بحث عن الانترنت فى الوطن العربي

قسم: أبحاث علمية بحث عن الانترنت فى الوطن العربي » بواسطة محمود الاسوانى - 1 يناير 2022

الأنترنت فى الوطن العربى

ملخص البحث

يتطرق هذا البحث إلى موضوع الانترنت في الوطن العربي وتأثيره على المجتمع العربي خصوصا التأثير الايجابي على الشعوب العربية اقتصاديا وثقافيا وسياسيا و دينيا . وذلك لان الانترنت أصبح ألان من أهم الوسائل والتقنيات المعاصرة التي تساهم في تعميم المعرفة ونشرها على مساحات واسعة من العالم واهم وسيلة لتبادل الخبرات والمعارف ونشر الثقافة ومد جسور التواصل والصداقة بين أقطاب العالم المختلفة كما تعتبر الوسيلة الأسرع في نشر الأخبار والتقارير.

دخلت الانترنت العالم العربي دون مقدمات وربما دون دراسات مسبقة لدخوله مما جعل شريحة كبيرة من المجتمع تنفر منها في البداية واعتبارها أداة لتخريب العقول بما تحمله معها من أفكار غربية مسمومة تهدف إلى تخريب العقول العربية وتفتح لهم نوافذ ليطلوا منها على عوالم غربية غريبة عن مجتمعاتنا وقيمنا.

وبعرض هذا البحث نبذه تاريخية عن الانترنت والتعرف على اصل نشأته والهدف الأولى لإنشائه ، ثم بعد ذلك سوف نتجه إلى بعض مزايا وخصائص الانترنت التي يستفيد منها الجميع ونحتاج أليها جميعا في ظل عالم التكنولوجيا الحالي ، وبعد ذلك نتعرف على الانترنت وخدمات المعلومات التي تتاح لنا من خلال الانترنت ،ثم نتجه إلى اثر الانترنت على ثقافة الشعوب العربية ،ونشر الثقافة ، وتأثيره على الوطن العربي اقتصاديا وسياسيا ودينيا .

مقدمة بحث عن الانترنت

تعد الإنترنت إحدى أهم إنجازات تكنولوجيا شبكات الكمبيوتر في عالمنا المعاصر ، بل ربما هي أكثرها قوة. فقد بات بإمكان أي شخص استخدام الإنترنت التي لا تحتاج إلى شفرات خاصة أو أجهزة كمبيوتر خاصة ، إضافة إلى إمكانية الدخول إليها من أي مكان في العالم الذي وصلت الإنترنت إلى أقطابه كلها. وتعتبر الانترنت حاليا شريان التواصل بين شعوب العالم ، وكذلك مركزا ثقافيا شاملا لكل الأعمار والمستويات ولكافة التخصصات العلمية والأدبية لما تمتاز به من وفرة فى المعلومات فى الميادين المختلفة.

ونواجه في عصرنا الحال ونحن فى مستهل القرن الواحد والعشرين ، تقدما كبيرا في مجالات علمية متعددة، ويتصف هذا العصر بابتكار كل جديد، ولعل ما يدهش حقا ما وصلت إليه تقنية المواد وبالتالي التقنيه الإلكترونيات والتحكم ومكونات الحواسب والشبكات وقدرتها الفائقة ومجالات استخداماتها الواسعة. وعلى راس تلك الابتكارات شبكة أم الشبكات الإنترنت. إذا يقدر مستخدمي الإنترنت بجوالي 345 مليون ومن المتوقع أن يصل عدد المستخدمين في عام 2005 إلى أكثر من مليار مستخدم. وهى شبكة غير مملوكة لأحد ومملوكة للكافة في ذات الوقت، ولكن ورغم توفر ذات الفرص، إلا أن الوجود الحقيقي على الشبكة والاستثمار الحقيقي لمميزاتها، بل والتحكم في اتجاهاتها وحركتها رهن بالمعرفة والقدرة والإمكانيات، بل ورهن بقرار الوجود ضمن حركة التاريخ. لهذا نجد الإنترنت رقعة الأقوياء لتوجيه الإعلام، وموطن العمالقة في سوق الاستثمار والمال ومن جديد هي بيئة لشمال المعلومات الغني في مواجهة جنوب الفقر ألمعلوماتي. وتعتبر الإنترنت نافذة الباحث على مستجدات البحث والمعرفة والثقافة.

عناصر بحث عن الانترنت

  1.   نبذه تاريخية عن الانترنت.
  2. بعض مزايا وخصائص الانترنت.
  3.  الانترنت وخدمات المعلومات.
  4. مدى تأثير الانترنت على ثقافة شعوب الوطن العربي.
  5. دور الانترنت في نشر الثقافة العربية.
  6.  تأثير الانترنت على الوطن العربي اقتصاديا.
  7. تأثير الانترنت على الاداره الحكومية في الوطن العربي.
  8. تأثير الانترنت على الوطن العربي سياسيا.
  9.  تأثير الانترنت على الوطن العربي دينيا.

1- نبذة تاريخية عن الانترنت:

نشأت الفكرة الأساسية للانترنت والمتمثلة في ربط مجموعة من أجهزة الكومبيوتر مع بعضها في شبكة واحدة على يد القوات المسلحة الأمريكية في عام 1960 م عندما قامت بعملية وصل أجهزة الكمبيوتر العسكرية المنتشرة عبر الولايات المتحدة عن طريق شبكة اتصال أطلق عليها أسم ((ARPANET وكانت هذه الشبكة هي الشكل الأصلي لما يعرف اليوم بشبكة الانترنت.

وبعد عدة سنوات استخدمت المؤسسة الوطنية للعلوم الأمريكية نفس التقنية التي استخدمت في (ARPANET) في عمل شبكة أخرى عام 1985م  وقد سميت هذه الشبكة باسم ) NSFNet) وقد كان الهدف من وراء إنشاء هذه الشبكة هو تسهيل عملية الاتصال بين الجامعات والمدارس وانتقال المعلومات فيما بينها، ولكن بسبب كثرة المعلومات التي حملت بها هذه الشبكة والضغط الكبير عليها لم يعد باستطاعتها تحمل هذا القدر من المعلومات والاتصال فيما بينها كما كان في بداياتها، مما استدعى ضرورة تطويرها من قبل المؤسسة الوطنية للعلوم الأمريكية ، وسميت هذه الشبكة
فيما بعد باسم (INTERNET) وقد كان للشركات التجارية العالمية دور كبير في عملية التطوير لأهداف تجارية، وفتح المجال لكل من يمتلك جهاز كمبيوتر شخصي أن يستفيد من خدمات الشبكة. ومع بداية التسعينات من القرن العشرين تم إنشاء شبكة عالمية ضمن الانترنت وعرفت باسم الشبكـــة العالميــة الموسعة (World wide web )، وهي تختصر بالأحرف www والتي تكتب في العنوان الرئيسي لأي صفحة على هذه الشبكة، ويبدأ هذا العنوان بالأحرف :http وهذه الأحرف هي اختصار للجملة (Hyper Text Transfer Protocol) بمعنى : بروتوكول الانتقال من نص إلى آخر مرتبط به.

