مضمون حقوق الانسان

قسم: معلومات عامة مضمون حقوق الانسان » بواسطة عبد الرحمن - 1 يناير 2022

 حقوق الانسان

يهدف هذا الكتيب إلى طرح صورة مبسطة وشارحة لماهية حقوق الإنسان ونشأتها ومصطلحاتها الأساسية وتعريف بنماذج وأمثلة لبعض المؤسسات الحقوقية المصرية والعربية والدولية العاملة و مجال عملها في حقوق الإنسان.
فضلا عن ذلك ، فهذا الكتيب يحاول الإجابة عن العديد من التساؤلات التي يطرحها المهتمون والمتطوعون عن حقوق الإنسان ، كما يحاول تفنيد ما يشاع عن المؤسسات الحقوقية والنشطاء العرب ، وتنقية ما لصق بها من أقاويل ومزاعم عبر العديد من حملات التشهير ، سواء من بعض الصحف الصفراء أو الحملات الحكومية أو من خلال نقص المعلومات المتوفر عنها.
وقد ساهم في إعداد هذا الكتيب العديد من الخبراء والنشطاء الحقوقيين وعلى رأسهم:
محمود قنديل،المحامي المعروف

نزار عبدالقادر ،مدير معهد جنيف لحقوق الإنسان.
محمود عبدالفتاح ، محامي وناشط حقوقي.
سالي سامي ، ناشطة حقوقية.
جمال عيد ، محامي وباحث قانوني ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
فضلا عن عدد من المتطوعين من تسعة دول عربية مختلفة.
فإليهم جميعا نتوجه بالشكر.

 

مصطلحات ومفاهيم القانون الدولي لحقوق الإنسان

قبل أن نبدأ رحلة تطور ونشأة القانون الدولي لحقوق الإنسان وصولاً لما نحن عليه اليوم، وجدنا أنه سيكون من المفيد الإشارة إلى عدد من المصطلحات والمفاهيم المستخدمة في هذا المجال.
وهذه المصطلحات والمفاهيم تشكل ركناً أساسياً في دراسة القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما سيتضح فيما يلي:
إعلان:
مجموعة أفكار ومبادئ عامة ، لا تتمتع بالصفة الالتزامية، وله قيمة أدبية ومعنوية، وتتمتع بالثقل السياسي والأخلاقي إذا ما صدرت عن هيئة دولية مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة. والإعلان يعد من قبيل العرف الدولي. والإعلان غالباً ما يصدر في ظروف نادرة حينما ينص على مبادئ ذات أهمية كبرى وقيمة دائمة كما هو الحال بالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
والإعلان مرادف : قواعد – مبادئ – مدونة – مبادئ توجيهية.
قد أصبح الإعلان معياراً تقاس به درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتقييد بأحكامها.
معاهدة:
تطلق عادة على الاتفاق الدولي الذي يتناول بالتنظيم القانوني موضوعاً ذات أهمية خاصة وذات طابع سياسي، مثل معاهدة السلام المنعقدة بفرساي في 28 يونيه 1919 بين الدول المتحالفة، ألمانيا، ومعاهدة الصداقة والتحالف بين المملكة المتحدة والمملكة المصرية في 26 أغسطس 1936 .
اتفاقية :
اصطلاح يطلق على الاتفاق الدولي يقصد به وضع قواعد قانونية ملزمة لأطرافها.

اتفاقية عقدية:
تكون ثنائية بين دولتان ويكون موضوعها وضع معين أو مسألة معينة تهم الدول الأطراف بحيث تضع لها الاتفاقية تنظيماً أو حلاً معيناً، ويكون الهدف منها مجرد خلق التزامات على عاتق أطرافها بالتطبيق للقواعد الأولية القائمة بينهم.
اتفاقية شارعه :
تكون متعددة الأطراف ويكون موضوعها إنشاء قواعد دولية موضوعية أو خلق قواعد قانونية وليس مجرد التزامات متقابلة للدول فإن إرادة أطراف الاتفاق الدولي تكون واحدة وذلك راجع إلى وحدة موضوعها وقيمة القواعد القانونية التي أنشأتها الاتفاقية، ويهدف أطرافها من وراء إبرامها سن قواعد دولية جديدة تنظم العلاقات بينهم. والغالب أن تكون الاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف أو الجماعية هي اتفاقيات دولية شارعه مثل اتفاقيات حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة .
والاتفاقيات العقدية تكون مصدراً للالتزامات، والاتفاقيات الشارعة تكون مصدراً للقواعد القانونية
عهد:
اتفاق دولي مرادف لاصطلاح اتفاقية، ورد مرتين في سياق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966)
ميثاق:
اصطلاح يطلق على الاتفاقيات الدولية التي يراد إضفاء الجلال على موضوعها وهى عادة تكون منشأة لمنظمات دولية أو إقليمية، مثل ميثاق الأمم المتحدة الموقع في 26 يونيه 1945.
نظام:
اصطلاح يطلق على المعاهدات الجمعية ذات الصيغة الإنشائية، مثل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الموقع عليه في روما في يونيه عام 1998 .

اتفاق:
يستعمل لتنظيم المسائل ذات الصبغة السياسية، أو لتنظيم المسائل التي تغلب عليها الصبغة الاقتصادية.
تصريح:
يطلق عادة على الاتفاقات التي يكون موضوعها تأكيد مبادئ قانونية وسياسية مشتركة مثل تصريح نوفمبر 1815 بشأن وضع سويسرا في حالة حياد دائم.
بروتوكول:
إجراء قانوني يستعمل كوسيلة تكميلية لتسجيل توافق إرادات الدول على مسائل تبعية لما سبق الاتفاق عليه في الاتفاقية المنعقدة بينهم، وقد يتناول تسجيل ما حدث في المؤتمرات الدولية.
والبروتوكول يستمد قوته القانونية من الاتفاقية الملحق بها، ويخضع لجميع المراحل التي تمر بها الاتفاقية من: مفاوضة، تحرير، صياغة، توقيع، تصديق.
توقيع:
إجراء يقوم به المندوبون المفوضون للدول المتعاقدة للتعبير عن ارتضاء الدولة على نصوص الاتفاقية. والتوقيع يكون إما بالأحرف الأولى هو إعطاء فرصة للمندوبين الرجوع إلى دولهم والتعرف على رغبتها فيما تم الاتفاق عليه ، فإن أيدت موقفهم تم التوقيع النهائي ، إن رفضت الحكومات اعتماد التوقيع عدل عن التوقيع النهائي . والتوقيع بالأحرف الأولى لا يعد ملزماً وليس هناك ما يجبر المندوبين على التوقيع النهائي، أي أن كل يحتفظ بالحرية المطلقة في التوقيع النهائي أو الامتناع عنه.
تصديق:
إجراء يقصد به الحصول على إقرارات السلطات المختصة في الدول للاتفاقية التي تم التوقيع عليها. وتختلف طبيعة هذه السلطات حسب القانون الدستوري في كل دولة، ففي مصر والعديد من الدول العربية تحدد هذه السلطات في مجلس الشعب، وفى فرنسا ممثلة في رئيس الجمهورية. وبإجراء التصديق تكون الدولة قد قبلت رسمياً بالاتفاقية ونفاذها في إقليمها. ولا يوجد أجل معين لإجراء التصديق قبل انقضائه إلا إذا حدد مثل هذا الأجل صراحة في الاتفاقية.
انضمام:
إجراء تملك بمقتضاه دولة ليست طرفاً في اتفاقية، أن تعرب عن رغبتها في أن تصبح طرفاً في هذه الاتفاقية، وعلى الدولة أن تراعى في هذه الحالة الإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقية بشأن الانضمام إليها.
تحفظ :
يقصد به إعلان من جانب الدولة باستبعاد أو تعديل الأثر القانوني لأحكام معينة في الاتفاقية من حيث سريانها على هذه الدولة، أي أن الدولة تطلب استثناء من التطبيق مادة معينة في الاتفاقية. والتحفظ يكون بالاستبعاد أو بالتفسير.
والتحفظ يكون مقبول إلا في الحالات التالية:-
(أ) إذا كان التحفظ محظوراً في الاتفاقية.
(ب) إذا كانت الاتفاقية تجيز تحفظات معينة ليس من بينها ذلك التحفظ.
(ج) إذا كان التحفظ مخالفاً لموضوع الاتفاقية أو الغرض منها.
الانسحاب من الاتفاقيات :
يجوز الانسحاب من الاتفاقية إذا كانت الاتفاقية تنظم ذلك ولا ينتج الانسحاب آثاره إلا بعد مرور عام من تاريخ تقديم طلب الانسحاب.
بدء نفاذ الاتفاقية:
يبدأ نفاذ الاتفاقية باكتمال النصاب دولة.ني لعدد الدول المصدقة على الاتفاقية وعدد الدول أو النصاب القانوني أمر نسبى يختلف من اتفاقية لأخرى، فمثلاً النظام الأساسي للمحكمة الجنائية 1998 يشترط تصديق 60 دولة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 يشترط تصديق 35 دولة.واتفاقية حقوق الطفل يشترط تصديق 20 دولة.
القانون الدولي لحقوق الإنسان:
فرع من فروع القانون الدولي العام ويتكون من مجموعة القواعد والمبادئ القانونية المكتوبة والعرفية التي تكفل احترام حقوق وحريات الإنسان وازدهاره، وتهدف لحماية حقوق الفرد المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل حماية الحقوق الجماعية وضمان حقوق الشعب.
ومصادره تتمثل في المعاهدات، والعرف، والمبادئ العامة للقانون، والفقه والقضاء الدولي والوطنية وقرارات المنظمات والمؤتمرات الدولية.
القانون الدولي الإنساني:
فرع من فروع القانون الدولي العام يتكون من مجموعة القواعد القانونية المكتوبة والعرفية التي تنطبق في زمن النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية ، وتهدف قواعده إلى حماية الأشخاص المتضررين من النزاع المسلح وكذلك حماية الأموال والأعيان التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية ، وهو ما يعرف بقانون جنيف (اتفاقية جنيف 1864 – اتفاقية جنيف 1906 – اتفاقية جنيف 1929 – اتفاقية جنيف الأربع الصادرة في أغسطس 1949، وبرتوكولاها اللاحقان لعام 1977 ).
وتهدف قواعده من ناحية أخرى إلي تنظيم أساليب ووسائل استخدام القوة في النزاع المسلح ، وهو ما يعرف بقانون لاهاي ( اتفاقية لاهاي 1907 – إضافة إلى اتفاقيات : حظر استخدام الألغام والأسلحة فوق التقليدية والأسلحة البيولوجية والأسلحة النووية )
اللجنة المعنية بحقوق الإنسان :
هي لجنة مشكلة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966 وتتكون من 18 خبيراً مستقلاً ترشحهم وتنتخبهم الدول الأطراف في العهد عن طرق الاقتراع السري ويعملون بصفتهم الشخصية لمدة أربع سنوات وتعقد اللجنة ثلاث اجتماعات سنويا ، وترفع تقريرها إلى الجمعية العامة عن طرق المجلس الاقتصادي والاجتماعي
وتختص اللجنة بمراقبة تنفيذ أحكام العهد من خلال:
أ – تلقي ودراسة التقارير الأولية والدورية المقدمة من الدول الأطراف في العهد عن امتثالها لأحكامه والتطبيق المحرز لتطبيق مواد العهد.
ب- يمكن للجنة النظر في الشكاوى لتقدمها دولة ضد أخرى بالادعاء بعدم التزامها بالعهد، بشرط أن تصدر كلتاهما إعلانا تعترف فيه باختصاص اللجنة في هذا الأمر، وفقا لنص المادة 41 من العهد.
ج- بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد تتلقى اللجنة شكاوى من الأفراد الذين يدعون بوقوع انتهاكات لحقوقهم من دولهم كما يحق لها اتخاذ ما يلزم بشأنها ( هذا الحق مكفول للأفراد من الدول التي صدقت على العهد والبروتوكول الاختياري. وبشرط ألا تكون الشكوى مجهولة المصدر وألا تكون محل تحقيق أمام جهة دولية أخرى واستنفاد وسائل الإنصاف الداخلية. ).

لجنة حقوق الإنسان:
تم إلغاءها واختتمت أعمالها في 16/6/2006 ، وحل محلها المجلس الدولي لحقوق الإنسان ولكنها أسست طبقاً للمادة 68 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على “أن ينشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجاناً للشئون الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز حقوق الإنسان كما ينشأ غير ذلك من اللجان التي قد يحتاج إليها لتأدية وظيفته”.
وإعمالا لهذا النص فلجنة حقوق الإنسان أنشأت بموجب قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 5 “د-1” المؤرخ 16 فبراير 1946 . واكتملت تشكيلها بموجب قرار المجلس 9 “د-2” المؤرخ 21 يونيو 1946 الذي كلف اللجنة بإجراء دراسات وإعداد توصيات ومشاريع إعلانات واتفاقيات دولية تتعلق بحقوق الإنسان، وكانت تقوم اللجنة أيضاً بما تكلفها بها الجمعية العامة أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي من مهام خاصة تشمل التحقيق في الادعاءات المتعلقة بالانتهاكات ودراسة الرسائل المتعلقة بهذه الانتهاكات .
وكانت تتعاون اللجنة تعاوناً وثيقاً مع جميع هيئات الأمم المتحدة المتصلة بحقوق الإنسان وتحضر بقية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة دورات اللجنة بصفة مراقبين. وكان يجوز للجنة أن تدعو أي حركة تحرر وطنية تعترف بها قرارات الجمعية العامة للمشاركة في مداولاتها حول أية مسألة تهم تلك الحركة بشكل خاص. وكان يجوز للمنظمات غير الحكومية ذات المركز الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يحضر ممثليها بصفة مراقب في الجلسات العامة للجنة.
ويتبع اللجنة عدد من المقررين الخاصين وافرقة العمل يزيد عددهم عن أربعين ويشار إليهم بتسميات مختلفة: فريق عمل، مقرر خاص، ممثل خاص للامين العام ، خبير مستقل، ممثل اللجنة.
ويعمل هؤلاء على مستويين:
1-آليات موضوعية : تبحث في أنواع محددة من انتهاكات حقوق الإنسان ، وأول آلية أنشأت عام 1980هى الفريق العامل المعنى بحالات الاختفاء القسرى أو غير الطوعي، ثم تلته آليات لمعالجة عمليات الإعدام خارج نطاق القانون 1982 ،وفى مرحلة لاحقة تأسست آليات لمعالجة قضايا التعذيب1985، وحرية الرأي والتعبير1993، الاحتجاز القسرى1991 ممثل الأمين العام للمدافعين عن حقوق الانسان2000 ،……..
2- آليات قطرية: تعمل ببحث حالة حقوق الإنسان في بلدان محددة ،وأنشأت أول آلية قطرية عام 1984بتعيين المقرر الخاص المعنى بوضع حقوق الإنسان في أفغانستان،ثم تلاه تعيين مقررين خاصين في بلدان أخرى : العراق 1991،وميانمار 1991، وفى عام 1993 تم تعيين مقررين خاصين لدراسة الأوضاع في كمبوديا ، والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ1967 ، والصومال ، والسودان، وفى عام 1994 مقرر خاص للكونجو الديمقراطية،…….
وتختص الآليات القطرية والموضوعية بإجراء دراسات عامة عن أوضاع حقوق الإنسان ، وتلقى الرسائل التي تزعم وقوع انتهاكات.
وتعمل الآليات عن طريق مخاطبة الحكومات في صورة مناشدات عاجلة أو خطابات ، ويقوم المقررين الخاصين وافرقة العمل بالزيارات الميدانية لمواقع الأحداث لدراسة الأوضاع على الطبيعة.
ويقدم مسئولي الآليات تقاريرهم السنوية إلى اللجنة في دور انعقادها شهري مارس وابريل من كل عام.
اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان:
في الدورة الأولى للجنة حقوق الإنسان عام 1947 أنشأت اللجنة الفرعية (كان اسمها حتى العام 1999 اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات) وتتشكل اللجنة من 26 خبيرا مستقلا تنتخبهم لجنة حقوق الإنسان لمدة ثلاث سنوات . وتعقد اللجنة اجتماعها مرة واحدة على الأقل سنويا لمدة ثلاث أسابيع، ويحض اجتماعها ممثلين عن الدول الأعضاء وغير الأعضاء وممثلين عن وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وحركات التحرر ومراقبين عن المنظمات غير الحكومية ذات الصفة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وتختص بالمهام الآتية:
أ) إجراء دراسات حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ب) تقديم التوصيات إلى لجنة حقوق الإنسان فيما يتعلق بالتمييز وحقوق الإنسان والحريات الأساسية وحماية الأقليات.
ج) القيام بأية مهام تكلفها بها لجنة حقوق الإنسان أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي .
وبموجب القرار 1574 لسنة1965 خول المجلس الاقتصادي والاجتماعي اللجنة الفرعية بدراسة تقارير الدول.
وبموجب القرار 1235 لسنة 1967 خول المجلس الاقتصادي والاجتماعي اللجنة الفرعية ولجنة حقوق الإنسان بدراسة وفحص الرسائل حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تصلها من الأفراد والمنظمات غير الحكومية.
وأنشأت اللجنة الفرعية عدة فرق عمل منها :
الفريق العامل المعنى بالرسائل بموجب القرار 1503( النظر في الشكاوى التي تعبر عن نمط ثابت من الانتهاكات)، والفريق العامل المعنى بالرق وممارسة تجارة الرقيق الشبيهة بالرق واستغلال عمل الأطفال والدعارة، والفريق العامل المعنى بالأشخاص المعتقلين والمحتجزين، والفريق العامل المعنى بالسكان الأصليين.
المفوضية السامية لحقوق الإنسان:
وظيفة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أنشأت بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة 48 بتاريخ 20 ديسمبر 1993، وذلك تلبية لمطالب وتوصيات المنظمات غير الحكومية وآخرها التوصية الصادرة عام 1993 عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان في فيينا.
ويختص جهاز المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأنشطة الآتية :
أ‌) الإشراف على نشاطات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، وتنسيق برامج الأمم المتحدة للتثقيف والإعلام في ميدان حقوق الإنسان، ونقل المعلومات والتقارير والدراسات والبيانات والرسائل إلى هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان .
ب‌) تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومتابعة بعثات تقصى الحقائق ،والتدخل في الحالات الطارئة التي تستدعى إجراءات وقائية ، ومتابعة لجان التحقيق ، وتنفيذ التوصيات المقدمة من المقررين الخاصين والافرقة العاملة
ت‌) توفير المساعدات التقنية والمالية والخدمات الاستشارية في ميدان حقوق الإنسان
ث‌) إجراء حوار مع الحكومات والمنظمات الدولية والاقليمية والمنظمات غير الحكومية بهدف ضمان احترام حقوق الإنسان.
ويرأس المفوضية مفوض سامي بدرجة نائب سكرتير عام ، ويعين من قبل الأمين العام للأمم المتحدة لمدة أربع سنوات .
وتشغل القاضية الكندية لويز اربو منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان ، خلفا للبرازيلى سيرجوا فيريا دميلو(2002-2003) الذي اغتيل نهاية العام 2003 في العراق، والمفوضان السابقان لدميلو هما : مارى ربنسون(1997-2002) خوسيه ايلا- لاسو(1994-1997).
المنظمات غير الحكومية ذات المركز الاستشاري بالأمم المتحدة:
تنص المادة 71 من ميثاق الأمم المتحدة على ” للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يجرى الترتيبات المناسبة والتشاور من المنظمات غير الحكومية” وفى 23 مايو 1968 اصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي القرار 1269(د-24) وحدد فيه معايير منح الصفة الاستشارية للمنظمات غير الحكومية :
1) أن تكون أهداف ومقاصد المنظمة معنية بمسائل تدخل في اختصاص المجلس الاقتصادي والاجتماعي. 2) أن تكون أهداف ومقاصد المنظمة منسجمة مع روح ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده ومبادئه. 3) تعهد المنظمة بدعم أعمال الأمم المتحدة وتعزيز المعرفة بمبادئها ونشاطها. 4) أن تدار المنظمة بصورة ديمقراطية، وان تكون موارد المنظمة المالية واضحة ومستقلة، وان تكون المنظمة ذو مكانة دولية ومعترف بها.
والمنظمات التي تتمتع بالصفة الاستشارية عليها واجب تقديم تقارير عن نشاطها كل أربع سنوات وان تحافظ على نشاطها وأداءها الذي بمقضاه منحت الصفة الاستشارية.
ومقابل هذه الواجبات تتمتع المنظمة بالحقوق الآتية:
– حضور مندوبيها كمراقبين بجلسات المجلس الاقتصادي والاجتماعي ،ولجنة حقوق الإنسان، واللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.
– تقديم بيانات كتابية عن أوضاع حقوق الإنسان
– الإدلاء ببيانات شفوية في الجلسات
– طلب إدراج بنود في جدول الأعمال وحق مناقشتها
– تقديم معلومات عن انتهاكا حقوق الإنسان
وتقسم المنظمات غير الحكومية في علاقتها بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى ثلاث فئات:
منظمات الفئة الأولى:ذات مركز استشاري عام، والتي تعنى بمعظم أنشطة المجلس ولديها إسهامات بارزة في الأمم المتحدة.
منظمات الفئة الثانية:ذات مركز استشاري خاص، والتي لها اختصاص محدد وتعنى بجوانب قليلة من أنشطة المجلس.
منظمات الفئة الثالثة: منظمات تدرج في قائمة المشاورات المتخصصة وتقدم أحيانا إسهامات مفيدة في نشاط المجلس.
المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان:
هي مؤسسات منشأة بموجب قرار يصدر من رئيس الجمهورية أو إحدى الجهات المختصة بالدولة. وتعمل وفق مبادئ باريس(قرار الجمعية العامة 48/134-ديسمبر1993) وتختص بالاتي:
تعزيز وحماية حقوق الإنسان من خلال تقديم أراء و توصيات ومقترحات وتقارير ذات صفة استشارية إلى الجهات الرسمية وغير الرسمية بالدول. وتعمل على حث الدولة على الانضمام والتصديق على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.كما تسعى لضمان مواءمة القوانين الداخلية للدولة مع التزاماتها بموجب انضمامها للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وتتولى إعداد التقارير التي تقدمها الدولة للجان الإشراف على الاتفاقيات الدولية.كما تساهم في إعداد وتفعيل البرامج الخاصة بتدريس حقوق الإنسان .
وهناك ثماني دول عربية بادرت بإنشاء مجالس وطنية لحقوق الإنسان هي:
المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالمغرب- المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر- الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بتونس – اللجنة الوطنية الاستشارية لتدعيم حقوق الإنسان وحمايتها بالجزائر – الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان -المركز الوطني لحقوق الإنسان بالأردن–الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالسعودية –اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر.
المجلس الدولي لحقوق الإنسان :
هيئة دولية فرعية تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وتحل محل لجنة حقوق الإنسان- التي ألغيت واختتمت أعمالها في 16/6/2006- وانشأ المجلس الدولي لحقوق الإنسان بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24فبراير2006( (A/60/L.48ِِ وتم انتخاب انتخابات أعضاء المجلس في 9مايو 2006 وعقد أولى جلساته في 19يونيه2006.
ويتألف المجلس من 47 دولة عضو تنتخبها أغلبية أعضاء الجمعية العامة بالاقتراع السري المباشر وبشكل فردى، وتخضع إجراءات العضوية لقاعدة التوزيع الجغرافي العادل لكل الدول الأعضاء على أن توزع مقاعد المجلس على النحو التالي:
13 عضوا للمجموعة الإفريقية، 13 للمجموعة الآسيوية، 6 لمجموعة أوربا الشرقية، 8 لمجموعة أمريكا اللاتينية، 7 لمجموعة أوربا الغربية ودول أخرى.
– وأسفرت نتائج الانتخابات-فى9/5/2006 عن فوز سبع دول عربية بعضوية المجلس( تونس-الجزائر-جيبوتي-الأردن-البحرين-المملكة العربية السعودية)
وفى الدورة الثانية للمجلس في 17/5/2007 تم انتخاب مصر ضمن المجموعة الإفريقية، وقطر ضمن المجموعة الآسيوية.
وتمتد ولاية أعضاء المجلس ثلاث سنوات ولا تجوز إعادة انتخابهم لأكثر من مرتين.
ويعمل المجلس بصورة حيادية وموضوعية وينأى عن الانتقائية معتمدا أسلوب الحوار والتعاون الدوليين بهدف النهوض وتعزيز التنسيق الفعال لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق في التنمية.
ويختص المجلس الدولي لحقوق الإنسان بالأعمال التالية:
1- الاضطلاع بجميع مهام ومسؤوليات لجنة حقوق الإنسان والعمل على تحسينها وترشيدها والحفاظ على نظام الإجراءات الخاصة والإجراءات المتعلقة بالشكاوى
2- تعزيز وحماية حقوق الإنسان ومعالجة حالات انتهاك حقوق الإنسان الجسيمة والمنهجية.
3- النهوض بالتثقيف والتعليم في مجال حقوق الإنسان فضلا عن الخدمات الاستشارية والمساعدة الفنية بالتشاور مع الدول الأعضاء بالمجلس.
4-إقامة الحوار بين الدول الأعضاء في كل الموضوعات ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان.
5-تقديم توصيات إلى الجمعية العامة بهدف تطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
6-متابعة مدى التزام الدول بالتزاماتها بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
7-إقامة الحوار والحث على التعاون الدولي لمنع حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والاستجابة سريعا في الحالات الطارئة المتعلقة بحقوق الإنسان.
8-يحل محل لجنة حقوق الإنسان فيما يتعلق بمسؤوليتها تجاه مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
9-المساواة في التعاون والعمل بين الحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
10-تقديم توصيات تتعلق بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتقديم تقرير سنوي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الشرعة الدولية لحقوق الإنسان :
مصطلح يقصد به خمس وثائق تحديداً هي:
– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948
– العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966
– العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966 .
– البرتوكول الاختياري المحلق بالعهد الدولي الخاص ص بالحقوق المدنية والسياسية (الشكاوى الفردية) (1966)
– البرتوكول الاختياري المحلق بالعهد الدولي الخاص ص بالحقوق المدنية والسياسية
(إلغاء عقوبة الإعدام) (1966)
وأطلقت هذا المصطلح لجنة حقوق الإنسان في دورتها الأولى المنعقدة في ديسمبر 1947 على سلسلة الوثائق الجاري إعدادها وقتئذٍ ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهدين الدوليين

