خطبة عيد الفطر المبارك

قسم: فتاوي دينية خطبة عيد الفطر المبارك » بواسطة عبد الرحمن - 8 يناير 2022

خطبة عيد الفطر 1 خطبة عيد الفطر المبارك

خطبة عيد الفطر 3 خطبة عيد الفطر المبارك

خطبة عيد الفطر

  • أما بعد، عباد الله، لقد أنعم الله تعالى علينا بالعيد الذي هو خيراً في دنيانا وديننا، عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما قال: ((ما هذان اليومان؟)) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: ((قد أبدلكم الله خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر)) رواه أبو داود والنسائي.
    فعيد الفطر هو فرحة للمسلمين على فطرهم وختام خير لشهرهم، به يفرحون ولإكمال صيام شهرهم يؤجرون، ففي يومه إلى الصلاة زكاة الفطر والتكبير والتهليل ثم صلاة العيد
  • وهكذا تستمر رحى العبادة لا يحول بينك وبينها إلا الموت، فأبواب الخيرات كثيرة ميسرة، وطرق البر ممهَّدة واسعة، فليستكثر المسلم من أنواع الطاعات لحياته الأبدية بقدر ما يوفقه الله تعالى.
  • الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
    عباد الله إن العيد من شعائر الإسلام العظيمة الظاهرة، وأولى معاني العيد في الإسلام توحيد الله تعالى بإفراد الله عز وجل بالعبادة كالدعاء والخوف والرجاء والاستعاذة والاستعانة، والتوكل والرغبة والرهبة والذبح والحلف والنذر لله تبارك وتعالى، وهذا التوحيد هو أصل الدين الذي يُبنى عليه كل فرع من الشريعة، وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله المدلولِ عليه بقوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]،
  • الذي نقرؤه في صلاة العيد وغيرها من الصلوات، والتوحيد هو الأمر العظيم الذي بتحقيقه يدخل الإنسان جنات النعيم، وإذا ضيَّعه الإنسان لا ينفعه عمل، وخُلِّد في النار أبداً. فتمسك ـ أيها المسلم ـ بهذا الأصل العظيم، فهو حق الله عليك وعهد الله الذي أخذه على بني آدم، وقد أكد الله في القرآن العظيم توحيد الله بالعبادة، وعظم شأنه، فمن وفى بحق الله تعالى وفى الله له بوعده، تفضُّلاً منه سبحانه، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)) رواه البخاري. فالتوحيد أول الأمر وآخره. واحذر من نواقض التوحيد ومنغصاته، فلا نذبح إلا لله ولا نسجد إلا لله ولا نحلف إلا بالله، ونجتنب الشرك بجميع أنواعه والسحر ومظاهره ونحذر من التطير والتشاؤم والتمائم والذهاب للعرافين والكهان.
  • الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
    عباد الله، وثاني معاني العيد تحقيق معنى شهادة أن محمداً رسول الله التي ننطق بها في التشهد في صلواتنا، إن معنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعة أمره واجتناب نهيه وتصديق أخباره وعبادة الله بما شرع مع محبته وتوقيره، قال الله تعالى: (قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ)، ومن توقير الرسول  وطاعته توقير صحابته وأهل بيته، فلا نذكرهم إلا بالجميل ومن طعن فيهم أو في أحدهم فاتهمه على الإسلام.
  • الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
    عباد الله، اعلموا أن الله تعالى لا يقبل منكم عملاً إلا ما كان خالصا لله تعالى متابعا فيه للنبي  فالبدعة مردودة على صاحبها والشرك مخرج صاحبه من الملة. (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي انما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).
  • عباد الله: احذروا البدع والمحدثات، وجانبوا أهل الأهواء والخرافات، فقد كثرت في هذه الأزمان الفرق الضالة والمناهج المنحرفة، فتمسوا بسنة نبيكم واتبعوا سبيل سلفكم الصالح، تكونوا من الناجين. قال الله تعالى: وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون.
  • الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
    عباد الله: إن سبيل النهوض بالأمة الإسلامية وسبب العزة هو بالرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه ، ومن أعظم أسباب القوة هو الاجتماع وعدم والافتراق، والاجتماع لا يكون إلا بالالتفاف حول ولاة الأمر من المسلمين والأمر بطاعتهم في المعروف والنهي عن معصيتهم في غير معصية الله والحث على اجتماع القلوب عليهم والدعوة إلى عدم نزع اليد من الطاعة، فإن الخروج عليهم بجميع صور الخروج كالتكلم عليهم في المنابر والمحافل أو الدعوة إلى الخروج بالمظاهرات والاعتصامات كل ذلك ليس من طرق الإسلام والمسلمين إنما هو دعوات خارجية أو غربية ليزرعوا الشقاق والنزاع في المسلمين وبلادهم، ومن تدبر الواقع علم يقيناً أنها لا خير فيها، إلا زرع الأحقاد ونشر الفوضى والفساد.
  • الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
    إن فتنة الخوارج لا زالت مستمرة ومسلسل أفعالهم الضالة الإجرامية يظهر بين الحين والآخر، لذلك قد حذّرنا منهم النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعددة ووصفهم بأوصاف واضحة جلية ومنها تكفير المسلمين واستحلال دمائهم، ومنها قتلهم لأهل الإسلام وتركهم لأهل الأوثان، ومنها أن الغالب عليهم صغر السن وغلبة الجهل وضعف العقول، مع اجتهادهم في العبادة من صلاة وصيام وقراءة للقرآن ونحو ذلك.
  • وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم شر الخلق والخليقة وأنهم كلاب النار يوم القيامة يقول فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ” سيخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الأسنان, سفهاء الأحلام, يقولون من قول خير البرية, يقرؤون القرآن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة ” متفق عليه .
  • الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
    عباد الله: لا يشك عاقل عرف الدين الإسلامي وسماحته خبث الخوارج وخطورة مذهبهم وها هي الوقائع والأفعال الدنيئة تشهد بخبث مذهبهم وعمق ضلالهم، فالمؤمنون في رمضان ومواسم الطاعات يرجون الرحمات من رب السموات وهم بين قاتل لابن عمّه غادر له وبين قاتل لوالديه ومكفر لهما وبين مفجر في بلاد التوحيد بل في حرم من حرم الله تعالى في مدينة رسول الله ، الناس تشدّ الرحال لمسجد رسول الله  لكسب الأجور، وهم يشدّون حزام الغدر والخيانة، لسفك الدماء وإزهاق الأرواح البريئة، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا وَلَا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. وعن علي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ. ولا تعجب أيها السني من أفعال المجرمين الخوارج فأجدادهم على مذهبهم انتهكوا حرمة المدينة وحاصروا عثمان في داره حتى قتلوه شهيداً.
  • واجتمع ثلاثة منهم في السابع عشر من رمضان في مكة يخططون لقتل خلفاء المسلمين علي ومعاوية وعمرو بن العاص، فنجح منهم عبدالرحمن بن ملجم في قتل علي وأخطأ الآخران، هكذا هم يتنقلون في الضلال ويحسبون أنهم على هدى وهم مارقون من الدين، (قل هل ننبؤكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).
    الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
  • عباد الله: إنه وإن انقضى صوم رمضان، فإن الصوم لم ينقض، بل يسن لنا بعد رمضان صيام ستة أيام من شوال، فبادروا أولا إلى قضاء ما عليكم من الصيام ثم أكملوا ذلك بستة أيام من شوال، فعن أبي أيوب عن النبي : قال: »من صام رمضان و أتبعه ستا من شوال كان كصوم الدهر« رواه مسلم. وكذلك قيام الليل باق ولا ينتهي بانتهاء رمضان لكن قصد الجماعة له لا يكون إلا في رمضان، عن أبي هريرة عن النبي: » أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل و أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم«رواه مسلم، فحياة المسلم كلها عبادة إلى مماته، وهو يتقلب بين مواسم الطاعات وأوقات العبادات، فَرَبُّ رمضان هو رَبُّ شوال ورَبُّ بقية الشهور، فالخاسر هو من يعبد الله في رمضان فإذا ذهب رمضان ترك الطاعة، نسأل الله العافية.
  • الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
  • عباد الله: اعلموا أنكم لن ترجعوا إلى عز الإسلام وعزة المؤمنين إلا بالرجوع إلى ربكم والتمسك بسنة نبيكم، فإنكم إذا تركتم دينكم، وتركتم الجهاد الصحيح الذي أفتى العلماء بأنه جهاد شرعي، وتمسكتم بالدنيا، سلط الله عليهم الذل والمهانة، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).
  • الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
  • يا نساء المسلمين، اتقين الله تعالى في واجباتكن التي طوقت أعناقكن، أحسِنَّ إلى أولادكن بالتربية الإسلامية النافعة، واجتهدن في إعداد الأولاد إعداداً سليماً ناجحاً، فإن المرأة أشد تأثيراً على أولادها من الأب، وليكن هو معيناً لها على التربية، وأحسِنَّ إلى الأزواج بالعشرة الطيبة، وبحفظ الزوج في عرضه وماله وبيته، ورعاية حقوق أقاربه وضيفه وجيرانه، ولا تقدمن على رأيه وأمره رأي غيره من أخ أو قريب فإن في ذلك إفساد ذات البين، ففي الحديث عن النبي : ((إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت الجنة)).
  • وعليكِ ـ أيتها المرأة المسلمة ـ أن تشكري نعمة الله عليك حيث حفظ لك الإسلام حقوقك كاملة، ولا تنخدعي بالدعايات الوافدة فإن مكانتك في الإسلام أحسن مكانة، واحذري أيتها المسلمة من دعاة الرذيلة وأهل الفجور والسفور، الذين ينشرون لباس الفسق والحرام كعبايات الكتف، أو الضيقة أو النقاب الكاشفة، مما ينافي حياء المرأة ودينها الإسلامي، ولا تكثرن من الخروج من بيوتكن (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)، ولا تلن بالصوت فيطمع الذي في قلبه مرض. كما على الرجال أن يتقوا الله في النساء، فإنهن أسيرات عندكم، فارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن.
  • الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
  • عباد الله اشكروا الله واحمدوه على نعمه الظاهرة والباطنة، اشكروه على نعمة الإسلام، واحمدوه واشكروه على نعمة الأمن والإيمان، وتيسُّر الأرزاق والمنافع والمرافق والتمتع بالطيبات التي لا تحصى، وشكر الله على ذلك بطاعة الله ودوامها، واجتناب معصيته، وملازمة التوبة، واستغلال هذه النعم في مرضاة الله.
    اللهم تقبل منا صلاتنا وصيامنا، واجعل أعيادنا كلها أعياد خير وأمان وإيمان، اللهم احفظ بلادنا وولاة أمورنا من كل سوء، ووفقهم لتحكيم كتابك وسنة نبيك، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وترشدهم إليه.
    عباد الله كان السلف يهنئون بعضهم بعضاً بالعيد، ومن هنا أقول للجميع تقبل الله منا ومنكم، وأعاده علينا وعليكم باليمن والبركات والخيرات والمسرات. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مضمون قد يهمك
أضف تعليقا