وأنشئت هذه الشبكة العالمية الموسعة في أوربا، وكان الغرض الرئيسي منها هو خدمة العلماء والباحثين وتسهيل الحصول على المعلومات وكذلك تيسير الاتصال فيما بينهم، بعد ذلك أخذت هذه الشبكة في الاتساع وأنشئت عليها ملايين المواقع حتى وصلت للشكل الذي نعرفها عليه اليوم.

من هنا نرى أن الهدف الأساسي من نشأة الانترنت كان لتبادل المعلومات وتحصيل العلم والمعرفة وهو ما كان غرض المؤسسيين لهذه الشبكة التي تغيرت وتنوعت أغراضها بعد ذلك على مر السنين لتتحول عند الكثيرين فتصبح وسيلة لقضاء وقت الفراغ أو للحصول على معلومات في مواضيع لا تمت للتحصيل العلمي واكتساب المعرفة بأي شكل من الأشكال.


 مزايا وخصائص الانترنت

  1. أولاً: الإنترنت مفتوحة ماديا ومعنويا: بإمكان أية شبكة فرعية أو محلية تنشأ في العالم أن ترتبط بشبكة الإنترنت وتصبح جزءاً منها دون قيود أو شروط سواء من حيث الموقع الجغرافي أو التوجه السياسي أو الديني أو الاجتماعي.
  2. ثانياُ: الإنترنت عملاقة ومتنامية: حققت الإنترنت ما لم تحققه أية تقنيه سابقة في تاريخ الإنسانية فقد حطمت الإنترنت حواجز الإحصائيات جميعها. فقد احتاجت هندسة المذياع إلى 38 سنة حتى أصبح لديها 50 مليون مشترك، بينما احتاجت خدمة التلفاز إلى 15 سنة واحتاج الحاسب الشخصي إلى 16 سنة، في حين أن الإنترنت احتاجت إلى 4 سنوات فقط حتى تخطت هذا الحاجز. ويتزايد عدد المشتركين علي الشبكة كل يوم ويتصفح مستخدمي الإنترنت الشبكة بـ 26 لغة.
  3. ثالثاً: الإنترنت عشوائية: بسبب طبيعة الإنترنت وتطورها، فإن المعلومات موجودة عليها بشكل عشوائي متناثر، ولذلك قامت عدة جهات غير ربحية وأخري تجارية بإنشاء فهارس وتطوير برامج تقوم بالبحث عن المعلومة التي يطلبها المستخدم. ومن القضايا الشائكة لانتشار شبكة الإنترنت هي أن الشبكة غير محكومة سياسيا ولا قانونيا ولا أخلاقيا ولا تجاريا إلى حد بعيد، فالشبكة صارت مسرحا لأنواع المواد كلها الطالح منها والصالح.
  4. رابعاً: الإنترنت شعبية: لا توجد وسيلة حاليا تضاهي شعبية الإنترنت لأنها وسيلة جماهيرية وليست مقصورة علي فئة معينة، وعن طريقها أمتلك الفرد المستخدم العادي قوة كبيرة جدا ما كان يملكها لولا هذه الأداة الجماهيرية التي أنحصر بفعلها الزمان والمكان ذهابا وإيابا من عاصمة إلى أخرى، ومن شركة إلى أخرى ومن فرد إلى آخر بسرعة الضوء ناقلة معها البيانات والمراسلات والمعارف والمداولات المالية والعقود والاستفسارات، وقد أصبح العالم كوكبا لا  يعرف فيه التواصل نوما.
  5. خامسا:الإنترنت تجارة إلكترونية هائلة: لا توجد وسيلة إعلانية أخرى تضاهي الإنترنت في الوقت الحاضر، ويقدر حجم التجارة الإلكترونية بين 65 و 100 بليون ( دولار) أكثر من نصفها من نصيب الولايات المتحدة ومن المقرر أن يرتفع حجمها إلى 5.1 (ترليون) بنهاية هذا العام.
  6. سادسا: الإنترنت متطورة باستمرار: أصبحت شبكة الإنترنت حديث العالم أجمع،

لأنها الوسيلة التي أحدثت تحولا بالغا في مفهوم صناعة المعلومات وسرعة انتشارها

في هذا الكون الفسيح ذابت معه فوارق الزمن وبعد المسافات، إذ حول هذا الجهاز العالم

إلى شاشة صغيرة بقاراته الشاسعة وشعوبه المختلفة، وأجناسه المتعددة، فمن خلال شاشته

الصغيرة العالم يزورك في بيتك وفي مكتبك بدلا من مشقة زيارته.

3- الإنترنت وخدمات المعلومات:

تعد المعلومات من أهم مقومات الحياة ومن أبرز ركائز التقدم الحضاري، ولها ارتباط وثيق بجميع ميادين النشاط البشري، وهي تشكل جزءا لا يتجزأ من هذا النشاط. وفي هذا العصر ظهر اهتمام متزايد بالمعلومات كونها ثروة وطنية تعلب دورا استراتيجيا حيويا في ميادين أنشطة المجتمع، وقد دفع هذا الاهتمام الدول والمؤسسات والأفراد إلى بذل جهود حثيثة في مجالات السيطرة والتحكم بمورد المعلومات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. وقد نتج عن هذه الجهود العديد من نظم وشبكات المعلومات التعاونية وتأتي شبكة الإنترنت في مقدمة هذه الشبكات.

 وهنالك العديد من الخدمات التي تقدم بواسطة شبكة الإنترنت ولكن من أهم هذه الخدمات الأتي:-

1) البريد الإلكتروني E-mail: يعني إرسال الرسائل واستقبالها إلكترونيا، وهو من أكثر الخدمات شعبية في الإنترنت. ويستخدم في معظم الشركات التجارية لدى عدد كبير من مستخدميها. ويستخدمه الباحثون والدارسون والأكاديميون لتبادل المعلومات والتنسيق في أعمال معينه كوسيلة للاستفسار عن معلومات محددة، ويتم الإرسال بالصوت والصورة وليس النصوص المكتوبة فقط.

2) نقل الملفات: بروتوكول نقل الملفات File Transfer Protocol (FTP) يعد هذا البروتوكول هو الأقدم والأكثر استخداماً لنقل الملفات عبر الإنترنت.

3) الربط عن بعد: عن طريق Telnet على سبيل المثال تقدم هذه الخدمة ربطاً بين الحواسيب الضخمة عن بعد حتى تجعل من الممكن استخدام البرامج الجاهزة للحواسيب الأجنبية بل تجعلها كما لو كانت موجودة داخل الحواسيب الشخصية. حتى لا يعرف الزبون (Client) في أثناء الاتصال على أي حاسوب يعمل. وتسير Telnet وفق مبدأ مخدم/الزبائن (Client/Server) الذي يضع الزبون والحاسوب عند البرنامج المرغوب.