نشأة وتطور القانون الدولي لحقوق الإنسان

تضافرت جهود الأمم لإيجاد مرجعية فكرية وثقافية لحقوق الإنسان، لارتباط حقوق الإنسان بتراثها، وشغلت قضية حقوق الإنسان حيزا كبيرا عبر التاريخ لدى مختلف النظريات الفلسفية والسياسية، وتعاليم الأديان، وباتت الزاوية الأكثر وضوحاً في القانون الدولي. ولقد تداخلت عوامل كثيرة منذ القدم في عملية تطوير الحقوق والحريات والتي تدور في حلقة علاقة الفرد بالسلطة بمختلف أشكالها.
فأنصار الحضارات القديمة الفرعونية وحضارة ما بين النهرين والهيلينية (اليونان والرومان) يرجعون حقوق الإنسان إلى تراث هذه الحضارات رغم أن هذه الحضارات كانت تعلي من شأن السلطة الدينية على حساب حقوق الأفراد، وكانت تقوم على تقسيم الأفراد طبقاً لطبقات اجتماعية.
أيضا ساهمت الديانات السماوية في تشكيل  الجذور الروحية لحقوق الإنسان .
وانضم إلى أنصار الحضارات القديمة والديانات السماوية أنصار النظريات الفلسفية الكبرى مثل مدرسة القانون الطبيعي ونظرية العقد الاجتماعي :
فنظرية القانون الطبيعي تدور حول فكرة أن الطبيعة هي الحجر الأساسي للطبيعة ولصلاحية النظام القانوني للمجتمعات المنظمة وهذه الطبيعة تجعل كل البشر متساويين ومتشابهين لأنهم جميعاً يمتلكون العقل.
ومن أبرز مفكري نظرية القانون الطبيعي: شيشرون (106-43ق.م) والقديس توما الأكويني في القرن الثالث عشر وهيجوجرسيوس (1583-1645) وصمويل بوفندروف (1623-1694).
أما نظرية العقد الاجتماعي: فتعتبر امتداد لنظرية القانون الطبيعي إذ تصور خروج الإنسان من حالته الفطرية ليصبح عضواً في مجتمع منظم. وهي تقوم على فكرة العقد القائم على اتفاق الجماعة لإقامة نوع من التنظيم الذي يضمن لها الأمن والاستقرار، وأنصار العقد الاجتماعي يفسرون ظاهرة وجود سلطة والدولة ون نشأتها تكون نتيجة اتفاق بين الأفراد تعاقدياً، في إطار المجتمع.
وبرزت نظرية العقد الاجتماعي في القرن السابع والثامن عشر مع بروز الأفكار الليبرالية في أوروبا.
وفكرة العقد الاجتماعي استعملت أساساً عند الكثير من المفكرين والفلاسفة لمقاومة السلطة المطلقة واستبداد الأمراء والملوك ولضمان حرية الفرد من تسلط الحاكم، وبصورة مغايرة استخدم البعض أفكار العقد الاجتماعي ليبرر أنظمة الحكم الاستبدادي والحق المطلق للملوك.
ومن أبرز مفكري هذه النظرية: توماس هوبز (1588-1679) وجون لوك (1632-1704) وجان جاك روسو (1712-1778) ومونتيسكيو (1689-1755) وفولتير (1694-1778).
إضافة للأفكار والاجتهادات التي وردت في الحضارات القديمة وتعاليم الأديان السماوية ونظريات الفلاسفة والمفكرين، فلا نستطيع أن نغفل المرجعيات القانونية لحقوق الإنسان قبل مرحلة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خاصةً في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
الشرعة العظمى ( المجنا كارتا- ( magna carta  1215: أصدرها الملك جون ابن الملك هنري الثاني ملك إنجلترا وعرفت بالعهد الأعظم وهذا العهد هو رمز سيادة الدستور على الملك وجاء فيها “لن يقبض على رجل حر أو يسجن أو يشرد أو ينفى أو يقتل أو يحطم بأي وسيلة إلا بعد محاكمة قانونية من نظرائه أو طبقاً لقوانين البلاد وكذلك لن نبيع رجلاً أو ننكر وجوده أو نغمضه حقاً أو نظلمه”.
وتحتوي المجنا كارتا على 63 مادة منها ما ينظم العلاقات بين الملك والبارونات ويكرس حقوق الإقطاعيين وحمايتهم من تدخل الملك ورجاله ومنها ما يتعلق بحريات دينية وتأمين امتيازات الكنيسة ومنها ما ينص على حقوق وحريات سياسية ومدنية مختلفة للشعب الإنجليزي وخاصةً ضمانة الحرية الشخصية دون تمييز الطبقات الاجتماعية وتأمين العدالة بواسطة قضاء مستقل ونزيه  . ولأعضاء الفاعلية لهذه الوثيقة قررت المادة 25 منها إنشاء هيئة مؤلفة من 25 نبيلاً عهد إليها مراقبة تنفيذ بنودها.
عريضة الحقوق ” Petition of Right صدرت عام 1628 في إنجلترا وهي عريضة رفعها البرلمان للملك شارل الأول يذكره فيها بحقوق وحريات الشعب الإنجليزي وتأكد في العريضة عن مبدأين أساسيين: احترام الحرية الشخصية وحفظها عن طريق منع التوقيف التعسفي بدون محاكمة وعدم فرض ضرائب جديدة بدون مراقبة البرلمان. وجاء فيها ” لا يسجن أي شخص إلا بتهمة حقيقية محددة ولا تعلن الأحكام العرفية وقت السلم”.
مذكرة الإيباس كوربس  ” habeas corpusالتي صدرت عام 1679 والتي تعني “إليك جسدك” في إنجلترا لتأكيد حماية الحرية الشخصية من تعسف الإدارة. وتتعلق الوثيقة أساساً بحقوق المتهم وعدم اعتقاله بصورة تعسفية كما تؤكد على قواعد وأصول المحاكمة العاجلة ومعاملة الموقفين والسجناء وخاصةً بما يتعلق بالتوقيف الاحتياطي وتقصيره إلى أدنى حد ممكن. ونصت على “الأمر الذي يصدره القاضي أي هيئة المحكمة إلى المسئول الذي يتولى سجن شخص ما ليحضر السجين فوراً إلى المحكمة لتنظر بأمر قانونية سجنه وتتولى محاكمته هي أو محكمة أخرى”، كما تضمن قانون الإيباس كوربس عقوبات شديدة بحق كل  قاضي أو أي مسئول آخر يخالف أحكامه في إصدار أو تنفيذ أمر إحضار السجين كما تضمن إلزام المخالف بتعويض لمصلحة السجين.
شرعة الحقوق “ Bill of Right ”  صدرت في إنجلترا وأكدت أنه ليس للملك سلطة إيقاف القوانين أو الإعفاء من تطبيقها وليس له فرض ضرائب من غير موافقة البرلمان ونصت على حق الرعايا في تقديم العرائض والالتماسات للملك دون أن يرتب على ذلك نتائج معينة كالسجن أو الملاحقة. كما جعلت الشرعة عملية انتخاب أعضاء البرلمان تجرى بطريقة حرة ونصت على حصانة النائب بأن لا تحق ملاحقته عن كل ما يقوله ويكتبه أثناء الجلسات وأمام أي هيئة خارج إطار البرلمان نفسه.

إعلان فيرجينيا 1776 : جاء نتيجة استقلال ولاية فيرجينيا عن العرش البريطاني وكان له أهمية بالغة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وأكد الإعلان على الحرية الدينية بالإضافة إلى الحريات الشخصية والسياسية ومن أهمها المساواة وعدم التمييز بين المواطنين وحرية الانتخابات وحق الملكية للمصلحة العامة والحق في حرية الرأي والتعبير وإلغاء العقوبات الجسيمة .
إعلان الاستقلال 1776 : صدر عقب استقلال المستعمرات الأمريكية الثلاثة عشر عن بريطانيا وأكد الإعلان الحقوق الطبيعية والأساسية للإنسان ونص على ” يولد جميع الناس أحراراً وقد وهبها الناس حقوقاً لا يعقل أن يتخلى عنها من بين هذه الحقوق الحق في الحياة والحرية والبحث عن السعادة ويجب على الحكومات القائمة أن تعمل على ضمان هذه الحقوق وأن تمد سلطانها العادل من رضا المحكومين ومن حق الشعب إذا ما خلت الحكومة بهدف من هذه الأهداف أن يغيرها أو يلغيها ثم يقيم بدلاً منها حكومة يضع أسسها على مبادئ وينظم سلطانها بالصيغة التي تحقق له المن والسعادة  .
شرعة الحقوق 1791: وهي عبارة عن عشرة تعديلات أدخلت على الدستور الأمريكي لعام 1791 وأهم هذه التعديلات:
– الحرية الدينية: فلا يحق للكونجرس إصدار قوانين تعرقل وجود أي دين أو يمنع حرية ممارسة الشعائر.
-حرية الرأي قولاً وكتابةً وحرية الصحافة والتجمع وتقديم العرائض والملتمسات.
-حرمة الحياة الشخصية وضمانات المحاكمة العادلة وإلغاء العقوبات القاسية.
إعلان حقوق الإنسان والمواطن 1789: تجاوز إعلان حقوق الإنسان والمواطن حدود فرنسا وأخذ حقه عالمياً وهو يعبر عن أربعة مبادئ أساسية.
– يولد الناس ويظلون أحراراً متساويين في الحقوق.
– حرية الرأي والتعبير.
– حق المواطنين في إدارة بلادهم.
– التوازن بين حقوق الأفراد من جهة والمصلحة العامة من جهة أخرى.
تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان في ظل نشأة الأمم المتحدة:
وقد ظلت قضية حقوق الإنسان على مدى عقود طويلة شأنا داخليا ومسألة لصيقة بالدول ومن ثم فلا يجوز للقانون الدولي أن يهتم بها أو حتى يقترب منها، إلا أن مع بداية عصر التنظيم الدولي بقيام “عصبة الأمم” في أعقاب الحرب العالمية الأولى شهدت قضية حقوق الإنسان نقلة نوعية حين اتجه الاهتمام نحو توفير الحماية من خلال آليات معينة أهمها المعاهدات الدولية. ومع ذلك فقد ظل الاهتمام بقضية حقوق الإنسان في إطار عصبة الأمم جزئيا ومحدود النطاق والفاعلية. ولذلك يمكن القول دون تجاوز أن ميثاق الأمم المتحدة هو أول وثيقة في تاريخ البشرية تشير بصراحة ووضوح كاملين إلي مسئولية المجتمع الدولي ككل في إقرار وحماية حقوق الإنسان ووضع نظام دولي عاما وشاملا لتحديد مضمون هذه الحقوق والعمل على ابتكار آليات مختلفة لحمايتها ودعمها.

خطت الأمم المتحدة خطوات كبيرة إلي الأمام في سبيل الإقرار بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية بإصدارها للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر 1948م ، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في العام 1965م، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في العام 1966م ، اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في العام 1979م، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في العام 1984م ، اتفاقية حقوق الطفل في العام 1989م  والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم في الثامن عشر من ديسمبر 1990م.
ميثاق الأمم المتحدة 1945: لم يسبق صدور ميثاق الأمم المتحدة اهتمام دولي بقضية حقوق الإنسان ففي عهد عصبة الأمم لم تحظى قضية حقوق الإنسان بالاهتمام المأمول عدا اتفاقيات دولية في إطار منظمة العمل الدولية والاتفاقيات الدولية التي تحظر الرق، وغيرها من الاتفاقيات التي نظمت قوانين وأعراف الحرب “لاهاي – جنيف”.
وعقب الحرب العالمية الثانية وما شاهدته البشرية من ويلات الحرب التي خلفت ورائها ملايين الضحايا بين قتلي ومصابين وجرحي ولاجئين وأسري برزت الحاجة قوية لصياغة حقوق الإنسان علي أساس قانوني ورفع مكانتها القانونية في العلاقات الدولية.
في 6 يناير 1941 وجه فرانكلين روزفلت الرئيس الأمريكي أثناء الحرب العالمية الثانية رسالة شهيرة إلي مؤتمر الولايات المتحدة وكان ضمنها إشارة إلي الحريات الإنسانية الأربع “القول – العبادة – الحماية من العوز – العيش بمأمن من الخوف”.
وفي 14 أغسطس 1941: وقع روزفلت مع رئيس الوزراء البريطاني ونستن تشرشل ميثاقاً يؤكدون فيه ضرورة حماية جميع الناس من الخوف والحاجة.
وفي 1 يناير 1942: وقع ممثلي 26 دولة إعلان الأمم المتحدة وسجلوا فيه “الدفاع عن الحياة والحرية والاستقلال والحرية الدينية وضمان حقوق الإنسان والعدالة البشرية في بلادهم وسائر البلاد”.
في مؤتمر دومبارتون أكس بين أغسطس وسبتمبر 1944 تم الاقتراح بإنشاء هيئة دولية عامة متخصصة في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الدولية إضافة إلي “العمل علي احترام حقوق الإنسان” إلا أن حقوق الإنسان لم تحتل مكانة مميزة بل كانت محددة وطغي علي المؤتمر مقترحات من أجل منظمة دولية عامة تدعي الأمم المتحدة بدلاً من عصبة الأمم.
في 26 يونيو 1945 في سان فرانسيسكو: جاء ميثاق الأمم المتحدة ليتوج ثمرة الجهود الدولية المبذولة ويؤكد في ديباجته مسئولية أعضاء المنظمة الدولية علي “إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت علي الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف” كما أكد ميثاق الأمم المتحدة علي إيمان شعوب الأمم المتحدة “بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية” وعلي بيان “الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي” وذلك بغرض الدفع “بالرقي الاجتماعي قدماً” ورفع “مستوي الحياة في جو من الحرية أفسح” ولتحقيق هذه الغايات عزموا علي “أن نأخذ علي أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار” .
ولإعطاء مسألة حقوق الإنسان المزيد من الأهمية في الميثاق ومن باب أولي التأكيد علي ذلك من مقاصد الهيئة الدولية ومبادئها نصت الفقرة الثانية من المادة الأولي علي “تعزيز واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع علي ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين النساء والرجال”.
وفي إطار تحديد الميثاق لصلاحيات الجمعية العامة ودورها في إعداد دراسات وتوصيات تقضي الفقرة “ب” من المادة 13/1 “إنماء التعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والإعانة علي تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز بينهم في الجنس واللغة والدين ولا تفريق بين الرجال والنساء”.
وأكد الميثاق في مجال التعاون الدولي الاقتصادي والاجتماعي بموجب الفقرة “ج” من المادة 55 ضرورة “أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين النساء والرجال ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعلاً.
وبديهي أن التعاون الدولي لن يكون له أدني تأثير بدون تعهد الدول علي ذلك بموجب المادة 56 “يتعهد جميع الأعضاء أن يقوموا منفردين أو مشتركين بما يجب عليهم من عمل بالتعاون مع الهيئة لإدراك المقاصد المنصوص عليها في المادة الخامسة والخمسين”.
وعهد الميثاق لأحد الأجهزة الرئيسية بالهيئة الدولية. وهو المجلس الاقتصادي والاجتماعي بمتابعة تنفيذ كل ما يتعلق بحقوق الإنسان وحدد اختصاصاته بموجب الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 62 “2 – وله أن يقدم توصيات فيما يختص بإشاعة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها. 3 – وله أن يعقد مشروعات اتفاقات لتعرض علي الجمعية العامة عن المسائل التي تدخل في دائرة اختصاصاته.
ومن ضمن صلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي في المادة 68 إنشاء “لجاناً للشئون الاقتصادية والاجتماعية ولتعزيز حقوق الإنسان ، كما ينشئ غير ذلك من اللجان التي قد يحتاج إليها لتأدية وظائفه ” . (انشأ لاحقا لجنة حقوق الإنسان عام 1946)
ولتحسين أداء المجلس الاقتصادي والاجتماعي لدوره له التنسيق مع المنظمات غير الحكومية بموجب المادة 71 “للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يجري الترتيبات المناسبة للتشاور مع الهيئة غير الحكومية التي تعني بالمسائل الداخلة في اختصاصاته وهذه الترتيبات قد يجريها المجلس مع هيئات دولية كما أنه قد يجريها إذا رأي ذلك ملائماً مع هيئات أهلية وبعد التشاور مع عضو الأمم المتحدة ذي الشأن .(وهو ما يعرف بمنح الصفة الاستشارية للمنظمات غير الحكومية)

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

أوصت اللجنة التحضيرية للأمم المتحدة في الجلسة الختامية للمؤتمر بأن ينشئ المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته الأولي لجنة لتعزيز حقوق الإنسان علي النحو المتوخي في المادة 68 من الميثاق وعهد بهذه التوصية إنشاء المجلس للجنة حقوق الإنسان في 16 فبراير 1946، ونظرت الجمعية العامة في الجزء الأول من دورتها الأولي المنعقدة في لندن يناير 1946 في مشروع إعلان لحقوق وحريات الإنسان الأساسية أحالته إلي المجلس الاقتصادي والاجتماعي لأحالته إلي لجنة حقوق الإنسان لتعد لشرعة دولية لحقوق الإنسان وأذنت للجنة في دورتها الأولي المنعقدة في أوائل عام 47 بصياغة ما أسمته مشروع أولي لشرعة دولية لحقوق الإنسان وبعد ذلك تشكلت لجنة لصياغة الإعلان وتألفت من ممثلي دول روعي في اختيارهم التوزيع الجغرافي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتشكلت اللجنة من:
1 – إليانور روزفلت “رئيس اللجنة” مندوب الولايات المتحدة الأمريكية .
2 – شارل مالك “مقرر اللجنة” مندوب لبنان .
3 – رينيه كاسان “نائب الرئيس” مندوب فرنسا .
4 – بنج شونج تشانج “نائب الرئيس” مندوب الصين .
5 – جون ب . هنفري “عضو” مندوب كندا .
6 – هيرنان سانتا كروز “عضو” مندوب تشيلي.
7 – إلكس بافلون “عضو” مندوب الاتحاد السوفيتي.
8 – جوفري ويلسون “عضو” مندوب بريطانيا .
9 – ويليم هود جيسون “عضو” مندوب إستراليا .

