ودع ما يريبك إلى مالا يريبك، ولا ضرر ولا ضرار …الخ.

وأنت ترى أن التبغ، والتنباك، القهوة، والشاي، لم تكن في عهد رسول الله r ولا السلف الصالح، وإنما انتشرت في القرن الهجري العاشر، وإن أضرار التبغ لم تكن بادية للعيان مثلما هي اليوم، علماً بأن أغلب الفتاوى التي نقلناها لك إنما تدور بحسب مفهوم المفتي إلى كونه ضاراً أم لا، وحسب فهم المفتي للمسألة.

س3: سمعنا بفتوى شرعية تبين حرمة عادة التدخين فما هي ؟

ج3: ملخص هذه الفتوى أن التدخين حرام للأسباب التالية:

1- الإسراف إن كان التدخين حلالاً.

2- التبذير إن كان التدخين حراماً، أو لا فائدة فيه.

3- الرائحة الكريهة المؤذية للآخرين.

4- تعويد النفس على اتباع هواها.

5- الأضرار بصحة المدخن من مفرق الرأس إلى أخمص القدم.

6- الإهمال المؤدي إلى إشعال النيران في الممتلكات العامة والخاصة

7- إهمال حقوق العيال والأولاد،لقوله r: ” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ “. أبو داود في الزكاة (1692) وغيره.

8- إنفاق مال الأمة فيما لا طائل تحته.

9- المجاهرة بهذه العادة تعلم النشء الشباب على تعودها…. الخ.

س4: ما هي الفتوى عندك في عادة التدخين ؟

ج4: لو أعفيتني من هذا السؤال لكان ذلك أولى، وذلك لأن المهم ليس هو إصدار الفتاوى، ولكن الأهم هو إقناع الناس، وغالب ظني أن اغلب من قرأ وعرف هذه الأضرار بأنه سيحاول جهده أن يترك الدخان، أما ملخص القول فيما سمعنا وقرأنا أنه حرام، ولكنه ليس كحرمة الخمر، أو بقية الكبائر.

وكما قلت لكم أيها الأخوة:

إن مهمة العالم في هذه الأيام ليس إصدار الفتاوى بالحل أو التحريم، أو بالتفسيق والتكفير، وليس من واجب العالم في هذه الأيام أن يتخيل وكأنه واقف على باب الجنة يدخل من يشاء، ويطرد من يشاء.

إن مهمة كل مسلم في هذه الأيام، هي: الدعوة إلى الله تعالى وبيان الحق بوضوح والدعوة إليه، وبيان الخطأ وأضراره، ومساوئه والتنفير منه، ولا يقتصر ذلك على العلماء، وإنما هو واجب كل مسلم.

س5: كيف يترك المدخن هذه العادة السيئة ؟

ج5: هناك عدة طرق لترك التدخين:

الطريقة الأولى: الامتناع عن التدخين رأساً، لكن بدون تمزيق ما بقي من السجائر، ذلك لأن التمزيق يدل على الانفعال، والانفعال ( النـزق ) هو سبب التدخين أصلاً، ولكن المهم، هل صاحب هذه الطريقة سيعود أم لا ؟!

قال أحدهم للآخر: أنا يصعب علي ترك التدخين.

أجابه الثاني: إن ترك التدخين عندي بسيط جداً وقد تركته خمسين مرة.

إذاً: المهم في الموضوع هو القناعة، فمصطفى وغيره كثيرون قد تركوا التدخين مرة واحدة، ولم يعودوا إليه إطلاقاً.

الطريقة الثانية: ترك الدخان ساعة كاملة، وبعد انتهاء الساعة الأولى تسأل نفسك: إذا كنت لا زلت على قيد الحياة، وهل أستطيع أن اتركه ساعة ثانية ؟ وهكذا بقية اليوم ثم ثلاثة أيام ثم إلى الأبد، هذا ما أفادني به صديقي الشركسي.

الطريقة الثالثة: قطع الإدمان، بحيث تدخن بالليل وتتركه بالنهار، وهذه طريقة جيدة جداً لقطع عادة الإدمان، ثم تركه نهائياً.