4) خدمات البحث عن المعلومات في قواعد البيانات العالمية: يوجد عدد كبير
من البرامج والأدوات التي تقوم بالبحث عن المعلومات في قواعد البيانات المختلفة منها:-

–   برنامج Gopher المتميز بالقوائم الممتدة والفرعية.

–  برنامج Archie وهو قاعدة البيانات التي تشتمل على أسماء جميع الملفات الموجودة على جميع أجهزة الكمبيوتر في الشبكة.

– نظام (WAIS) Wide Area Information Services

– وأهم مما سبق كله، نظام العنكبوت العالمي الجديد World Wide Web (WWW)، فتشكل الشبكة العنكبوتية الآن أحدث أدوات البحث في الإنترنت على الإطلاق، وبشيوع استخدامها انحسرت في الوقت الحاضر الأدوات الأخرى.

5) خدمه تحديد المواقع المكانية على الخرائط من خلال الانترنت مثل برنامج جوجل ايرس .

6) خدمات تبادل الأخبار والمناقشة.

7) خدمات التسوق عن بعد .

8) الخدمات الترفيهية، وغيرها.

9) امكانيه البث التلفزيوني واستقبال القنوات الفضائية .

 

وفي الإنترنت مواد غنية ومتنوعة لإشباع الهوايات وتوفير المعلومات وهواة السفر والسياحة، حيث يجد المرء من الهوايات التي يمارسها ويجد المتجول في الشبكة مواقع لكتب واللغات والأشعار والروايات والرسوم المتحركة والأدب والطرائف والأفلام الوثائقية والموسيقى بأنواعها والدراسات النقدية ومجموعات الحوار المتخصصة وما إلى ذلك من احتياجات ثقافية. وهذا يعني أن منابع الثقافة والمعرفة على امتداد فروعها أصبحت لا تنضب، وفي نفس الوقت في متناول الإنسان بفضل شبكة الإنترنت.

مدى تأثير الإنترنت على ثقافة الشعوب الوطن العربي

في البدء لا بد من معرفة ما هي الثقافة؟

تباينت آراء المفكرين والباحثين في تحديد مفهوم الثقافة، لكن معظم الذين بحثوا في هذا المفهوم أقرّوا بأنها (ثمرة كل نشاط إنساني محلي نابع عن البيئة، ومعبّر عنها ومواصل لتقاليدها في هذا الميدان أو ذاك)، وحينما نزعم أن الثقافة نشاط إنساني، نعني أن للبيئة التي يعيش تحت ظروفها شعب ما، دور في توليد ثقافة مختلفة بقدر يصغر أو يكبر عن الثقافة المتولدة لدى شعب آخر، يعيش تحت
ظروف بيئية مختلفة، وهذا يدفع باتجاه الأخذ بالخصوصيات الثقافية للشعوب، تبعاً لظروف معيشتها وأسلوب تفكيرها وموقفها من الحياة، ذلك أن الثقافة في وجه من وجوهها تمثل المحيط الفكري الذي يعيش فيه الناس وفقاً لأنماط نابعة من ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، والبيئة الجغرافية التي تتيح انتقالاً نوعياً بالفكر والسلوك، وتقود للتطورات التاريخية التي تشهدها المجتمعات البشرية. فالمنجز الثقافي هو – كما يرى جون ديوي – محصلة التفاعل بين الإنسان وبيئته، فثقافة شعب ما هي جماع المعارف الإنسانية لذلك الشعب في محاولته للوصول إلى حالة من التوازن مع الظروف الحياتية التي يحياها، وهي إبداع حالة تكيّف مثلي مع الشروط التي تفرضها البيئة المحلية والعلاقات المتشكلة مع الشعوب ذات الثقافات الأخرى، إنها جدل حيوي يدور بين الشعوب وبيئتهم مرة، وبين
فئات الشعوب نفسها مرة أخرى مما يدفع هذه الفئات إلى العمل لابتكار ما يتصل بحياة شعوبها ويجعلها أكثر قدرة على تأكيد كياناتها بامتلاك خصائص مستقلة تميزها عن سواها من الكيانات القريبة أو البعيدة بعلم أو بغير علم؛ ذلك أن ثقافة الأمة هي علمها غير الواعي الذي تتوارثه الأجيال وتسيّر به شؤون حياتها، أي هي طريقتها في الحياة.

إذا كان دور المثقف إنما يقاس بمدى قدرته على التأثير في المجتمع، والنفوذ إلى ضميره، وإيقاظ وجدانه، وصوغ قيمه التي تحدد سلوكه وتحرك تصرفاته، فإن جوهر أزمة المثقف العربي الراهنة في نظري يتجلى في عجزه عن التأثير في المجتمع لإحداث أي تغيير فيه، فمنذ أن بدأت الدولة تتدخل في الشأن الثقافي أواسط القرن الماضي، بدأ انسحاب المثقف تدريجيا إلى برجه العاجي، وبدأ تأثيره الاجتماعي ينحسر، واخذ يتحول بسرعة من مثقف مجتمع وأمة إلى مثقف سلطة ودولة. فبعد أن كان المثقف يتوجه بمقاله إلى رئيس تحرير صحيفة يختارها من بين عشرات الصحف التي تتمايز في توجهاتها وبرامجها ومعاييرها، أو يتقدم بكتابه إلى ناشر يوافقه الرأي، أصبح يتقدم بمقاله إلى واحدة من صحف الدولة المتماثلة على تعددها، أو أن شئت المتعددة على أحاديتها، أو يتقدم بكتابه إلى مديرية الرقابة المختصة والنتيجة واحدة في كل الحالات، فالكلمة التي يسمح لها أن تنشر

على الملأ في صحيفة أو كتاب هي ما توافق عليه الدول، وعلى مسئوليتها.

فكانت في الماضي جذور أزمة المثقف وإقصائه عن مجال التأثير، يتجلى في أحادية الرأي الذي يمثله تحالف مثقفي السلطة ومحترفي الثقافة، فأن الحل في نظري يكمن في التعدد الذي يستتبع الاختلاف في الرأي، والاختلاف يستدعي الحوار، والحوار يستدعي قبول الآخر المختلف، والآخر ضرورة لتنمية الأفكار وتكاثرها، فالأفكار كائنات حية لا تتكاثر إلا بالتعدد والتزاوج، وبارقة الحقيقة لا تنقدح إلا بتصادم الأفكار واحتكاكها. لقد انقضى عصر الأحاديات بقيام ثورة المعلومات والاتصالات، ومهما تشبثت تلك الأحاديات بمواقعها، فان عصر التعدد والحوار الثقافي قادم لا محالة، لم يعد بوسع أحد أن يقول للناس “لا أريكم إلا ما أرى”، ولم يعد أحد من الناس يطيق أن يبقى أسير الرأي الواحد والخطاب الواحد، لقد فار التنور، وانهمرت المعلومات من فضائيات السماء. ففي عصر الإنترنت ستتغير طبيعة المشكلات، وتنقلب الموازين، ستنكسر احتكارات المعرفة لتكون المعرفة في متناول كل إنسان وسيحل عمل الفكر تدريجيا محل عمل اليد وستسقط الوصايات الفكرية وسائر أنظمة الحجر، وستحرر المعلومات من قيود المكان لتخترق كل الحدود والقيود ولسوف تتراخى قبضة السلطة على الثقافة، ويشتد ساعد الثقافة وتأثيرها وذلك هو الدور الذي تلعبه الإنترنت حاليا بمهارة وتنامي مذهلين.