وعقدت اللجنة خلال فترة وجيزة 85 اجتماعا صاخباً تميزت بالضبابية والمزايدات السياسية حول قضية وجب أن تكون منزهة عن السياسة إلا أن المناقشات حول المسودة الأولي للشرعة بلغت درجة عالية من تضارب الآراء والمواقف وقد تميزت الخلافات العقائدية بين الماركسيين والليبراليين بدرجة أعلي من العنف والتحدي وكانت بمثابة المؤشر الواضح علي قرب اندلاع الحرب الباردة.
وفي 10 ديسمبر 1948 أذيع في قصر شايو بباريس موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي خضع لـ (1233)إجراء تصويت وذلك بموافقة 48 دولة وبدون أي معارضة وتغيب دولتين وامتناع 8 دول عن التصويت وهم:
– المملكة العربية السعودية ” رفضاً للمادة 18″.
– وجنوب أفريقيا “بررت رفضها لافتقاد الإعلان للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الضرورية الحقيقية هذا السبب لإخفاء السبب الحقيقي للرفض وهو تضمن الإعلان حظر التمييز.
– وست دول هم: “الإتحاد السوفيتي – روسيا البيضاء – أوكرانيا – تشيكوسلوفاكيا – بولندا – يوغسلافيا” مبررين امتناعهم عن التصويت بأن الإعلان يساهم في تدخل المنظمة في شئون الدول الداخلية ، إضافة إلي أن الحريات الواردة في الإعلان شكلية ولا تؤمن الوسائل العملية لممارستها.
القيمة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
ويعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مثالاً مشتركاً ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم قد أصبح معياراً تقاس به درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتقييد بأحكامها. والإعلان العالمي يعد قاعدة عرفية دولية تحترمها الدول وتعمل بموجبها ومن ثم فهو لا يتمتع بقوة قانونية وهو يمثل مركزاً أخلاقيا وأدبياً مرموقاً في تاريخ تطور الحريات العامة عبر الأجيال وهو أول وثيقة تتضافر فيها إرادة  دول العالم بغية تحقيق كرامة الإنسان أينما كان.
وللإعلان قوة معنوية اعتبارية فبالرغم من الاختلافات الحضارية والأيدلوجية والدينية واللغوية الموجودة في العالم استطاع الإعلان أن يشكل مرجعاً يستطيع الرأي العام أن يحكم انطلاقا منه علي تصرف ما بمدي احترامه لحقوق الإنسان الأساسية. وللإعلان سلطة أدبية لتنديد بالدول التي لا تحترم حقوق الإنسان.
وقد قصد في الإعلان في بداية الأمر أن يكون بياناً بالأهداف التي ينبغي للحكومات أن تحققها ومن ثم فلم يكن الإعلان جزءاً من القانون الدولي الملزم بيد أن قبول هذا الإعلان من جانب عدد ضخم من الدول قد أضفي عليه وزناً معنوياً فأصبحت أحكامه يستشهد بها بوصفها المبرر للعديد من إجراءات الأمم المتحدة كما أن هذه لأحكام كانت بمثابة مصدر للإلهام لدي وضع الاتفاقيات الدولية وأصبح مثالاً يحتذي عند وضع الدساتير الوطنية قد تضمنت ديباجة العديد من الدساتير الوطنية الإشارة إلي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومنها مثلا ( فرنسا – الجابون – ساحل العاج – الجزائر … الخ).
وتزداد مساندة مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قوة في الدساتير التي اشتركت في أعدادها منظمة الأمم المتحدة مثل دستور إريتريا.
والقيمة الأهم للإعلان إنه صيغ بحيث يصبح أسرع السبل لإمداد أعضاء منظمة الأمم المتحدة بالأسس الصالحة لعمل فردي أو مشترك من أجل تعزيز احترام العالم كله لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والالتزام بها.
ومما يؤكد أهمية وقيمة الإعلان باعتباره هادياً ومرشداً في صياغة علاقتها الدولية، ففي الاتفاق بين إيطاليا ويوغسلافيا عام (ستعمل السلطات الايطالية واليوغسلافية كل في المنظمة التابعة لها وفقاً لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث يتمتع سكان المنطقتين كاملا وبدون أدني تمييز بالحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان. وفي الاتفاقية المبرمة بين تونس وفرنسا 1955 تعهدت تونس باحترام حقوق الإنسان. وفي ديباجة معاهدة السلام مع اليابان 1951 أعلنت اليابان أنها قد “عقدت النية علي أن تعمل علي تحقيق أهداف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” . كما أشير إلي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في بيان المؤتمر الختامي للأمن والتعاون في أوروبا “هلسنكي 1975” حيث تم الاتفاق على أنه في مجال الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية ستعمل الدول المشتركة وفقاً لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وهكذا أصبح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان معترفاً به بوصفه وثيقة تاريخية توضح تعريفاً مشتركاً للكرامة والقيمة الإنسانية ومعياراً لقياس درجة احترام حقوق الإنسان وأصبح مرجعية أساسية لكل المؤتمرات التي تعقدها الأمم المتحدة .
و يعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو الدليل بل المرشد الذي سار علي هديه المجتمع الدولي في صياغة الاتفاقات الدولية التي صدرت بعد 10 ديسمبر 48 وبعد هذا التاريخ فرغت لجنة حقوق الإنسان من صياغة الاتفاقيتان المكملتان للشرعة الدولية لحقوق الإنسان وهما :
– العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الصادر بقرار الجمعية العامة رقم 2200ألف “د-21” عام 1966 وبدأ نفاذه في 3 يناير 1976.
– والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العامة 2200 ألف في 16 ديسمبر 1966 وبدأ نفاذه في 23 مارس 1976.
والعهدان الدوليان يعتبرا تفصيلا للمبادئ الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبإصدارهما اكتملت الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ويمكن النظر للإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي أنه جذع شجرة حقوق الإنسان ومنه ينبثق الفرعان الأساسيان وهما العهدان سالفا الذكر. ولكون العهدان صدرا في صورة معاهدة دولية ومن ثم فهما ملزمان للدول الأطراف فيهما . ويعدان نقلة نوعية رفعت مكانة حقوق الإنسان علي الصعيد الدولي من مجرد قرار دولي في صورة إعلان دولي غير ملزم إلي معاهدات دولية توافرت لها مقومات الالتزام القانوني.
وقد أثرت الشرعة الدولية الإعلان لحقوق الإنسان في تطوير نظم الحماية الإقليمية لحقوق الإنسان، حيث كانت  هي المرجعية الأساسية في صياغة نصوص مواد المواثيق الإقليمية  لحقوق الإنسان وهى:-
اتفاقية حماية الإنسان والحريات الصادرة في روما 1950
الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ، الصادرة في سان خوسيه 1969
الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ، الصادر في نيروبي 1981
الميثاق العربي لحقوق الإنسان ،الصادر في القاهرة 2004

 

 

 

معايير حقوق الإنسان

مع مرور الزمن تطورت معايير حقوق الإنسان لتنقسم إلى:
* اتفاقيات تحمى مجموعة كاملة من الحقوق:
* العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)
* العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)
* اتفاقيات تحمى فئات معينة:
* اتفاقية حقوق الطفل (1989)
*  البرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق باشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة (2000)
*البرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق ببيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفى المواد الإباحية (2000)
* اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979)
* البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرآة(تلقى الرسائل) 1999
* اتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة (1954)
*اتفاقية بشأن الرضا بالزواج، والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج (1962)
*الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين (1950)
*البرتوكول الخاص بوضع اللاجئين (1966)
*اتفاقيات منظمة العمل الدولية “حقوق الإنسان “(182 اتفاقية )
* الإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان (1998)
*الإعلان الخاص بحقوق المعوقين(1975)
*مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين الرعاية الصحية العقلية (1991)
*الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا (1971)
* إعلان بشأن مرض الايدز(2001)
* قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم (1990)
*الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (1990)
*برتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية(2000)
* اتفاقيات تواجه انتهاكات معينة:
* اتفاقية مناهضة التعذيب (1984)
* البرتوكول الملحق باتفاقية التعذيب” زيارات مقار الاحتجاز ” (2002)
* اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري(1965)
* الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية (1985)
* الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم (1960)
* الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها(1976)

* اتفاقيات توفر حماية في حالات معينة ” النزاع المسلح “

* اتفاقيات جنيف الأربع (1949) وبرتوكولاها الملحقان (1977)
* اتفاقية لاهاى بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح (1954)
* اتفاقية لاهاي بشأن حقوق وواجبات الدول المحايدة والأشخاص المحايدين في حالة الحرب
(1907)
* إعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة (1974)

* اتفاقيات لحماية العدالة الجنائية الدولية :
* النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)
* اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (1948)
* اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية (1968)
* مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب والجرائم ضد الإنسانية(1973)
* مجموعة الإعلانات ومجموعات المبادئ ومدونات السلوك والقواعد النموذجية:
* لـ(حماية السجناء- واجبات الموظفين – استقلال السلطة القضائية- دور المحامين-
أعضاء النيابة العامة)

اجهزة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان

عندما تصبح الدول أعضاءً في الأمم المتحدة، فإنها توافق على القبول بالالتزامات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. وللأمم المتحدة، وفقاً للميثاق، أربعة مقاصد هي: صون السلم والأمن الدوليين؛ وتنمية العلاقات الودية بين الأمم؛ وتحقيق التعاون على حل المشاكل الدولية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان؛ وجعل هذه الهيئة مركزاً لتنسيق أعمال الأمم.
للأمم المتحدة وبنص المادة السابعة من الميثاق ستة أجهزة رئيسية، تقع مقار خمسة منها في المقر الرئيسي للأمم المتحدة بنيويورك، وهي الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية والأمانة العامة. أما مقر الجهاز السادس، وهو محكمة العدل الدولية، فيقع في لاهاي بهولندا.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك 14 وكالة متخصصة تعمل في مجالات متنوعة تشمل الصحة والعمل والتمويل والزراعة والطيران المدني والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتترابط معاً من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي. والأمم المتحدة هي ووكالاتها المتخصصة تؤلف معاً منظومة الأمم المتحدة.
حقوق الإنسان في الجمعية العامة:
جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ممثلة في الجمعية العامة، التي توصف أحياناً بأنها أقرب ما تكون إلى برلمان عالمي، هي الهيئة التداولية الرئيسية. فجميع الدول الأعضاء البالغ عددها 192 دولة ممثلة فيها، ولكل منها صوت واحد. وتُتخذ القرارات بصدد المسائل العادية بالأغلبية البسيطة. أما المسائل الهامة كالتوصيات المتعلقة بصون السلم والأمن الدوليين أو قبول أعضاء جدد أو التوصيات المتعلقة بميزانية الأمم المتحدة، بأغلبية الثلثين فتتطلب أغلبية الثلثين. وقد بذل جهد خاص في السنوات الأخيرة للتوصل إلى القرارات عن طريق توافق الآراء عوضاً عن التصويت الرسمي.
ويحق للجمعية العامة أن تناقش وأن تضع توصيات بصدد جميع المسائل التي تقع ضمن نطاق ميثاق الأمم المتحدة – الذي هو الوثيقة التأسيسية للمنظمة. ولا تملك الجمعية سلطة إجبار أية حكومة على اتخاذ أي إجراء، ولكن توصياتها تتمتع بما للرأي العام العالمي من وزن. وتضع الجمعية أيضاً السياسات وتقرر البرامج للأمانة العامة للأمم المتحدة، وتوجِّه الأنشطة المتعلقة بالتنمية، وتعتمد ميزانية الأمم المتحدة، بما فيها عمليات حفظ السلام. وتتلقى الجمعية، بحكم موقعها المركزي بالأمم المتحدة، تقارير من الأجهزة الأخرى، وتقرر قبول الأعضاء الجدد، وتعيـِّن الأمين العام.
وفيما يخص حقوق الإنسان فلا يقف دور الجمعية العامة عند التصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بل تناقش في كل دورة من دوراتها، وخاصة في لجنتها المسئولة عن الشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية أوضاع حقوق الإنسان في مختلف دول العالم كما  تعتمد بشأنها قرارات.
حقوق الإنسان في مجلس الأمن:
مجلس الأمن هو الأداة التنفيذية للأمم المتحدة وأهم جهاز فيها والمسئول الأول عن حفظ السلم والسهر على الأمن الدولي، وقمع العدوان، وإنزال العقوبات بالأعضاء المخالفين والدول الأعضاء ملزمة بتنفيذ قراراته. المادة 23 من ميثاق الأمم المتحدة، أشارت إلي أن مجلس الأمن يتألف من خمسة عشر عضوا من الأمم المتحدة، وتكون جمهورية الصين، وفرنسا، واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، والولايات المتحدة الأمريكية أعضاء دائمين فيه. وتنتخب الجمعية العامة عشرة أعضاء آخرين من الأمم المتحدة ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس لمدة سنتين : ثلاثة أعضاء للدول الأفريقية ( الكونغو 2007م ، غانا 2007م، تنزانيا 2006م) ، مقعدان للدول الآسيوية: ( اليابان 2006م ، قطر 2007م) ، ومقعدان لأمريكا اللاتينية: الأرجنتين 2006م) ، بيرو 2007م) ، مقعدان لأوروبا الغربية ( الدنمارك 2006م) ، اليونان 2006م)، ومقعد لأوروبا الشرقية: سلوفاكيا 2007م) . ويراعى في ذلك بوجه خاص وقبل كل شيء مساهمة أعضاء الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدولي وفي مقاصد الهيئة الأخرى، كما يراعى أيضا التوزيع الجغرافي العادل.
اضطلع مجلس الأمن في السنوات الأخيرة بدور متزايد في مجال حقوق الإنسان، من خلال القرارات المتعلقة بعمليات حفظ السلام وبناء السلام من خلال نشر خبراء في مجال حقوق الإنسان في الميدان لرصد حالة حقوق الإنسان ما بعد النزاع ومساعدة البلدان المعنية في تعزيز سيادة القانون وبناء سلطة قضائية مستقلة ودعم إنفاذ القوانين وتنظيم إدارة السجون وإنشاء لجان وطنية لحقوق الإنسان وغير ذلك من المؤسسات اللازمة لحماية حقوق الإنسان (مثال: القرارات الصادرة بخصوص الأوضاع في دارفور).
وبالإضافة إلي ذلك، قام المجلس في عدد من الحالات بالنظر في انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان بوصفها تهديدا للسلام وتصرف بالتالي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بأن فرض عقوبات اقتصادية أو غيرها من العقوبات وأذن باستعمال القوة العسكرية وإنشاء محاكم جنائية دولية متخصصة (مثال: يوغسلافيا السابقة، رواندا، الحريري).
حقوق الإنسان والوكالات المتخصصة:
بموجب نص المادة 63 من ميثاق الأمم المتحدة، ترتبط الأمم المتحدة مع عدد من الوكالات المتخصصة المستقلة بموجب اتفاقيات مبرمة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة والتي يؤدي كثيرا منها أنشطة متعلقة ببعض حقوق الإنسان منها على سبيل المثال لا الحصر:
منظمة العمل الدولية ( ILO ):
قامت بوضع أكثر من 185 اتفاقية بخصوص حماية الحقوق الاقتصادية، من بينها، الحق في العمل، المعاملة المتساوية والعادلة، ظروف العمل الصحية، حقوق النقابات، الحق في الإضراب، حظر السخرة، أسواء  أشكال معاملة الأطفال
منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو):
الوكالة الرئيسية في مجال الحقوق الثقافية، وخاصة الحق في التعليم، وقد وضعت عدد من الصكوك والإجراءات لحماية الحق في التعليم، وتعزيز ثقافة عالمية بشأن حقوق الإنسان والسلام، وبدور رئيسي في تنفيذ عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان (1995م ـ 2004م)
منظمة الصحة العالمية ( WHO ):
الوكالة الرئيسية لتعزيز وحماية الحق في الصحة،
محطات هامة لحقوق الإنسان في إطار الأمم المتحدة:
1993م طالب مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الإنسان الأمم المتحدة أن تتيح للحكومات المعنية بناءا على طلبها بعض برامج المساعدة. وينبغي أن تتناول هذه البرامج إصلاح التشريع الوطني وإنشاء أو تعزيز المؤسسات الوطنية والهياكل المتصلة لدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية وتقديم المساعدة في الانتخابات وتعزيز الوعي بحقوق الإنسان من خلال التدريب والتثقيف والتعليم، والمشاركة الشعبية وإشراك منظمات المجتمع المدني.

1997م طالب برنامج الإصلاح الذي أطلقه السيد كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بإدماج حقوق الإنسان في منظومة الأمم المتحدة وصياغة أدوات عملية لتنفيذ مخطط مؤتمر فيينا العالمي.
2001م أصدر الأمين العام السابق للأمم المتحدة تقريرا بعنوان: ” تعزيز الأمم المتحدة: برنامج لإجراء المزيد من التغيرات” أكد من خلاله أن تعزيز وحماية حقوق الإنسان يشكلان مطلبا أساسيا لتحقيق رؤية الميثاق في عالم عادل وخال من الاضطراب، وكان الهدف الرئيسي من وراء التقرير بناء قدرات الأمم  المتحدة في العمليات الإنسانية والإنمائية لتمكينها من دعم جهود الدول الأعضاء في إنشاء وتعزيز أنظمة وطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان تتمشي مع المعايير والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان.

