كيف أكون صديقة لأمي

قسم: معلومات عامة كيف أكون صديقة لأمي » بواسطة عبد الرحمن - 31 ديسمبر 2022

تهدف صداقة البنت لوالدتها إلى

إرضاء الله سبحانه، وصلة الرحم، والإحسان إلى أقرب الناس، وإسعاد النفس، واكتشاف أعماق الذات، وتجاوز الصعاب، والتشاور، واكتساب مهارات التكيف مع مرحلة الطفولة والمراهقة ثم لاحقا الاستفادة من صداقة الأم كمدخل لفهم أساسيات الحياة الزوجية وأسرار تربية الأبناء ورعايتهم رعاية حسنة. الصداقة داخل البناء الأسري من أهم أركان التدعيم الاجتماعي والاستقرار النفسي لبث الشعور الإنساني الرفيع، وهي تبدأ في التزايد والتعمق كلما تقدم المرء في السن وكلما نضجت خبراته حتى تسيطر فكرة الولاء والوفاء والعطاء على أقطار نفسه فيسود الجود والإحسان في النفوس. وعلى الرغم من كثرة ما كتب عن هذا الجانب، وعلى الرغم من أهمية هذا الأمر تربويا إلا أن قلة من الكاتبين خصصوا كتبهم لتناول الصداقة الأسرية بشكل مباشر ومتخصص لا سيما موضوع توثيق أواصر الصداقة بين البنت وأمها.

من التصورات الخاطئة لدى بعض الفتيات أن مشروع إقامة علاقة صداقة تربط الأم بابنتها مشروع غير ممكن لأنه يحد من حرية البنت وتنقص من قدر الذات، ولكن الحقيقة بخلاف ذلك تماماً. تهدف الصداقة الأسرية إلى صبغ القرابة بمحاسن الصداقة وإضفاء المزيد من التقارب والنضج لشخصياتنا وحركتنا الاجتماعية. الصداقة الأسرية تزيد من حريتنا وتوسع من ملكاتنا الفكرية، واستعداداتنا النفسية وتقلص المشاحنات الأسرية. الصداقة الحقيقية متعادلة المنافع متبادلة الأهداف تزيد روابط الأسرة نورا على نور.

وعبر تفحص قصص الماضيين واللاحقين فإننا نجد أن أماً واحدة تقدم الخير لجميع أبنائها وتنجح في ذلك ولكن مجموع بناتها وأولادها لاحقا قد يعجزون عن الوفاء ببعض حقها ويكون جزاء الإحسان النكران. أم واحدة تقوم بالحمل والوضع والرضاع والرعاية والتربية والتعليم وتدفع بأبنائها وبناتها نحو العزة والبقاء وتعاني من أجل مستقبل أفضل لأبنائها وهذا قمة الوفاء لرسالتها كأم. عطاء الأم بلا حدود وكذلك الإحسان إليها يجب أن يتحرر من الضجر والتأفف وجميع القيود.

تشكل القيم الاجتماعية (Social Values) شطرا كبيرا من ذواتنا وتأتي الصداقة في مقدمتها فهي تهب الفرد حصيلة رصينة من الأمن والقرب والود والثقة والتقدير والقوة والتعاون والترفيه. رغم أهمية الصداقة كمهارة من مهارات الحياة إلا أن التعليم النظامي لا يركز عليها فنحن نتعلم أسسها من مدرسة الحياة عبر التجارب اليومية وعن طريق تربية لا نظامية (Education Non formal). وإذا كانت الأمور تتضح بأضدادها فعكس الصداقة العزلة وهي آفة تستطيع أن تمزق شمل الأسرة وتهددها في كل الأوقات وعلى جميع المستويات.

من صحبة الأم تأخذ الفتاة خصوصيتها كأنثى وتأخذ منها مشاعر الرقة والجمال والحياء والتجمل بلا إسفاف. إنها الأم صحبتها شرف، ومحبتها هدف.

وصدق حافظ إبراهيم شاعر النيل في قوله

 

الأمُّ مَدرَسَةٌ إذا أعْدَدْتَها
الأمُّ رَوْضٌ إنْ تَعَهَّدَهُ الحَيا
الأُمُّ أُستاذُ الأساتِذَةِ الأُلَى
  أعْدَدْتَ شَعْباً طَيِّبَ الأعْراقِ
بالرِّيِّ أوْرَقَ أيَّما إِيراقِ
شَغَلَتْ مَآثِرُهُمْ مَدَى الآفاقِ

هذه الجزء من السلسلة التربوية السابعة مهم لأسباب عدة منها أن الخطاب موجهه للمرأة وللمرأة مكانتها الرفيعة في الفكر الإسلامي. الحاجة إلى تكوين ثقافة تربوية صحيحة لتنمية شخصية المرأة المسلمة أضحت ضرورة في عصرنا الحالي نظرا لشيوع موجات الإفراط والتفريط في هذه المسألة.

الصداقة الأسرية ليست بديلة عن الصداقات الأخرى خارج المنزل بل تلتقي في غاياتها ولا تتناقض في أغراضها. وفق هذا النسق القيمي تتناغم المشاعر وتتنامى العلاقات الإنسانية الرفيعة بين البنات والأمهات لتصبح في مصاف أهم وأعز وأغلى ما يملك الفرد على هذه الأرض. في هذا الجزء من السلسة السابعة لتربية الأبناء نتوقف عند مجموعة آليات وتوجيهات يمكن أن تستعين بها الفتاة لتحقيق مآربها في بناء شخصية واعية متوازنة عبر بوابة التواصل مع أمها أملا في تنمية أسرية حقيقة على أسس متينة ومن خلال خطوات عملية تعين على مواجهة مصاعب الحياة ومواقفها المتجددة.

مضمون قد يهمك
أضف تعليقا