يظل مفهوم الثقافة عبر الشبكة العنكبوتية مفهوماً يتسع بحجم اتساع هذا العالم الجديد. وهذه الثقافة التي أخذت تنتشر وتمتد على مساحات كبيرة من الوعي أفرزت ظهور أسماء جديدة خرجت من عباءة المطبوعات ، والتي كانت ترتهن لرؤى معينه ولأهواء هي في سياقها العام تأد بعض التجارب المميزة. أن الحديث عن الإنترنت كناشر للثقافة هو حديث في صيغته العامة أشبه  بمن يتحدث عن سمكه في محيط فالإنترنت بلا شك ساهم في اكتشاف أسماء ، وساهم في إعطاء الثقة لأسماء أخرى، وساهم كذلك في التواصل بين المثقفين مما ينتج عنه بطبيعة الحال تلاقح للأفكار وظهوراً للإبداعات التي انطلقت أساسا من هذه البيئة الخصبة. أن الحديث الإيجابي عن الإنترنت في حقيقة الأمر هو حديث عن فضاء لم يستقطب فقط الأسماء الجديدة بل انه امتد ليجعل أسماء كبيرة

تضع خيارها الأوحد في النشر الإلكتروني حتى يتحقق لها  السقف المفتوح من الحرية والتي نجدها تصادر في قنوات النشر التقليدية أو القديمة.

ففي عصرنا هذا عصر القرية الكونية نجد أن الإنترنت مدت جسور الحوار الحضاري مع الثقافات الأخرى وخدمة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وآثارها الإنسانية والاجتماعية والثقافية هائلة وبعيدة المدى ويصعب توقعها.

إن الثقافة العربية في الوقت الراهن تعيش مأزقاً حاداً يكمن في عجزها عن مواكبة التحولات العالمية وذلك بفعل تصاعد أهمية التكنولوجيا وبخاصة تكنولوجيا الاتصالات وثورة المعلومات وعلى رأسها الإنترنت، باعتبار أن هذه التكنولوجيا أصبحت وسيلة هامة وأساسية في نقل وتوزيع وانتشار الثقافة ومصادرها. أن التنمية المعلوماتية هي قضية ثقافية في المقام الأول؛ حيث صارت الثقافة في عصر المعلومات صناعة قائمة بذاتها. لقد أصبحت الثقافة هي محور عملية التنمية الاجتماعية الشاملة، في حين أصبحت تكنولوجيا المعلومات هي محور التنمية العلمية التكنولوجية.

إننا نعيش عصر العولمة، وإحدى مظاهر العولمة شبكة الإنترنت – العولمة التي تجاوز الحدود بين الثقافات. وقد عرف المفكر المغربي عبد الإله بلقيريز العولمة بحسه القومي بأنها “فعل اغتصاب ثقافي وعدواني رمزي على سائر الثقافات. ويقول المفكر العربي المغربي محمد عابد الجابري معرفا العولمة بأنها “هي نفي للآخر وإحلال الاختراق الثقافي محل الصراع الأيديولوجي” وإذا كان الصراع الأيديولوجي صراعا حول تأويل الحاضر وتفسير الماضي والتشريع للمستقبل فإن الاختراق الثقافي يستهدف العقل والنفس ووسيلتهما في التعامل مع العالم. وهذا يعني أيضا الحديث عن ثقافة عربية أصبح أمرا واهيا من هذه الزاوية يجعلون من العولمة أيديولوجيا مناهضة لفكرة الهوية الثقافية للأمة، وإذا كانت العولمة قادرة على توحيد الثقافات فنرى إنها توحيد الثقافة العربية.

ومن الواضح أن الإنترنت مهيمنة على العالم كله سياسيا واقتصاديا بالدرجة الأولى، طبعاً لابد وأن تكون أيضاً هنالك هيمنة على الثقافة، ولكن الهيمنة الثقافية لا تتأتى إلا على الشعوب ضعيفة الثقافة أو التي ليس لديها عتاد ثقافي قوي أو آلة ثقافية تضخ الثقافة في كل أرجاء العالم ليس فقط في المنطقة العربية، ولكن في العالم ككل، وفي اعتقادي أن لدى العرب ثقافة قوية يشهد لها العالم اجمع، فالأمة العربية منذ أقدم العصور، قدمت للعالم خدمات جليلة في ميادين العلوم والفكر والثقافة، فالعرب هم من اخترعوا (الرقم) وعولموه، أي قدموه للعالم الذي يستخدمه حتى ألان. فقد أثبتت الدراسات والاطروحات بما لا يقبل الشك بأن العرب هم من اخترعوا الرقم سواء على الطريقة الهندية أو على الطريقة الأوروبية.  وان الصفر وهو رقم مهم جدا في عالم الرياضيات، هو من اختراع عربي، وقد أجمعت على ذلك كل المراجع. ولا ننسى أن علم الجبر هو من اختراع العالم العربي جابر بن حيان واختراع نظام Logo هو من اختراع العالم الخوارزمي، وغيرها من العلوم والثقافة. إذا، امتنا العربية كما يشهد لها التاريخ بذلك، قادرة على الانخراط في هذا العصر، بشرط أن تحافظ على مقوماتها ونهجها، وتسهم بإيجاد علوم أخرى تصدرها إلى العالم مع ما تملكه الان من علوم وثقافات، كما فعلت في القرون السابقة. ومما سبق ذكره يبقى سؤال واحد وهام جدا آلا وهو هل باستطاعة الأمة العربية بما تملك من ثقافة وحضارة أن تواكب عصر المتغيرات وتلعب دورا إيجابيا فعالا في نقل الثقافة العربية عبر الإنترنت إلى العالم اجمع؟. وأنا في اعتقادي طالما أن هنالك ثقافة عربية جادة وقوية ومنتشرة إنه من الصعب السيطرة عليها والهيمنة عليها إذن يجب الاهتمام بنشر الثقافة العربية عبر الإنترنت حتى تكون هي المهيمنة وليس المهيمن عليها.