 

 

الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان

بغرض حماية حقوق الإنسان والواردة في هذه الإعلانات والمواثيق الدولية أنشأت الأمم المتحدة عدد من الآليات لنشر معايير حقوق الإنسان وتطبيقها ورصدها  ووضع هذه الحماية موضع التنفيذ، وقامت بنشر المعايير ذات الصلة بإنفاذ القوانين، مجموعة من هيئات الأمم المتحدة ، بما فيها مجلس الأمن، الجمعية العامة للأمم المتحدة ،المجلس الاقتصادي والاجتماعي وأخيرا مجلس حقوق الإنسان الذي حل محل لجنة حقوق الإنسان.
وتنقسم الآليات الدولية لحقوق الإنسان إلى آليات تعاقدية وآليات غير تعاقدية:
أولاً: الآليات التعاقدية:
وهي سبع آليات أنشأت بموجب اتفاقيات أو عهود دولية اعتمدتها الأمم المتحدة بغرض رصد امتثال وتطبيق  الدول الأعضاء لأحكامها وهي بالترتيب:
ـ اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري
ـ اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
ـ اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
ـ اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة
ـ لجنة مناهضة التعذيب
ـ اللجنة المعنية بحقوق الطفل
ـ لجنة حقوق العمال المهاجرين
1. اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري:
في عام 1965 اعتمدت الجمعية العامة “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” والتي بدأ نفاذها في عام 1969 بعد أن صادقت عليها 27 دولة.
وإلي جانب توضيح التزامات الدول الأطراف ، نصت الاتفاقية على إنشاء لجنة القضاء على التمييز العنصري والتي تعتبر أول لجنة معنية أنشأتها الأمم المتحدة لمراقبة واستعراض التدابير التي تتخذها الدول للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق محدد لحقوق الإنسان. وقررت اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تدرج إنشاء لجنة القضاء على التمييز العنصري في الاتفاقية على أساس أنها لن تكون فعالة حقا دون وسائل لتنفيذها. وشكل ذلك سابقة. فقد أنشئت ست لجان أخرى منذ ذلك الحين.
تتألف اللجنة من 18 خبيرا من ذوي الخصال الخلقية الرفيعة المشهود لهم بالتجرد والنزاهة تنتخبهم الدول الأطراف في الاتفاقية أعضاء اللجنة لمدة أربع سنوات.
وتجرى الانتخابات لنصف عدد الأعضاء على فترات فاصلة مدتها سنتين. ويراعى في تكوين اللجنة التمثيل العادل لمناطق العالم الجغرافية ، وكذلك مختلف الحضارات والنظم القانونية.
وضعت في الاتفاقية ثلاثة إجراءات لتمكين اللجنة المعنية من استعراض الخطوات القانونية والقضائية والإدارية وغيرها من الخطوات التي تتخذها الدول بصورة فردية للوفاء بالتزاماتها بمكافحة التمييز العنصري وهي:
ـ شرط وجوب أن تقوم جميع الدول التي تصدق على الاتفاقية أو تنضم إليها بتقديم تقارير دورية إلي اللجنة المعنية
ـ توجيه الشكاوي من دولة إلي أخرى
ـ والإجراء الثالث يجعل من الممكن أن يقدم فرد أو مجموعة من الأشخاص يدعيان أنهما ضحايا للتمييز العنصري شكوى إلي اللجنة المعنية ضد دولتهما. ولا يجوز القيام بذلك إلا إذا كانت الدولة المعنية طرفا في الاتفاقية وأعلنت أنها تعترف باختصاص اللجنة المعنية بتلقي مثل هذه الشكاوي.
2. اللجنة المعنية بحقوق الإنسان HRC:
اللجنة المعنية بحقوق الإنسان هيئة تعاقدية منشأة طبقا للمادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ” تتألف من ثمانية عشر عضوا، وتتولى الوظائف المنصوص عليها فيما يلي:
ووفقا لأحكام المادة 40 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ” تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بتقديم تقارير عن التدابير التي اتخذتها والتي تمثل إعمالا للحقوق المعترف بها فيه ، وعن التقدم المحرز في لتمتع بهذه الحقوق ” فإنه يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تنظر في التقارير الدورية المقدمة من الدول الأطراف.
تعقد اللجنة في العادة ثلاث دورات في السنة مدة كل منها ثلاث أسابيع _ واحدة في نيويورك ( مارس – أبريل) ودورتين في جنيف ( يوليو وأكتوبر نوفمبر). وتسبق كل دورة، دورة لمدة أسبوع لفريقيها العاملين ( يتناول الفريق العامل الأول: الرسائل المقدمة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، ويتناول الفريق العامل الثاني المسائل المتعلقة بأعمال اللجنة بموجب المادة 40)
واعتمدت اللجنة خلال الفترة ما بين 1 أغسطس 2002م ـ 31 يوليو 2003م ، 32 رأيا بشأن البلاغات، وأعلنت قبول 4 بلاغات وعدم قبول 31 بلاغا كما أوقفت النظر في 21 بلاغ دون أن تصدر اللجنة أي مقرر رسمي بشأنها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد ” تقوم اللجنة بإرسال الرأي الذي انتهت إليه إلي الدولة الطرف المعنية وإلي الفرد”.
خلال الدورة الرابعة والسبعين اعتمدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عددا من المقررات الرامية إلي بيان طرائق متابعة الملاحظات الختامية، وتشمل أهم التدابير تعيين السيد/ ماكسويل يالدين ( كندا ) مقررا خاصا لمتابعة الملاحظات الختامية الصادرة عن اللجنة.
وخلال الدورة الخامسة والسبعين والسادسة والسبعين 2002م طبقت اللجنة المعنية لأول مرة الإجراء الجديد في التعامل مع الدول التي لم ترسل تقاريرها. فنظرت في التدابير التي اتخذتها غامبيا بدون تقرير ولا وفد، أما في حالة سورينام فبدون تقرير ولكن بحضور وفد.
3. اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
إن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لم ينص صراحة على إنشاء لجنة لمساعدة المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في أعماله التي يقتضيها العهد. وقد سعى المجلس في البدء إلي النهوض بولايته استنادا إلي عمل فريق عامل أثناء الدورة كان يتكون في بادئ الأمر، من مندوبين لدي المجلس ، وبعدئذ من خبراء حكوميين، بيد أن المجلس خلص إلي أن هذه الترتيبات غير مرضية ، وفضل بدلا من ذلك إنشاء لجنة مناظرة من وجوه عديدة لرصد الامتثال للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تتكون اللجنة من ثمانية عشر عضوا من الخبراء المعترف بكفاءتهم في ميدان حقوق الإنسان يعملون بصفتهم الشخصية، على أن يولى الاعتبار الواجب للتوزيع الجغرافي العادل وتمثيل مختلف أشكال النظم الاجتماعية والقانونية، وتحقيقا لهذه الغاية ، يوزع خمسة عشر مقعدا بالتساوي بين المجموعات الإقليمية بينما تخصص المقاعد الثلاث الإضافية وفقا للزيادة في مجموع عدد الدول الأطراف في كل مجموعة إقليمية.
ينتخب المجلس الاقتصادي والاجتماعي أعضاء اللجنة بالاقتراع السري من قائمة بأسماء الأشخاص الذين ترشحهم الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ترفع اللجنة إلي المجلس تقريرا عن أنشطتها يتضمن موجزا لنظرها في التقارير المقدمة من الدول الأطراف في العهد، وتتقدم باقتراحات وتوصيات ذات طابع عام على أساس نظرها في هذه التقارير والتقارير المقدمة من الوكالات المتخصصة بغية مساعدة المجلس في الاضطلاع بمسؤولياته ، ولا سيما مسؤولياته بموجب المادتين 21، 22 من العهد ” للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يقدم إلي الجمعية العامة بين الحين والحين تقارير تشتمل على توصيات ذات طبيعة عامة وموجزة من المعلومات الواردة من الدول الأطراف في هذا العهد ومن الوكالات المتخصصة حول التدابير المتخذة والتقدم المحرز على طريق كفالة تعميم مراعاة الحقوق المعترف بها في هذا العهد” ” للمجلس الاقتصادي والاجتماعي استرعاء نظر هيئات الأمم المتحدة الأخرى وهيئاتها الفرعية ، والوكالات المتخصصة المعنية بتوفير المساعدة التقنية ، إلي أي مسائل تنشأ عن التقارير المشار إليها في هذا الجزء من العهد ويمكن أن تساعد تلك الأجهزة كل في مجال اختصاصه ، على تكوين رأي حول ملائمة اتخاذ تدابير دولية من شأنها أن تساعد على فعالية التنفيذ التدريجي لهذا العهد”.

  1. 4. اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة CEDAW:
    اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في 18 ديسمبر 1979م، ودخلت حيز النفاذ في 3 سبتمبر 1981م.
    تنص المادة 17 من الاتفاقية على إنشاء لجنة للقضاء على التمييز ضد المرأة لمراقبة تنفيذ نصوصها “من أجل دراسة التقدم المحرز في تنفيذ هذه الاتفاقية، ووفقا لما جاء بنص المادة 17 من الاتفاقية، تتألف اللجنة من 23 خبيرا ينتخبون لمدة أربع سنوات. ورغم أن الأعضاء ترشحهم حكوماتهم فإنهم يعملون بصفتهم الشخصية وليس بصفتهم مندوبين أو ممثلين لبلدانهم الأصلية.
    إن تكوين اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، مختلف بشكل ملحوظ عن تكوين باقي الآليات التعاقدية الأخرى الخاصة بحماية حقوق الإنسان. فاللجنة تتكون كلها ومنذ إنشائها من النساء، فيما عدا استثناء واحد.
    تعمل اللجنة كنظام رصد لمراقبة تنفيذ الاتفاقية من جانب الدول التي صدقت عليها أو انضمت إليها. وبموجب المادة 20 من الاتفاقية، تجتمع اللجنة في دورة عادية علنية لمدة أسبوعين سنويا. وهذه المدة هي أقصر وقت اجتماع لآي لجنة منشأة بموجب معاهدة لحقوق الإنسان ، وتقوم بخدمتها شعبة الأمم لمتحدة للنهوض بالمرأة.
    تنظر اللجنة المعنية في تقرير كل دولة طرف وذلك في غضون سنة واحدة من بدء نفاذ الاتفاقية في حق هذه الدولة. كما تنظر اللجنة بعد ذلك، في كل تقرير تقدمه دولة طرف، كل أربع سنوات على الأقل، وكلما طلبت اللجنة منها ذلك.
    وبغية تسهيل عملها ، أنشأت اللجنة ثلاثة أفرق عمل هي:ـ
    ـ الفريق العامل لفترة ما قبل الدورة.
    ـ فريقان عاملان دائمان، يعقدان اجتماعات أثناء الدورة العادية للجنة:
    ـ ينظر الفريق العامل الأول في سبيل ووسائل الإسراع بأعمال اللجنة ويقترح السبل والوسائل.
    ـ وينظر الفريق العامل الثاني في سبل ووسائل تنفيذ المادة 21 من الاتفاقية التي تخول للجنة سلطة تقديم اقتراحات وتوصيات عامة بشأن تنفيذ الاتفاقية.
    5. لجنة مناهضة التعذيب CAT
    اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في 10 ديسمبر 1984م.
    حتى تاريخ 31 أكتوبر 2007م صادقت على الاتفاقية 144 دولة، وحتى نفس التاريخ عدد الدول الأطراف في الاتفاقية التي أصدرت إعلانين بموجب المادتين 21 و 22 من الاتفاقية 51 دولة طرف.
    وحتى تاريخ 31 أكتوبر 2007م ، بلغ عدد الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري للاتفاقية 34 دولة.
    وبمقتضى المادة 17 من هذه الاتفاقية أنشئت لجنة مناهضة التعذيب وبدأت عملها في 1 يناير 1988م. وتتألف اللجنة من عشر خبراء من مواطني الدول الأطراف لفترة أربعة سنوات قابلة للتجديد.
    تعقد اللجنة عامة دورتين عاديتين في السنة. ويجوز مع ذلك الدعوة إلي دورات خاصة بقرار من اللجنة بناءا على طلب غالبية الأعضاء أو طلب دولة طرف في الاتفاقية. وتنتخب اللجنة من بين أعضائها رئيسا وثلاثة نواب للرئيس ومقررا. وينتخب المكتب المكون على هذا النحو لمدة سنتين قابلة للتجديد.
    ويجوز للجنة أن تدعو الوكالات المتخصصة ومنظمات الأمم المتحدة المعنية والمنظمات الحكومية الدولية والإقليمية والمنظمات غير الحكومية التي تتمتع بالصفة الاستشارية لدي المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلي أن توافيها بمعلومات ووثائق وبيانات كتابية تتعلق بالأعمال التي تضطلع بها اللجنة تطبيقا للاتفاقية. وتعرض اللجنة على الدول الأطراف والجمعية العامة للأمم المتحدة تقريرا سنويا عن أنشطتها.
    وطبقا للمادة 19 من الاتفاقية تقدم كل دولة طرف إلي اللجنة، عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، تقارير عن التدابير التي اتخذتها تنفيذا لتعهداتها بمقتضى الاتفاقية. ويقدم التقرير الأول في غضون سنة واحدة اعتبارا من بدء نفاذ الاتفاقية بالنسبة للدولة الطرف المعنية. وتقدم بعد ذلك تقارير تكميلية مرة كل أربع سنوات عن جميع التطورات اللاحقة. ويجوز للجنة أن تطلب تقديم تقارير وبيانات أخرى.
    6. لجنة حقوق الطفل CRC
    اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل في قرارها 25/44 المؤرخ 20 نوفمبر 1989م ، وبتاريخ 14 نوفمبر 2003م  بلغ عدد الدول الأطراف في الاتفاقية 192 دولة.
    استنادا لنص المادة 43 من الاتفاقية الدولية، ولغرض دراسة التقدم الذي أحرزته الدول الأطراف في استيفاء الالتزامات التي تعهدت بها في هذه الاتفاقية ، أنشأت اللجنة المعنية بحقوق الطفل. كانت تتألف اللجنة المعنية من عشرة خبراء من ذوي المكانة الرفيعة والكفاءة المعترف بها في الميدان الذي تغطيه الاتفاقية. تنتخب الدول الأطراف أعضاء اللجنة من بين رعاياها ويعمل هؤلاء الأعضاء بصفتهم الشخصية، ويولى الاعتبار للتوزيع الجغرافي العادل وكذلك للنظم القانونية الرئيسية.
    وبتاريخ 13 سبتمبر 2002م، أشار الأمين العام للأمم المتحدة بأنه قد تلقى توقيع 119 دولة طرف في الاتفاقية الدولية من أصل 128 بغرض زيادة عدد أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الطفل من عشرة إلي ثمانية عشر خبيرا.
    بتاريخ 31 أكتوبر 2007م، وصل عدد الدول المصدقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، إلي 119 دولة.
    دخل البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال والمواد الإباحية عن الأطفال حيز التنفيذ بتاريخ 12 فبراير 2002م وبتاريخ 31 أكتوبر 2007م بلغ عدد الدول المصادقة عليه 123 دولة. واعتمدت الجمعية العامة البروتوكولين الاختياريين في قرارها 54/263 بتاريخ 25 مايو 2000م وفتح باب التوقيع والتصديق عليهما أو الانضمام في نيويورك بتاريخ 5 يونيو 2000م.
    7. اللجنة المعنية بحقوق العمال المهاجرين CMW:
    اعتمدت الجمعية العافي 1أمم المتحدة بقرارها 45/ 158 المؤرخ 18 ديسمبر 1990م الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. تلك الاتفاقية التي تتألف من 93 مادة. بدأ نفاذ الاتفاقية في  1 يوليو 2003م عقب إيداع صك التصديق العشرين عليها في 14 مارس 2003م.
    وبمقتضى المادة 72 من هذه الاتفاقية وبمجرد دخولها حيز النفاذ تبدأ اللجنة المعنية عملها. وتتألف اللجنة من عشرة خبراء. وتنتخب الدول الأطراف بطريق الاقتراع السري أعضاء اللجنة الذين يجب أن يكونوا من مواطني الدول الأطراف. وينتخب الأعضاء لفترة أربعة سنوات قابلة للتجديد.
    صادقت على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم حتى تاريخ 31 أكتوبر 2007م سبعة وثلاثون دولة من بينهم ستة من الدول العربية هي: الجزائر، مصر، المغرب، الجماهيرية العربية الليبية، سوريا، موريتانيا
    مضمون التقارير:
    إن المبادئ التوجيهية المتعلقة بشكل ومحتوى التقارير الدورية للدول الأطراف أمام اللجان التعاقدية لا تقتصر على المعلومات الواردة في التقارير التي تشير إلي الإجراءات المتخذة أو إلي التقدم المحرز فيما يتعلق بالحقوق المختلفة المعترف بها وعن أية عوامل يمكن أن تؤثر على تنفيذ العهود والاتفاقيات الدولية ، بل أن اللجان رأت أن كل الدول الأطراف ملزمة بتقديم كل المعلومات الضرورية لها حتى تستطيع أن تقوم بشكل سليم  التحقيق في إلي أي مدى تنفذ هذه الدول التزاماتها بمقتضى العهود والاتفاقيات الدولية.
    إن المبادئ التوجيهية الخاصة بشكل ومحتوى الأجزاء الاستهلالية لتقارير الدول الأطراف ، والتي تستهدف إعطاء صورة واضحة عن وضع الدولة الطرف سواء فيما يتعلق بالأرض و  السكان ، كالخصائص الإثنية والديمغرافية الرئيسية للبلد وسكانه ، والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وكذلك الهيكل السياسي العام، والإطار القانوني العام الذي تتوفر داخله الحماية لحقوق الإنسان ، وما إذا كانت قد بذلت أية جهود خاصة لزيادة وعى الجمهور والسلطات ذات الصلة بالحقائق الواردة في شتى الصكوك المتعلقة بالمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
    كما يرد بعد ذلك المبادئ التوجيهية المتعلقة بشكل ومحتوى التقارير الأولية والدورية التي يجب على الدول الأطراف تقديمها بموجب المواثيق الدولية، وبإمكاننا القول بأن التقارير الدورية التي تقدمها الدول الأطراف للهيئات التعاقدية بالأمم المتحدة تمثل جوهر عملية المراقبة، وكثير من المعلومات التي تطلبها اللجان التعاقدية هي في الحقيقة معلومات لا غنى عنها لرسم السياسة الوطنية ، وجدير بالتنويه أن آليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان بما فيها الهيئات التعاقدية لا تسعى إلي المساءلة الدولية للحكومات وتعزيزها فحسب، بل بالأساس تعمل على إتاحة الفرصة والمناخ لمساءلة فعالة للحكومات من جانب مواطنيها.
    إن التقارير بشقيها الأولية منها والدورية للهيئات التعاقدية بالأمم المتحدة، ينبغي أن تحقق توازنا بين الناحية النظرية والوضع من الناحية العملية، وذلك عبر إجراء استعراض مفصل قائم على أساس سليم للتطورات الجارية، وينبغي أن يرفق بالتقرير القوانين والأحكام القضائية ذات الصلة.
    النظر في التقارير:
    عملا بالممارسة المتبعة في كل هيئة من هيئات الأمم المتحدة المعنية برصد تنفيذ معاهدات حقوق الإنسان ، يحق لممثلي الدول المقدمة للتقارير حضور جلسات اللجنة ، بل إن حضورهم ومشاركتهم في تلك الجلسات عندما ينظر في تقارير دولهم ، ضروريان لضمان إجراء حوار بناء مع اللجنة . ويتبع الإجراء التالي بشكل عام: يدعى ممثل الدولة الطرف إلي عرض التقرير بإبداء تعليقات استهلالية موجزة وتقديم أي ردود كتابية على قائمة المسائل التي يضعها الفريق العامل السابق للدورة، وبعد ذلك تنظر اللجنة في التقرير على أساس كل مجموعة من المواد ، آخذة في الاعتبار بشكل خاص الردود المقدمة والمتعلقة بقائمة المسائل.
    ويقوم رئيس اللجنة عادة بدعوة أعضاء اللجنة إلي توجيه الأسئلة وإبداء الملاحظات والتعليقات بصدد كل مسألة من المسائل، ثم يدعو ممثلي الدولة الطرف إلي الرد فورا على المسائل التي لا تتطلب مزيدا من التفكير أو البحث. أما الأسئلة الأخرى التي تبقى بغير ردود عليها فيتم تناولها في جلسة لاحقة، أو عند الاقتضاء، يمكن أن تكون موضوع معلومات إضافية تقدم إلي اللجنة كتابة. ولأعضاء اللجنة حرية متابعة مسائل محددة في ضوء الردود المقدمة على هذا النحو. كما يجوز دعوة ممثلي الوكالات المتخصصة وغيرها من الهيئات الدولية ذات الصلة إلي المساهمة في أية مرحلة من مراحل الحوار.
    مشاركة الوكالات المتخصصة والمنظمات غير الحكومية:

    إن التقارير المقدمة من الدول الأطراف لا تبين دائما وبدقة حالة حقوق الإنسان في البلد المعني ولا تحدد المجالات المعنية بالمشاكل ، وعليه فإن المعلومات والإحصاءات الواردة من قبل الوكالات المتخصصة على سبيل المثال: منظمة العمل الدولية ، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ( اليونسـكو) ، منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( اليونيسيف)  ، البنك الدولي ، منظمة التجارة العالمية وغيرها إلي جانب المعلومات المقدمة من قبل المنظمات غير الحكومية سواء كانت شفهية أو في شكل تقارير يطلق عليها موازية أو بديلة أو ظل مفيدة للغاية بالنسبة للجان التعاقدية في تقييمها للوضع الحقيقي في البلد المعني.
    الملاحظات الختامية:
    تتألف المرحلة النهائية من مراحل نظر اللجان التعاقدية في التقارير من صياغة مشروع ملاحظاتها الختامية واعتماده. ولهذا الغرض تخصص اللجان عادة فترة وجيزة، هي اليوم الذي يلي اختتام الحوار، لجلسة مغلقة لإتاحة الفرصة لأعضائها للإعراب عن آرائهم الأولية. ويقدم بعد ذلك المقرر المعني بالبلد الطرف، بمساعدة أمانة اللجنة، مشروع مجموعة من الملاحظات الختامية لتنظر فيه اللجنة. ويتمثل هيكل الملاحظات الختامية المتفق عليه فيما يلي: المقدمة، والجوانب الإيجابية، والعوامل والصعوبات التي تعوق تنفيذ العهد، ودواعي القلق الرئيسية، والاقتراحات والتوصيات. وفي مرحلة لاحقة تناقش اللجنة المشروع، في جلسة مغلقة أيضا، بغية اعتماده بتوافق الآراء.
    ولا تعلن الملاحظات الختامية بعد اعتمادها رسميا إلا في اليوم الأخير من الدورة عادة. وحالما يتم الإعلان عن هذه الملاحظات تصبح متاحة لجميع الأطراف المعنية، وترسل في أقرب وقت ممكن إلي الدولة الطرف المعنية وتدرج في تقرير اللجنة. ويجوز للدولة الطرف، إذا رغبت في ذلك أن تتطرق إلي أية ملاحظة من الملاحظات الختامية الصادرة للجنة المعنية في سياق أية معلومات إضافية تقدمها إلي اللجنة.
    يتضح لنا مما سبق أن اللجان التعاقدية من خلال الملاحظات الختامية تكشف عن استعدادها لتقويم أداء الدول وتنفيذها لأحكام العهود والاتفاقات الدولية، وهو ما يلقى الضوء على فهم اللجان التعاقدية لدورها. فلقد كانت هذه اللجان في وضع غريب، لفترة من الوقت ، وهو أنها أرادت أن تتفادى إعطاء انطباع بأنها تصدر أحكاما على الدول من جانب ، بينما كان من الواضح من جانب آخر ، أن الاعتبارات النظرية والعملية تفرض عليها السير في هذا الاتجاه إن كانت تريد أن تمارس وظائفها بفاعلية. وثمة رأي بأن تقديم جوهر التقارير ( الملاحظات الختامية) سوف تسهم بلا شك إسهاما كبيرا في تعزيز فعالية عمل اللجان التعاقدية.
    التعليقات العامة
    تسعى بعض اللجان التعاقدية من خلال التعليقات العامة ، إلي إتاحة الخبرة التي اكتسبتها حتى الآن من دراسة تقارير الدول لفائدة جميع الدول الأطراف بغية مساعدتها على المضي في تنفيذ العهد وتشجيعها على ذلك، ولفت انتباه الدول الأطراف إلي أوجه القصور التي كشف عنها عدد كبير من التقارير ، واقتراح تحسينات في إجراءات الإبلاغ، وحفز أنشطة الدول الأطراف، والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة المعنية عند الإعمال التام التدريجي والفعال للحقوق المعترف بها في العهود والاتفاقيات الدولية. ويمكن لبعض اللجان التعاقدية للقيام، كلما دعت الحاجة بتنقيح تعليقاتها العامة وتحديثها في ضوء تجارب الدول الأطراف والنتائج التي استخلصتها اللجنة المعنية منها.