الطريقة الرابعة: تقوم بتدخين سيجارة واحدة بعد كل وجبة طعام، ورابعة قبل النوم، ثم تختصر سيجارة من إحدى الوجبات، ثم ثانية، وهكذا حتى تصل إلى تركه نهائياً.

الطريقة الخامسة: استغلال شهر رمضان المبارك لقطع عادة الإدمان، ذلك لأن عادة التدخين تقوم على ركيزتين أو على اجتماع عدوين للإنسان المدخن.

الأولى: حاجة الجسم إلى ” النيكوتين ” ويكفي لسد هذه الحاجة أربع سجائر يومياً مهما بلغ شره المدخن.

الثانية: العدو الميكانيكي ( العادة ) المتمثل في مد اليد على ” الجيب ” وإخراج التبغ وإشعال النار دون أن يشعر.

فإذا أسكتَ المدمن العدو الأول وهو حاجة الجسم إلى النيكوتين، فإنه يتفرغ للعدو الثاني، الميكانيكي، فإذا انتهى من الثاني، عاد إلى الأول فأدبه بل واقتلعه من جذوره.

 أما الرجل القوي فهو الذي يقتلع العدوين دفعة واحدة

وبعض الرجال من يتسلى بمص النعناع مدة من الزمن، وبالمسبحة في نفس الفترة، حتى يزول الإشكال على كل حال إياك من سيجارة العيد فهي سبب الإشكال أولاً، وآخراً.

الطريقة السادسة: الزم نفسي بقراءة جزء من القرآن الكريم كلما دخنت سيجارة، أو بصلاة ركعتين بخشوع،أو بالاستغفار مائة مرة، أو الصلاة على النبي ألف مرة، وهنا سيهرب الشيطان بل وسيقنع النفس الأمارة بالسوء بترك التدخين، ذلك لأن الشيطان يكره عمل الخير وخاصة الصلاة، والصدقة وقراءة القرآن الكريم، وهذه أجدى طريقة لترك التدخين.

الطريقة السابعة: قيل لأحدهم كيف تركت التدخين، وقد كنت مغرماً به، قال: كلما سجدت لله سجدة أقول: ( اللهم عافني من التدخين ) فعافاني بمنِّه وكرمه.

الطريقة الثامنة: استعمال مادة تشترى من الصيدلية اسمها ” اللوبولين” أو علكة ” كوتي ” مثلاً، وكلاهما فيه مادة النيكوتين.

وذلك لتزويد الجسم بالنيكوتين عن طريق المعدة، وذلك لكي يتفرغ المدخن التائب للعدو الثاني: وهو عادة مد اليد على الجيب لإخراج السجائر.وبعد فترة يبدأ بالتخفيف من الكمية رويداً رويدا ثم يتركه إلى الأبد، إن شاء الله تعالى.

علماً بأن بالإمكان الجمع بين اكثر من طريقة لترك التدخين.

س6: ما رأيك بسيجارة بين حين وآخر ؟

ج6: أذكر أن والدي –z- كان إذا أراد فطم صبي أمر والدته أن تضع على مكان الإرضاع مادة مرة جداً ولكنها غير ضارة ألا وهي الصبرة، وتسمى “الحلوة” أيضاً، فمن شدة المرارة فإن الطفل يكره الرضاع تماماً، ولكنه – z – كان يقول:

 في الليل أزيلوا هذه المادة، فإن أفاق الطفل من نومه ليلاً فأرضعوه كالمعتاد، وفي صباح اليوم التالي أعيدوا وضع المادة، وهكذا ثلاثة أيام وثلاث ليال، وفي ذلك عدة فوائد:

الأولى: أن الطفل يرد لهفته من الرضاع.

الثانية: أنه يخفف إنتاج الحليب رويداً رويداً.

الثالثة: انه يخفف آلام الفطام على الأم وابنها، ويتعود على النسيان بالتدريج، أما البعض فإن سيجارة واحدة كفيلة بإعادته إلى التدخين، دفعة واحدة ولو بعد عشر سنين، وبنهم اكثر إلى هذه الآفة من جديد.