دور الإنترنت في نشر الثقافة العربية

تحرص بعض المجتمعات على استخدام النشر الإلكتروني في تسليط الضوء على تجاربها الإنسانية والاجتماعية المختلفة، رغم انهيار الكثير من الحدود والمسافات بفعل ثورة المعلومات وتطور تكنولوجيا الاتصالات وهى تؤكد بذلك على الجوانب الإنسانية من هويتها الحضارية، فالجانب الإنساني من حياة كل مجتمع كان وسيبقى عاملا مهما في تعزيز الشعور بالانتماء لهذا المجتمع، وحافزا للعمل والتضامن بين مختلف أبناء المجتمع على اختلاف شرائحهم الاجتماعية والاقتصادية. فلماذا لا تستثمر ساحات النشر الإلكترونية عبر الإنترنت بكل مزاياها في نشر تراثنا وثقافتنا العربية وإيصال تجاربنا الإنسانية إلى شعوب العالم؟. فقد فرضت الإنترنت تحديا أساسيا لا يمكن إغفاله، فليس لنا خيار إلا أن نجد مكانا في هذه الشبكة العالمية، والتي أصبحت جزء أساسيا من الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية. أنه حان الوقت للاهتمام بنشر اللغة والثقافة العربية أكثر من ذي قبل.

ولقد لعبت شبكة المعلومات العالمية الإنترنت دورا مهما في السنوات الأخيرة في فك العزلة عن المثقف المعارض وعن الثقافة النقدية بصفة عامة. فإذا كان النظام المستبد يحكم إغلاق السبل أمام الكتابة المضادة، فأن شبكة الإنترنت لا تفتأ تفتح سبيلا بعد سبيل. وهذا الأمر لا يوفر فقط أمام المثقف فرصة التواصل في محيطه الأدنى، بل يوفر الفرصة أيضا للتواصل مع العالم، وفي هذه الفترة من المهم جدا أن يعنى المثقف العربي بالصحافة الإلكترونية وبالكتاب الإلكتروني والنشر الإلكتروني عبر الإنترنت وان يقيم أواثق الروابط مع شتى المواقع.

يجب الاهتمام بنشر الثقافة العربية عبر الإنترنت وبذلك يمكننا تحصين الثقافة العربية من مخاطر العولمة الجارفة وبالتالي يمكننا الحفاظ على الهوية العربية ونقل رسالتنا إلى العالم كله عبر شبكة الإنترنت لإثراء الثقافة العالمية. فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن معظم مستخدمي الإنترنت هم من الأطفال والشباب وإذا نظرنا إلى مدى التغيير الذي أحدثته الإنترنت في أنماط الحياة وأساليب التعليم في القرن العشرين وما نشاء عنه من ظهور سلوكيات جديدة بين الأجيال الصغيرة بالذات سنكتشف أن غياب مواقع عربية تحاكي أجيالنا وتتعامل معهم بروح العصر سيؤدي إلى تهميش الدور التربوي والحضاري والتراثي الذي تلعبه ثقافتنا العربية، وستجعلهم عرضة للامتصاص وبالتالي سيبدأ اختفاء وضعف هويتنا العربية. علينا توظيف التكنولوجيا الحديثة لخدمة الثقافة العربية والاهتمام بالنشر الإلكتروني عبر الإنترنت التي وصلت إلى العالم اجمع. مما لا شك فيه أنه أصبح من الممكن ألان إنتاج وتطوير صفحات عربية باستخدام برامج جاهزة توزع على نطاق تجاري وهذا الأمر يعتبر دفعة قوية لانتشار الثقافة العربية.

ومن تجاربنا العربية لنشر الثقافة العربية عبر الإنترنت المجمع الثقافي بأبو ظبي يطلق الموسوعة الشعرية الإلكترونية عبر الإنترنت التي تعد أول إنجاز ثقافي من نوعه في العالم العربي يهدف إلى توثيق كل ما قيل في الشعر العربي منذ الجاهلية حتى عصرنا الحالي. بهذه الموسوعة دخل العرب العصر الجديد عصر المعلومات عبر أم الشبكات. تضم الموسوعة إضافة إلى الدواوين الشعرية أهم معاجم اللغة العربية، كما تضم مجموعة من كنوز التراث العربي في مجال الأدب والشعر تشكل مكتبة في حد ذاتها للموسوعة مثل الاصمعيات والأغاني والامالي والعقد الفريد والبيان والمفضليات والجمهرة وخزانة الأدب وطبقات الشعراء وغيرها من المراجع المهمة. ويقوم المجمع الثقافي شهريا بإضافة مائة ألف بيت تقريبا إلى الموسوعة الشعرية التي يمكن البحث فيها من خلال اسم الشاعر أو الفترة الزمنية التي عاش فيها أو من خلال مطلع القصيدة أو القافية أو المفردة العادية وذلك بسهولة ويسر. وحول هذا المشروع الريادي يقدم منذر العكيلي مسؤول قسم تكنولوجيا المعلومات بالمجمع الثقافي بأبو ظبي شرحا مختصرا حول الموسوعة ويقول: في البداية كنا نسعى إلى ملء الفراغ الموجود بالنسبة للثقافة العربية على الإنترنت لا سيما وان وجود هذه الثقافة وما تحتويه من مخزون ثقافي ضخم ربما يكون أكبر محتوى في العالم على الإنترنت لا يزال ضعيفا موضحا أن محاولة إنجاز هذه الموسوعة التي طرح فكرتها وتبناها سعادة محمد أحمد السويدي الأمين العام للمجمع كان جزءا من ملء الفراغ. إذن يجب علينا ملء الفراغات بالثقافة العربية.

 تأثير الانترنت على الوطن العربي اقتصاديا

أصبحت الشابكة ( الإنترنت ) سوقا واسعة للشركات، بعض الشركات الكبيرة ضخمت من أعمالها بأن أخذت مميزات قلة تكلفة الإعلان والاتجار عبر الشابكة ( الإنترنت ) ، والذي يعرف بالتجارة الإلكترونية E-Commerce. وهي تعتبر أسرع طريقة لنشر المعلومات إلى عدد كبير من الأفراد. ونتيجة لذلك قام الإنترنت بعمل ثورة في عالم التسوق. كمثال ، شخص ما يمكنه أن يطلب شراء أسطوانة مدمجة عبر الإنترنت وسوف تصله عبر البريد العادي خلال يومين ، أو بإمكانه تنزيلها مباشرة عبر الإنترنت إذا تيسر ذلك. أيضاً قام الإنترنت بتسهيل عملية التسوق الشخصي ، والذي يتيح لشركة ما أن تسوق منتج لشخص معين أو مجموعة معينة من الأشخاص بطريقة أفضل من أي وسط إعلاني. كأمثلة على التسوق الشخصي ، مجتمعات الشابكة ( الإنترنت ) والتي يدخلها الآلاف من مستخدمي الشابكة ليعلنوا عن أنفسهم ويعقدوا صداقات عبر الشابكة . وبما أن مستخدمي هذه المجتمعات تتراوح أعمارهم بين 13 و 25 عاماً ، فإنهم حين يعلنوا عن أنفسهم فهم يعلنون بالتالي عن هواياتهم واهتماماتهم ، ومن هنا هنا تستطيع شركات التسويق عبر الشابكة ( الإنترنت ) استخدام هذه المعلومات للإعلان عن المنتجات التي توافق رغباتهم واهتماماتهم.