نظام الشكاوي:
يقوم هذا النظام على أساس إعطاء كل من الأفراد والدول الأطراف في العهود والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والبروتوكولات الملحقة بها، حق تقديم الشكاوى ضد أي دولة تنتهك البنود المنصوص عليها في هذه الاتفاقيات.
الشكاوى المقدمة من أفراد:ـ
للأفراد الذين يدعون بأنهم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، التقدم بشكوى لأحد الأجهزة المعنية بحماية حقوق الإنسان، وقد حدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة بقراره رقم (1503) بتاريخ 27 مايو 1970م، والبروتوكول الاختياري الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، شروط قبول شكاوى الأفراد وخطواتها.
الشكاوى المقدمة من قبل الدول:ـ
ثبت للدول حق تقديم شكاوى ضد بعضها بعضا، فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادتين (41، 42)، أعطت كل دولة عضو فيه حق تقديم شكاوى ضد أي دولة أخرى طرف في العهد، ترى أنها لم تقم بالوفاء بالالتزامات التي رتبها عليها العهد.
ثانياُ: الآليات غير التعاقدية:
تنقسم الآليات غير التعاقدية نفسها إلي قسمين:
1. الإجراء 1235 (نظام المقررين الخواص)
2. الإجراء 1503 (الشكاوى السرية)
أولا: الإجراء 1235
ينقسم هذا الإجراء أيضا إلي قسمين:
ـ المقرر الخاص المعني بالدولة
ـ المقرر الخاص المعني بموضوع

 

 

 مجلس حقوق الإنسان

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 مارس/آذار 2006 القرار رقم (10449/GA) بإنشاء مجلس حقوق الإنسان بديلاً للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وقد صوت لصالح القرار 170 دولة، وصوتت ضده أربعة دول هي “إسرائيل”، و”جزر مارشال”، و”بالو”، و”الولايات المتحدة الأمريكية” وامتنع عن التصويت “روسيا البيضاء”، و”إيران”، و”فينزويلا”.
وقد نص القرار في الجزء التنفيذي على ما يلي:
1-قرر إنشاء مجلس لحقوق الإنسان مقره جنيف يحل محل لجنة حقوق الإنسان، بوصفة هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة، وستستعرض الجمعية وضعه في غضون خمس سنوات،
2-قرر أن تناط بالمجلس مسؤولية تعزيز الاحترام العالمي لحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، دون تمييز من أي نوع وبطريقة عادلة ومنصفة،
3-تقرر أيضاً أن يقوم المجلس بمعالجة حالات انتهاك حقوق الإنسان، بما فيها الانتهاكات الجسيمة والمنهجية، وتقديم توصيات بشأنها، وأن يقوم أيضاً بتعزيز التنسيق الفعال بشأن حقوق الإنسان وتعميم مراعاتها داخل منظومة الأمم المتحدة،
4- تقرر كذلك أن يسترشد المجلس في عمله بمبادئ العالية والحياد والموضوعية وعدم الانتقائية، وبالحوار والتعاون الدوليين البنائين، بهدف النهوض بتعزيز وحماية كافة حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية،
5-تقرر أن يقوم المجلس بجملة أمور، منها:
* النهوض بالتثقيف والتعلم في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن الخدمات الاستشارية والمساعدة التقنية وبناء القدرات، على أن يجرى توفيرها بالتشاور مع الدول الأعضاء المعنية وبموافقتها،
* الاضطلاع بدور منتدى للحوار بشأن القضايا المواضيعية المتعلقة بجميع حقوق الإنسان،
* تقديم توصيات إلى الجمعية العامة تهدف على مواصلة تطوير القانون الدولي في مجال حقوق الإنسان،
* تشجيع الدول الأعضاء على أن تنفذ بالكامل الالتزامات التي تعهدت بها في مجال حقوق الإنسان، ومتابعة الأهداف والالتزامات المتصلة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان المنبثقة من المؤتمرات ومؤتمرات القمة التي عقدتها الأمم المتحدة،
* إجراء استعراض دوري شامل يستند إلى معلومات موضوعية وموثوق بها، لمدى وفاء كل من الدول الأعضاء بالتزاماته وتعهداته في مجال حقوق الإنسان على نحو يكفل شمولية التطبيق والمساواة في المعاملة بين جميع الدول، ويتخذ هذا الاستعراض شكل آلية تعاون تستند إلى حوار تفاعلي يشترك فيه البلد المعني اشتراكاً كاملاً، مع مراعاة احتياجاته في مجال بناء القدرات، وتكمل هذه الآلية عمل الهيئات المنشأة بموجب معاهدات ولا تكرر عملها، وسيضع المجلس طرائق عمل آلية الاستعراض الدوري الشامل وما يلزمها من اعتمادات في غضون عام واحد من انعقاد دورته الأولي،
* الإسهام من خلال الحوار والتعاون، في منع حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والاستجابة سريعاً في الحالات الطارئة المتعلقة بحقوق الإنسان،
* الاضطلاع بدور ومسؤوليات لجنة حقوق الإنسان في ما يتصل بعمل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، على نحو ما قررته الجمعية العامة في قرارها 48/141 المؤرخ 20ديسمبر/كانون أول 1993،
* العمل بتعاون وثيق في مجال حقوق الإنسان مع الحكومات والمنظمات الإقليمية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني،
* تقديم توصيات تتعلق بتعزيز وحماية حقوق الإنسان،
* تقديم تقرير سنوي إلى الجمعية العامة،
6- تقرير أيضاً أن يقوم المجلس بالاضطلاع بجميع ولايات وآليات ومهام ومسؤوليات لجنة حقوق الإنسان، وباستعراضها وكذلك، عند الاقتضاء، تحسينها وترشيدها، وذلك بهدف المحافظة على نظام للإجراءات الخاصة وعلى مشورة الخبراء والإجراءات المتعلقة بالشكاوي، وينجز المجلس هذا الاستعراض في غضون عام واحد من انعقاد دورته الأولى،
7-تقرر كذلك أن يتألف مجلس حقوق الإنسان من 47 دولة عضو تنتخبها أغلبية أعضاء الجمعية العامة بالاقتراع السري وبشكل فردي، وتستند عضويته إلى التوزيع الجغرافي العادل وتوزع مقاعده بين المجموعات الإقليمية على النحو التالي: (13) للمجموعة الأفريقية، (13) للمجموعة الآسيوية، (6) لمجموعة أوروبا الشرقية، (8) لمجموعة أمريكا اللاتينية، (7) لمجموعة أوروبا الغربية ودول أخرى، وتمتد فترة ولاية أعضاء المجلس ثلاث سنوات ولا تجوز إعادة انتخابهم مباشرة بعد شغل ولايتين متتاليتين،
8- تقرر فتح باب عضوية المجلس أمام جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتراعي الدول الأعضاء لدى انتخابها أعضاء المجلس إسهام المرشحين في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وما قدموه لهذه الحقوق من تبرعات وما أبدوه تجاهها من التزامات، ويجوز للجمعية العامة أن تقرر، بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين والذين يحق لهم التصويت، تعليق حقوق عضوية المجلس التي يتمتع بها أي من أعضائه إذا ما ارتكب انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان،
9-تقرر أيضاً أن يتحلى الأعضاء المنتخبون في المجلس بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وأن يتعاونوا مع المجلس تعاوناً كاملاً ويخضعوا للاستعراض بموجب آلية الاستعراض الدوري الشامل خلال فترة عضويتهم،
10- تقرر كذلك أن يجتمع المجلس بانتظام طوال العام، وأن يعقد ما لا يقل عن ثلاث دورات في السنة، بينها دورة رئيسية، تمتد فترة لا تقل مدتها عن عشرة أسابيع، ويجوز له عقد دورات استثنائية عند الاقتضاء بناء على طلب من أحد أعضاء المجلس، يحظى بتأييد ثلث أعضاء المجلس،
11- تقرر أن يطبق المجلس النظام الداخلي الذي تعمل به لجان الجمعية العامة، حسب انطباقه، ما لم تقرر الجمعية أو المجلس خلاف ذلك لاحقاً، وتقرر أيضاً أن تستند مشاركة المراقبين والتشاور معهم، ومن ضمنهم الدول غير الأعضاء في المجلس، والوكالات المتخصصة والمنظمات الحكومية الدولية الأخرى، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان فضلاً عن المنظمات غير الحكومية إلى ترتيبات، من بينها قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1996/31 المؤرخ 25 يوليه/تموز 1996، والممارسات التي كانت تتبعها لجنة حقوق الإنسان، بما يكفل في الوقت نفسه الإسهام الأكثر فعالية لهذه الكيانات،
12- تقرر أيضاً أن تتسم طرق عمل المجلس بالشفافية والعدالة والحياد وأن تفضي إلى إجراء حوار حقيقي، وأن تكون قائمة على النتائج، وتسمح بإجراء مناقشات متابعة لاحقه تتعلق بالتوصيات وبتنفيذها، كما تسمح بالتفاعل الموضوعي مع الإجراءات والآليات الخاصة،
13- توصي بأن يطلب المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى لجنة حقوق الإنسان اختتام أعمالها في دورتها الثانية والستين وإلغاء اللجنة في 16 يونيه/حزيران 2006،
14- تقرر انتخاب الأعضاء الجدد في المجلس، وتكون فترات ولاية الأعضاء متداخلة على أن يتخذ قرار إجراء عملية الانتخاب الأولى بسحب القرعة، مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل،
15- تقرر أيضاً إجراء انتخابات الأعضاء الأول في المجلس يوم 9 مايو/أيار 2006 وعقد الجلسة الأولى للمجلس في 19 يونيه/حزيران2006،
16- تقرر كذلك أن يستعرض المجلس أعماله وطريقة عمله بعد خمس سنوات من إنشائه، وأن يقدم تقريراً عن ذلك على الجمعية العامة.


ردود الفعل على القرار

1-عبر السكرتير العام للأمم المتحدة عن ترحيبه بإنشاء مجلس حقوق الإنسان باعتبار أنه يمنح الأمم المتحدة فرصة جديدة لبدء عمل جاد في مجال حقوق الإنسان.
ووصف القرار بأنه حافظ على الجوانب الإيجابية في عمل لجنة حقوق الإنسان المنتهي عملها خاصة في مجال إجراءاتها الخاصة، واستمرار مشاركة المنظمات غير الحكومية في أعمال المجلس الجديد، وفى الوقت نفسه يعالج القرار نواحي النقص التي ظهرت في أعمال لجنة حقوق الإنسان.
وأضاف “كوفي عنان” أن مجلس حقوق الإنسان سوف ينظر في سجل حقوق الإنسان للدول الأعضاء في الجمعية العامة، ومدى التزامها بهذه الحقوق بصورة عادلة ومتساوية دون اتخاذ مواقف اختيارية أو الكيل بمكيالين، وعبر “السكرتير العام عن أن الوقت قد حان لبدء التطبيق الفعلي لحقوق الإنسان من أجل ملايين البشر في العالم.
2- ومن ناحيتها ذكرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن مجلس حقوق الإنسان يستحق دعم الدول والمنظمات غير الحكومية؛ لأنه سيتيح التعامل بموضوعية ومصداقية أكبر مع انتهاكات حقوق الإنسان في العالم أجمع.
وأكدت “لويز أربور” أن المجلس على عكس اللجنة السابقة سيراجع بصفة دورية سجل حقوق الإنسان لجميع الدول بما فيها أعضاء المجلس، ولن يستثني أية دوله من هذه المراجعة والتدقيق، ولن تستطيع أية دولة أن تحتمي لكونها عضوا في المجلس وتتهرب من النقد أو المراقبة.

نظره تحليلية

1-يأتي قرار الجمعية العامة بإنشاء مجلس حقوق الإنسان تنفيذاً للقرار الصادر عن قمة زعماء العالم التي عقدت في عام 2005 بالأمم المتحدة، والتي دعت إلى تدعيم آلية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وكذلك تدعيم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وكان السكرتير العام تنفيذاً لهذا القرار قد كلف الباحث السويسري “فالتر كيلين” أن يتقدم باقتراحات حول تشكيل المجلس، وقد تقدم الباحث السويسري بثلاثة مقترحات أولها: تشكيل مجلس يتراوح أعضاؤه ما بين 25 إلى 30 عضواً، أو مجلس تتراوح أعضاؤه ما بين 55 إلى 60 عضواً، وأخيراً اقتراح بأن يشكل المجلس من كافة أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة أي 191 عضواً. وتبنى “كوفي أنان” فكرة تشكيل مجلس مصغر، وأحال الموضوع إلى رئيس الجمعية العامة “يان الياسون” لإجراء مشاورات والتقدم بمشروع إلى الجمعية العامة بأسرع وقت ممكن وخلال دورة انعقادها الحالية.
2-أوضحت المشاورات التي أجراها رئيس الجمعية العامة مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية -والتي شاركت فيها المنظمة العربية لحقوق الإنسان- تباين المواقف بين أغلبية كانت تطالب بأن يكون مجلس حقوق الإنسان هيئة فرعية للجمعية العامة، وخاضعاً لإجراءاتها، وأقلية منها الولايات المتحدة التي كانت تطالب بأن يكون المجلس الجديد هيئة رئيسية يرقى لمستوى مجلس الأمن الدولي، كما طالبت غالبية بأن يرفع المجلس تقاريره إلى الجمعية العامة بينما طالبت الأقلية ومنها أيضاً الولايات المتحدة برفع التقارير إلى مجلس الأمن، وبالنسبة لعدد أعضاء مجلس حقوق الإنسان فكانت هناك مطالبة بأن يكون العدد 53 عضواً أو أكثر بينما كانت هناك مطالبه بقصر العضوية على 30 عضواً فقط. وبالنسبة للتصويت لانتخاب أعضاء المجلس اتجهت الأغلبية إلى انتخاب الأعضاء في المجلس الجديد بالأغلبية البسيطة داخل الجمعية العامة، بينما نادت الأقلية بأن يتم الانتخاب عن طريق ثلثي أعضاء الجمعية العامة.
وبعد مشاورات دامت خمسة شهور توصل رئيس الجمعية العامة إلى حل وسط وتقدم بمشروع قرار تم اعتماده.
3- وبتحليل نص القرار بإنشاء مجلس حقوق الإنسان يتضح ما يلي:
أ- تضمنت ديباجه القرار إشارات هامة منها على سبيل المثال:
* أن جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة.
* بينما ينبغي أن يوضع في الاعتبار الخصوصيات الوطنية والإقليمية والعديد من الخلفيات التاريخية والدينية فإن من واجب جميع الحكومات بغض النظر عن أنظمتها السياسية والاقتصادية والثقافية، تشجيع وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
* أن التنمية والسلام والأمن وحقوق الإنسان هي عناصر مترابطة ويعزز بعضها بعضاً.
* يجب أن تواصل كافة الدول الجهود الدولية لتعزيز الحوار وتوسيع مساحة التفاهم بين الحضارات والثقافات والهيئات الدينية وتشجيع التسامح وحرية الدين والعقيدة.
* الاعتراف بأن المنظمات غير الحكومية تضطلع بدور هام على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
ب- بالنسبة للفقرات التنفيذية من القرار فيلاحظ أنه أناط بالمجلس بالإضافة إلى تعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان ومواجهة الانتهاكات ما يلي:
* الفقرات التنفيذية من البند (2) إلى البند (6) تحدد مسئوليات مجلس حقوق الإنسان ومن أهمها:
– أن يقوم المجلس بالنهوض بالتثقيف والتعليم في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن الخدمات الاستشارية والمساعدة التقنية وبناء القدرات بالتشاور مع الدول وبموافقتها.
– الاضطلاع بدور منتدى للحوار بشأن القضايا المتعلقة بجميع حقوق الإنسان.
– تقديم توصيات إلى الجمعية العامة تهدف إلى مواصلة تطوير القانون الدولي في مجال حقوق الإنسان.
– إجراء استعراض دوري وشامل يستند إلى معلومات موضوعية وموثقة لمدى وفاء الدول بالتزاماتها وتعهداتها في مجال حقوق الإنسان.
– العمل بتعاون وثيق مع الحكومات والمنظمات الإقليمية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني.
– تقديم تقرير سنوي إلى الجمعية العامة.
جـ- تقرر أن يستعرض المجلس أعماله وطريقة عمله بعد خمس سنوات من إنشائه، وأن يقدم تقريراً عن ذلك إلى الجمعية العامة.
4-لا شك أن إنشاء مجلس حقوق الإنسان سيدعم عمل الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، ويقلل من التدخل الأجنبي، إلا أن التدخل الإنساني من جانب الأمم المتحدة يحتاج إلى وضع عدة ضوابط مازالت غير متوافرة ويمكن عن طريق الحوار مع المجلس الجديد التوصل إلى وضع معايير وضوابط محدده لهذا التدخل الإنساني.
5- رغم أن قرار إنشاء مجلس حقوق الإنسان لا يرقى إلى مستوى ما كانت تطمح إليه العديد من المنظمات غير الحكومية إلا أنه يمثل خطوة نحو الطريق الصحيح، ويمكن القول إنه إذا توفرت الإرادة السياسية والالتزام التام بمبادئ حقوق الإنسان من قبل المجتمع الدولي وتفعيل عمل المجلس الجديد فإن النظام الدولي يمكن أن يشهد بداية لدبلوماسية حقوق الإنسان تهدف إلى نشر وتدعيم وحماية هذه الحقوق.
6-رغم أن الولايات المتحدة اعترضت على قرار إنشاء مجلس حقوق الإنسان إلا أن عجزها عن منع صدور قرار الجمعية العامة أمام التأييد الجارف الذي حصل عليه القرار، سوف يدفعها إلى التعامل مع المجلس الجديد وهو ما عبر عنه المندوب الأمريكي في شرحه لتصويت بلاده ضد القرار.
7- إذا نجح مجلس حقوق الإنسان بعد بداية أعماله في 19 يونيو/حزيران القادم في أن يكون فعالاً وجاداً فإنه سيضع كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أمام اختيار صعب سيحتم عليها أن يكون سجلها في مجال حقوق الإنسان متمشياً مع المعايير الدولية، وأن تراجع نفسها قبل ارتكاب انتهاكات قد تعرضها للمحاسبة الدولية.
انتخاب مجلس حقوق الإنسان
تتم عملية الانتخاب تمشياً مع الفقرة (7) من قرار الجمعية العامة بحيث يتألف المجلس من 47 دولة عضوا وفقاً للتوزيع الجغرافي العادل على الوجه التالي:

 

المجموعة الأفريقية

13

المجموعة الآسيوية 13
مجموعة أوروبا الشرقية 6
مجموعة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي 8
مجموعة أوروبا الغربية ودول أخرى 7
المجموع 47

ووفقاً للفقرة 149من قرار الجمعية العامة تقرر أن تكون فترات ولاية الأعضاء متداخلة على أن يتخذ قرار إجراء عملية الانتخاب الأولي بسحب القرعة، مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل. ووفقاً لهذه الممارسة قررت الجمعية العامة أن تكون فترات الولاية المتداخلة لسحب القرعة على النحو التالي:

المجموعة الإقليمية عدد المقاعد لسنة واحدة عدد المقاعد لسنتين عدد المقاعد لثلاث سنوات
الأفريقية 4 4 5
الآسيوية 4 4 5
أوروبا الشرقية 2 2 2
أمريكا الجنوبية والبحر الكاريبي 2 3 3
أوروبا الغربية ودول أخرى 2 2 3
مجموع المقاعد 14 15 18

أمثلة لبعض الحقوق الأساسية

 

أمثلة لبعض الحقوق الأساسية

 

  • 1- حقوق الطفل
  • 2- حقوق المرأة
  • 3- حرية التعبير وإبداء الرأي

 

 