وأخيراً فقد كتب بعضهم في مكتبه العبارة الجميلة التالية:

زيارتكم تسرنــــــا وسيجارتكم تضرنا

فلا تفسدوا الزيارة بدخان السيجــارة

 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين

والحمد لله رب العالمين

 

([1])في اليوم العالمي لترك التدخين أظهرت شاشات التلفزيون في شهر6/97 امرأة استؤصلت حنجرتها بسبب إصابتها بالسرطان وفتح لها ثقباً في رقبتها للتنفس، ثم أدلت بتصريح يحزن القلب، ومن ضمن ما قالت: “ومن قال ان النكوتين لا يؤدي إلى الإدمان ؟! “ورغم ما حل بها فإنها تناولت السيجارة وأخذت منها جرعة لا بواسطة الفم ولكن بواسطة الفتحة الموجودة في الرقبة، وأنا اترك هذا الخبر بلا تعليق.

([2]) أسلم أحد الأمريكيين وجاء إلى بلادنا وتعلم اللغة العربية، وترجم إلى الإنجليزية أصعب كتاب فقه الشافعي في نظري وهو ” عمدة السالك وعدة الناسك ” وقدم له عدة مقدمات جليلة، وعندما عُرض عليه أن يُدَّرس التلاميذ في الجامعة في قسم اللغة الإنجليزية – اللهجة الأمريكية – إذ أنها لا تكلفه شيئاً من التحضير أو التعب لأنها لغته الأم، فوافق على ذلك، وعندما دخل إلى قاعة التدريس، وجد الشباب يجلسون بجانب الفتيات، فقال لهم: نحن تركنا بلادنا لكي نأتي إليكم نتعلم منكم أخلاق الإسلام، فوجدنا أنكم بحاجة إلى من يعلمكم، فوالله لولا أني قد التزمت بتدريس هذه الحصة لما أكملتها، وبعد أن انتهت المحاضرة، قدم استقالته على الفور، رغم قلة ذات اليد، ورجاء الجامعة له بالاستمرار، ورغم الراتب الجيد الذي خصص له، وفي أحد الأيام جاء لزيارتي، ولشدة احترامي له قلت له: ماذا تشرب ؟ شاي … قهوة … كازوزة ( مياه غازية ) فقال: لا، لا … فقلت: هل أنت صائم، قال: لا ولكن أعلمك شيئاً، قلت له: تفضل

قال: انتم العرب لا تشربون اكثر منا شاياً ولا قهوة، ولكنكم تصابون بالسكري أكثر منا، قلت له: ولماذا؟ قال: نحن نتناول الطعام ثم نشرب وراءه الشاي والقهوة، ثم نمتنع عنه ساعات كاملة، ثم نتناول الطعام ومعه الشاي والقهوة، ثم نمتنع، ولكنكم انتم كل وقت تشربون قليلاً… يا بنكرياس هات أنسولين، يا بنكرياس هات أنسولين، حتى يتلف البنكرياس

([3])إن كأس شاي بعد كأس شاي أو حبة حلوى بعد أخرى تعمل نفس العمل، بل وإن الأدهى والأمر أن أحدهم يكون على الريق وأول ما يتناوله هو كأساً من الكازوزة (مياه غازية) والتي من مكوناتها الصودا… التي تجعل المعدة المليئة بالطعام تتقزز وتطرد ما فيها من طعام إلى الأمعاء، فيظن ” الذكي” انه استراح من الطعام بينما التلبك قد أصاب الأمعاء، وإن المسكين ما درى أن أوجاع القولون والبواسير أصبحت بانتظاره، عدا عن أن مركبات (الكازوزة) هي من السكرين قديماً، ثم منع تداولها لأنها اتهمت بالسرطان، ثم وضعوا فيها الآن السكر العادي، ولكن يوضع مادة حافظة معه، الله أعلم ما هو ضررها، فكيف يحصل بمعدة من يتناول ذلك على الريق. للمزيد من المعلومات عن المياه الغازية راجع كتاب ( الغذاء لا الدواء للمرحوم الدكتور صبري القباني ).