التجارة الإلكترونية أو ما يعرف عامة ب E-Business في الحقيقة تعريبها الصحيح هو الأعمال الالكترونية لأن ال E-Business لا يضم التجارة فحسب بل يتعدى ذلك ولكن عامة ما يعتقد الناس أنها مجرد التجارة أو بيع السلع عبر الانترنت. الأعمال الإلكترونية هي في الحقيقة عملية إقحام تكنولوجيا المعلومات و خاصة الانترنت في المعاملات بين الحريف و المقدم الخدمة و إقحامها أيضا في عملية تسويق و ابتكار المنتج أي احتواؤها في حلقة الإنتاج وذلك يكون في أحسن الظروف بداية من المزود بالمواد الخام و انتهاء بالحريف المستعمل. و لل E-Business مزايا عديدة سنأتي على ذكرها لاحقا.

أن التشريعات العربية في شأن التجارة الإليكترونية تنمو ببط ء وعلى استحياء فحتى الآن لم يصدر سوى قانون التجارة الإليكترونية في تونس ودبي الأردن والبحرين وفي مصر أعد مشروعا لهذا القانون بمعرفة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ، بمجلس الوزراء ولازال حبيس في الأدراج حتى الآن ، كما أعد تشريع التجارة عن بعد في دولة الكويت ولم يصدر بعد.

تعتبر التجارة الإلكترونية E-trading واحدة من التعابير الحديثة والتي أخذت بالدخول إلى حياتنا اليومية حتى أنها أصبحت تستخدم في العديد من الأنشطة الحياتية والتي هي ذات ارتباط بثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وحتى نصل إلى مفهوم التجارة الإلكترونية، لا بد من الانطلاق من تعريف واضح للتجارة الإلكترونية، حيث يوجد هنالك العديد من التعاريف التي بداء المهتمين والمعنيين والمتخصصين في هذا المجال بصياغتها بطرق مختلفة، ولذلك ظهر لدينا العديد من التعاريف للتجارة الإلكترونية، حيث نجد انه لا يوجد لغاية الآن تعريف يمكن القول على انه تعريف واضح وصريح، أو معترف به دوليا، ولكن نستطيع القول بان كافة التعاريف تنطلق من مفهوم رئيسي، أو مبنية على أساس، أو تتفق على أن التجارة الإلكترونية تعبير يمكن أن نقسمه إلى مقطعين، حيث أن الأول، وهو “التجارة”، والتي تشير في مفهومها ومضمونها إلى نشاط اقتصادي يتم من خلال تداول السلع والخدمات بين الحكومات والمؤسسات والأفراد وتحكمه عدة قواعد وأنظمة يمكن القول بأنة معترف بها دوليا، أما المقطع الثاني “الإلكترونية” فهو يشير إلى وصف لمجال أداء التجارة، ويقصد به أداء النشاط التجاري باستخدام الوسائط والأساليب الإلكترونية والتي تدخل الإنترنت كواحدة من أهم هذه الوسائط. وقد ورد في المادة الأولى من مشروع قانون التجارة الاليكترونية المصري تعريف لها بأنها(( كل معاملة تجارية تتم عن بعد باستخدام وسيلة إليكترونية )) . فهذا التعريف وعندما لم يحدد الوسيلة الإليكترونية التي تتم بها التجارة الإليكترونية أو التعاقد عن بعد فقد كان بعيد النظر لأننا مقبلون على عصر « التلفاز الرقمي » 0 وكذلك « الهواتف المحمولة » كوسيلة اتصال بالانترنت ، ووسائل أخرى ذات تقنية عالية في الطريق فضلا عن ذلك فإن هذا التعريف لم يورد حصر. أو أمثلة لوسائل التقنية التي تتم بها التجارة الإليكترونية . وقد تناولت بعض الدراسات المصرية تعريفات للتجارة عن بعد (( ففي إحداها عرفت هذه التجارة بأنها تنفيذ بعض أو كل المعاملات التجارية في السلع والخدمات التي تتم بين مشروع تجارى وآخر ، أو بين مشروع تجارى ومستهلك وذلك باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات )). وهذا التعريف كذلك لم يورد حصريا للوسيلة الإليكترونية التي يتم بها التعاقد عن بعد تماما مثلما ورد في مشروع قانون التجارة الإليكترونية في مصر ، وربما يكون السبب في ذلك أن هذا التعريف قد ورد ضمن تقرير أعدته ذات الجهة التي أعدت مشروع القانون المذكور . -وقد عرفت التجارة الإليكترونية في دراسة مصرية أخرى بأنها(( عملية البيع والشراء عبر الشبكات الإليكترونية على المستويين السلعي والخدمي بجانب المعلومات وبرامج الكومبيوتر وأنشطة أخرى تساعد على الممارسات التجارية)) ~ ويلاحظ على هذا التعريف – وإن ورد في دراسة أكاديمية – إلا انه جعل موضوع التجارة الإليكترونية في السلع والخدمات ، وكذلك المعلومات وبرامج الحاسب الآلي ، وبالتالي يكون قد أضاف جديد لموضوع هذه التجارة وهو المعلومات وبرامج الحاسب الآلي

 تأثير الانترنت على الإدارة الحكومية في الوطن العربي

تمضي نظم المعلومات والاتصالات قدماً وبشكل متسارع وتأتي مع كل يوم بجديد، ويمكننا القول بأنه أصبح للكمبيوتر والاتصالات دوراً رئيسياً في المجتمع بشكل عام وفي تطور أداء الأجهزة الإدارية الحكومية بشكل خاص. ومن المسلم به أنه من الصعب بمكان رسم صورة لنهاية المطاف لهذه التكنولوجيا. ولكن هذه التكنولوجيا لا تزال حتى الآن تتركز بشكل رئيسيي في بلدان العالم المتقدم، وبالتالي فإن دراسة منجزات هذه التكنولوجيا وتطبيقاتها خاصة في مجال الإدارة الحكومية للأنشطة الحضرية بالمدينة، وكذلك دراسة المشروعات والتصورات المستقبلية في هذه الدول يساهم إلى حد بعيد بوضع النقاط الرئيسية لملامح مجتمع المستقبل.

مع تطور مفاهيم نظم المعلومات، وازدهار تكنولوجيا الحاسبات والاتصالات في النصف الثاني من القرن العشرين، ظهرت أنواع متعددة من نظم المعلومات المبنية على الحاسبات كل منها يسعى إلى تلبية احتياجات معينة في المجالات الإدارية المختلفة، وكل منها يعمل على الإسهام بشكل أو بآخر

في تحسين فاعلية الأداء التنظيمي والإداري. وقد كان لذلك الأثر المباشر على الأجهزة الإدارية الحكومية، من حيث رفع كفاءتها وتحسين وتطوير طريقة أدائها.

وعلى ذلك ظهر ما يعرف بالحكومة الالكترونية التي تأخذ بالأساليب الحديثة من تكنولوجيا ونظم المعلومات بهدف تبسيط الإجراءات الإدارية في الحصول على الوثائق والقرارات والخدمات الحضرية المختلفة للمواطنين وبالتالي تسيير أعمالهم اليومية المتعلقة بالأجهزة والمؤسسات الحكومية المتعددة من خلال وسائل المعلومات والاتصالات، كما تهدف إلى مساعدة أصحاب القرار في الأجهزة
الحكومية على اتخاذ القرار في الوقت المناسب.