1- حقوق الطفل

  نشأة وتطور حقوق الطفل علي المستوي الدولي :
حظيت حقوق الطفل باهتمام مبكر من المجتمع الدولي بل يمكن القول أنها سبقت اهتمامه بحقوق الإنسان العامة ، ففي أعقاب الحرب العالمية الأولي ، استشعر المجتمع الدولي خطورة الفظائع التي جرت خلال الحرب ، وأدرك أن السبيل لتجنب تكرارها هو تنشئة مجتمعات أقل استعدادا للانخراط في أعمال عنف وصراعات وحروب بمثل هذه الضراوة بإبلاء الاهتمام والعناية الأكبر للأطفال .
وفي إطار هذا الاهتمام شهد عام 1919 إصدار منظمة العمل الدولية الاتفاقية رقم (5) عن مؤتمرها الأول ، والتي تحظر عمل الأطفال في الأعمال والمنشآت الصناعية لمن هم دون سن الرابعة عشر ، لتشكل أول تدخل حمائي بتشريع دولي يتعلق بحقوق الطفل ،كما قامت عصبة الأمم المتحدة في نفس العام بتشكيل لجنة خاصة برفاهية الطفل التي تبنت النقاط الخمس الواردة  في ميثاق الإتحاد الدولي لإنقاذ الطفولة عام 1923 وأصدرتها في بيان عرف بإعلان جينيف عن عصبة الأمم عام 1924 .
و يؤكد هذا البيان علي اعتراف كل أمم العالم بأن البشرية تدين للأطفال بأفضل ما لديها وتحدد مسئولية المجتمع لتوفير الحماية والرعاية اللازمة إليهم وتشمل وجوب تمتع الطفل بالوسائل اللازمة لنموه الطبيعي المادي والروحي ، وأن يحصل علي الغذاء والعلاج ، والمأوي والرعاية للطفل اليتيم أو المتشرد وأن يعاد الطفل الضال إلي أسرته ، وأن تكون الأولوية في الإغاثة للطفل عند حدوث الكوارث ، وأن يكون للطفل وضع يسمح له بالحصول علي وسائل معيشته والحماية في مواجهة أي شكل من أشكال استغلاله ، كما يجب إحاطة كل طفل بأفضل الشروط اللازمة لتنشئته وبناء مداركه .
استمرت مسيرة تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكانت حقوق الطفل بشكل خاص قاسماً مشتركاً فيها،
بدءاً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والتي جاء في المادتين 16, 25
وبحلول عام 1959 صدر إعلان حقوق الطفل اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة ويحوي علي عشره مبادئ
المبدأ الأول
يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان. ولكل طفل بلا استثناء أن يتمتع بهذه الحقوق دون أي تفريق أو تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته.
المبدأ الثاني
يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن يمنح، بالتشريع وغيره من الوسائل، الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة. وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين لهذه الغاية.
المبدأ الثالث
للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسم وجنسية.
المبدأ الرابع
يجب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهلا للنمو الصحي السليم. وعلي هذه الغاية، يجب أن يحاط هو وأمه بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده. وللطفل حق في قدر كاف من الغذاء والمأوي واللهو والخدمات الطبية.
المبدأ الخامس
يجب أن يحاط الطفل المعوق جسميا أو عقليا أو اجتماعيا بالمعالجة والتربية والعناية الخاصة التي تقتضيها حالته.
المبدأ السادس
يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية منسجمة النمو مكتملة التفتح، إلي الحب والتفهم. ولذلك يراعي أن تتم تنشئته إلي أبعد مدي ممكن، برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما، وعلى أي حال، في جو يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي فلا يجوز، إلا في ظروف استثنائية، فصل الطفل الصغير عن أمه. ويجب علي المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة وأولئك المفتقرين إلي كفاف العيش. ويحسن دفع مساعدات حكومية وغير حكومية للقيام بنفقة أطفال الأسر الكبيرة العدد.
المبدأ السابع
للطفل حق في تلقي التعليم، الذي يجب أن يكون مجانيا وإلزاميا، في مراحله الابتدائية علي الأقل، وأن يستهدف رفع ثقافة الطفل العامة وتمكينه، علي أساس تكافؤ الفرص، من تنمية ملكاته وحصافته وشعوره بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية، ومن أن يصبح عضوا مفيدا في المجتمع.
ويجب أن تكون مصلحة الطفل العليا هي المبدأ الذي يسترشد به المسئولون عن تعليمه وتوجيهه. وتقع هذه المسؤولية بالدرجة الأولي علي أبويه.
ويجب أن تتاح للطفل فرصة كاملة للعب واللهو، اللذين يجب أن يوجها نحو أهداف التعليم ذاتها. وعلي المجتمع والسلطات العامة السعي لتيسير التمتع بهذا الحق.
المبدأ الثامن
يجب أن يكون الطفل، في جميع الظروف، بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة.
المبدأ التاسع
يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جمع صور الإهمال والقسوة والاستغلال. ويحظر الاتجار به علي أية صورة.
ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائم. ويحظر في جميع الأحوال حمله علي العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي.
المبدأ العاشر
يجب أن يحاط الطفل بالحماية من جميع الممارسات التي قد تدفع إلي التمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز، وأن يربي علي روح التفهم والتسامح، والصداقة بين الشعوب، والسلم والأخوة العالمية، وعلي الإدراك التام لوجوب تكريس طاقته ومواهبه لخدمة إخوانه البشر.
واستمرت الجهود الدولية للدفاع عن حقوق الطفل بدرجة أكثر وضوحاً وتحديداً وقوة في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية ، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) حيث خصص العهد الأول المادة 24 منه لحقوق الطفل ، وأصبغ من خلاله الحماية الكاملة للطفل ، وألقي علي الأسرة والمجتمع والدولة مسئولية اتخاذ التدابير التي تكفل ذلك ،كما تتضمن حق الطفل في اكتساب الجنسية ، وأفرد العهد الثاني المادتين 13 ،14 للحق في التعليم ومجانية التعليم الابتدائي ، وألزمت المادة العاشرة الدولة باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي و الاجتماعي ووضع القوانين المحددة للحد الأدنى لسن تشغيلهم وعقاب كل من ينتهك ذلك أو من يستخدمهم في أعمال تضر بصحتهم أو تفسد أخلاقهم أو تهدد حياتهم أو تعوق نموهم الطبيعي .
ثم أدرك المجتمع الدولي مرة أخري أن الأطفال فئة خاصة تنتمي إلي الفئات الضعيفة ولا يكفي تناول حقوقهم ضمن المواثيق الدولية التي تتناول حقوق الإنسان العامة ، فأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الطفل عام (1959) ، بما يعكس التطور الهائل في ميدان حقوق الإنسان .
الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عام 1989
معلومات أساسية
هذه الاتفاقية المؤلفة من 54 مادة التي تمثل “شرعة حقوق” للطفل، تجعل مصالح الطفل الفضلى الهدف الأساسي لها .وتتخذ الاتفاقية نهجا يتسم بالإيجابية والتطلعية، فتهيب بالدول التي تصدق عليها أن تهيئ الظروف التي تتيح للطفل المشاركة على نحو فعال ومبدع في الحياة الاجتماعية والسياسية في بلدانها.
ويُعرَّف الطفل في الاتفاقية بأنه كل إنسان لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة، مالم تحدد القوانين الوطنية سنا أصغر للرشد.
وإذ تغطي الاتفاقية كامل نطاق حقوق الإنسان، المدنية منها والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإنها تقر بأن التمتع بحق من الحقوق لا يمكن أن ينفصل عن التمتع بالحقوق الأخرى. وهي تبين أن الحرية التي يحتاج إليها الطفل في تنمية قدراته الفكرية والخلقية والروحية تستلزم، في جملة أمور، وجود بيئة صحية وسالمة، وإتاحة الرعاية الطبية، وتوفر حد أدنى لمستويات الغذاء والكساء والمأوى.
وترتاد الاتفاقية ميدانا جديدا، إذ تنص على حق الطفل في أن يكون طرفا فاعلا في عملية نموه، وفي الإعراب عن آرائه، وفي أن تؤخذ تلك الآراء في الاعتبار لدى اتخاذ القرارات المتصلة بحياته.
وفي عدد من المجالات الأخرى، التي يتسم بعضها بالحساسية، تتجاوز الاتفاقية بكثير المعايير والممارسات القانونية القائمة. وهذه المجالات تشمل أحكام الاتفاقية التي تتعلق بالحق في الحياة والبقاء والنمو، والحق منذ الولادة في اسم وفي اكتساب جنسية، والحقوق المتعلقة بالتبني، وحقوق الأطفال المعوقين واللاجئين وكذلك المتورطين في مشاكل مع القانون.وتوسع الاتفاقية نطاق التغطية القانونية لحقوق الإنسان بحمايتها الأطفال من كافة أشكال الاستغلال، وبمعالجتها لمسألة أطفال فئات الأقليات والسكان الأصليين وبمعالجتها لمشكلتي إساءة استعمال المخدرات والإهمال.
وتعترف الاتفاقية بالدور الأساسي للأسرة والوالدين في رعاية الأطفال وحمايتهم، وبواجب الدولة أن تساعدهم على القيام بهذه المهام.
وأخيرا، فإنها تجمع في منظور عالمي مستكمل واحد حقوق الطفل المنصوص عليها في العديد من المعاهدات والإعلانات الدولية الصادرة خلال السنوات الأربعين الماضية.
وعدم التمييز مبدأ هام من مبادئ الاتفاقية، فهي تنص على تمتع الطفل بجميع حقوقه دون تمييز من أي نوع وبصرف النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو ألاثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر.
والاتفاقية  تعد علامة فارقة في مجال إرساء المعايير الدولية لحقوق الطفل للأسباب الآتية:
1.    تعتبر الاتفاقية الوثيقة الأولي التي جمعت الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية معاً وبنفس الوزن والأهمية وقامت علي مبدأ تكامل الحقوق علي خلاف التسلسل الهرمي حسب الأهمية.
2.    تأكيد روح الشراكة بين جميع الأطراف المعنية برفاهية الطفل ( الأسرة – الدولة – المجتمع ) وعلي كافة المستويات ( المحلية ، القومية ، الدولية ) وتعزيز دور المنظمات غير الحكومية و المجتمع الدولي .
3.    وضوح الرؤية بشأن تطور و تنشئة الطفل ودور الأسرة والبيئة العائلية لضمان جو من السعادة والمحبة والتفاهم ، وتنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلي أقصي إمكاناتها .
وتحكم الاتفاقية عدة مبادئ وهي:
4.    مصالح الطفل هي الفضلى . بما يلزم الدول بمراعاة هذه المصالح عند وضعها للسياسات العامة التي تؤثر علي الأطفال .
5.    عدم التمييز . فكل الأطفال لهم نفس الحقوق داخل الأسرة وفي المجتمع باختلاف أوضاعهم ومكانتهم وأوضاع أسرهم أو علي أساس النوع أو الجنس أو الدين ، كما يعني تطبيق مبدأ عدم التمييز توجيه الاهتمام المضاعف لذوي الظروف الصعبة ( الفقراء والمعرضون للخطر أو الانحراف ، وذوي الاحتياجات الخاصة) .
6.    المشاركة: وتعني مشاركة الأطفال في الأمور التي تمسهم والتعامل معهم بأن لهم نفس قيمة الراشدين مع توفير الحماية الضرورية لهم والاستماع لآرائهم والتعامل مع وجهات نظرهم بجدية واحترام وفقاً لسن الطفل ونضجه.
7.    كفالة بقاء ونمو الطفل إلي أقصي حد ممكن.
ويمكن تصنيف الحقوق التي وردت بالاتفاقية حسب تكامل أهدافها علي النحو التالي:
تصنيف الحقوق:
الحقوق الشخصية والمدنية
وتشمل الحق في الاسم والجنسية منذ الولادة ومعرفة الوالدين والحفاظ علي هويته وصلاته العائلية.
حقوق الحياة والبقاء
وتشمل الحق في التغذية السليمة والمياه النقية والتمتع بأعلى مستوي صحي ممكن بلوغه وتطوير الرعاية الصحية الأولية والوقائية والعلاج وإعادة التأهيل الصحي والإصحاح البيئي .
حقوق النمو
وتشمل الحق في الرعاية الأسرية من الوالدين ،وحق الطفل المحروم من بيئة عائلية في رعاية توفرها الدولة ، والحق في مستوي معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي ، والحق في الراحة ووقت الفراغ ومزاولة الألعاب و المشاركة في الحياة الثقافية والفنون بحرية ، والحق في التعليم المجاني و المتطور وإدارة المدارس علي نحو يتماشي مع كرامة الطفل الإنسانية والحق في التربية .
حقوق الحماية.
وتشمل حماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعرض لانتهاك جنسي وكافة أشكال استغلال الأطفال أو أدائهم لأي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو يعوق تعليمهم أو أن يكون ضاراً بصحتهم أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو البدني أو لاجتماعي أو النفسي.وحمايته من التعرض لأي تعذيب أو عنف أو المعاملة القاسية أو الإنسانية أو المهينة أو حرمانه من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية وأن يكون احتجازه أو حبسه في أماكن خاصة بهم كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية .

آليات متابعة التزامات الدول المصدقة على الاتفاقية:

* يتم تكوين لجنة خبراء مستقلين ترشحهم الدول الأطراف وتنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة أربع سنوات. كانت المادة 43 تنص على أن عدد أعضاء اللجنة هم عشرة ونظراً للزيادة غير المتوقعة في عدد الدول المصدقة، فقد قررت الجمعية العامة زيادة عدد الأعضاء إلى 18 عضواً.
* تعقد اللجنة ثلاث دورات سنوية إلى جانب الدورات التمهيدية. وتتلخص مهام اللجنة في تلقى تقارير الدول الأطراف عن التدابير المتخذة لإنفاذ الاتفاقية في غضون سنتين من بدء نفاذ الاتفاقية بالنسبة للدولة الطرف وبعد ذلك مرة كل خمس سنوات (المادة 44). كما تصدر ملاحظات عامة بشأن مواضيع تتعلق بتفسير الاتفاقية أو تشكل أهمية خاصة في تطبيق الاتفاقية.

 

 

 

2- حقوق المرأة

بين صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 وصولا لاتفاقية القضاء علي كافة إشكال التمييز ضد النساء 1979 كانت هناك نصوص و اتفاقيات جزئية مهدت الطريق الإقرار حقوق النساء منها
1-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
صدر في العاشر من ديسمبر 1948، ويتألف من ثلاثين مادة.
أكدت الديباجة الأساسية فيه على
“الاعتراف بالكرامة المتأصلة لجميع أعضاء الأسرة البشرية وحقوقهم المتساوية الثابتة كأساس للحرية والعدل والسلام في العالم.. وبما للرجال والنساء من حقوق
أما المادة 16 فتقول :
للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين. ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله. 2- لا يبرم عقد الزواج إلا برضا الطرفين الراغبين في الزواج رضاً كاملاً لا إكراه فيه..
2- اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة :
تتألف هذه الاتفاقية من 11 مادة اعتمدت أساساً على ميثاق الأمم المتحدة وإعلانها العالمي. وأقرت حق النساء في التصويت في جميع الانتخابات، بشروط تساوى بينهن وبين الرجال، دون أي تمييز.. وقد جاءت هذه الاتفاقية تتويجاً لنضال المرأة في العالم من أجل الحصول على الحقوق السياسية.
3-اتفاقية بشأن جنسية المرأة المتزوجة :
وضعت هذه الاتفاقية في أغسطس من عام 1958، وكانت تتعلق بإعطاء المرأة المتزوجة من أجنبي الحق في اكتساب جنسية الزوج.
4. إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة:
صدر الإعلان في السابع من نوفمبر عام 1967 وقد جاء في ديباجة الإعلان:
“إن الجمعية العامة، أكدت من جديد، إيمانها.. بتساوي الرجل والمرأة في الحقوق.. وإذ يقلقها استمرار وجود قدر كبير من التمييز ضد المرأة، .. يتنافى مع كرامة الإنسان وخير الأسرة والمجتمع، ويحول دون اشتراك المرأة، علي قدم المساواة مع الرجل، في حياة بلدهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويمثل عقبة تعترض الإنماء التام لطاقات المرأة علي خدمة بلدها وخدمة الإنسانية، وإذ تضع نصب عينيها أهمية إسهام المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، والدور الذي تلعبه داخل الأسرة، ولا سيما في تربية الأولاد، وإيمانا منها بأن إسهام النساء والرجال علي السواء في جميع الميادين مطلب لا بد منه للتنمية الكاملة لكل بلد في جميع الميادين، ولخير العالم ولقضية السلم تعلن التالي…”
وجاء الإعلان في 11 مادة أكدت في معظمها على ضرورة اتخاذ القرارات للعمل على تطبيق المواثيق الموجودة التي أقرت مبدأ عد التمييز ضد المرأة. ولم يكتف الإعلان بالإشارة كما في المواثيق السابقة إلى المبادئ الأساسية للمساواة، لكنه قدم تفصيلات للتدابير المفترض اتخاذها في هذا المجال. وكأن هذا الإعلان انتقل أكثر من السابق إلى حيز التطبيق العملي.
فبعد التأكيد على العهود السابقة انتقل الإعلان إلى البحث في التدابير من خلال المادة الثانية. وبدأ في الثالثة الحديث عن أهمية التوعية، وحق المرأة في المناصب. فلا يكفي أن تصوت، بل عليها أن تأخذ دورها الريادي
5- إعلان حماية النساء والأطفال في الحروب والمنازعات:
جاء هذا الإعلان ليكون رادعاً للدول والمنظمات والحكومات المستعمرة، أو المحتلة، لعدم استخدام الأطفال والنساء واستغلالهم في الحروب والنزاعات. فالنساء والأطفال هم دائماً الأهداف السهلة في النزاعات المسلحة. وقد كان الإعلان واضحاً بهذا الشأن وشدد على “ضرورة توفير حماية خاصة للنساء والأطفال من بين السكان المدنيين
6- وفي عام   1979 صدرت الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة :
تعد هذه الاتفاقية أول معاهدة دولية تندد بالتمييز- سواء النصوص أو الأفعال التي لها تأثير تمييزي ضد المرأة في جميع المجالات:كالعمل والصحة والتعليم والائتمان والأسرة- وتعتبره انتهاكا لحقوق الإنسان. وهو ما يجعلها أهم أداة دولية للدفاع عن حقوق المرأة القانونية والثقافية والإنجابية والاقتصادية
وتتكون الاتفاقية   من عدة أجزاء
الجزء الأول: (المواد 1 – 6 )
يعرف التمييز بأنه أي تفرقة تبنى على أساس الجنس ( ذكر / أنثى ) و تحث الدول على أن تتبع سياسات محددة و تصدر قوانين لتمنع التمييز بين الرجل و المرأة
ولتوفر المساواة ومنع المتاجرة في النساء و عدم السماح بالبغاء و الكف عن ترديد الأشكال و الأمور النمطية لكل من الرجل و المرأة.
الجزء الثاني ( المواد 7, 8 , 9).
يركز على إلغاء التمييز في الحياة العامة و الحياة السياسية و يبقى على حق التصويت و المشاركة في الوظائف العامة و الدولية و حقوق الجنسية المتساوية وحقوق الأطفال في جنسية الأب و الأم.
الجزء الثالث من الاتفاقية ( المواد 10 إلى 16 )
ينظر في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية
مثل التعليم و التدريب،  المادة العاشرة :
“….. تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة لكي تكفل لها حقوقا مساوية لحقوق الرجل في مجال التعليم , وبوجه خاص لكي تكفل , على أساس المساواة بين الرجل و المرأة………
إمكانية الحصول على معلومات تربوية محددة تساعد على كفالة صحة الأسر ورفاهيتها, بما في ذلك المعلومات والإرشادات التي تتناول تنظيم الأسرة”.
ومثل العمل و الأمومة , والعمل والصحة , المادة الحادية عشر :
” الحق في الوقاية الصحية و سلامة ظروف العمل , بما في ذلك حماية وظيفة الإنجاب و تشجيع توفير الخدمات الاجتماعية المساندة اللازمة لتمكين الوالدين من الجمع بين الالتزامات العائلية وبين مسؤوليات العمل والمشاركة في الحياة العامة , ولا سيما عن طريق تشجيع إنشاء وتنمية شبكة من مرافق رعاية الأطفال”.
ومثل الصحة , المادة الثانية عشر:
”  تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية من أجل أن تضمن لها, على أساس المساواة بين الرجل  والمرأة , الحصول على خدمات الرعاية الصحية , بما في ذلك الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة……….”
و مثل الائتمان، المادة الثالثة عشر , و الشروط في المناطق الريفية , المادة الرابعة عشر:
الوصول إلى تسهيلات العناية الصحية الملائمة, بما في ذلك المعلومات والنصائح و الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة…..
وتتحدث المادة السادسة عشر عن التدابير الضرورية للقضاء علي التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية : وذلك في حرية اختيار الزوج ونفس الحقوق و المسئوليات أثناء الزواج وعند فسخه ونفس الحقوق والمسئوليات بوصفهما أبوين والمساواة فيما يتعلق بالحق في اختيار أسم الأسرة والمهنة ونوع العمل وفيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها.
” نفس الحقوق في أن تقرر، بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه وفى الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكنها من ممارسة هذه الحقوق”.
الجزء الأخير(17-30):
يشير إلى إنشاء لجنة متابعة لتنفيذ الاتفاقية وينظم عملها.
تتكون اللجنة من( 23) بصفتهم الشخصية ويراعى في اختيارهم التوزيع الجغرافي- ومهمتها تلقى التقارير من الدول في غضون سنة من التوثيق.
ويتناول أيضا هذا الجزء إجراءات عملية التصديق على الاتفاقية وعمل التحفظات ورفعها.
متابعة تنفيذ الاتفاقية:
لجنة  القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة :
وفقا للمادة 17 من الاتفاقية يتم تشكيل لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من 23 خبيرا يتم اختيارهم بالاقتراع السري من بين قائمة من الأشخاص الذين يتمتعون بكفاءة عالية في مجالات مختلفة ، ويتم ترشيحهم من قبل دولهم ، على أن يراعى في اختيارهم التوزيع الجغرافي وتمثل حضارات ونظم قانونية مختلفة لفترة أربع سنوات ، ولابد من التوضيح أن هؤلاء الأعضاء يخدمون في اللجنة بصفتهم الشخصية وليس مندوبين من بلدانهم أو ممثلين لها برغم أن ترشيحهم يتم من قبل دولهم .
وظائف اللجنة هي :
النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف .
تقديم مقترحات إلى الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة.
تقديم توصيات عامة للدول الأطراف.
دعوة الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة إلى تملك الحق في التمثيل لحضور جلساتها وتقديم التقارير إليها للنظر فيها .
ورغم أن الاتفاقية تخلو من مواد تجيز اعتماد المعلومات التي ترد من المنظمات غير الحكومية إلا أن اللجنة ترحب بهذه المعلومات.
مواعيد انعقاد اللجنة:
تنعقد اللجنة مرتين في السنة مدة كل منهما ثلاثة أسابيع في شهر يناير وشهر يونيو، تعقد اللجنة اجتماعاتها بصورة علنية ويتطلب النصاب القانوني مشاركة 12 من أعضائها في الاجتماع، حيث أن اتخاذ القرارات الرسمية لابد من مشاركة ثلثي أعضائها في الاجتماع.
وفقا للمادة 18 من الاتفاقية فإن إلزام الدول الأطراف لتقديم التقارير كانت الآلية الوحيدة حتى إقرار البروتوكول الاختياري عام 1999 الذي أضاف آلية أخرى لمتابعة تنفيذ الاتفاقية وقبل أن نتعرض للتقارير الحكومية لابد أن نسجل أنه يجوز للوكالات الدولية المتخصصة تقديم تقارير عن تنفيذ الاتفاقية في المجالات التي تقع في نطاق أنشطتها وفقا 22 من الاتفاقية .
وسوف نتعرض أولا إلى التقارير :
مواعيد تقديم التقارير وفقا للمادة 18 لابد أن تقدم الدول الأطراف تقرير أولى خلال سنة من الانضمام إلى الاتفاقية، ثم تقدم تقارير دورية كل أربع سنوات.
مواصفات كتابة التقارير:
لابد أن نفرق بين التقارير الأولية والتقارير الثانية والدورية التي يتم تقديمها للجنة.
أولا التقارير الأولية : وتتكون من جزئين :
الجزء الأول وهو جزء عام عن البلد من معلومات عن الخصائص السكانية ، والمؤشرات الاجتماعية ، والاقتصادية ، والثقافية وكذلك نسبة البطالة والتعليم ، وفيات الأطفال والأمهات وسكان الريف والحضر وكذلك لابد من شرح الهيكل والنظام القانوني للدولة ونوع الحكومة وتنظيم السلطات الثلاثة ، موقع حقوق الإنسان داخل هذا الهيكل القانوني ، وخلفية عن الدستور وعن نظام التقاضي ، ومدى استخدام الاتفاقيات الدولية أمام القضاء الوطني .
أمــا الجــزء الثاني من التقريـــر فلابد من تقديم معلومــات محـددة وفقا لكل مادة من مواد الاتفاقية
مع الإشارة إلى:
1- الأحكام الدستورية والتشريعية والإدارية التي اتخذتها الدولة من أجل تنفيذ الاتفاقية.
اختلافات الوضع الفعلي للمرأة عن الوضع القانوني .
ما هي التطورات أو البرامج التي أنشئت من أجل تطبيق الاتفاقية .
أوضاع المنظمات غير الحكومية ومدى مشاركتها في وضع الخطط.
ما هي القيود والعقبات التي تحول دون تطبيق الاتفاقية .
إذا كانت الدولة تحفظت على مواد بالاتفاقية فلابد أن توضح الأسباب الضرورية التي دعتها إلى التحفظ كما لابد أن توضح ما هي الخطوات التي اتخذتها من أجل القضاء على هذه الأسباب.
ثانيا : التقارير الثانية و الدورية :
أولا : لابد أن يرد في هذه التقارير التدخلات و الانتكاسات التي حدثت في الفترة الواقعة ما بين مناقشة التقرير السابق وموعد تقديم تقريرها الأخير .
ثانيا : لابد أن تأخذ الدول في حسبانها محاضر جلسات اللجنة إزاء ذلك التقرير وأن يتضمن مايلى :
التدخلات القانونية التي اتخذتها الدول من أجل تطبيق الاتفاقية .
النجاحات الفعلية التي أسهمت في تحسين وضع المرأة .
العراقيل التي ما زالت تحول دون مشاركة النساء في الحياة العامة .
القضايا التي طرحتها اللجنة من أجل وضع حلول لها.
أهداف تقديم التقارير:
أشارت اللجنة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ملاحظتها العامة رقم 1 عام 1989 أن لتقديم التقارير التي تقدمها الدول أهداف سبعة وهم:
إجراء مراجعة شاملة للتشريعات الوطنية والتدابير الإدارية والإجرائية.
ضمان المراقبة المنتظمة من قبل الدول الأطراف للأوضاع الفعلية فيما يخص كل حكم من الأحكام التي تنص عليها الاتفاقية.
تزويد الدول الأطراف بالأساس الذي ستقيم عليه سياسات واضحة الصياغة والأهداف.
إفساح المجال أمام الرقابة العلنية الدقيقة للسياسات الحكومية وتشجيع مختلف قطاعات المجتمع على الانخراط في صياغة ومراجعة هذه السياسات .
توفير قاعدة تستطيع الدول الأطراف واللجنة على أساسها تقييم مدى ما حققته من تقدم نحو الوفاء بالالتزامات التي حددتها الاتفاقية.
تمكين الدول الأطراف نفسها من تطور فهم أفضل للمشكلات.
تمكين اللجنة والدول الأطراف مجتمعة من تبادل المعلومات وتطوير فهم أفضل للمشكلات المشتركة التي تواجهها الدول، إذ يمكن هذا اللجنة من التعرف على السبل الأكثر ملائمة التي يستطيع المجتمع الدولي من خلالها مساعدة الدول الأطراف.