([4])كان لنا صديق اسمه أبو نعيم نصحناه مراراً وتكراراً بعدم التدخين ولكنه كان معجباً ” بالغليون “، ذهبنا لزيارته فقالوا: انه في المستشفى وتحت العناية المركزة، وكان مصاباً بجلطة حادة في القلب، بعد عدة أيام خرج من العناية الفائقة إلى النقاهة، ولكنه كان يغافل طبيبه النظر ويخرج ليدخن، ناداني الطبيب واسر إلي بكلمة ورجاني أن أُفهم هذا ” ا ل ح م ا ر ” أن الدخان يضر بصحته، بأي طريقة أراها مناسبة، وأفهمته، لكن دون جدوى، ذهبنا بعد شهر إلى البيت، ولكنه كلما دخن سيجارة فإنه يحمل بعدها إلى المستشفى، بعد ستة أشهر أصابته جلطة شلت يده ورجله، وبقي يدخن، ثم اكتشفوا أن ” الغرغرينا ” قد أتت على رجله حتى الفخذ فقُطعت تحت عملية تخدير موضعي لأن قلبه كان لا يتحمل التخدير العام، عندما زرته أجهش بالبكاء، ندماً على عدم سماع النصيحة، انه ندم ولكن بعد فوات الأوان…. ثم استمر على الغليون عدة سنوات فأصاب رجله اليمنى ما أصاب رجله اليسرى، ولم يستطع الأطباء قطعها، لان قلبه لم يكن قادراً على التخدير، فمات بالغرغرينا ولاحظ مغسلوه ان رجله كانت سوداء، وكان الدود يدخل ويخرج منها. فهل من معتبر ؟؟؟.

([5])الدولار في القديم كان يعادل ليرة ذهبية.

([6])كان أحدهم يعلق على التدخين قائلاً: إن للتدخين ثلاث فوائد هي:

  • لا يدخل بيتك اللص. ب- لا يعضك الكلب. جـ-وانك لا تشيب، فقال له الآخر:

وكيف ذلك ؟! قال: إن اللص يسمع سعالك طول الليل فيظنك مستيقظاً، وانك ستحمل العصا فلا يقترب منك الكلب، وإنك تموت قبل أن تدرك سن الشيخوخة.

([7])الصباح الباكر وقت مبارك فقد قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ”(أبو داود لجهاد(2606)،كما أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن السهر بعد العشاء(انظر: صحيح البخاري-كتاب مواقيت الصلاة –باب ما يكره من السمر بعد العشاء، والترمذي في كتاب الصلاة ح رقم(169)، وابن ماجه برقم( 702).واقرأ إن شئت كتابي خمس موبقات في علم الاقتصاد / البركة مفهوم لا يدخل تحت الحاسوب

([8]) نبات الدخان يقتل خصوبة الأرض ويفتك بها قبل أن يفتك بصحة الإنسان، كيف لا، والإنسان مخلوق من التراب.

([9]) دخلت ذات يوم إلى بيت صديق لي، فوجدته مهلهلاً، إذ جدرانه بدون قصارة، وبعض النوافذ سدت بالطوب، وبعضها الآخر التي لها نوافذ غلفت بالنايلون بدل الزجاج، فتعجبت لهذا الوضع المزري، وهذا الفقر المدقع، لأنني أعرف أن في هذا البيت ستة موظفين، وزال عجبي عندما علمت بأن الشباب الموجودين في البيت، مع والدهم جميعهم مدخنون.

قال ميكانيكي سيارات لمدخن: هل تدخن ؟ قال نعم. ثم قال له: هل تأكل زيتا ؟ قال نعم. قال الميانيكي: إذا يلزمك أفرهول ! وقال مدخن لزميله:هل دخانك لئيم ؟ فقال: بل هو ألأم !

([11])إياك من النعناع الصناعي، واقرأ إن شئت كتابي إسعافات أولية في الصيدلية النبوية.

مضمون قد يهمك
أضف تعليقا