إنه لمن الضروري إدراك التأثير الهائل للتطورات المتلاحقة في تكنولوجيا ونظم المعلومات على الأجهزة الإدارية الحكومية العربية، وانعكاس ذلك على الأنشطة الحضرية بالمدينة العربية. فسوف تتغير الكثير من أساليب تأدية تلك الأجهزة لأعمالها، ومن وسائل تحقيق تلك الأجهزة لأهدافها، وسوف يصاحب ذلك تغيير الكثير من المعتقدات التنظيمية السائدة. لقد أصبح لزاماً في ظل تكنولوجيا ونظم المعلومات أن تعيد الأجهزة الإدارية الحكومية في معظم المدن العربية اكتشاف نفسها، وتراجع تقييم خدماتها، والتركيز على طالب الخدمة، والهيكلية التنظيمية، واستخدام التكنولوجيا. وسوف يتوقف

نجاح تلك الأجهزة على نحو أكثر من ذي قبل على فهم طبيعة التغير واستباق التكنولوجيا واستخدامها على نحو يوظف مزاياها.

إن بناء نظم للمعلومات في الأجهزة الإدارية الحكومية بالمدن العربية أصبح ضرورة ملحة لا بد منها، حيث أصبحت مصدراً جديداً لقوة تلك الأجهزة الإدارية يساهم في تحسين كفاءة وفاعلية الأداء. وعلى ذلك يجب على الأجهزة الإدارية الحكومية في المدن العربية أن تقوم برسم سياسات واستراتيجيات لتطوير موارد المعلومات لديها وتحفيز عملية الانتفاع من أنظمة المعلومات، بهدف تطوير وتنمية تلك الأجهزة بما يتماشى وينسجم مع التطورات الحادثة، وذلك لتحقيق نمو أكثر فاعلية في الخدمات الحكومية. وسوف يؤدي الفشل في الشروع في الوقت المناسب بنشاط فعال في هذا المجال إلى عواقب جدية تتصل بقدرة الأجهزة الإدارية الحكومية على توفير الدعم الفعال للتنمية
العمرانية والاقتصادية والاجتماعية في المدينة العربية.

 تأثير الانترنت على الوطن العربي سياسيا.

رغم اختلاف الأيديولوجيات السياسية والثقافية في العالم العربي فإن العرب يقفون مع شبكة الإنترنت للمرة الأولى بلا حدود حقيقية تفصلهم أو حواجز تعترض تواصلهم أو تعوق عملية انتقال المعرفة بينهم؛ إذ أتاحت الإنترنت للعرب إمكانية الخوض في مناقشات ومناظرات حول الدين والمرأة والحكم بجرأة وحرية كبيرة، ويمكننا القول إن الإنترنت أصبحت منبرًا حرًّا في العالم العربي بعدما أرست مجموعة من القواعد الضمنية للتواصل بين الأفراد والجماعات والقوميات المختلفة، وأتاحت إمكانية الانفتاح على المجتمع العالمي على اعتبار أن أي تكنولوجيا تعمل تدريجيا على خلق بيئة إنسانية جديدة.

يرى البعض أن الإنترنت ستؤثر على السياسة في العالم العربي، وستجبر القادة العرب على السماح بحريات أكثر، كذلك ستؤثر الإنترنت في الرأي العام وصنع القرار السياسي العربي، حيث إن استخدام الإنترنت سيؤدي إلى إيجاد نظام سياسي يتسم باللامركزية والانفتاح الديمقراطي، ومن الممكن أن تشجع الإنترنت الحكومات العربية على تبني القطاع الخاص. ولكن انعكاسات الإنترنت على الثقافة العربية سوف تعتمد على الطريقة التي يقررها العرب في استخدام الإنترنت، وهناك توقعات أن تؤدي الإنترنت إلى المساعدة في تحريك المجتمع المدني العربي وإلى خلق جو يتسم بالحرية والديمقراطية، كما أن الإنترنت لديها القدرة على عبور الفجوة الثقافية بين العرب والغرب رغم مخاوف بعض العرب من تأثير ذلك على هويتهم القومية وثقافتهم. و للانترنت أهميه كبرى في دعم القضايا العربية وأهمها الصراع العربي الإسرائيلي، ومقاومة التعتيم الإعلامي الغربي لحقيقة ما يجري من “حرب قذرة بين شعب أعزل لا سلاح له إلا الإيمان بوجوب الدفاع عن مقدسات الأمة الإسلامية، وبين حشود عسكرية إسرائيلية مدججة بكل أنواع السلاح منها المحرم دوليا والمحظور استخدامه”. فمنذ انتفاضة الأقصى برز مصطلح الجهاد الإلكتروني والحرب الإلكترونية لمقاومة وسائل الإعلام الغربية التي تزيف الحقائق وتبين المعتدي كأنه ضحية، والضحية كمعتد غاشم.

وهناك أيضا ما يعرف ب الحرب الإلكترونية وأساليبها ومقوماتها فيعرفها بأنها انتقال الهجمات إلى رحاب الفضاء التخيلي (مواقع الإنترنت) بغرض تدميرها أو تعطيلها أو تشويه محتوياتها، وتعطيل البريد الإلكتروني لجهات حساسة وشخصيات على مستوى القيادات السياسية مما يشل ويعيق وسائل الاتصال.

وتعود البداية الحقيقية التي صعدت الهجمات “الافتراضية” cyber attacks إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2000، عندما شنت مجموعة إسرائيلية هجمات على موقع حزب الله بعد أسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة، حيث قام مختص إسرائيلي في علوم الحاسب الآلي يدعى ميكي بوزاغلوا مع فريق من قراصنة الإنترنت بحذف محتويات موقع حزب الله ووضع نجمة داود وعلم إسرائيل بدلا منها. ورد العرب ومؤيدوهم على الهجوم الإسرائيلي بهجمات مماثلة على مواقع حكومية إسرائيلية أهمها موقع مكتب رئيس الوزراء وموقع الكنيست وموقع غرفة التجارة وموقع بورصة إسرائيل وموقع بنك إسرائيل. وبلغ عدد المواقع التي تمت مهاجمتها نحو 280 حسب آخر إحصائية متاحة أعدتها شركة I defence الأميركية المتخصصة في أمن المعلومات على الإنترنت. إذ إن عدد المواقع الإسرائيلية التي تم الهجوم عليها بلغ 246 موقعا مقابل 34 موقعا عربيا أو إسلاميا تعرضت لهجمات مماثلة. بل إنه في يوم 29 ديسمبر/ كانون الأول 2001 تعرض 80 موقعا إسرائيليا لهجمات ناجحة أدت إلى خروجها جميعا من الخدمة من ضمنها موقع رئيس الوزراء الإسرائيلي وموقع الجيش الإسرائيلي. وأدت هذه الهجمات إلى التأثير السلبي على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث انخفض معدل الأسعار لشركات التكنولوجيا الإسرائيلية حسب مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا من 600 نقطة إلى 270 نقطة خلال شهر واحد منذ بداية الانتفاضة، ناهيك عن انعدام الثقة في الشركات التي تعرضت للهجوم من حيث أمنها وقدرتها على حماية بيانات المستثمرين، فإذا كانت غير قادرة على حماية موقعها على الإنترنت فكيف تستطيع أن تحمي استثماراتهم وبياناتهم.