3- حرية التعبير وإبداء الرأي

يقول الفيلسوف جون ستيوارت ميل
“إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة”
مقدمة
يعد إصدار البرلمان البريطاني قانون “حرية الكلام في البرلمان” عام 1688   بداية المفهوم الحديث لحرية الرأي والتعبير ، و بعد ما يقرب من المائة عام  صدر إعلان حقوق الإنسان و المواطن في فرنسا عام 1789 عقب الثورة الفرنسية الذي نص على أن حرية الرأي و التعبير جزء أساسي من حقوق المواطن يولد الناس ويظلون أحراراً متساويين في الحقوق..
وجاء الإعلان الأمريكي للاستقلال1776 ونص على
•” يولد جميع الناس أحراراً وقد وهبها الناس حقوقاً لا يعقل أن يتخلى عنها من بين هذه الحقوق الحق في الحياة والحرية والبحث عن السعادة.
وفي ديسمبر 1791. صدر بالولايات المتحدة الأمريكية وثيقة الحقوق وفقاً للمادة الخامسة من الدستور الأساسي
فجاء بالتعديل الأول:
حرية العبادة والكلام، والصحافة وحق الاجتماع والمطالبة برفع الأجور
لا يصدر الكونغرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أو يمنع حرية ممارسته، أو يحد من حرية الكلام أو الصحافة، أو من حق الناس في الاجتماع سلمياً، وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف.
وفي العصر الحديث  تعتبر حرية الرأي والتعبير من الأمور الضرورية والهامة التي يجب أن تراعى في دولة تحترم حقوق الإنسان، وقد أولت الأمم المتحدة موضوع حرية الرأي والتعبير في هذا المجال فجاء ميثاق الأمم المتحدة ليتضمن في مبادئه ومقاصده حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ويعتبرها أمراً في غاية الأهمية، وكذلك احترام حرية الرأي والتعبير وحرية وسائل الإعلام وتدفق المعلومات والحصول عليها، فهي المرة الأولى التي ينص فيها على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في وثيقة دولية ملزمة قانوناً وتعتبر بمثابة الوثيقة الأولى في مجال القانون الدولي.
ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 19 :
أن لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون مضايقة أو تدخل من أحد، وفي الحصول على الأنباء والأفكار ونقلها إلى الآخرين في كافة الوسائل دون اعتبار للحدود الموجودة.
وبهذا يكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تضمن إحدى الحريات الأساسية التي لا بد من توفرها في مجتمع ديمقراطي يحترم حرية الرأي والتعبير والمعلومات ويعمل على ضمانها وضمان الحصول عليها ونشرها.
وهذا يعطي تأكيد على أن حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومنها حرية الرأي والتعبير وحرية وسائل الإعلام هي حريات عالمية وليست مكانية ولا يمكن أن ترتبط في منطقة جغرافية معينة دون أخرى، وبذلك يكون واضعو الإعلان العالمي قد ركزوا على حرية تدفق المعلومات والحصول عليها وعلى إزالة الحواجز التي تشكل عائق للحصول عليها.
كذلك تضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966في المادة 19 أيضا :
على حرية الرأي والتعبير، حيث تناول أن من حق كل إنسان الحق في اعتناق أراء دون مضايقة، وهذا الحق يشمل كل إنسان بغض النظر عن الجنس أو اللغة أو الدين، وكذلك الحق في حرية الرأي والتعبير، وهذا يشمل الحق في الحصول على المعلومات والأفكار ومنها وسائل الإعلام، ولا يقتصر هذا الحق في حصول الأفراد على المعلومات بل يتعدى ذلك في حق نقلها إلى الآخرين دون اعتبار للحدود وبجميع الأشكال والوسائل.
وعلى الرغم من أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تناول حرية الرأي والتعبير إلا أنه أورد تقييد لها عندما تتعلق في احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
•وبالتالي هل هناك حدود لحرية الرأي والتعبير
يصعب القول بأن لا حدود لحرية الرأي والتعبير فعلي سبيل المثال لا توجد دولة واحدة لم تسن تشريعات لتنظيم ممارسة حرية الرأي ونورد مجموعة من الأمثلة
–    فرنسا : يمنع القانون الفرنسي أي كتابة أو حديث علني من شانه أن يؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية ويمنع أيضا تكذيب “حقيقة” جرائم الإبادة الجماعية ضد اليهود من قبل النازيين ويمنع أيضا نشر أفكار الكراهية بسبب الميول الجنسية لفرد.
–    ألمانيا : في القانون الأساسي الألماني والذي يسمى Grundgesetz ينص البند الخامس على حق حرية الرأي و التعبير ولكنها رسمت حدود مماثلة لقانون الفرنسي بمنع خطابات الكراهية ضد العرق و الدين والميول الجنسية إضافة إلى منع استعمال الرموز النازية مثل الصليب المعقوف.
–  كندا : يمنع القانون الكندي خطابات و أفكار الكراهية ضد أي مجموعة دينية أو عرقية وتمنع الأفكار أو الكلام أو الصور التي تعتبر مسيئة أخلاقيا من الناحية الجنسية حسب القوانين الكندية وفي 29 ابريل 2004 وافق البرلمان على قانون يمنع الإساءة لشخص بسبب ميوله الجنسية.
–  الولايات المتحدة : في الولايات المتحدة وضعت المحكمة العليا مقياسا لما يكن اعتباره إساءة أو خرق لحدود حرية التعبير ويسمى باختبار ميلر Miller test وبدأ العمل به في عام 1973
ويعتمد المقياس على 3 مبادئ رئيسية وهي :
– إذا كان غالبية الأشخاص في المجتمع يرون طريقة التعبير مقبولة
– إذا كان طريقة إبداء الرأي يعارض القوانين الجنائية للولاية
– إذا كانت طريقة عرض الرأي يتحلى بصفات فنية أو أدبية جادة. ومن الجدير بالذكر أن إنكار حدوث إبادة جماعية لليهود لا يعتبر عملا جنائيا في الولايات المتحدة ولهذا تتخذ معظم مجموعات النازيون الجدد من الولايات المتحدة مركزا إعلاميا لها
وحرية التعبير لا تعني على الإطلاق أن ندعم ونوافق على من يرددون نفس أرائنا ، بل على العكس حرية التعبير تعني تحديد وبالأساس أن نمنح المختلفين معنا الحق في ان يعبروا عن أرائهم ايا كانت خارجة عن المألوف أو شديدة النقد أو تفتح أبوابا وموضوعات قد تعد شائكة وصعبة في مجتمع ما أو في وقت ما .

أسئلة وأجوبة

ما هي حقوق الإنسان؟
ثمة تعريف موجز لحقوق الإنسان من منظمة كير ينص على أن:
حقوق الإنسان هي أحقية كل الناس في ظروف أساسية تدعم جهودهم للعيش بكرامة، وفي سلام، ولإنماء قدراتهم الكامنة كبشر إلى أقصى قدر ممكن.”
وتعريف آخر من مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان ينص على:
“يجوز تعريف حقوق الإنسان بأنها ضمانات قانونية عالمية، تخص كل البشر، وتحمي الأفراد والمجموعات من الأفعال أو الامتناع عن الأفعال مما يؤثر على كرامتهم الإنسانية.”
ما هى المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان؟
حقوق الإنسان كونية وغير قابلة للتصرف فيها: حقوق الإنسان كونية ولا يمكن التصرف فيها أو نزع ملكيتها. لجميع الأشخاص في جميع أرجاء العالم نفس الحقوق، ولا يمكن لإنسان يملك تلك الحقوق أن يتنازل عنهم طوعاً، كما لا يمكن للآخرين أن يسلبوه أو يسلبوها إياهم. وكما هو منصوص عليه في المادة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق.”
حقوق الإنسان كل لا يتجزأ: حقوق الإنسان كل لا يتجزأ، سواء كانت تلك الحقوق حقوق مدنية، أو حقوق ثقافية، أو اقتصادية، أو سياسية، أو اجتماعية، فكلهم أصيليين ومرتبطين بكرامة الإنسان. ومن ثم فجميعهم على نفس المكانة كحقوق، فلا يمكن تدريجهم على نحو هرمي.

حقوق الإنسان متكاملة ومترابطة: إن أدراك حق واحد غالبا ما يعتمد، كلياً أو جزئياً، على إدراك الحقوق الأخرى، على سبيل المثال: ربما يتوقف إدراك الحق في الصحة، في ظروف معينة، على إدراك الحق في التعليم أو الحق في الحصول على معلومات.

المساواة وعدم التمييز: جميع الأفراد متساوين كبشر وبسبب الكرامة المتأصلة لكل البشر. ولجميع الناس حق التمتع بحقوقهم الإنسانية دونما تمييز من أي نوع، مثل التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير السياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر، وذلك كما أوضحت لجان حقوق الإنسان.
المشاركة و الاشتمال: لكل شخص ولجميع الناس حق المشاركة في، والمساهمة في، والتمتع بالتنمية المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بفاعلية وحرية وكفاءة، والتي يمكن في ظلها إدراك حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
المحاسبية وسيادة القانون: على الدول وحاملي الواجبات أن يكونوا قابلين للمسائلة من قبل الجهات المعنية بمراقبة حقوق الإنسان. وفي هذا الخصوص، عليهم أن يخضعوا للمعايير والقواعد القانونية المتضمنة في مواثيق حقوق الإنسان. وحين يخفقون في هذا، للمتضررين من أصحاب الحقوق اتخاذ الإجراءات المناسبة للانتصاف أمام المحكمة المختصة أو أي جهة أخرى ذات اختصاص وذلك وفقا للقواعد والإجراءات التي ينص عليها القانون.

هل حقوق الإنسان كونية حقا؟
نعم… تتكون حقوق الإنسان من ما هو أساسي ولا غني عنه للبشر- دونما اعتبار لمن يكونون أو أين يقيمون- ليعيشوا بكرامتهم الأساسية واحترامهم الذاتي، ومن هذا المنطلق، فإن حقوق الإنسان بطبيعتها الخالصة، كونية.
وبالمثل، لابد من الإقرار بأن المنظورات الغربية قد تمثلت، على نحو غير متناسب، في تشكيل حقوق الإنسان المتفق عليها دوليا، مما أقر بافتقار حقوق الإنسان، بدرجة ما، إلى شرعيتها الثقافية في أجزاء كثيرة من العالم. وربما يتغير هذا بتوسيع وتعميق ملكية حقوق الإنسان، بينما، وفي نفس الوقت، يعزز تضمين ومشاركة أكبر من قبل الجميع في مواصلة لتحديد مثل تلك الحقوق وصياغتها.

ما هو الإطار الدولي لحقوق الإنسان؟
الإطار المرجعي الأساسي هو الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والتي تتكون من ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) والعهدان الدوليان المتلاحقان وهما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ICCPR والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ICESCR.
وتحدد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان الشروط الدنيا الأساسية ، وتنص على أحقية جميع الناس في التمتع بها.

واتفاقيات حقوق الإنسان إنما تُفَسِر وتُفَصِل الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، كما توفر حماية خاصة للمجموعات المعرضة لانتهاك حقوقها كاللاجئين، والنساء، والأطفال، والشعوب الأصلية. وتعد تلك الاتفاقيات أيضا مصادر أو مراجع في العمل مع تلك المجموعات. أما عن القانون الإنساني الدولي، فهو المختص بتحديد الحقوق، ولاسيما الحقوق المدنية، في مناطق النزاعات المسلحة، (ويعرف أيضا بقانون الحرب لأنه يطبق في حالات الحروب والنزاعات المسلحة) وهو أيضا مرجع مهم في الإطار الدولي لحقوق الإنسان

 

 

تساؤلات مشروعة ومفاهيم مشوشة حول حقوق الإنسان

في شهر نوفمبر 2007م ، عقدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان دورة تدريبية  لـ 20 شاب وشابة  (من تسعة بلدان عربية ) يجمع بينهم الرغبة في التطوع في مجال حقوق الإنسان.
وكان من أكثر الجلسات نقاشا وجدلا ، جلسة خصصت لمناقشة أفكاره المتطوعين المسبقة عن حركة حقوق الإنسان ، وأسئلتهم عنها وما يشاع حولها من أقاويل ، سواء ما تلقي بالاتهامات على حركة حقوق الإنسان ، أو ما تعطيها دورا وحجما أكبر وأكثر من المطلوب منها.
وقد رأينا أن نعرض في هذا الجزء أهم ما طرح في هذه الجلسة من تساؤلات و ما يشاع عنها ، لتوسيع مساحة الإفادة ، والرد على ما قد يدور بأذهان العديد من المهتمين بحقوق الإنسان ، ممن قد تعوق هذه التساؤلات والأقاويل مشاركتهم ودعمهم لحركة حقوق الإنسان.
ورغم حدة الاتهامات وقوة التساؤلات التي تم طرحها ، فقد جاءت أغلب الإجابات والتوضيحات من المشاركين أنفسهم ، وكذلك من المسئولين بالشبكة العربية.
1– التساؤلات والاتهامات التي طرحها المشاركون في الدورة حول حقوق الإنسان
أولا : ما يشاع عن علاقة النشطاء والمنظمات الحقوقية بالخارج (الاتهام بالاستقواء بالخارج و العمالة الأجنبية)
* حركة حقوق الإنسان تستخدم وسيلة للضغط علي الحكومات العربية من أجل التغبير و الإصلاح “عبر الاستقواء  بالخارج”.
* هي وسيلة للاتجار بمشاكل الشعوب و تبرير تدخل الغرب في شئوننا.
* منظمات حقوق الإنسان معظمها ولد من رحم دول استعمارية كأمريكا – بريطانيا – فرنسا – ألمانيا و يتم استغلالها من قبل هذه الدول لخدمة أجندتها الخاصة.
* نشطاء حقوق الإنسان  متهمون بالعمالة و الخيانة ومساعدة أمريكا في استهداف البلدان العربية باسم حقوق الإنسان.
* تسمح حركة حقوق الإنسان بالتدخل الأجنبي مما يعد شكلا من أشكال الاستعمار الحديث
* أكثر التعليقات و الكلام عن حقوق الإنسان ليس سوى كذبة كبيرة تتعلق بمصالح سياسية – ” واللي   تريده أمريكا هو اللي راح يحصل ” .
ثانيا: اتهامات وشائعات حول التمويل الأجنبي
* منظمات حقوق الإنسان لا تفصح عن حجم التمويل الذي تتلقاه ومصادر هذا التمويل.
*  منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق الإنسان غالبا تمويلها أمريكي أومن منظمات صهيونية
* “حقوق الإنسان”هي مجرد أصوات الغرض منها الحصول علي التمويل الأجنبي.
* حركة حقوق الإنسان يتم تمويلها من جهات مشبوهة وغير واضحة الأهداف
* “حقوق الإنسان”هي وسيلة استرزاق لمجموعة من المنتفعين ( أكل العيش ).

ثالثا : اتهامات حول العلاقة بالأنظمة والحكومات العربية.
* “حقوق الإنسان”تفضح الانتهاكات بما يسئ لسمعة البلاد
* منظمات حقوق الإنسان تتحرك بضوء أخضر من الأنظمة السياسية لتلميع وجهها أحيانا و التواطؤ معها في أحيان أخرى.
* نشطاء حقوق الإنسان – حسب ترويج الإعلام الرسمي – يسيئون للوطن ويسعون لزعزعة أمنه .
* “حقوق الإنسان” تعد جهة معارضة لسياسات الدول وأجهزتها خصوصا الأجهزة الأمنية .