تأثير الانترنت على الوطن العربي دينيا

أصبح ممكنًا في عصر المعلومات لهؤلاء الذين لم يتدربوا ولم يؤهلوا كمحترفين في الشئون الدينية أن يمتلكوا بسهولة معرفة دينية وفيرة في إطار ما يسميه الكتاب ظاهرة “التخصصات المتغيرة”، بمعنى أنه أصبح من السهولة تغيير التخصص بين المفكرين والمثقفين والأكاديميين، وبدراسة تأثير عصر المعلومات على الدين من جهة الطرق والوسائل التي تستعملها الأديان للتعليم والهداية والإرشاد، ومنظومة المعتقدات، يلاحظ أن هناك تطورات بارزة يمكن أن نطلق عليها “عولمة الدين” ومن أهم خصائص هذه العولمة الدينية:

– التغير في الشكل التقليدي الثابت للدين، فهناك دلالات على ظهور تحولات كبيرة في التركيب التقليدي للدين والمثال الأوضح على ذلك هو ظهور خصائص جديدة في الطقوس والممارسات الدينية.

– المؤسسة الدينية لم تعد تقتصر على النطاق المحلى: حيث ظهر مفهوم الدين الدولي أو (الدين متعدد الجنسيات) الذي يشير إلى مجموعة منظمة توظف الأنظمة الحديثة لعمليات الهداية والإرشاد، من خلال عملية تنظيمية شبه مستقلة في كل بلد وفقًا للحالة الثقافية والاجتماعية لكل دولة.

– حدوث تغيرات في البيئة الثقافية: فبالرغم من المخاوف من هيمنة الثقافة الأمريكية؛ فإن الإنترنت أصبحت محفزًا لخلق المجتمعات الثقافية العالمية ووسيلة غير مسبوقة لنشر العقائد والأيديولوجيات إلى جمهور العالم الأوسع.

فالإنترنت تتيح للشخص إمكانية التبشير بالأفكار الدينية وتوصيلها إلى أوسع قاعدة، كما يمكن لأي شخص القراءة عن الدين والكلام مع الآخرين حول الدين وتحميل النصوص والوثائق الدينية والمشاركة في جلسات الطقوس والاستماع إلى الخطب والمواعظ… إلخ، وفي المقابل يمكن لمناهضي الدين بث انتقاداتهم وشبهاتهم دون أن تطالهم أيدي السلطات الدينية والسياسية، وهو ما يكرس المخاوف من لجوء البعض إلى طوائف أخرى غريبة وشاذة، أو اندلاع حروب دينية على الإنترنت.

ولكن الإنترنت أثرت بلا شك على السلطات الدينية التقليدية من خلال انتزاع بعض صلاحياتها مثل إصدار الأوامر للأتباع والدعوة وتقديم المعتقدات للجمهور العربي.


خاتمة بحث الانترنت فى الوطن العربي

وعلى الرغم من الصعوبات التي يعرفها العالم العربي، التقنية منها والسياسية، تشير جميع التوقعات إلى أن المنطقة العربية ستشهد تضاعفاً في نسبة مستخدمي الإنترنت خلال العامين القادمين. بعضها يمليه تسارع انضمام الدول العربية إلى منظمة التجارة العالمية، وبالتالي تحرير العديد من القطاعات المؤثر وفي مقدمتها قطاع الاتصالات.  كما أن العديد من القطاعات التجارية في العالم العربي ستُضطر لاستخدام تكنولوجيا الاتصال إما في مجال التجارة الإلكترونية الذي لا يتجاوز نسبة 0،2% من مجموع المبادلات التجارية الإلكترونية العالمية، أو للقيام باتصالاتها العادية، وهو ما قد يعطي دفعا لتطوير شبكة الإنترنت. ويبدو أن تجربة بلدان الخليج أصبحت تُحدث شبه عدوى في باقي البلدان العربية من حيث الإقبال على تطوير شبكة الإنترنت، بحيث يخطط لبنان لإقامة مدينة إنترنت شبيهة بمدينة دبي.  وبنفس النسق، حدد الأردن من ضمن أهدافه رفع نسبة مستخدمي الإنترنت لديه إلى 80% مع حلول عام 2022، على حين تعهد الرئيس السوري بشار الأسد بإدخال سوريا إلى حقبة الكمبيوتر.  وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض الدول مثل العربية السعودية تجاوز تحفظاتها بخصوص استعمال شبكة الإنترنت بشكل معقول ومقبول، وذلك من خلال التخطيط لربط كل المدارس السعودية بالشبكة ضمن ما يعرف بالمشروع الوطني السعودي، نجد أن دولا مثل تونس لا زالت تفرض قيودا شتى على استعمال الشبكة.  حيث ترى الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في تقريرها للعام 2003 أنها “تقطع الطريق أمام العديد من المواقع الوطنية والعالمية حتى لا يصل إليها مستعملو الشبكة. ويستهدف القطع مواقع تونسيّة لجمعيّات مستقلّة و أحزاب معارضة ومخالفين في الرّأي و مواقع شبابيّة نقديّة و ساخرة و مواقع منظّمات غير حكوميّة دوليّة و مواقع إعلامية عربيّة و دوليّة تختلف في تغطيتها للأحداث الوطنيّة “….أما العراق فقد كان نظام الرئيس صدام حسين السابق يبرر منع استعمال شبكة الإنترنت لكونها ” وسيلة دعاية أمريكية”. ولا شك أن المواطن العربي يعد من أكثر مواطني العالم تطلعا لمعرفة مدى تأثير قمة مجتمع المعلومات على واقعه اليومي، ليس فقط من خلال الانفتاح على تكنولوجيا الاتصال، بل أيضا في ضمان حقوقه الأساسية وفي مقدمتها حقه في الحصول بحرية على المعلومات.

عند الحديث عن الانترنت ينبغي لنا أن نضع في اعتبارنا أن تقنية شبكة المعلومات العالمية هي – كغيرها من تقنيات العصر الحديث الأخرى- تمتلك ايجابيات وفي نفس الوقت تعاني من عيوب، وعليه فإن التعامل معها يمكن أن يتم بطريقتين إما بمحاولة القضاء على عيوبها، وهو أمر صعب جدا إن لم يكن مستحيلاُ، أو بالعمل على الاستفادة من ميزاتها قدر الإمكان وتحويل بعض ما يمكن اعتباره عيباُ الآن إلى ميزة مستقبلاُ.

 

 

 

مضمون قد يهمك
أضف تعليقا