رابعا :حركة حقوق الإنسان وتساؤلات حول الجدوى والتأثير والانتقائية
* لماذا يبتعد المهتمون بقضايا حقوق الإنسان عن العمل وسط الجماهير ولماذا التركيز عموما بين المنظمات على الحقوق السياسية أكثر من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟
* ما جدوى منظمات حقوق الإنسان بينما حقوق الإنسان نفسها لا وجود لها – في الواقع – في الدول العربية أصلا؟
* أين دور منظمات حقوق الإنسان من غياب الوعي بالحقوق عند الأكثرية و خصوصا بين الشباب؟
* ما العمل أمام قلة الوسائل الانتشارية لثقافة وقيم حقوق الإنسان؟
* لماذا باتت أنشطة منظمات حقوق الإنسان معزولة جماهيريا، و غير معنية بمد جذورها في الشارع مع المواطن العادي؟

خامسا : اتهامات لحركة حقوق الإنسان متعلقة بالقيم الدينية و الثقافية  والاجتماعية
* “حقوق الإنسان” هي وسيلة لاختراق المجتمعات و تقويض الأديان
* “حقوق الإنسان” هي محاولة لتقويض قيم مجتمعاتنا العربية تحت شعارات براقة تدعي حماية حقوق الإنسان.
* “حقوق الإنسان” تسعى لترسيخ مفاهيمها الخاصة وفقا للخلفية الثقافية الغربية دون مراعاة واقع الشعوب الأخرى.
* لماذا نبحث عن حقوق الإنسان في المواثيق الدولية ومع المنظمات الحقوقية “وإحنا عندنا ديننا الإسلامي اللي فيه كل الحقوق”؟
* “حقوق الإنسان” تقف ضد بعض الاعتقادات الدينية الراسخة (كحرية المرأة ، حرية المعتقد)
* “حقوق الإنسان” تسعى – مع المشاريع الغربية – إلى تغريب الدول الإسلامية .
* “حقوق الإنسان” هي ثقافة غربية يراد بها ضياع الإسلام ومبادئه .
* “حقوق الإنسان” تتعارض مع الدين وتحاول إقصاءه من الحياة العامة.

2- الردود على التساؤلات والاتهامات التي تشاع عن حقوق الإنسان:

أولا : ما يشاع عن علاقة النشطاء والمنظمات الحقوقية بالخارج (الاستقواء و العمالة ) .
يجب أولا أن نحدد ما هو هذا الخارج ، فهل المقصود كل ما هو خارج دولتنا أو عالمنا العربي ؟
وهل الخارج هو كتلة صماء دون تفرقة بين الحكومات والشعوب والمجتمع المدني؟
بالطبع يسعى النشطاء إلى الإصلاح ودعم الديمقراطية  في العالم العربي ، وحركة حقوق الإنسان هي جزء من المجتمع المدني العربي والعالمي ، ومثلما تتعاون الحكومات  فيما بينها، لابد أن يتعاون المجتمع المدني لأنه لم يعد مقبولا أن يكون كل حاكم أو رئيس “حرا في شعبه” .
فعلى سبيل المثال لم يكن مقبولا أن تقف الشعوب ومنظمات المجتمع المدني والحكومات الديمقراطية مكتوفة الأيدي أمام الانتهاكات الوحشية التي مارسها كل من الديكتاتور بينوشيه في شيلي، أو جعفر نميري في السودان، أو حكومة بورما البوليسية ضد شعوب هذه الدول.
والمؤسسات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان هي جزء من الشعوب وتدافع عن حريات المواطنين وحقوقهم ، ودائما ما تكون ضمن المدافعين عن استقلالية البلدان والدول .
ومن ثم فاتهامها بالتواطؤ مع الحكومات أو الجماعات غير الرسمية ، غالبا ما يأتي عقب كشفها لانتهاكات ما مارستها هذه الحكومة أو تلك المجموعات.
فحين تندد أو تكشف انتهاك حكومي ضد مجموعة غير حكومية مثل “المجموعات المتشددة أو المعارضة أو الإخوان المسلمين …. أو غيرها” ، تتهمها الحكومات بالانحياز لهذه المجموعات.
وحين تندد أو تكشف انتهاك مارسته هذه المجموعات ، يتم اتهامها بالانحياز للحكومات ، وكثيرا ما تعد هذه الاتهامات مؤشرا على سير المؤسسات الحقوقية في الطريق الصحيح.
وليس صحيحا أن هذه المؤسسات تستهدف العالم العربي أو أنها  صنيعة الغرب  أو الولايات المتحدة ، لان مؤسسات حقوق الإنسان تنتشر في العالم كله ، وتكشف الانتهاك في أي – وكل – مكان وبغض النظر عمن مارسه.
وهناك العديد من المؤسسات التي لا تعلم شيئا عن العالم العربي أو تتناول قضاياه ، مثل المؤسسات الآسيوية واللاتينية والأفريقية ، فكل منها يعمل في نطاقه الجغرافي .
وكذلك ثمة الكثير من المؤسسات الدولية التي تغطي العديد من بلدان العالم ومنها الدول الأوروبية والأمريكية وتكشف انتهاكات مارستها هذه الحكومات ، مثل منظمة هيومان رايتس ووتش، أو منظمة العفو الدولية، أو الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أو لجنة حماية الصحفيين ، وكثيرا ما تكون اتهاماتها للحكومة الأمريكية أشد حتى من اتهاماتها لحكومات أخرى مثل الحكومات العربية.
والأمثلة على هذا كثيرة ومنها مثلا: الكشف عن نقل المتهمين بالإرهاب بالولايات المتحدة إلى دول أخرى تقوم بتعذيبهم، أو التعامل مع اللاجئين بشكل غير إنساني ، بل أيضا تنتقد تلك المنظمات الدولية الأوضاع التي يعاني منها المواطنون في الولايات المتحدة أو أوروبا ، وتقوم كذلك بالمطالبة بالمحاكمات الدولية ضد بعض المسئولين الكبار هناك.
ويمكن هنا الرجوع للتقارير التي تصدرها أي مؤسسة دولية عن الانتهاكات في هذه الدول.
كما أنه ليس حقيقيا أن “ما ترغبه أمريكا سوف يتم” ، بدليل بدء عمل المحكمة الجنائية الدولية (التي تختص بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب) بنجاح ، رغم معارضة أمريكا الشديدة لهذه المحكمة ، بل ومحاربتها. لكن الدعم الذي حظت به هذه المحكمة من المنظمات الحقوقية وبعض الحكومات الديمقراطية جعلها ترى النور وتبدأ في العمل ضد إرادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالطبع ينبغي على النشطاء التمسك بمعايير النزاهة والموضوعية والحياد في التعامل مع الملفات التي تطرح على أرضية حقوق الإنسان ، سواء على المستوى المحلي أو الصعيد العالمي ، كما ينبغي فضح ازدواجية المعايير والمواقف الانتهازية التي تتخذها بعض الدول في هذا الإطار.

كما أن علاقة البلدان العربية بأمريكا على وجه الخصوص لا يجوز تناولها بهذه الخفة ، فهناك من يرى العكس تماما، حيث تعد أغلب الحكومات العربية حليفا قويا لأمريكا سعيا لمصالح سياسية ، على عكس أغلب المؤسسات التي تنحاز لمصلحة المواطنين ضد أي حسابات ضيقة أو سياسية.

ثانيا: حول  التمويل الأجنبي.
للأسف هناك بالفعل مؤسسات “حقوق إنسان” فاسدة ، بل أن بعضها قد أنشئ أساسا من أجل الحصول على التمويل وحسب.
لكن التعميم – رغم ذلك – ليس صحيحا ، لأن هذه القضية وهذا السلوك تمارسه “بعض المنظمات والمؤسسات” وليس جميعها ، وهو ليس سلوك قاصر على المؤسسات الحقوقية ، بل يقع فيه كذلك مؤسسات صحفية ، ورجال أعمال ، ومحامون وقضاة وأطباء وغيرهم.
فضلا عن ذلك، فالعديد من المؤسسات تعمل بشكل تطوعي ودون الحصول على تمويل بل من خلال اشتراكات أو تبرعات أعضائها.
وبالطبع هذا لا يغفل أهمية مبادئ الشفافية والعلانية في هذا المضمار. وأهمية مساءلة نشطاء الحركة على قاعدة “من أين لك هذا” ، شرط أن يكون الهدف هو التقويم بالأساس، ومن أطراف تتسم هي نفسها بالشفافية ، وليس كوسيلة هجوم وتشهير بالمؤسسات الحقوقية.
أما عن التمويل الأمريكي فهناك فرق بين التمويل الحكومي والتمويل الذي تقدمه منظمات غير حكومية.
وعند مقارنة التمويل الحكومي  الأمريكي لمنظمات حقوق الإنسان بالتمويل الذي تقدمه منظمات أمريكية غير حكومية فسوف نجد أن الفارق شاسع ودائما ما يكون لصالح المنظمات غير الحكومية ، والكثير منها ذو سمعة جيدة. ولا يعني هذا بالطبع أن المنظمات التي تحصل على تمويل حكومي أمريكي ترتكب خطأ جسيما، ولكن غالبية المؤسسات الحقوقية عربيا وعالميا تفضل التمويل الغير حكومي من حيث المبدأ. وهو ما تنتهجه أغلب المنظمات الحقوقية غير العربية أيضا ، على سبيل المثال فمؤسسات دولية كبرى مثل العفو الدولية أو هيومان رايتس ووتش ترفض تماما أي تمويل حكومي ، سواء كان أمريكيا أو غير ذلك.
وكذلك تفعل العديد من المؤسسات العربية.
أما عن التمويل الصهيوني ، فهي كذبه كبيرة ، إذ لم يثبت على أي من المؤسسات العربية تلقيها لتمويل من هذا النوع، إن وجد.
وعن استخدام حقوق الإنسان كوسيلة للتربح ، فكما قلنا أن بعض هذا صحيح ، ولكن أيضا يجب النظر إلى أن العمل بمجال حقوق الإنسان أصبح بالفعل مهنة ، ولابد للعاملين في هذا المجال من الحصول على أجور تساعدهم على الحياة ، وفارق كبير بين الأجر الذي يحصل عليه البعض مقابل عمل، والفساد المالي الذي يمارسه البعض من خلف الستار.

ثالثا : العلاقة بالأنظمة والحكومات العربية.
تعمد الكثير من الحكومات إلى محاولة  تشويه صورة مؤسسات و نشطاء حقوق الإنسان بحجة أنهم يسيئون لصورة البلاد ، وهي محاولات تلوي عنق الحقيقة ، لان ممارسة الانتهاك ضد المواطنين وحقوقهم هو الذي يسئ لصورة البلاد وليس الكشف عنه أو فضحه ، وإذا كانت الحكومات مثلا تعتبر الحديث عن التعذيب أو تزوير الانتخابات إساءة لسمعتها ، فيجب عليها أولا أن تتوقف عن ممارسة التعذيب أو تزوير الانتخابات أو تكبيل الصحافة وحرية التعبير ، لأنه عندئذ فقط سوف يصبح  الحديث عن مثل هذه الانتهاكات مجرد أكاذيب لن يصدقها أحد.
أما أن تغضب الحكومات ممن يطالبون بوقف التعذيب أو من يكشفون عنه ، فلتستمر في غضبها ، لأن كشف الانتهاكات وفضحها هو ضمن الوسائل التي تستخدمها مؤسسات حقوق الإنسان ، والسكوت عنها يعد تواطؤا ومشاركة فيها.
وينطبق هذا على الحكومات البوليسية التي تضع مؤسسات حقوق الإنسان في سلة المعارضة ، فقط لأنها تكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان المسكوت عنها، لاسيما وأن  عمل مؤسسات حقوق الإنسان قريب من السياسة ، لكنه ليس حزبيا ، بمعنى أن المؤسسات الحقوقية تسعى لإصلاح السلطة السياسية وليس للاستيلاء عليها.
ومثلما تحدثنا عن المؤسسات الجادة التي لا تغمض عينها عن الانتهاكات ، فهناك مؤسسات حقوقية تتواطأ مع بعض الحكومات وتغمض عينها عن الانتهاكات سواء في مقابل تسهيلات معينة، أو عقد صلات طيبة، أو للوجاهة الاجتماعية.
وهؤلاء أقرب لتجار السلع الفاسدة ، وينطبق عليهم ما ينطبق على التمويل المشبوه أو أوجه إنفاقه.
ثم أن سمعة البلاد ليست حكرا على أحد، ولا يوجد متحدث رسمي يمكنه احتكار الحديث عن هذه السمعة.

رابعا :حركة حقوق الإنسان تساؤلات حول الجدوى والتأثير والانتقائية
بالرغم من كثرة مشاكل العالم العربي إلا إن عدد العاملين في مجال حقوق الإنسان قليل جدا ، خاصة في دول الخليج العربي ، و هذا يمثل عائقا يحول دون إيصال كثير من الشكاوي إلى الجهات التي قد تسهم في حلها .
وكذلك سيطرة أغلب الحكومات على وسائل الإعلام الرئيسية ، مثل الصحف والتليفزيون والراديو ، تجعل هذه الحكومات تحاول جاهدة حصار وتهميش المؤسسات الحقوقية ، عبر تجاهلها أحيانا أو عبر التشهير بها أحيانا أخرى.
لذلك ورغم الجهود التي تبذلها العديد من مؤسسات حقوق الإنسان ، فإن الكثير من المواطنين لا يسمعون بها سوى بشكل بسيط وقد تكون  المعلومات التي تنتشر عن هذه المؤسسات تستهدف تشويهها أساسا.
كذلك فإن العديد من المواطنين يظنون أن هذه المؤسسات تمتلك تأثيرا وصلاحيات واسعة أكثر من حجمها الحقيقي، فيطرحون عليها مشاكل وقضايا قد تتجاوز قدراتهم ، مثل مشكلة تلوث المياه، أو الإضرابات العمالية، أو حرية الصحافة، أو تزوير الانتخابات ، وبالطبع هذه المشاكل رغم أهميتها ، فلن تحل بين يوم وأخر أو بمجرد علم المؤسسات الحقوقية بها ، بل هي تحتاج لنضال طويل جزء منه عمل المؤسسات الحقوقية.
ورغم ذلك ، فقد برز نشاط مؤسسات حقوق الإنسان في العديد من القضايا وباتت محط اهتمام قطاعات واسعة من الجمهور والمهتمين ، سواء بالعمل العام أو عبر تلقيها سيلا من شكاوى المواطنين  ، يزداد عددهم يوما بعد يوم.
فضلا عن ذلك فإن مرجع الظن باهتمام هذه المؤسسات بالحقوق المدنية والسياسية فقط ، يرجع إلى أن هذه الحقوق تستحوذ على اهتمام الصحافة المستقلة والحزبية فتنشر عنها أكثر مما تنشر عن النشاط المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، رغم وجود نشاط حقوقي بارز في مجال الأخيرة ، مثل حقوق السكن والحقوق البيئية والحقوق العمالية وغيرها ، وجميع هذه الحقوق جزء من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وبالطبع  فإن  العديد من قضايا حقوق الإنسان تستدعي خطابا لا يحظى بجمهور واسع خاصة في ظل هذه النسبة المرتفعة من الأمية.

خامسا : حقوق الإنسان والقيم الدينية و الثقافية  والاجتماعية.
نشأ المجتمع المدني – وجزء منه حركة حقوق الإنسان – ليعوض الدور المفتقد للحكومات في تقديم الخدمات للمواطنين، أو للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم عندما يتم الافتئات عليها ، ومنظمات حقوق الإنسان مثلها مثل النقابات والأحزاب والجمعيات الخيرية جاءت لتلبي احتياجا إنساني وسياسي . فهي ليست بديلا عن الأديان ، كما أنها ليست في صراع معه.
كما انه لمن القصور في النظر وضيق الرؤية التعامل مع حقوق الإنسان على أنها منتج خاص بثقافة واحدة كان يقال أنها “نتاج المجتمع الأوروبي أو الغربي” ، فلقد حاول البشر مبكرا جدا الاستجابة لما تتوق إليه نفوسهم الحرة وتنشده من قيم الحرية والعدل ومطالبهم في الأمان. فناقش الفلاسفة وبشر المبشرون وناضل المناضلون في سبيل الإنسانية. وتجلت هذه الجهود مؤخرا فيما نادت به الثورة الفرنسية فكانت مبادئ الحرية و المساواة و الإخاء لكل البشر بمثابة الأب الشرعي لما تلى ذلك من جهود لبلورة المفاهيم وتحديدها فيما عرف اصطلاحا بحقوق الإنسان ومن المغالطة أن يتم إغفال الإسهامات التي راكمتها الحضارات الإنسانية المتعاقبة للوصول إلى اللحظة الراهنة.
وكما أن حقوق الإنسان هي قيم إنسانية تعني البشر جميعا ، فإن من المجحف أن ننظر إليها على أنها مؤامرة ضد الأديان . لأنها على العكس نشأت كتراث إنساني يدافع عن حق التدين وحرية الاعتقاد بغض النظر عن جنس ودين ولون ومكان الإنسان .
ومن المؤكد أن ليس من دين أو عقيدة تختلف مع حقوق الإنسان حين ترفض التعذيب أو الحق في محاكمة عادلة أو الحفاظ على البيئة أو حق الإنسان في اختيار عقيدته أو أفكاره أو حرمة حياته الخاصة أو غيرها.
وما يشاع عن التغريب والمؤامرة ، غالبا ما تأتي من تفسيرات متشددة لبعض رجال الدين ، وهناك فارق شاسع بين الدين وبين رجال الدين ، الذين يصورون الدين حسب خلفياتهم وحسب تفسيرهم هم.
كما أن حقوق الإنسان لم تأتي بحقوق قد يراها البعض مثيرة للجدل مثل حقوق المرأة أو حرية الاعتقاد ، إلا وكانت هذه الحقوق نفسها مثار اختلاف وجدل بين الفقهاء أنفسهم ، بحيث يصعب وجود قيمة إنسانية تنادي بها حقوق الإنسان ، تناقض نصوص واضحة وهناك إجماع فقهي قانوني أو ديني حولها.
وكما قلنا ان عالمية حقوق الإنسان ، ينفي عنها اختلافها أو تناقضها مع ثقافة بعينها أو دين محدد.
كما أن حقوق الإنسان تتضمن بالأساس حرية الأديان والتدين إذ أن مبدأها الأسمى هو حرية الفكر والوجدان ، وكما تحمى حقوق الإنسان حرية الدين فإنها بالضرورة تحمى المواطن الإنسان من الاضطهاد أو الاستبعاد أو التمييز باسم الدين ، بل أن “حقوق الإنسان” تصون الدين إذ تجعله بمنأى عن مهاترات الفكر ومماحكة السياسة.

حركة حقوق الإنسان في العالم العربي

وأمثلة لمنظمات عربية
نشأت حركة حقوق الإنسان في العالم العربي لتواكب الحركة العالمية لحقوق الإنسان وتراوح موقف الحكومات العربية منها حسب الدولة وحسب الموقف الذي تتخذه هذه الحركة تجاه بعض المواقف أو الممارسات والانتهاكات التي تحدث ، وكذلك شاركت بعض المجموعات الغير حكومية في دعم أو مناهضة حركة حقوق الإنسان أيضا تبعا لموقف هذه الحركة من بعض القضايا أو الممارسات التي تنتهجها هذه المجموعات مثل “الحركة الإسلامية ، اليسار ، والقوميين”.
وتعد أقدم المؤسسات العربية لحقوق الإنسان هي الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ، التي تكونت في تونس في نهاية السبعينيات من القرن الماضي ، ثم أعقبها في منتصف الثمانينات نشأة المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي رفضت الحكومة المصرية السماح لها بعقد اجتماعها في القاهرة ، فاضطرت لعقد اجتماعها التأسيسي في قبرص ، لتصبح المنظمة الأم للعديد م المنظمات العربية التي نشأت كفروع محلية لها .
وفي نفس التوقيت ، نشأت مؤسسة المرأة الجديدة في القاهرة لتدافع عن حقوق المرأة وتسهم في مناقشة الأوضاع الثقافية والاجتماعية لها.
إلا أننا لا نعد متجاوزين الصواب اذا قلنا أن النشأة الحقيقية أو إعادة التكوين لحركة حقوق الإنسان العربية كانت في بداية التسعينيات ، أي اقل من عشرون عاما ، هي العمر الفعلي لما نطلق عليه حركة حقوق الإنسان في العالم العربي.
المؤسسات الحقوقية، اختلف الشكل القانوني و وتوحد الدور.
تمثل الموقف المتذبذب الذي اتخذته الحكومات العربية من حركة ومؤسسات حقوق الإنسان في شكله الأهم في بعض الممارسات منها ، الأولى : حرمان العديد من المؤسسات الحقوقية من الاعتراف القانوني وعدم السماح لها التسجيل عبر قوانين الجمعيات الأهلية ، ومحاولة السيطرة عبر أجهزتها الحكومية سواء الوزارات المعنية أو عبر أجهزة الأمن على المؤسسات الحقوقية سواء المسجل منها كجمعيات أو التي قامت بممارسة عملها كشركات مدنية غير ربحية أو مؤسسات قانونية كشركات محاماة وقانون أو حتى كأشكال ربحية.
الممارسة الثانية : هي حملات التشهير والهجوم الذي تقوده غالبا الصحف والمجلات التي تسيطر عليها هذه الحكومات من جانب بالإضافة إلى التحرشات ومضايقات الأمنية المتمثلة في التهديدات للمؤسسات الحقوقية أو نشطائها أو تلفيق القضايا.
الممارسة الثالثة : وهي الأذكى والتي ضربت بها الحكومات عدة عصافير بحجر واحد ، وتتمثل في تشكيل مجالس أو هيئات أو حتى وزارات وطنية لحقوق الإنسان بحيث تصبح من جانب تنفيذا لتوصيات الهيئات الحقوقية الدولية ، ومن جانب أخر تعمل هذه الهيئات أو الكيانات أي كانت مسمياتها على تحسين صورة الحكومات ومحاولة حب البساط من تحت أقدام المؤسسات الحقوقية المستقلة.
حتى أن بعض الدول ليس بها أي جمعيات مستقلة أو غير حكومية لحقوق الإنسان ،و بها مؤسسة رسمية لحقوق الإنسان !.

مضمون قد يهمك
أضف تعليقا